الفصل 24 _الطفلة نمرة الثلج من عائلة النمر الأسود

 

داخل غرفة الرسم في قصر أستيريان.

 

 “هل اكتسبت بعض الوزن مؤخرًا؟ عندما رأيتك لأول مرة كنت في حالة يرثى لها، ولكن الآن تبدين في حالة جيدة.”

 

تحولت عيون إيان إلى ثيل. بينما أومأت ثيل برأسها بخجل وابتسمت.

 

“نعم، بفضل معاملتهم الجيدة لي في أستيريان.”

 

“أنا سعيد لأنك بخير. لقد جئت إلى هنا لأنني شعرت بالسوء لعدم قدرتي على قول وداعا لك بشكل صحيح في آخر مرة.”

 

ثم أكمل إيان كلامه قائلا:

 

“لدي هدية لك.”

 

صفق إيان بيديه، ووقتها جاء الخدم واحدًا تلو الآخر، وقاموا بإعداد خزانة ملابس مؤقتة في الغرفة، وقاموا بتعليق فساتين بمختلف الألوان فيها.

 

 لكنه لم يكن فستانا واحدا فقط. 

 

“……؟”

 

واحد، اثنان، ثلاثة……  

 

اتسعت عيون ثيل من الصدمة بينما قام ببردي بتضييق عينيه إثر ظهور عدد لا نهاية له من الفساتين.

 

حتى وللوهلة الأولى، بدت الفساتين باهظة الثمن.

 

فتح فم ثيل قليلاً إثر هدية إيان المفاجئة.

  

كانت الهدايا التي تلقيتها خلال الأيام القليلة التي جلستها في أستيريان أكثر بكثير من الهدايا التي تلقتها روين خلال سبع سنوات الماضية……. 

 

في تلك اللحظة كنت أتساءل ماذا أقول عن كومة الفساتين، ولكن بيردي تحدث أولاً.

 

“شكرا لك إيان. ولكن يمكن لأستيريان شراء الفساتين لثيل.”

 

“في المرة الأولى التي التقيت بها فيها، كانت ثيل ترتدي ملابس قديمة للغاية لدرجة أنه كان من الصعب معرفة ما إذا كانت ملابس أم خرق.”

 

 سخر إيان.

 

 كان كلامه يحمل معنى “أنت حتى الآن لم تكن تعلم أنها كانت ترتدي ملابس رثة وقديمة وأنها كانت تتلقى معاملة سيئة”. فلماذا تقول شيئا كهذا؟ 

 

ابتلعت ثيل ريقها ونظرت إلى هدايا إيان، ثم سرعان ما وقفت ومشت نحو الهدايا.

 

 “……”.

 

 “……”.

 

 أدار كل من إيان وبيردي رؤوسهم نحوها ونظروا إليها بهدوء. 

 

 نظرت ثيل عن كثب إلى الفساتين المعلقة واختارت واحدا من أبسط الفساتين.

 

“شكرا على الهدايا ……لكنني أعتقد أن هذا كثير جدًا. فستان واحد فقط كافٍ.”

 

“……؟”

 

“شكرًا لك!”

 

 أحنت ثيل رأسها، ممسكة بالفستان بإحكام بين ذراعيها.

  

غطى إيان فمه وضحك على تصرفات ثيل.

 

“إذاً، ثيل، هل تريدين مني أن أكون الشخص السيء الذي أحضر فستاناً واحدا فقط إلى الابنة الصغرى الثمينة لعائلة أستيريان كهدية؟”

 

“نعم؟ هذا ليس ما قصدته!”

 

“إذا لم يكن هذا ما قصدته، خذيهم كلهم. ثم إنهم غير مكلفين على أي حال. وبالطبع، يمكن لإخوانك أن يشتروا لك العديد من الأشياء التي تريدينها، ولكن….. “

 

تحولت نظرة إيان إلى بيردي، ثم عادت إلى ثيل.

 

“لقد كنت منزعجًا لأنني لم أشتري لك سوى فستان واحد في المرة الأخيرة.”

 

 “……آه.”

 

“لذلك خذيها. ثم ستصل الكثير من هذه الهدايا قريبًا، لذا سيكون من الجيد أن تعتادي عليها. الآن، دعونا نتدرب على تلقي الهدايا المجانية دون الشعور بالحرج.”

 

“هل ستأتي الكثير من مثل هذه الهدايا ؟”

 

رمشت ثيل في استغراب.

 

 بحيث تلقت بالفعل ما يكفي من الهدايا، فلماذا تأتي المزيد من الهدايا مثل هذه؟ 

 

 لقد كان أمرًا محرجًا وغير اعتيادي بالنسبة لثيل.

 

 وذلك لأن ثيل لم تتلق أي هدية أبدًا في نيستيان، ولم تكن روين تتلق الهدايا إلا إذا كان سيندر في مزاج جيد أو في المناسبات الخاصة.

 

نظرت ثيل إلى بيردي بتعبير مرتبك.

 

ثم ابتسم بيردي وضرب رأس ثيل بلطف.

