“لكن يبدو أن هذا مستحيل. حتى أجد جثته أمامكِ، على الأقل…”
توقف لورانس عن الكلام فجأة، نادمًا على كلماته.
لكن ليليان ابتسمت ابتسامة خافتة.
“لمَ كل هذا التردد؟ أنتَ تؤمن أنه مات، أليس كذلك؟ لكل شخص رأيه، وأنا أتفهم ذلك.”
ظل لورانس يحدّق بأخته للحظات بصمت.
ابتسامتها الهادئة لم تظهر أي شك. وكأنها تؤمن بشدة أن احتمال موت إيدن غير وارد على الإطلاق.
لكن لورانس تساءل داخليًا:
‘أهي ثقة أم مجرد تعلق يائس؟’
خفض لورانس نظره بمرارة. طعم الهزيمة في فمه.
“لا تقلق. سأجد هذا الشخص، مهما كان الثمن.”
سواء كان جثة أو مجرد رماد.
لم يكن لديه خيار آخر. فقط عبر إنهاء هذا التعلق، يمكنه تحرير أخته من عذابها الطويل.
في الداخل، ليليان فكرت.
‘ولكن… كيف يمكن ألا أكون قلقة؟’
الحرب كانت تقترب من نهايتها.
قريبًا، سيصل جيش الشمال إلى العاصمة.
وبعدها…
بعد أن تنتهي كل الأمور، لن يتبقى وقت.
استدارت فجأة، وبدأت تبحث بسرعة بين متعلقاتها، حتى أخرجت حجر طاقة سحري مشع.
“ليلي؟ ماذا تفعلين فجأة؟”
اقترب لورانس منها بقلق، بينما كانت تمسك الحجر وتضعه قريبًا من وجهها، مستنشقة الهواء بعمق.
“لا شيء. فقط شعرت بالاختناق من الظلام.”
لكن لورانس، وهو يراقب، لم يستطع إلا أن يشعر أن شيئًا ما بشأنها كان غريبًا.
وكأنها ستنكسر بمجرد أن تلمسها.
“حقًا؟ هل تريدين بعض الضوء؟ سأشعل المصباح إذًا.”
بحركة سلسة أضاء لورانس المصباح السحري، ليملأ أرجاء الخيمة بنور ساطع على الفور. ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي ليليان.
“شكرًا.”
“ليلي، هل تحتاجين إلى شيء آخر؟”
“لا، قلت إنني بخير، أليس كذلك؟”
“حمام؟ تدليك؟ أي شيء تحتاجينه، قولي فقط.”
“قلت لك، لا أحتاج شيئًا! نحن في خضم حرب، من يتحدث عن الحمامات الآن؟ توقف عن قول أشياء غريبة واخرج، أنا أشعر بالنعاس.”
“هممم… حسنًا. لكن إذا احتجتِ أي شيء، فقط أخبريني.”
“فهمت.”
لوّحت بيدي وكأنني أطرد ذبابة مزعجة، مما دفعه للخروج أخيرًا، رغم تعبيراته التي لا تزال مشحونة بالشك.
بمجرد أن أُغلقت أبواب الخيمة، زفرت تنهيدة ثقيلة وأنا أتهاوى على الكرسي.
“هل لاحظ شيئًا؟”
رغم الحماية الزائدة التي اعتادها، بدا لورانس هذه المرة أكثر حذرًا من المعتاد.
“هل كشف أمري؟”
أفكر بحذر بينما أحتضن حجر الطاقة بإحكام بين ذراعي. لورانس قد يكون غافلًا في العادة، لكنه يمتلك أحيانًا حساسية مفرطة في اللحظات غير المناسبة.
لكن ما حصل لم يكن بيدي. الألم المفاجئ الذي شعرت به قبل قليل، وكأنه يخنق أنفاسي، كان لا يحتمل.
“الوضع يزداد سوءًا.”
هذا الألم لم يكن غريبًا عني، لكنه كان يظهر سابقًا فقط بعد استنزاف كبير لقوتي السحرية. لم أكن أعلم حينها أن جسدي كان يستهلك تلك القوة باستمرار، حتى وأنا لا أستخدم السحر.
أدركت هذه الحقيقة بعد أن أبرمت اتفاقي مع كير. كان الاتفاق يسمح له بإجراء دراسات على جسدي مقابل خدماته المختلفة.
“جسدكِ، آنستي… يحتوي على ظاهرة غريبة.”
“ما الأمر؟ هل خيبتُ آمالك؟”
“لا، ليس هذا ما أعنيه… آنستي، الحقيقة هي…”
كانت تلك اللحظة التي اكتشفت فيها أن قوتي السحرية تتسرب من جسدي باستمرار، مثلما يتسرب الهواء من حاوية مغلقة بشكل غير محكم.
‘لم أكن أعلم حينها لأنني كنت صغيرة.’
لم يكن هذا لأنني لا أمتلك طاقة كافية، بل لأن مخزونها كان واسعًا جدًا لدرجة أنه كان يخفي الحقيقة. لكن الآن، حتى ذلك المخزون الهائل بدأ ينفد.
‘يبدو أن شبابي بدأ يهرب مني.’
رغم أنني بالكاد دخلت سن الرشد، فإن هذه الأفكار تحمل سخرية مرة.
“لا تفقدي الأمل، آنستي. سأواصل البحث عن حلول. صحيح أن حالتكِ فريدة ومعقدة، لكنني سأبذل جهدي لأجد طريقة لمنع تسرب السحر من جسدكِ.”
لم أكن وحدي، لقد بذلت جهدًا جنونيًا في البحث أيضًا. بعد كل شيء، لا يمكنني أن أقبل بفقدان حياتي الثانية بهذه السرعة.
لكن رغم كل المعادلات والتجارب، النتيجة كانت دائمًا واحدة. تسرب السحر من جسدي لا يمكن وقفه، وحجر الطاقة لا يقدم سوى حل مؤقت.
‘لكن وجود حل مؤقت أفضل من لا شيء.’
رفعت الحجر إلى أنفي واستنشقت طاقته وكأنها عبير زهرة. بدأت أهدأ شيئًا فشيئًا.
فضلًا عن حجر الطاقة الفاخر الذي وجدناه في منجم الشمال، لا يزال بإمكاني الاستمرار في العيش، وإن كان ذلك بشكل مؤقت.
‘لكن هذا ليس حلًا نهائيًا.’
ابتسمت بسخرية مريرة. هذا السر، الذي حتى عائلتي لا تعرفه، كان حملًا ثقيلًا.
أنا أموت.
ببطء، لكن أسرع مما يجب.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 123"