انقلب البعد الفرعي مرة أخرى، ليجد “ثيل” و”إيان” نفسيهما فجأةً في ظلام دامس، وسط فراغ لا نهاية له.
جلست “ثيل” في ذهول، تحاول استيعاب ما رأته للتو…
“ماذا شاهدت للتو؟”
يبدو أنها رأت ذكريات من ماضي “إيان”.
“أليس كذلك؟ أم هل كان هلوسة؟”
لكنها كانت داخل البعد الفرعي لـ “إيان”.
البعد الفرعي لا يظهر هلوسات للداخلين دون إرادة صاحبه، خاصةً وأن صاحبه الآن فاقد للوعي…
إذن، ما رأته “ثيل” على الأرجح ليس هلوسة، بل ذكريات حقيقية من ماضي “إيان”.
مررت “ثيل” أصابعها برفق على شعر “إيان” وهي ترمش بعينيها.
“لقد رأيت شيئًا لم يكن من المفترض أن أراه…”
سيُزعج “إيان” لو علم…
عقدت “ثيل” عهدًا مع نفسها ألا تخبر أحدًا، ولا حتى “إيان” نفسه، بما رأته.
حتى لو كانت مجرد هلوسة، لا يمكنها إثارة ذكرياته المؤلمة…
إذن، عليها أن تنسى.
أومأت الفتاة الصغيرة برأسها، ثم رفعت رأس “إيان” برفق ووضعته على حجرها.
كم من الوقت مضى؟
“…لماذا لا يستيقظ؟”
رمشت “ثيل” بعينيها.
يجب أن يستعيد “إيان” وعيه حتى يتمكنا من الخروج من هنا، لكنه لا يظهر أي علامة على الاستيقاظ.
مر وقت طويل، لكن كل شيء هنا ظلام، لذا لا يمكنها حتى معرفة كم من الوقت مضى.
فوييييش!
حاولت “ثيل” استخدام قدرتها لإضاءة المكان، لكن لم يكن هناك شيء… فقط فراغ لا نهائي.
في النهاية، أطفأت قدرتها دون جدوى.
يجب أن تحافظ على طاقتها، فلا أحد يعرف متى سيستيقظ “إيان”.
“أنا جائعة…”
شعرت بالجوع، وبدأت تشعر بالاختناق من الحبس. لو كانت وحيدة هنا، لما استطاعت التحمل، لكن وجود “إيان” معها ساعدها على الصمود.
بعد فترة طويلة من الصمت، استخدمت قدرتها مرة أخرى لتسلط الضوء على “إيان” الفاقد للوعي.
لكن…
“…ما هذا؟”
كان هناك شيء غريب عند رقبته.
سحابة دخان سوداء، كأنها تجمع كل سواد العالم، كانت تلتف حول رقبته وكأنها تخنقه ببطء.
ارتعدت “ثيل” من الخوف، ثم وضعت يدها الصغيرة على رقبة “إيان”.
ما إن لامسته، حتى بدأ ذلك الظلام يتراجع هاربًا من لمساتها، متجمعًا في كتلة واحدة.
“ما هذا الشيء…؟”
وفجأة—
انقلب “ذلك الشيء” واندفع نحوها!
أرادت “ثيل” أن تسحب يدها، لكنها لم تستطع، كانت لا تزال ممسكة برقبة “إيان”.
انتابها إحساس مروع يصعد عبر معصمها، واصفرّ وجهها الصغير.
ذلك الإحساس البغيض…
نفس الإحساس الذي اختبرته في الشارع ذلك اليوم، ثم في جسد “إيان”…
كانت هذه المرة الثالثة.
أغلقت “ثيل” عينيها بشدة وحاولت استخدام قدرتها بحذر.
يبدو أن “ذلك الشيء” الذي اندفع نحوها يكره الضوء بشدة.
عندما بدأ الضوء ينبعث ببطء من يدها، بدأت تلك الأشياء التي كانت تخنق رقبة “إيان” تتلوى كما لو كانت في حالة عذاب، ثم…
صوت احتراق خفيف!
اختفت تمامًا.
كان الأمر أسهل بكثير مما توقعت. حدقت “ثيل” برهبة وهي تتحسس رقبة “إيان” مرة أخرى.
“انتهى الأمر بهذه السهولة؟”
لو كانت فقط استخدمت قدرتها في ذلك اليوم داخل العربة!
في ذلك الوقت، كانت تلك الأشياء تتجمع بقوة أكبر عندما لمستها، لكنها الآن تبددت بمجرد رؤية الضوء.
كان الحل أسهل مما تصورت، مما جعلها ترمش بعينيها في ذهول.
لكن…
“…ما هذا؟”
حاولت “ثيل” أن تتحسس بعناية الأثر الذي تركته على رقبة “إيان”.
كان… علامة على شكل سمكة.
بل وكانت تتوهج بشكل خافت، حتى بعد أن أوقفت “ثيل” قدرتها، كانت العلامة الوحيدة التي يمكن رؤيتها في الظلام الدامس.
حاولت “ثيل” أن تفرك رقبة “إيان” لمحو العلامة، لكنها لم تختف.
وبدلاً من ذلك…
“…أه؟”
شعرت بشيء ما يلتوي في الظلام. انقبضت عينا “ثيل” غريزيًا بينما احتضنت “إيان” بقوة.
انقلب الفضاء مرة أخرى، وانقلب عالمها رأسًا على عقب.
—
“أليس هناك… أي طريقة؟”
سأل “ألفيوس” الإمبراطور “فيلهيلم” بوجه مشحون بالقلق. هز الإمبراطور رأسه.
