“أوليفيا وكليمنس قالتا إن اليوم الذي تبدأ فيه أول عملية تبديل للفراء، يُحتفل به بحفلة مع العائلة. هذه المرة لم نتمكن من فعل ذلك، لذا أرجوك أن تكتب لهم أن يقيموا حفلة معي عندما أعود.”
“اتفقنا، سيكتب أخوك ذلك.”
ابتسم بيردي ابتسامة خفيفة ودوّن ما قالته ثيل فورًا، ثم رفع رأسه لينظر إلى لوديان وأوليفيا، بملامح توحي: ‘ألديكما ما تريدان إضافته؟’
قال لوديان: “أنظر، لست أطالبك أن تعاملني مثل ثيل بالضبط، لكن… ما قصة هذا الوجه الخالي من الحماس؟”
وأضافت أوليفيا: “ولماذا تسألنا بنظرة توحي بأنك لن تكتب شيئًا لنا حتى لو تحدثنا؟”
“إذًا، لا تريدان أن أكتب شيئًا. فهمت.”
تجاهل بيردي تذمّر لوديان وأوليفيا بخفة، وواصل كتابة الرسالة بخط أنيق.
بعد أن انتهى، ترك الرسالة مفتوحة على الطاولة حتى يجف الحبر جيدًا. وبعد قليل، ستقوم خادمات آرنيه بطيها بعناية وختمها بالشمع، ثم إرسالها إلى أستريان.
أنهى بيردي مهمة كتابة الرسالة، ثم التفت إلى كليمنس.
“الآن أود أن أسمع عن ‘الأرض التي لا يأتيها الصباح’. فنحن لسنا متفرغين كثيرًا.”
“…لكننا متفرغون، أليس كذلك؟”
“اصمتي يا أوليفيا.”
“تسك.”
سألت كليمنس بحذر: “أي جانب تريد أن تعرفه؟ لقد تقرر أن أكون أنا من يقودكم إلى هناك، هل تريدون شرحًا للطريق؟”
أومأ بيردي برأسه، فتدخل إياندروس الذي كان يراقب الاثنين:
“سيكون رائعًا لو أخبرتنا بكل ما تعرفينه.”
“حسنًا… في هذه الحالة، الأفضل أن نذهب أولًا إلى قاعة الكتب القديمة. هناك الكثير من المراجع، وأنا نفسي درست من هناك.”
استدارت كليمنس بخفة كمن تدعوهم للّحاق بها، فنهض بيردي من مكانه. حمل لوديان ثيل تلقائيًا بين ذراعيه.
“قاعة الكتب القديمة تقع في الطابق السفلي من البرج الشمالي في آرنيه.”
سار الأطفال خلف كليمنس نحو قاعة الكتب القديمة. في الطريق، كانوا يلتقون أحيانًا بالخادمات اللواتي يبتسمن لهنّ بحرارة ويحيينهنّ.
كان الجو العام في قصر آرنيه مشابهًا كثيرًا لأجواء أستريان، مما ساعد ثيل على الاسترخاء بسهولة رغم كونها في مكان غريب.
عندما وصلوا إلى البرج الشمالي، أومأت كليمنس لفرسان الحراسة.
انحنى الفرسان احترامًا ثم أفسحوا الطريق وفتحوا الباب المؤدي إلى داخل البرج.
قالت كليمنس وهي تتسلم مصباحًا من أحد الفرسان: “تفضلوا بالدخول، المكان مظلم فكونوا حذرين.”
دخل بيردي أولًا خلف كليمنس، ثم تبعه إيان، بينما نزل لوديان الدرج ببطء وهو يحمل ثيل بين ذراعيه، وتبعته أوليفيا.
“أخي، أستطيع النزول وحدي…”
“لكن ماذا لو تعثرتِ وسقطتِ؟ المكان هنا مظلم جدًا، لذا سيحملك أخوك حتى…”
توقف لوديان فجأة عن الكلام، وارتسمت على وجهه ملامح إدراك.
“لحظة، الآن تذكرت…”
“نعم…؟”
على ما يبدو، كان لوديان وبيردي وأوليفيا وكليمنس قد نسوا مؤقتًا ماهية قدرة ثيل الخاصة.
أومأت ثيل بخجل، ثم مدت يدها الصغيرة. ومن طرف أصابعها انبعث ضوء صغير ولامع، أشبه بقطرة ماء صغيرة، بدا وكأنه لن يكون كافيًا لإنارة البرج المظلم… لكن…
سرعان ما أخذ ذلك الضوء، الذي كان بحجم قطرة، يزداد ويتسع بلا حدود، حتى انسكب كالنهر المضيء وملأ البرج المظلم بأكمله. أضاء المكان في لحظات، فعانقت ثيل رقبة لوديان بقوة.
“الآن لم يعد المكان مظلمًا، أليس كذلك؟”
تمتم لوديان وهو يلاعب أصابع ثيل الصغيرة: “هذه القدرة… أفضل بكثير مما توقعت.”
لكن أوليفيا، التي كانت تنزل خلفه على الدرج، ضربت كتفه قائلة:
“لا تعامل أختك وكأنها مصباح!”
“متى اعتقدت أنها مجرد مصباح! أنا فقط قلت إن قدراتها أفضل مما توقعت، هذا كل ما في الأمر!”
