“إذن، بسبب تلك المعركة… لم يعد الصباح يشرق في أركاديا؟”
“عندما انسحب أورفيو من أركاديا، ألقى عليها لعنة مروّعة… لعنة تمنع شروق الصباح إلى الأبد.”
“لكن… لماذا على أراضي إيفرارد؟ لقد قلت إن هناك من كان يؤمن بأورفيو في إيفرارد”
“الأرض الوحيدة التي استطاع أورفيو أن يستخدم قوته فيها بحرية كانت هناك فقط… هناك أسباب كثيرة لانقراض أسرة إيفرارد، لكن السبب الأكبر على الأرجح هو….”
“بسبب تلك الحادثة إذن….”
عند كلمات ثيل، أومأت كليمنس وأغلقت الكتاب.
“ألا يوجد ما يمكن أن تخبرينا به أكثر؟”
سأل إياندروس، فترددت كليمنس قليلًا، ثم أمالت رأسها قليلًا وأجابت:
“بما أنك لم تحدد ما تريد معرفته، فلا أدري ما الذي ينبغي أن أخبرك به بالضبط… ربما من الأفضل أن تبحث بنفسك.”
وأشارت كليمنس نحو رفوف الكتب.
“تحتوي هذه القاعة على مجموعة متنوعة جدًا من الكتب القديمة. إذا بحثت، قد تجد كتبًا تحتوي على المعلومات التي تريدها عن أركاديا. أما المعلومات الأخرى التي قد تحتاجها، فسأشرحها لك أثناء جولتك.”
ثم حرّكت كليمنس المصباح بخفة.
“هل يحتاج أحد إلى مصباح؟”
“لسنا بحاجة لمصباح! معنا ثيل وهي….”
“لا تستخدم أختك الصغيرة كمصباح.”
كان لوديان يوشك على رفع ثيل بين ذراعيه حين تلقى ضربة على مؤخرة رأسه من بيردي، فأطلق أنينًا.
رفعت ثيل عن الأرض للحظة وجيزة فقط، ثم سألت كليمنس:
“إن كنت حذرة في استخدام قدرتي، هل سيكون الأمر على ما يرام؟ أعدك ألا أستخدمها بما يضر الكتب…!”
في الحقيقة، كانت قدرة ثيل عبارة عن ضوء صنع من أكثر الأشياء دفئًا في العالم، حتى إنه لو أضاء بقوة ولفترة طويلة، فلن يضر الكتب، لكن الأطفال لم يكونوا يعلمون ذلك.
ترددت كليمنس قليلًا، ثم أومأت بخفة.
“إن كانت بسطوع هذا المصباح، فاستخدميها كما تشائين.”
“حسنًا، بسطوع المصباح إذن…”
لوّحت ثيل بيدها، فظهرت عند أطراف أصابعها ستة أو سبعة أسماك صغيرة مضيئة.
كانت الأسماك تتبع أصابع ثيل كما لو كانت تلاحق طعامًا، وكان ضوءها أضعف من المعتاد بفضل حرص ثيل على استدعائها بوهج أخف وأرق.
“هيا، اذهبي.”
همست الطفلة، فسبحت الأسماك الصغيرة في الهواء حتى وصلت إلى قرب أيدي الأطفال الآخرين وتوقفت هناك.
كان الضوء كافيًا لإضاءة صفحة الكتاب فقط عند القراءة.
“ثيل! منذ متى أصبحتِ ماهرة في التحكم بقدرتك هكذا؟ صغيرتي ذكية أيضًا~!”
قالت أوليفيا وهي تنظر بمحبة إلى السمكة التي كانت تسبح بلطف قرب يدها.
“التحكم بالقدرة بهذه الطريقة صعب جدًا… أختي الصغيرة ذكية حقًا.”
ربّت بيردي على رأس ثيل برفق، بينما كانت هي تتلوّى بخجل من مديح إخوتها المبالغ فيه.
في كل مرة كانت تُمدَح، كانت تشعر وكأن أسماكًا تسبح في معدتها… ثم قالت بحذر:
“كنت أتدرّب وحدي قليلًا… هل هذا جيد هكذا يا آنسة كليمنس؟”
“بالطبع، هذا ممتاز. تجولي براحتك… ربما تجدين ما تبحثين عنه.”