“…لا توجد مثل هذه الطريقة.”
فقط صاحب القدرة يمكنه فتح أو إغلاق البعد الفرعي.
لهذا السبب تُعتبر قدرة “خلق الأبعاد الفرعية” الأقوى والأكثر خطورة في الإمبراطورة.
ما يدخل إلى البعد الفرعي لا يمكن إخراجه دون إذن صاحبه، ولا يمكن إجبار أي شخص يختبئ داخل البعد على الخروج…
وقف “ألفيوس” و”كاسوس ” والإمبراطور “فيلهيلم” وفرسان العائلة الإمبراطورية و”فولفجانج” و”إيكر” ورئيس عائلة “آرنيه” جميعًا في المكان الذي كان فيه “إياندروس”.
لم يكن رئيس عائلة “نيستيان” حاضرًا.
“مع ذلك، لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي هكذا.”
قال “كاسوس ” بصوت هادئ.
“إذن ماذا تقترح؟ قوتنا لا تكفي لإعادة فتح ذلك البعد الفرعي.”
“يجب أن نحاول أي شيء. ربما نجد طريقة إذا بحثنا في سجلات الأرشيف الإمبراطوري.”
كان صوت “كاسوس ” هادئًا ومسيطرًا عليه، لكن الجميع يعلم أنه كان يحاول جاهدًا كبح مشاعره.
ولهذا السبب، لم يجرؤ أحد على استفزاز “كاسوس ” أو “ألفيوس”.
كان الأمر مفهومًا.
فقد فقدوا ابنتهما وحفيدتهما في غمضة عين، بعد أن اعتقدا لسبع سنوات كاملة أنهما ماتا.
اجتمعوا هنا للتفكير في طريقة لإنقاذ “إياندروس” و”ثيل” اللذين اختفيا داخل البعد الفرعي، لكنهم في أعماقهم يعلمون أن لا شيء يمكنهم فعله.
أما “آرنيه” و”إيكر”، فلم يشعرا بالحزن الشديد. فلم يكن ذلك طفلهما.
لكنهما تعاطفا. كوالدين.
وفي الوقت نفسه، شعرا بالارتياح.
“باختفاء الطفل صاحب قدرة الضوء…”
لن يصبح منزل “أستريان” أكثر قوة مما هو عليه الآن. رغم أنها فكرة قاسية على الطفل، إلا أنها ربما كانت للأفضل.
نعم، ربما كان هذا…
وفي تلك اللحظة—
“بانغ!”
لم يكن هذا صوت انفجار، بل صوت شيء ينفتح برقة.
رفع الحاضرون رؤوسهم فجأة كالمذنبين، يتطلعون نحو مصدر الصوت.
“طق طق طق!”
من فضاء صغير، سقط طفلان يتدحرجان على الأرض.
كانت “ثيل” لا تزال في أحضان “إياندروس”، الذي دعمها بلا وعي حتى أثناء غيابه عن الوعى، فلم تُصب بأذى.
لكن…
“أوه أوه…!”
فركت “ثيل” رأسها الذي اصطدم بالأرض، ثم رفعت نظرها.
وقع ظل كبير على جسدها الصغير.
“آه؟”
رفعت الطفلة رأسها لترى مجموعة من الكبار واقفين أمامها.
“……”
“……”
“أه… مرحبًا؟”
حيّتهم بتردد، منحنيةً رأسها قليلاً.
في تلك اللحظة، تقدم “كاسوس ” الذي كان واقفًا في الخلف بوجه متجهم، وأمسك بابنته ورفعها بسرعة.
أغلقت “ثيل” عينيها خوفًا من أن يوبخها “كاسوس “.
فقد كانت تستحق التوبيخ حقًا…
لقد تركت عائلتها وراءها وقفزت إلى مكان خطر لإنقاذ “إيان”…
لكن بدلاً من توبيخها أو صراخه عليها، احتضنها “كاسوس ” بقوة بين ذراعيه.
وكأنه كان يريد أن يحتضنها هكذا منذ وقت طويل جدًا.
كأن تلك السبع سنوات التي لم يحضنها فيها بعد ولادتها قد تحجّرت في قلبه كجدار صلب…
حتى عندما اختفت، شعر بالخوف.
“أنا جبان. كنت خائفًا من فقدانك مرة أخرى لدرجة أنني لم أستطع التنفس.”
لم يقل “كاسوس ” أي شيء، فقط احتضنها بقوة، لكن “ثيل” شعرت وكأن تلك الكلمات تُهمس في أذنيها.
مدت الطفلة يديها بحذر واحتضنت أباها.
“أبي…”
“نعم، يا بنيتي.”
“آسفة لأنني أقلقتك… لن أفعل ذلك مرة أخرى.”
“حسنًا، هذا كل ما أريد.”
لم يقل “كاسوس ” شيئًا آخر. وكذلك فعلت “ثيل”.
أما الباقون، فلم يجرؤوا على مقاطعة تلك اللحظة بين الأب وابنته، وظلوا ينظرون فقط.
حتى جاء “فيلهيلم” وسحب “إياندروس” الفاقد للوعي بحذر.
“ماذا تنتظرون؟ ألا تريدون نقل ولي العهد؟”
زمجر الإمبراطور على فرسان القصر الذين وقفوا خلفه. انحنوا الفرسان وأخذوا “إياندروس” من حضن الإمبراطور.
ظل الإمبراطور يحدق في وجه “إياندروس” النائم بهدوء لفترة طويلة…
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "82"