لم يمضِ وقت طويل على انطلاق العربة عبر الغابة الغنّاء حتى وصلت أمام قصر أرنيه. كان القصر، القابع في قلب غابة كثيفة، يبدو في هيئته وكأنه قلعة أكثر من كونه مجرّد قصر.
كييييئك—
انفتح الباب الضخم، ودخل الحصان الأسود الذي يمتطيه إياندروس أولًا إلى الداخل. تبعته العربة، وعربة الأمتعة، والفرسان واحدًا تلو الآخر إلى داخل قصر أرنيه.
وضعت ثيل يديها على نافذة العربة وأخذت تتأمل المشهد في الخارج. كانت الحديقة الجميلة التي تفتخر بها أرنيه تمتد على طول الطريق، فسيحًا وبهّاجًا.
“إنها جميلة حقًا…”
“جميلة؟ هل ترغبين أن أجعل أستريان على هذا النحو أيضًا؟”
لم يفُت لوديان ما تمتمت به ثيل، فسألها. فكّرت ثيل قليلًا ثم هزّت رأسها.
“حديقة أرنيه رائعة، لكن حديقة أستريان لها سحرها الخاص… أظن أنه لا حاجة لتقليد أرنيه.”
“هذا صحيح، فحديقة أستريان أنظف وأرتب بكثير من هذه. أما هنا، فهي… مزدحمة بعض الشيء، أليس كذلك؟”
عند كلام لوديان، عبس بيردي وأوليفيا في الوقت نفسه.
حقًا، كانت هناك أزهار ونباتات في حديقة أرنيه لم يروها من قبل، وبعضها نما أكثر من اللازم حتى بدا وكأنه إن لم يُهذَّب بسرعة سيشوّه منظر الحديقة.
وكل ذلك كان بفضل القدرة الخارقة التي يمتلكها أرنيه.
أرنيه الخضرة.
قدرته على إنبات الأزهار، وإخراج البراعم، وإنماء الأشجار كانت تلعب دورًا كبيرًا في إبقاء أراضيه غابةً يانعة.
وبين سكان أرنيه، كان هناك أيضًا أطفال لم يتمكّنوا بعد من السيطرة الكاملة على قدراتهم، ولهذا لم تكن أعشاب الحديقة وأشجارها مرتّبة بل كانت غير متساوية في الطول والشكل.
“أنت! إن قلت مثل هذا الكلام فسيطردونك حالًا! إهانة حديقة أرنيه أمام من ينتمون إلى قصره أمر في غاية الوقاحة!”
“صحيح، لوديان. إن طُردت، فارجع وحدك إلى أستريان، فلن تجد أحدًا يعيدك.”
وبّخته أوليفيا وبيردي تقريبًا في اللحظة نفسها، لكن لوديان هزّ كتفيه بلا مبالاة.
“أما أنا، فلا أغضب إن قال أحد إن قدرتي النارية أضعف من موقد نار صغير.”
“ماذا تقول؟! ألم تضرب ذاك الشخص في الأكاديمية عندما سخر من قدرتك، حتى تلقيت تحذيرًا؟”
“هل فعلت؟ لا أذكر ذلك…”
أزاح لوديان بسرعة ملامح التحدي واللامبالاة عن وجهه، وأدار عينيه جانبًا، فيما أطلق بيردي تنهيدة.
“نحن هنا ضيوف لدى أرنيه، لذا يُمنع أن تتصرف كما يحلو لك. وإن قررت سيدة أرنيه طردك، فسأكون أول من يوافق على ذلك.”
وفي تلك الأثناء، توقفت العربة. سُمعت في الخارج أصوات إياندروس وهو يتحدث. توقف الأطفال عن الكلام وحدّقوا جميعًا نحو باب العربة.
“لقد وصلنا.”
فتح الفارس ذو الدرع الفضي باب العربة، وانحنى برأسه قليلًا. أومأ بيردي إيماءة خفيفة، ثم نزل من العربة.
“كوني حذرة، ثيل.”
وأمسك يد ثيل ليساعدها على النزول بأمان، فيما توليت أوليفيا التأكد من أن رأسها لن يصطدم بالعربة أثناء نزولها.
“هيا– شكرًا لكم!”
قفزت ثيل بخفة وهي تبتسم ابتسامة مشرقة نحو إخوتها وأخواتها. تبعتها أوليفيا ولوديان، وربّتا برفق على رأسها.
“هذه هي أميرة أستريان الصغرى، أليس كذلك؟ لقد رأيتك من قبل في لوميناريا… كنتِ حقًا مؤثرة للغاية. مرحبًا بكِ يا أميرة، يسرّني أن أتشرف بلقائك. أنا كليمنس أرنيه.”
“أنا ثيل أستريان!”
قالت ثيل اسمها بكل فخر، وألحقته بلقب عائلتها “أستريان”، ثم احمرّ وجهها خجلًا وهي تمسك برفق بطرف كمّ بيردي…
ابتسم بيردي ابتسامة دافئة، كما لو أن ثيل بدت له لطيفة للغاية، وأمسك يدها في مقابل ذلك.