اشتكى لوديَان بمرارة، وهو يضم ثيل إليه أكثر. وفي النهاية، تخلّت ثيل عن فكرة النزول على قدميها، وبقيت بين ذراعيه مستسلمة.
بفضل قدرة ثيل، غمر الضوء البرج بالكامل، حتى إنه أصبح بالإمكان النزول دون الحاجة إلى مصابيح لإنارة الطريق.
قال أحدهم بإعجاب:
“قدرات النور مذهلة حقًا… هل يمكن للنور أن يقوم بدور أشعة الشمس أيضًا؟”
سألت ثيل باستغراب:
“دور أشعة الشمس؟”
“نعم، آرنيه يعمل في زراعة النباتات، لكن في الآونة الأخيرة لم تعد الشمس تسطع جيدًا، مما يجعل قدراته لا تُستخدم كما يجب…”
“إذا لم تشرق الشمس، لا يستطيع استخدام قدراته جيدًا؟”
“ألم تعرفي ذلك؟ إنها معلومة مشهورة. لا يمكن استخدام خضرة آرنيه دون وجود الشمس. في الأيام الغائمة، قدراته لا تعمل كما ينبغي.”
ابتسمت كليمنس برقة وهي تفتح باب قاعة الكتب القديمة. دخل الأطفال ببطء إلى الداخل، حيث كانت القاعة مظلمة تمامًا، لا تختلف عن الخارج.
وضعت كليمنس المصباح الذي كانت تحمله على الطاولة الصغيرة بجانبها، ثم قالت:
“أميرة ثيل، أعتذر، لكن إذا كنتِ ستستخدمين قدراتك، فهل يمكنك جعلها أضعف قليلًا؟ بعض الكتب هنا قديمة جدًا، والضوء القوي قد يتلفها…”
أومأت ثيل موافقة:
“حسنًا، إذًا سأحاول ألا أستخدم قدراتي كثيرًا.”
“جيد، أولًا… ما مقدار معرفتكم بعشيرة إيفرارد المائية التي أُبيدت؟”
“إيفرارد؟”
أمالت أوليفيا رأسها متسائلة:
“إيفرارد هي العشيرة التي أُبيدت منذ زمن بعيد، وكانت تملك قدرات الماء! لكن… لماذا تذكرين إيفرارد فجأة الآن؟”
“لأن أركاديا كانت في الماضي أرض إيفرارد.”
“أركاديا… إذًا…”
توقفت أوليفيا عن الكلام، فأجاب إيان، الذي كان واقفًا بجوارها، وهو يلتفت إليها:
“اسم آخر لأرض لا يأتيها الصباح.”
“نعم، لم يعد هذا اسمها الآن، لكن…”
اقتربت كليمنس بخفة نحو رفوف الكتب المليئة بالمجلدات القديمة، وأخرجت كتابًا يبدو شديد القِدم بمجرد النظر إليه.
‘إنه قديم جدًا…’ فكرت ثيل، وهي تحدق بالكتاب في يد كليمنس. كان غلافه الجلدي مهترئًا، فقد لونه، وتآكل حتى بدا وكأنه سيتفتت، حتى الخيط الذي يربط صفحاته أوشك على الانقطاع.
كان من المدهش أنه ما زال متماسكًا حتى الآن… لكن كليمنس فتحته وكأن الأمر طبيعي.
“أركاديا كانت منذ زمن بعيد أرض إيفرارد. في ذلك الوقت، كانت عشيرة إيفرارد قوية لدرجة أنها كانت تقف جنبًا إلى جنب مع أستريان.”
أشارت كليمنس إلى إحدى الصفحات، حيث كان مرسومًا نبع ماء يتفجر من الأرض، وأراضٍ تبدو في غاية الخصوبة.
“لكن…”
قلّبت الصفحة التالية، فإذا بها ممزقة. اتسعت عينا ثيل وهي تحدق في الفراغ مكان الورق المفقود.
‘إنها ممزقة…’
بل إنها أقرب لأن تكون آثار قضم حشرات منها إلى تمزق عادي. مرّرت كليمنس أصابعها على الحواف الممزقة، وابتسمت ابتسامة يملؤها الأسف.
“يقال إن شخصًا ما دمّر كل السجلات من تلك الحقبة، لذا لا يوجد اليوم من يعرف الحقيقة كاملة… لكن ما تبقى من السجلات يقول إن أحد أفراد إيفرارد كان يعبد الإله الشرير أورفيو. ونتيجة لذلك، اندلعت حرب بين النور والظلام في أركاديا.”
“أورفيو…؟”
أعادت ثيل الكلمة باستفهام، وهي تميل برأسها. كان اسمًا غريبًا لم تسمع به من قبل. أشارت كليمنس إلى الصفحة التالية مبتسمة:
“نعم، هل ترين هنا؟ هذه صورة أورفيو. إنه إله الظلام، وعلى عكس السيدة لوسيت… فهو إله شرير يريد تحطيم توازن هذا العالم.”
كانت هناك صورة لكائن أسود مخيف المظهر، حتى إن ثيل شهقت وهي تراه.
‘لماذا؟ أشعر أني رأيته من قبل.’
لم يكن ممكنًا أن تكون قد رأته حقًا، ومع ذلك شعرت وكأنها تعرفه. مدت يدها لتلمس بحذر صورة أورفيو، وفجأة شعرت بوخز غريب في أطراف أصابعها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "105"