  

“نحن لم نعلن بعد بأن الابنة الصغرى لعائلة أستيريان على قيد الحياة لأنك لا تزالين تتكيفين مع أستيريان، ولكن بمجرد أن نعلن ذلك ستأتي الهدايا من كل مكان.ومن بينها فساتين ومجهورات وغيرها للتقرب من أستيريان وترك انطباع جيد.” 

 

رداً على شرح بيردي اللطيف، أغلقت ثيل فمها وأومأت برأسها كما لو أنها قد فهمت أخيراً.

 

“أوه، لذلك ……”.

 

“لذلك من الأفضل أن تعتادي على مثل هذه الهدايا. لأنها ليست شيئا مقارنة بالهدايا التي ستتلقينها في المستقبل.”

 

“هاها، أنت تسخر مني علانية بيردي. هذه ليست هدية من عائلة كرايسون الإمبراطورية ولكنها هدية خاصة مني.لذا أتمنى ألا تسخر مني بهذه الطريقة يا بيردي.”

 

 بدأت الحرب العقلية بين بيردي وإيان من جديد مرة أخرى.

 

وثيل التي كانت عالقة في المنتصف بدت مضطربة وغير مرتاحة.

 

 “من فضلكم لا تتقاتلا!”

 

“ثيل، نحن لا نقاتل.كل مافي الأمر هو أنني شعرت بخيبة أمل بعض الشيء من الهدايا التي أهداها سمو ولي العهد شخصيا.”

 

“من أجل تعليم الطفل، أعتقد أنه سيكون من الأفضل لو لم تكن في القصر. فلماذا لا تذهب إلى الأكاديمية فقط؟ “

 

قال إيان ذلك وهو يمسك ثيل، التي كانت لا تزال واقفة بشكل محرج بينما كانت لا تزال تحمل الفستان بين ذراعيها، وسحبها لتجلس بجانبه.

 

“أعتقد أنه كان ينبغي لي أن آخذك معي. بيردي، لوديان. لقد نسيت للحظة أنه من الممكن أن يكون لهما تأثير سيء على الطفلة.”

 

 تصلب وجه ببردي على الفور بسبب كلمات إيان.

 

تحركت ثيل، غير قادر على الخروج من ذراعي إيان أو الجلوس بشكل مريح.

 

 “امم……”.

 

“هل أعلنت بأنك تريد خطف ابنة عائلة أستيريان الآن ياصاحب السمو؟”

 

“وماذا في ذلك؟نتائج اختبار الأبوة لم تظهر بعد، أليس كذلك؟”

 

ارتجف جسد ثيل من كلمات إيان.

 

دفنت ثيل وجهها في الفستان الذي قدمه لها إيان كهدية، وعانقته بقوة حتى تجعد.

 

‘نتائج اختبار الأبوة لم تظهر بعد ……’ 

 

طوال رحلتها إلى هنا، لم تفكر ثيل أبدًا في احتمال أنها قد لا تكون ابنة كاسيوس ولينا.

 

وذلك لأن ثيل كانت هجينة وُلدت بنصف خصائص نمر الثلج والنمر الأسود، وكان سيندر يشتكي منها دائمًا، قائلا بأنها عديمة الفائدة لأنها دمها كان مختلطا بدم عائلة أستيريان. 

 

ومع ذلك، عندما سمعت بالفعل كلمة “اختبار الأبوة”، شعرت بالخوف. ماذا لو….

 

ماذا لو لم أكن الطفلة البيولوجية للينا وكاسيوس؟

 

 إلى أين يجب أن أذهب؟

 

“إذا لم يكن هناك تطابق في اختبار الأبوة، يرجى الاتصال بي. إن ثيل صغيرة ولطيفة، لذا سآخذها معي.”

 

في ذلك الوقت، ضحك إيان ونظر إلى ثيل. ومن الغريب أنه في تلك اللحظة، تلاشت كل مخاوف ثيل.

  

التقت أعينهم.

 

 للحظة، نسيت ثيل حتى أن تتنفس ونظرت إلى وجه إيان.

 

شعر ذهبي لامع مع أعين زرقاء تشبه المجوهرات. أنف حاد وفك أملس….. 

 

كان إيان وسيما تماما مثل آخر مرة رأته فيه ثيل. 

 

 لدرجة أنه لا يمكن مقارنته مع ثيل نفسها. 

 

‘إياندروس …….’

 

حاولت في نفسي نطق الاسم الذي علمني إياه إيان سابقًا.

  

أعجبت ثيل بنطق اسمه الذي كان يحتاج لف اللسان.  

 

حدقت ثيل في إيان وتذكرت اليوم الذي التقت به لأول مرة.

 

‘ إذا لم يخبئني إيان في ذلك اليوم.’

 

من المحتمل أنني كنت محبوسة في العلية المقفولة بقفل كبير الآن.

 

إذا لم يحالفني الحظ، فربما كنت قد تعرضت للضرب بشكل قوي إلى أن أموت.

 

ارتعدت ثيل عندما فكرت في ذلك.

