[أنتِ لا تعرفين شيئًا عن هذا. فقط افعلي ما تقوله عمتكِ.]
كانت الفساتين التي اختارتها لها زوجة عمها إما أشياء وردية مُنتفخة مُغطاة بشرائط، أو أشياء باهتة للغاية وملفوفة بإحكام حتى تبدو خانقة. لقد كانت فظيعة من حيث التصميم، ولكن هناك شيء واحد ثابت، لم يكن أي منهم مناسبًا لهارييت على الإطلاق.
لو كان ذوق زوجة عمها سيئًا، لربما غفرت هارييت لها. لكن من الواضح أن زوجة عمها كانت تتمتع بنظرة ثاقبة في اختيار الملابس والمجوهرات لبيلا.
تمتمت هارييت في نفسها: “كانت لدي شكوك سابقًا، لكنني الآن متأكدة عمتي ألبستني هذا عمدًا.”
كانت هارييت لتكون ممتنة حتى لو ارتدت فستانًا عاديًا لائقًا. بدلاً من ذلك، اشترت لها زوجة عمها ملابس غريبة تركت انطباعًا قويًا حتى بعد ارتدائها مرة واحدة، مما جعل ارتدائها مرة أخرى مستحيلًا. لم تستطع هارييت طلب ملابس جديدة، فتوقفت عن حضور المناسبات. وعندما احتاجت بيلا لمن يُبرز سحرها كانت هارييت تُجرّ كمهرجة لتجعل بيلا تتألق. بالنسبة لبيلا، كانت هارييت مجرد لعبة.
فكرت هارييت: “لكن السؤال الحقيقي كان لماذا كرهتني بيلا إلى هذا الحد؟ كنا قريبتين جدًا، كأخوات حقيقيات. آنذاك، كنتُ أعتقد أن بيلا هي ألطف وأجمل فتاة في العالم. كنتُ أؤمن حقًا أن بيلا تُحبّني كأختها.”
[هارییت انظري. قطفتُ أول وردة أزهرت في الحديقة من أجلكِ تحديدًا.]
بدت بيلا الصغيرة، وهي تحمل وردة حمراء وتبتسم ابتسامة مشرقة، أجمل من الزهرة نفسها. شعرت هارييت بفخر كبير لأن فتاة كهذه كانت ابنة عمها.
لكن هارييت الآن تخلصت من الذكرى المريرة.
فكرت هارييت: “لم أعد لأعيش حياة لا أزال تحت تأثير بيلا. الماضي لن يكون إلّا وقودًا لعزيمتي. بيلا التي عرفتها رحلت. عليّ أن أتركها ترحل. الآن، كان عليّ أن أتعامل مع الشيطان الذي ولد في مكانها.”
كان البازار الخيري في منزل الكونت ليلبورن مليئًا بالناس. كانت الكونتيسة ليلبورن رئيسة جمعية السيدات في كنيسة القديس باولو، وكان هذا الحدث الخيري، الذي كان يهدف إلى جمع الأموال للفقراء، هو المكان المثالي لإظهار التقوى والتعاطف. لكن في الحقيقة، كان الأمر مجرد نزهة اجتماعية مقنعة في صورة حدث خيري.
فكرت هارييت: “لم أكن أدرك أن عائلة ليلبورن لديها حديقة كبيرة كهذه.”
حاولت هارييت ألّا تُظهر دهشتها من المساحة الواسعة المغطاة بالخيام البيضاء.
لم تجرؤ هارييت قط في الماضي على حضور مناسبة كهذه. لم يصطحبها عمها، ولم تتوسل هي أيضًا للذهاب خوفًا من السخرية.
لكن الآن لم يجرؤ أحد على السخرية من هارييت. كانت تحمل في يدها دعوة رسمية موجهة إليها من الكونتيسة فيلون.
“أهلاً سيدة ليلبورن. أنا هارييت ليسترويل أُمثّل الكونتيسة فيلون. التقينا لفترة وجيزة في حفل فاندربيلت.”
“بالطبع أتذكر، تفضلي بالدخول. وصلتني رسالة تخبرني بحضوركِ.”
“طلبت مني الكونتيسة أن أعتذر عن عدم قدرتها على الحضور شخصيًا.”
“يا إلهي وجودكِ هنا يكفي. البضاعة الجيدة في البازار تباع بسرعة، سارعي واحصلي على أي شيء تريدثه هوهوهو.”
ابتسمت هارييت وتبادلت التحية مع الكونتيسة.
في الماضي، كانت هارييت تختبئ في زاوية لا تدري ماذا تفعل. لكن هذه المرة، حالفها الحظ بمعرفة شخص ما.
“لقد مرّ وقت طويل، سيدة آنابيل.”
لقد استقبلتها آنابيل ليتون، التي التي دعتها إلى حفل الشاي من قبل، بحرارة.
“يا إلهي سيدة هارييت هذا الفستان رائع من أين اشتريتيه؟”
أثار هذا الرد تنهدات حسد من السيدات القريبات. امرأة شابة بكفيلة ثرية، وارتقت مكانتها فجأة، قصة تحلم بها بنات النبلاء.
تبادلت هارييت بعض المجاملات الخفيفة، وامتصت ما يكفي من الحسد قبل أن تبدأ في التجول في البازار متظاهرةً بالتصفح، ولكنها في الواقع تبحث عن شخص من المُرجح أن يختار قتالًا معها. كان هدف هارييت اليوم إثارة ضجة لم تكن المحادثات اللطيفة ذات قيمة كبيرة.
