تفقد يديها الناعمتين الخاليتين من أي ندوب، وخديها الطريين، ورقبتها وساقيها… لم يترك موضعاً يمر دون أن يتأكد من سلامته. وحين تيقّن أنها بخير، طبع قبلة قصيرة على خدها.
“كنت قلقاً جداً. حتى جدّك في طريقه إلى هنا مذعوراً.”
“لكنني بخير يا أبي… ثم إن الفتاة…”
قاطعها كاسوس بصرامة:
“ستُعاقَب وفق قوانين أستريان. لقد عرضتكِ للخطر، ومن الطبيعي أن تنال جزاءها. فلا تقلقي، لن أسمح أبداً أن يمسك أي سوء، كما وعدتُكِ سابقاً.”
ارتعشت ثيل من نبرة أبيها الحاسمة، وأسرعت تهز رأسها قائلة:
“لا! لم أقصد أن تنال العقوبة. أردت فقط أن أقول… حتى لو حاولت إيذائي في البداية، فقد غيّرت رأيها وأنقذتني مجدداً. لذا، أرجو ألا تعاقبها بقسوة شديدة.”
“ثيل، ما الذي تقولينه؟ لقد كادت أن تودي بحياة وريثة أستريان! وهذا جرم جزاؤه الموت.”
“لكن أبي! لو فكرتَ بهذا الشكل، فالخطأ خطئي أيضاً لأني قبلت الباقة بلا حذر. فهل ستعاقبني أنا أيضاً؟”
“ماذا تقولين…!”
منذ أن قدمت إلى أستريان، لم يسبق لثيل أن جادلت والدها. صحيح أنها في أحيان نادرة ردّت على بيردي أو لوديان، لكن مع كاسوس لم يحدث ذلك قط.
أما الآن، فقد جادلته… لأجل فتاة حاولت إيذاءها.
ارتفع حاجبا كاسوس دهشة، كأنه لا يصدق.
“ما هذا الكلام؟ كيف أعاقبك وأنت لم تخطئي بشيء؟ وحتى لو وُجد خطأ، فلن تنالي عقاباً، لأنك ابنتي.”
“إذن… ألا يمكنك فقط ألّا تقتلها؟ أظن أن لديها أسباباً دفعتها لذلك. وإلا لما قدمت الباقة بذلك الوجه المذعور.”
لو كان بيردي أو لوديان من قال هذا، لرفض كلامهما على الفور. لكن أمام ثيل… كان قلبه أضعف من أن يقسو عليها. ولم يكن الأمر مقتصراً على كاسوس وحده، فجميع من في أستريان كانوا يضعفون أمامها.
لم يكن بوسعه أن يتجاوز عن جريمة كهذه بلا عقاب، لكن بما أن ثيل ترجّت بهذه الصورة، فلن يسمح بقتل الفتاة.
ربّت على ظهرها وقال:
“حسناً، كما تقولين. سنُحقق في كل الملابسات بدقة. وإن ثبت أن لا يد لها فيما جرى، فلن تُعاقَب إلا بعقوبة خفيفة. هل يرضيك هذا؟”
“نعم! شكراً جزيلاً يا أبي!”
طبعَت ثيل قبلة سريعة على خدّ كاسوس وهي تبتسم ابتسامة مشرقة.
حينها استرخى الوجه المتصلب لكاسوس، الذي كان غارقًا في القلق على ثيل طوال الوقت، وانفرجت شفتاه في ابتسامة هادئة.
“آه، صحيح. أريد أن أذهب لرؤية تلك الفتاة!”
“لا.”
“حتى لو ذهبتُ معك يا أبي، ألن يكون مسموحًا؟”
“…….”
أطلق كاسوس تنهيدة عميقة.
كما قال من قبل، لم يكن في وسعه أن يرفض طلبًا لابنته ثيل.
وفي النهاية، حملها بين ذراعيه وبدأ يمشي بخطوات بطيئة.
ابتسمت ثيل ببهجة وهي ترفرف ساقيها بخفة، وقد أدركت أن والدها لم يرفض طلبها.
“أبي، أشعر أن تلك الفتاة ليست شريرة.”
“لكنها حاولت أن تؤذيكِ، يا ثيل.”
“غير أنها أنقذتني مجددًا.”
“هذا لا يغيّر حقيقة أنها حاولت إيذاءكِ.”
“كما أن إنقاذها لي لا يتغير أيضًا. لو أنها فقط منحتني الباقة وفرّت، لما أصابها شيء. لكنها انتزعتها من يدي لتتحمل الأذى بدلاً مني.”
نظرت ثيل إلى كاسوس بوجه جاد على غير عادتها. فتوقف هو أيضًا قليلًا، وألقى نظرة مباشرة على عينيها.
تلاقت عينان ذهبيتان متلألئتان بريقًا.
“أنا واثقة يا أبي… تلك الفتاة ليست شريرة، حقًا.”
“ثيل.”
مدّ كاسوس يده وأبعد خصلات شعرها عن جبينها، مناديًا اسمها برفق.
وما إن لمست أصابعه قرب جبينها حتى أغمضت عينها إغماضة صغيرة وأمالت رأسها.
“ربما تكونين محقّة. ربما كانت حقًا تحاول إنقاذك.”
“نعم.”
“لكن، وعلى الرغم من ذلك، ينبغي أن تتعلمي كيف تتحلين بالحذر. ثيل، ليس كل من في هذا العالم طيبين.”
قال كاسوس بصوت منخفض جاد. ولم تُبدِ ثيل أي مزاح أو ابتسام، بل أصغت لكلامه بملامح جادة هي الأخرى.
ظل الأب وابنته واقفين في الرواق يتحدثان طويلًا.
وكان معظم الحديث يدور حول ‘كيفية الحذر من الغرباء’ و’ضرورة الشك أولًا’.
***
سجن أستريان تحت الأرض.
“قيل إنها حاولت إيذاء السيدة؟”
“أهذه الصغيرة؟”
“لكن السيدة أصغر منها حجمًا!”
أخذ الحراس الذين يحرسون زنزانة السجن يتجادلون فيما بينهم. واشتد النقاش بينهم حتى وصل إلى حد قول أحدهم: “يجب أن نقتلها حالًا.”
كان هذا بسبب حب كل أفراد آل أستريان لثيل. فلم يستطيعوا أن يغفروا لتلك الفتاة التي ‘تجرأت’ على محاولة إيذاء سيدتهم الصغيرة وعزيزة قلبهم.
حتى وإن كانت تلك الفتاة الآن على وشك الموت بسبب إصاباتها الخطيرة.
“لماذا أمروا بالإبقاء عليها حيّة أصلًا؟”
“أيعقل أن طفلة مثلها حاولت بمفردها إيذاء السيدة؟ لا بد أن هناك من دفعها لذلك. حتى نعرف من هو، فلا بد من إبقائها على قيد الحياة…”
وبينما كان الحراس يتحدثون، فُتح باب السجن الأرضي، ودوّت خطوات كثيرة داخله.
فتوقف الحراس عن الكلام فورًا، ووقفوا باحترام.
الداخل إلى السجن كان كاسوس أستريان وهو يحمل ثيل أستريان بين ذراعيه.
“أين المذنبة؟”
سأل كاسوس بنظرات باردة كالجليد، وهو يحدق في الحراس.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "132"