“لكن سيدة إيريس قالت إنك ستخبريننا بكل شيء، وفي النهاية نبحث نحن بأنفسنا.”
تذمّر إياندروس وهو يسحب كتابًا من أقرب رف.
اقتربت السمكة التي كانت تسبح قربه من الكتاب لتضيء صفحاته، فمد إصبعه ليطبطب عليها بخفة، فدارت في مكانها بسرور.
“لست بارعة في سرد الأمور بشكل مرتب… من الأفضل أن تلقوا نظرة أولًا، ثم إذا كانت لديكم أسئلة إضافية فسأجيب بما أعرفه.”
قالت كليمنس بنبرة اعتذار، لكن الأطفال لم يبدوا أي استياء، وجلسوا بشكل عشوائي يتصفحون الكتب.
كان لوديان يقلب الصفحات بخشونة حتى تلقى تحذيرًا من بيردي، بينما أوليفيا تركت كتابها بعد بضع صفحات لتلهو بالسمكة.
أما الذين كانوا يتصفحون الكتب بتركيز فهم كليمنس، إياندروس، بيردي، وثيل، لكن الأخيرة لم تكن تستطيع قراءة الحروف بعد، فاكتفت بالنظر إلى الصور.
‘ألن يكفي أن أبحث عن الكتاب الذي فيه الصورة التي أرتها لي الآنسة كليمنس؟’
إذا وجدت الكتاب الذي يحتوي على ذلك الشكل المخيف، يمكنها أن تعطيه لبيردي وإيان ليقرأاه لها… فكرت بهذا وهي تغلق كتابًا مليئًا برسوم الطيور، ثم مدت يدها نحو كتاب آخر.
‘ما هذا؟’
أمسكت ثيل الكتاب وتأملت غلافه بعناية. لم يكن عليه أي رسم مميز، لكنه كان قديمًا جدًا وتفوح منه رائحة الغبار، وصفحاته بدت وكأنها ستمزق إذا لم تُقلب بحذر شديد.
وبينما كانت تقلّب الصفحات بحرص باحثة عن الرسوم، اتسعت عيناها فجأة عندما رأت صورة مألوفة.
‘هذا…!’
على تلك الصفحة، كانت هناك صورة لفتاة يبدو أنها تستخدم الفضاء الفرعي.
أسرعت ثيل بتقليب المزيد من الصفحات، لكن الصفحات التالية كانت تحتوي على محتويات أخرى مختلفة تمامًا. لم يكن هناك أي رسم يشبه الفضاء الفرعي سوى ذلك الموجود في تلك الصفحة فقط.
لم تُغلق ثيل الكتاب، بل حملته بحذر واقتربت بخطوات خفيفة من إياندرروس.
“سيد إيان، سيد إيان.”
همست ثيل وهي ترفع صوتها بالكاد، خشية أن تزعج الآخرين، ووقفت على أطراف أصابعها.
“ماذا؟”
انحنى إياندرروس قليلًا وهو يوجه نظره نحو ثيل، مهيئًا لها المجال لتهمس بأريحية قرب أذنه.
“انظر إلى هذا… أنا لا أستطيع قراءة الحروف، لكنك تستطيع، أليس كذلك يا سيد إيان؟”
مدّت ثيل الكتاب الذي كانت تحمله نحو إيان، فتناوله منها بسلاسة.
لقد كانت تحمل الكتاب الثقيل لفترة طويلة، حتى شعرت بذراعها وقد تنمّلت. قامت ثيل بتدليك ذراعها خفية، ولحسن الحظ كانت قاعة الكتب القديمة غير مضاءة كثيرًا، فلم يلحظ أحد أنها تفعل ذلك.
“هذا…”
قال إيان وهو يتفحّص الكتاب، ثم خطا بخطوات واسعة نحو كليمنس.
“كليمنس.”
“نعم، سموّك. تفضل بالحديث.”
“أرغب في استعارة هذا الكتاب… هل يمكنني ذلك؟ وإن لزم الأمر فسأكافئكم بما يكفي.”