ثم رأت هارييت مجموعة من الشابات يلفتن انتباه الحشد.
“هم هناك.”
مع ابتسامة صغيرة، سارت هارييت بهدوء في اتجاههم، فقط بما يكفي ليتم ملاحظتها ولكن ليس بشكل واضح.
“هاه؟ هارييت ليسترويل؟”
كارولين، التي كانت تقف بجوار بيلا مباشرة، رصدتها على الفور.
“شكرًا لكِ يا كارولين. كنتُ أعلم أنكِ لن تفتقديني.”
وبينما ابتسمت هارييت بثقة التفتَ جميع أصدقاء بيلا لينظروا إليها.
تظاهرت هارييت بالدهشة ثم استقبلتهم بابتسامة لطيفة
“يا إلهي، بيلا لقد مرّ وقت طويل. كيف حالكِ؟”
كانت بيلا لا تزال فاتنة الجمال، لكن الدهشة بدت واضحة في عينيها عندما استقبلتها هارييت. سرعان ما أخفت بيلا ذلك بابتسامة ملائكية زائفة.
“هارييت يا إلهي، لقد تغيرتِ كثيرًا لدرجة أنني لم أتعرّف عليكِ.”
“لقد أصبحت بشرتي صافية وصحية، ولكن هل الأمر مختلف إلى هذا الحد؟”
“حسنًا…. لقد كنتِ تعانين من مرض جلدي، أتذكر؟”
من الواضح أن بيلا أرادت تذكير الجميع بماضي هارييت المحرج. لكن هذا بالضبط ما كانت هارييت تأمله.
“هذا صحيح. حتى أن الطبيب قال إنها حالة تستمر مدى الحياة. لكن اتضح أنها لم تكن غير قابلة للشفاء تمامًا.”
اعتذرت هارييت عن تأخرها، وسارت نحو الخيمة الأخرى، وهي تشعر بالعيون تراقبها.
عندما يُقطع الحديث في منتصفه، حتى لو لم تكن مهتمًا من قبل، فإن ذلك يثير فضولك. إضافة إلى ذلك، كانت البشرة الناعمة الصافية معيار الجمال الذي تتمناه كل امرأة نبيلة وشابة. من بين صديقات بیلا، كان هناك من لا يستطعن التوقف عن وضع الماكياج الكثيف بسبب حب الشباب والبثور. لذا، كان من الواضح أنهن يرغبن بشدة لمعرفة ما قصدته هارييت بكلماتها.
وكما هو متوقع، بعد أن غادرت هارييت بدأ أصدقاء بيلا بالهمس.
“كيف أصبحت بشرتها مثالية إلى هذا الحد؟ ألم تقل للتو إن هناك طريقةً لعلاجها؟ ما هي؟”
كانوا فضوليين، لكنهم لم يستطيعوا ببساطة متابعة هارييت والسؤال. كانوا أصدقاء بيلا، وهارييت كانوا يعتبرونها عدوة بيلا.
كانت بيلا مندهشة من تغيير هارييت. حتى بعد سماعها حديث صديقاتها الحماسي، فكرت بيلا: “ما زالت هارييت. ما المشكلة؟ لكن رؤية هارييت شخصيًا اليوم كانت صدمة. لم تظهر على بشرة هارييت أي علامات للطفح الجلدي أو حب الشباب السابق. كيف يمكن أن يحدث هذا بعد كل الجهد الذي بذلتُه لتدمير بشرتها؟”
كانت بيلا تحاول جاهدةً إتلاف بشرة هارييت. بحثت عن الأطعمة التي تُسبّب الحساسية، وأضافتها بذكاء إلى وجبات هارييت. وبعد أن تأكدت من أن الأطعمة الدهنية تُسبّب تفاقم حب الشباب لدى هارییت، حرصت بيلا على أن تكون هارييت تتغذى باللحوم الدهنية والأطعمة المقلية. كان من حسن حظ بيلا أنها اكتشفت مستحضر تجميل يحتوي على مكونات لا تناسب هارييت. لكن بيلا حرصت على ألّا تستخدم هارييت إلّا المنتجات التي تحتوي على هذا المكون بعد ذلك.
صرخت بيلا بصمت: “بعد كل هذا الجهد، هل انتهى كل شيء في عام واحد فقط؟ كيف يُعقل هذا؟ كنتُ أعتقد دائمًا أن هارييت لن تصبح جميلة أبدًا، وأن بشرتها ستظل تحمل ندوب حب الشباب إلى الأبد.”
“لقد أصبحت هارييت جميلة حقًا، أليس كذلك؟”
علق أحدهم بصوت هامس في أذن بيلا، وأعاد إلى الأذهان ذكريات عندما كان الجميع يُركزون على هارييت.
أجبرت بيلا نفسها على الابتسام بشكل مشرق، ونظرت إلى أصدقائها.
“بالمناسبة، جرّبتُ كريم لابوناز الجديد قبل يومين مرطب رائع ورائحته رائعة.”
“كريم لابوناز ؟ سمعتُ أنه نفدت الكمية!”
“حقًا؟ حصلتُ على الكريم كهدية….”
سرعان ما تولّت بيلا زمام المبادرة في الحديث.
أي شيء تستخدمه بيلا كان يلفت الانتباه، خاصةً إذا كان باهض الثمن ويصعب الحصول عليه.
عادت بيلا بمهارة إلى وسط المجموعة وأعطت ابتسامة خجولة لأصدقائها الذين حسدوها، بينما كانت تصرّ على أضراسها سراً من الإحباط.
التعليقات لهذا الفصل " 47"