“فلندخل معًا، سيدة القصر بانتظاركم…”
قالت كليمنس بصوت ناعم كاللحن، ففكرت ثيل أن صوتها يشبه تمامًا صوت طيور الجبل. ‘ترى، هل جميع أفراد عشيرة الطيور يملكون أصواتًا بهذا الجمال؟’
الفرسان الذين أنهكتهم الرحلة، اصطحبهم خدم أرنيه ليرشدوهم إلى أماكن إقامتهم، كي يضعوا أمتعتهم أولًا ويستريحوا من عناء السفر.
أما إياندروس وبيردي ولوديان وأوليفيا، ومعهم ثيل، فقد تبعوا كليمنس متجهين إلى غرفة سيدة القصر.
“أن يزور ولي العهد القصر ولا تخرج سيدته للقائه؟”
قال إياندروس بنبرة منخفضة تحمل العتاب، فأجابته كليمنس وهي تطرف بعينيها ببطء:
“أقدم اعتذاري بالنيابة عن سيدة القصر.”
كان سادة عائلات امبراطورية كراسيون، في واقع الأمر، أقرب إلى ملوك يحكمون عشائرهم من مجرد أسياد.
وفوق ذلك، فإن أرنيه تقع في منطقة معزولة عن بقية الأراضي، مما جعل طبعها أكثر قوة لا أقل.
وإيان كان يعرف جيدًا أن سيدة أرنيه على هذه الأرض بمثابة ملك، لذا لم يرَ حاجة إلى توجيه المزيد من اللوم لكليمنس.
فهؤلاء السوين هم أولئك الذين يطيعون تحت اسم الإمبراطور، لكنهم لا ينحنون بالكامل أبدًا.
وقفت كليمنس أمام باب غرفة سيدة القصر، وطرقت بخفة على الباب الخشبي.
“سيدتي، لقد وصل الضيوف.”
وما إن أنهت حديثها حتى انفتح الباب بهدوء. وخرجت سيدة أرنيه بنفسها، إيريس هيلد أرنيه، لتنحني تحيةً لهم.
“المجد لكراسيون، أنا إيريس هيلد أرنيه، سيدة أرنيه، أتشرف بمقابلة سمو ولي العهد.”
كانت إيريس هيلد أرنيه وكليمنس متشابهتين إلى حد مذهل، حتى إن أي شخص يراهما كان سيدرك فورًا أنهما أم وابنتها.
إيريس، التي كانت قد سرّحت شعرها الوردي الجميل الطويل وزينته بالزهور، بدت لثيل أجمل امرأة رأتها في حياتها.
“سيدة أرنيه، بسبب ظروفي آنذاك لم أتمكن من تحيتك المرة السابقة.”
“لقد شعرت بقلق بالغ عندما رأيت ما حلّ بسموك. أهنئك على تعافيك.”
أجابت إيريس بنعومة وهي تتنحّى قليلًا عن الباب وتنحني برأسها.
“تفضلوا بالدخول أولًا، لقد أمرت بإحضار الشاي والحلوى…”
أومأ إياندروس وسار أولًا إلى الداخل. جلس الأطفال على الأرائك تباعًا، جلست ثيل بجانب إيان. ساعد إيان ثيل لتجلس بشكل صحيح.
“السيد بيردي، السيد لوديان… وأوليفيا.”
ابتسمت إيريس ابتسامة مشرقة، وأومأت أوليفيا حين سمعت اسمها.
“كيف حالكم جميعًا؟ لقد كنت منشغلة مؤخرًا فلم أتمكن من دعوتكم!”
“لقد حزنت كليمنس كثيرًا لأن أوليفيا لم تتواصل معها. إنها لا تملك صديقة غيرها، لذا كانت ستسعد لو انها تواصلت معها أكثر.”
كانت العلاقة بين إيريس وأوليفيا ودّية جدًا، والسبب أن أوليفيا وكليمنس كانا صديقتين مقرّبين للغاية.
وبسبب موقع مقاطعة أرنيه النائي، لم تزر أوليفيا أرنيه من قبل، لكن كليمنس كانت تأتي أحيانًا إلى فولفغانغ لرؤيتها، وكذلك كانت إيريس تزور فولفغانغ بين الحين والآخر، ما جعل العلاقة بينهم وثيقة.
“كليمنس حزينة إذن! عليّ إذن أن أقضي معها اليوم كله ونتبادل كل الأحاديث التي فاتتنا!”
قالت أوليفيا بحماس، فابتسمت إيريس وأومأت برأسها. اتجهت عيناها الخضراوان الدافئتان هذه المرة نحو الفتاة الصغيرة الجالسة بجوار إياندروس.
“وهذه… أميرة أستريان؟”
“نعم يا سيدتي، تشرفني رؤيتك للمرة الأولى. أنا ثيل أستريان.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "101"