بعد أن تبادل إياندروس بضع كلمات مع كاسوس وألفيوس أستريان، عاد إلى القصر الإمبراطوري.
بعدها عادت الحياة إلى رتابتها المعتادة، باستثناء ما سمعته ثيل من أنه من الأفضل أن تمتنع عن الخروج مؤقتًا. وعندما سألت: “إلى متى يجب أن أمتنع؟” أجابها كاسوس وألفيوس بأن ذلك سيستمر حتى يُقبَض على مَن يقف وراء الأمر.
أما الفتاة التي وُضعت في سجن أستريان تحت الأرض فلم تستعد وعيها لوقت طويل. كان من الغريب ذلك، خصوصًا وأن الطبيب قال إنها تجاوزت مرحلة الخطر الكبرى، وإنها ستفيق قريبًا.
كانت تهتز مرارًا وكأنها تغرق في كوابيس، أو تنكمش ملامحها بتجهم، لكنها لم تستيقظ.
ومضى أسبوع كامل.
“أتقول إنها أفاقت؟”
رفع ألفيوس حاجبيه وهو يتصفح بعض الأوراق في مكتبه. فانحنت الخادمة التي جاءت بالخبر احترامًا.
وما إن سمع حتى طرح رزمة الأوراق على الطاولة كما لو أنه قذف بها، ونهض من مقعده على الفور.
“سأذهب بنفسي حالًا. هل أوصلتِ الخبر إلى كاسوس؟”
“يبدو أن السيد كاسوس خرج اليوم، وقد أرسلتُ للتو حمامة مراسلة إلى أستريان.”
“حسنًا، إذن أنا… لحظة.”
كان ألفيوس قد فتح الباب ليغادر، لكنه توقف فجأة.
رفعت الخادمة رأسها باستغراب، فقد كانت تسير خلفه مطأطئة.
“لكن، نظرًا لصغر سنك، ولأنك في اللحظة الأخيرة غيّرتِ نيتك، وكذلك لاحتمال وجود شخص آخر يقف وراءك، فسأمنحك فرصة. إن أخبرتِني مَن أمركِ بهذا فسوف أعفو عنك.”
أنهى ألفيوس كلامه، مثبتًا عليها نظرة باردة، عيناه الذهبيتان تشعان بين التجاعيد كبرق خاطف.
“أما إن لذتِ بالصمت، فاعلمي أن أستريان سيحكم عليك بالموت.”
“…تقتلونني؟”
تمتمت الفتاة بصوت بالكاد يُسمَع، حتى لو أدار أحد ظهره لما أدرك أنها قالت شيئًا.
لكن ألفيوس، الذي لم يغفل حركة شفتيها، سألها مجددًا:
“ماذا قلتِ؟”
“…إن أخبرتُك، هل ستنقذ أخي؟”
“أتجرئين وأنتِ في موضع مجرمة أن تساومي معي؟ ليس لكِ أي خيار!”
“…”
لم تُجِب ليس، بل حدّقت في ألفيوس بثبات.
كان وجهها لا يزال خاليًا من أي تعبير، ومع ذلك، وهي تجلس أمام سيد أسرة أستريان السابق، لم تُبدِ أدنى أثر للخوف.
كأنها قد خبرت كل ما يمكن أن يثير الرعب في حياتها من قبل، ولم يَعُد في الدنيا ما يُخيفها.
غير أنّ أمرًا بدا غريبًا.
‘هل لها حقًا أخ يحتاج إلى إنقاذ؟’
رمش ألفيوس بدهشة وهو يتأملها.
إن كان لها أخ أسير يُستَخدم كورقة ضغط لارتكاب مثل هذا الفعل، فلماذا لم تصرّح به عندما طالبها قبل قليل بذكر “مَن يقف وراءها”؟
لقد حسبها طفلة لا تملك ما تخسره، لكن وجود “أخ” يغيّر كل شيء. فلا أحد في العالم يرغب في فقدان أخيه.