 

 لم أكن أريد أن أموت مرة أخرى. كان لقاء إيان حقًا…..حظًا وشيئا عظيمًا.

 

‘لن أنس أبدا ذاك اليوم.’

 

في ذلك اليوم أنقذها إيان من الخدم وقام بتخبيئها ووعدها باصطحابها الى أستيريان. 

 

بينما كانت ثيل غارقة في التفكير وعيناها مركزتان على إيان، اقترب بيردي، الذي كان يراقب بهدوء، واحتضن ثيل.

 

“لا تقلق يا إياندروس، لأن هذا لن يحدث. عيون ذهبية وشعر أبيض أنت تعلم أنها سمة مشتركة لكلا العشيرتين؟ “

 

 منذ وقت ليس ببعيد، اعتقدت أنه قد يكون مزيفًا بحيث تغير لون شعرها ولون عينيها باستخدام السحر.

 

ما زلت أعتقد أن ثيل قد خدعت العائلة “بقوتها المزيفة” ولكنني وجدت نفسي منزعجًا لأن إيان قال شيئًا كهذا، لذلك لم أستطع منع نفسي.

 

“ثيل، إذا حاول شخص ما أن يأخذك بعيدا، عليك أن تقولي لا.”

 

“نعم نعم؟ لكن إيان ضيف في القصر……”.

 

“لا يهم من هو. إذا حاول شخص ما أن يأخذك بعيدا، قولي لا. أفهمتي؟”

 

 “نعم!”

 

 “ثم قولي ذلك الآن.”

 

 عانق بيردي ثيل وتحدث، وهو ينظر خلف كتفيها الصغيرتين إلى إيان ويقوم بمضايقته. 

 

 “أنا لا أريد أن أذهب.”

 

رداً على إلحاح بيردي، نظرت ثيل إلى عيني بيردي وإيان، وأدارت عينيها الكبيرتين، وتلعثمت في الإجابة.

 

“أم ،أنا …لا أريد الذهاب؟ “

 

“ماذا.”

 

استند إيان على الأريكة ونظر إلى ثيل وبيردي وضحك كما لو أنه لايصدق ذلك. وسرعان ما نهض من الأريكة.

 

 “سأغادر الآن، لذا توقف عن معاملتي كضيف غير مدعو يا بيردي. يبدو أنك تنسى من أنا في بعض الأحيان.”

 

“هاها، من المستحيل أن أنسى من أنت يا سمو ولي العهد، فأنا أعرف مكانتي جيدا.”

 

أخيرًا، وضع بيردي ثيل أرضًا بلطف. 

 

أخذ الفستان الذي كان لا يزال في يدي، ووضعه على الأريكة ثم وضع يده فوق كتف ثيل. 

 

“ثيل. الضيف سيغادر، لذا ألقي التحية عليه.”

 

“أوه، إيان!”

 

 وإثر مناداة ثيل، استدارت كل من بيردي وإيان في نفس الوقت للنظر إلى الطفلة الصغيرة. نظرت ثيل إلى إيان وفتحت فمها.

 

 “اعذرني…… هل ستأتي مرة أخرى في المرة القادمة؟”

 

أحبت ثيل إيان اللطيف كثيرا.

 

أنقذ إيان ثيل من هذا الجحيم، وأخذها لأستيريان، وحتى بعد مرور الوقت، لم ينس أبدًا ثيل بل وأعطاها حتى هدية.

 

 لذلك، أرادت ثيل رؤيته مرة أخرى.

 

بحيث كلما رأت إيان، شعرت بإحساس غريب وغامض بداخلها. 

 

ولهذا السبب شعرت بخيبة أمل قليلاً عندما قال بأنه سيغادر الآن. 

 

بحيث تمنت لو بقي إيان لفترة أطول قليلاً.

 

وكما لو كان قد قرأ أفكار ثيل، ضحك إيان.

 

 “حسنا، سوف آتي مرة أخرى. عندما لا يكون أخوك موجودا.”

 

“ما الذي تخطط لفعله لأختي عندما أكون غير موجود؟”

 

“انتظريني. في المرة القادمة سأعطيك هدية أفضل بكثير.”

 

تجاهل إيان كلام بيردي، وأمسك بيد ثيل وانحنى وقبَّل ظهر يد ثيل الصغيرة بخفة.

 

 “……؟”

 

 “……!”

 

“أراكي في المرة القادمة، ثيل.”

 

قام إيان بضرب رأس ثيل بخفة وغادر غرفة الرسم. 

 

في منتصف غرفة الرسم الكبيرة، كان كل من ثيل وبيردي الوحيدان المتبقيان، وينظران بهدوء إلى المكان الذي غادر منه إيان.

 

 “أوه…… ؟”

 

“ثيل كان عليك القول بأنك لا تريدين ذلك”

 

كان بيردي يتحدث بنبرة لطيفة، لكن تعبيره كان صارما.

 

أخرج منديلًا مطرزًا من جيبه ومسح الجزء الخلفي من يد ثيل.

 

“أفهمت؟”

 

 “نعم نعم.”

 

 أومأت ثيل برأسها دون تفكير.

 

يتبع…..