تأملت كليمنس الكتاب الذي كان في يد إياندرروس، وأصدرت صوتًا قصيرًا وكأنها تفكر: “هممم…”
“أعتقد أن عليّ أن أسأل والدتي، هل لا بأس بذلك؟ لكن أرجّح أنها ستوافق. لقد قالت والدتي إنها ستساعدكم جميعًا… لكن، تحسبًا، سأذهب وأسألها. هل يمكن أن تعطني إياه؟”
“بالطبع، شكرًا لك.”
ناولها إياندرروس الكتاب. كانت ثيل تراقب الموقف بصمت، ثم سألت إيان:
“هل فيه معلومات مهمة؟”
“ليس الأمر كذلك تمامًا… لكن لا توجد مثل هذه السجلات في القصر الإمبراطوري. أريد أن أعود وأتفحصه بدقة أكبر.”
أجاب إيان وهو يثبت نظره على الكتاب الذي تحمله كليمنس.
إن قدرة إياندرروس الخاصة كانت أشبه بلعنة تنتقل عبر دماء العائلة الإمبراطورية. ولهذا، كان يظن أن جميع السجلات المتعلقة بقدرة إنشاء الفضاء الفرعي موجودة في القصر.
لقد بحث في جميع السجلات داخل القصر، لكنه لم يعثر على ما يستحق الذكر…
‘يا له من اكتشاف غير متوقَّع…’
لقد وجد ذلك السجل في أرنِيه بالصدفة. فهل يعود الفضل في ذلك إلى رئيس عائلة أرنِيه السابق الذي كان شغوفًا بجمع السجلات؟ أياً كان السبب، فهذا أمر ليس سيئًا بالنسبة لإيان.
رفعت ثيل بصرها نحو إيان.
“إذًا، لا يُسمح لي أن أسألك عن مضمونه، أليس كذلك؟”
“لا بأس، لكن هناك أجزاء لا يمكنني الإجابة عنها الآن. سأطّلع عليه وأخبرك لاحقًا.”
ثم نقر إيان بخفة على خدها بطرف إصبعه، فأومأت برأسها.
إيان لا يكذب، وإن قال إياندرروس إنه سيخبرها لاحقًا، فهذا يعني حقًا أنه ينوي ذلك. لذا قررت ثيل ألّا تضغط عليه.
***
خرج الأطفال من قاعة الكتب القديمة دون أن يحصلوا على نتائج تُذكر. فمن البداية، لم تكن كمية المواد الموجودة هناك عن “أركاديا” كبيرة كما توقعوا.
صحيح أن أرنِيه هي التي تحتفظ بأكبر عدد من السجلات عن تلك الأرض، لكن أغلبها اندثر منذ زمن بعيد، وحتى ما بقي بحوزة أرنِيه لم يكن كثيرًا.
وفي النهاية، مر الوقت بلا مكاسب تُذكر. وكان قد حان وقت الغداء.
رافق الأطفال كليمنس نحو مطعم أرنِيه، لتكون هذه أول وجبة لهم هناك. وما إن دخلت ثيل المطعم حتى اتسعت عيناها بدهشة.
على عكس مطعم أستريان الواسع والفخم والمنظم بعناية، كان مطعم أرنِيه ذا أجواء… دافئة للغاية. ربما كان السبب أن سقفه الزجاجي يسمح بدخول الضوء من الأعلى؟
لقد كان أشبه ببيت زجاجي أكثر منه مطعمًا. جلست ثيل بحذر في مقعدها بناءً على إرشاد كليمنس. وأحضرت الخادمات وسادة سميكة لتجلس عليها.
“ثيل.”
ناداها بيردي بلطف، ووضع على ركبتيها قطعة قماش بيضاء.
“شكرًا لك يا أخي، أنت طيب وودود.”
“هل أكون طيبًا وودودًا مثلكِ يا أختي الصغيرة الجميلة؟”
أجاب بيردي بنعومة، على عكس طريقته المعتادة في الرد على لوديان وأوليفيا.
وباستثناء كليمنس التي لم تكن تعلم خلفية الموقف، رمق كل من إيان، ولوديان، وأوليفيا، بيردي بنظرات لا تخلو من الانزعاج…
“هل لديكم اعتراض؟”
قالها بيردي بحدة، وكاد لوديان أن يرد، لكن في تلك اللحظة دخلت سيدة أرنِيه، آيريس هيلدِ أرنِيه، إلى المطعم.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "106"