ولا طفلة لها أخ لتعتني به سترغب أن تُقتَل تاركة إياه خلفها.
فلو كان ألفيوس في موقفها، لكان كشف عن كل ما يعرفه وتوسل النجدة لإنقاذ أخيه.
ولكن هذه الفتاة… لِمَ بدا عليها وكأنها لم تأمل قط أن ينقذ أحدٌ أخاها؟!
لقد أوضح لها سلفًا أنه سيلتمس لها العذر إن كان ثمة عائلتها مأسورة وتُجبَر على ذلك، إذ سيأخذ بعين الاعتبار صغر سنها وقسوة وضعها.
فما معنى هذا الموقف إذن؟ ازداد همّ ألفيوس ثِقلاً، وبعد لحظة صمت فتح فمه متحدثًا:
“هل أُخذ أخوك رهينة؟”
“…”
“أجيبي. إن لم تتكلمي فسأقتلك، وحينها ستفقدين إلى الأبد فرصة إنقاذ أخيك. هل هذا حقًا ما تريدينه؟”
زمجر ألفيوس بنبرة قاسية. كانت الفتاة منكمشة، تعبث بأظافرها بأسنانها، ثم رفعت رأسها ونظرت إليه.
“…نعم، إنه محتجز.”
“هل هم مَن أعطوك السم وأرسلوك بعد أن أمسكوا بأخيك رهينة؟”
“…نعم.”
“أتدرين مَن فعل بكِ ذلك؟”
ترددت قليلًا ثم أومأت برأسها. أشار لها ألفيوس أن تتكلم. فترددت ثانية، وانكمش أنفها قبل أن تجيب:
“لم… لم نتحدث إليه مباشرة، لكن جاي كان يناديه بـ’أوشيان’.”
“أوشيان؟”
صدفةً، كان الاسم الذي نطقت به يخصّ أحد النبلاء. لم يكن مشهورًا، لكن ألفيوس قد سمع به من قبل.
‘لا، ربما هو مجرد تشابه أسماء.’
لا بدّ من التعامل مع هذا بحذر. أومأ ألفيوس إشارة إلى مساعده.
فأخرج المساعد دفترًا صغيرًا وقلمًا وبدأ يدوّن ما تقول الفتاة. كُتبت فيه بوضوح كلمتا: “جاي” و”أوشيان”.
هزّ ألفيوس رأسه.
“ومَن يكون جاي هذا؟”
“اسمه جاي، ولا يُنادى بغيره. إنه… صديق أوشيان.”
أومأ ألفيوس بخفة. بدا أن “جاي” لم يفصح لها عن اسمه الكامل. لعل ما ذكرته مجرد أول حروف من اسمه.
مع ذلك، بدت الفتاة على دراية أكبر مما توقع. ورغم أنها كانت تتألم من جروح لم تلتئم بعد، إلا أنها روت كل ما تعرفه متقطّعًا.
وبفضلها، عرف ألفيوس أن رجلًا يدعى “أوشيان” وآخر يُدعى “جاي” كانا يحتجزان أطفالًا من ذوي الدماء المختلطة ويجرون عليهم تجارب غريبة. فارتسمت على وجهه علامات صدمة واضحة.
“أتقصدين أن أخاك أيضًا محتجز هناك؟”
أومأت ليس برأسها.
سألها ألفيوس إن كانت تذكر نوع التجارب التي أُجريت، لكنها قالت إنها لا تعلم. كل ما تعرفه أنها كانت تُجبر على النوم في أوقات محددة، ثم تستيقظ وهي تشعر وكأن جسدها كله قد ضُرب ضربًا مبرحًا.
لم يستوعب ألفيوس الأمر.
‘أي وحوش هؤلاء الذين يخطفون أطفالًا صغارًا ليجروا عليهم تجارب شاذة… ولماذا إذًا استهدفوا ثيل تحديدًا؟’
شعر بصداع فظيع يضرب رأسه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل "135"