ظنّت هارييت أنه لن ينظر إليها حتى لكنه على غير المتوقع أدار رأسه نحوها والتقت عيناه بعينيها للحظة كان نظره حادًا إلى درجة أن هارييت شدّت فكّيها ورفعت ذقنها رافضة أن تُظهر أي ضعف ربما لم تستغرق تلك النظرة سوى ثانيتين أو ثلاث لكن بالنسبة لها بدت وكأنها دهر
وما إن خُيّل إليها أن عينيه قد لانت شيئًا حتى تحدث عمها جون بنبرة جادة
”أريد أن أعتذر بإخلاص سأرسل ابنة أخي إلى دير لتتأمل في تصرفاتها وسنقدّم تعويضًا… بأي مبلغ تريده”
اتسعت عينا هارييت من الصدمة
”عـ-عمّي! دير؟”
لكن لم يكترث أحد لدهشتها نظر سيدريك إلى جون الذي انحنى برأسه ثم نقر بلسانه باختصار
”ليس هناك حاجة لذلك مما سمعت يبدو أنه لم تكن هناك نية حقيقية لإهانتي أو إهانة والدي الراحل…”
ثم نظر مرة أخرى إلى هارييت للحظة وجيزة
”ربما بالغتُ في ردة فعلي قليلاً”
استرخى كتفا جون قليلًا بارتياح وأدار سيدريك ظهره وكأن هارييت وعائلة ليسترويل لم يعودوا يهمونه على الإطلاق
”آمل فقط ألا نلتقي مجددًا في مثل هذه الظروف”
”بالطبع شكرًا على تسامحك”
انحنى جون مرة أخرى بانحناءة عميقة لكن سيدريك لم يلتفت إليه حتى بل عاد إلى موقعه الأصلي وما إن انتهت هذه المهزلة حتى تفرّق الحشد الذي تجمع من حولهم واستؤنف الحفل وكأن شيئًا لم يكن
غير أن كابوس هارييت لم يكن قد انتهى بعد
”هارييت! عودي إلى المنزل فورًا ومهما سألكِ أحد لا تفتحي فمكِ!”
”لكن عمّي أنا——”
”أتريدين الجدال هنا؟ كم من الإحراج تريدين أن تسبّبي لي بعد؟”
انكمشت هارييت عند صراخ عمها الرجل الذي بيده مصيرها ووليّ أمرها وأقرب عائلتها لم يكن من الحكمة أن تغضبه أكثر
”…سأعود الآن”
انحنت هارييت برأسها وتراجعت ببطء كانت قد حققت هدفها الأصلي بمغادرة الحفل مبكرًا لكن هذه لم تكن الطريقة التي أرادتها هبّت نسمة ربيع معطّرة بعبق الزهور على مؤخرة عنقها لكنها لم تشعر بشيئ
⸻
”فلتقضي عامًا في دير سانت كلاريسا”
”ماذا؟”
اتسعت عينا هارييت بصدمة
”أنا أقول هذا لمصلحتكِ بحلول ذلك الوقت سيكون الجميع قد نسي ما حدث”
”عـ-عمي!”
”أنتِ بحاجة إلى الزواج هارييت وفي الوضع الحالي لن يتقدم لكِ أحد ولن تُدعى حتى إلى الحفلات!”
كان جون يصدر قرارًا يُلغي عامًا كاملًا من حياتها وكأنه لا شيئ
هزّت هارييت رأسها بقوة
”عمّي لقد شرحت كل شيئ سابقًا لم أسرق بروش الدوق لم أجده حتى لقد كان مُعلّقًا بثوبي وعلّقته على صدري كما اقترحت بيلّا كان هناك أكثر من شاهد!”
عندما شرحت ما جرى بهدوء بعد الحفل بدا أن جون قد استمع لها جيدًا فظنّت أن سوء الفهم قد زال إذًا لماذا كانت النتيجة أنه لا بد أن تذهب إلى الدير؟ ولمدة عام كامل؟
تعلقت هارييت بالأمل وحاولت إقناعه مجددًا لكن جون أطلق زفرة غاضبة وضرب كفّه على المكتب
”الحقيقة لا تهم! إن أغضبنا عائلة الدوق في هذه المرحلة انتهى أمرنا ولماذا كان عليه أن يكون تذكارًا من الدوق الراحل تحديدًا ؟”
”أقول لك إنه لم يكن خطئي!”
”آه هارييت…”
خفّت نبرة جون ونادى صوتُه باسمها برقة وكانت تعرف ما الذي يتبع ذلك دائمًا لم يكن أمرًا جيدًا أبدًا
”هل يمكنكِ الآن الذهاب إلى قصر الدوق وجعل سيدريك كايلاس يشعر بتحسّن ؟ هل يمكنكِ البقاء في العاصمة وإنهاء كل الشائعات السيئة عنكِ ؟”
”هذا…”
”عام واحد ليس بثمن كبير إن اختفيتِ عن الأنظار سيفقد الناس اهتمامهم بكِ ومع مرور الوقت قد يأتيكِ عرض زواج هذا أمر محتمل تمامًا”
كان صوته ناعمًا ومقنعًا لكنه كان ثقيلًا على كاهل هارييت فإن رفضت وهي ترى أن عمها يُظهر “طيبة” لها ستبدو كأنها جاحدة أنانية
”إذًا فقط افعلي ما أقوله أنا أفهم أن موقفكِ ونحن نتحمّل جزءًا من المسؤولية لذا عندما تتزوجين سأمنحكِ مهرًا سخيًا لن يكون المهر فقط سأجعل أشهر مصمّم يصنع لكِ فستانكِ وسأحرص على أن تحصلي على مجوهرات وفيرة”
”أأنت… جاد؟”
”بالطبع! هل تظنين أنني سأنسى ما فعلته من أجل بيلّا؟”
ضحك جون ضحكة ودودة وبدت ملامحه لطيفة وكأن الرجل الذي كان يصرخ قبل قليل قد اختفى تمامًا ثم تراخت كتفا هارييت وأومأت برأسها
’في النهاية لا أستطيع رفض ما قرّره عمي وإن كنت قد ضمنتُ وعده بالمهر والمجوهرات فهذا إنجاز يُحسب لي’
كانت يداها المتشابكتان مبللتين بالعرق لكنها حاولت أن تواسي نفسها
”…حسنًا”
”قرار جيد ستصلكِ رسالة من الدير قريبًا وحتى ذلك الحين لا تذهبي إلى أي مكان وابدئي بتوضيب أغراضكِ لا داعي لحمل الكثير من الثياب أو المجوهرات فأنتِ سترتدين رداء الراهبات هناك”
لم تجادله في أوامره الفارغة فما الفائدة من إضافة مزيد من البؤس إلى ما يغمرها بالفعل ؟
⸻
”ماذا قالت هارييت؟”
”وماذا عساها تقول ؟ ستفعل ما أطلبه منها فقط”
ردّ جون وهو يغرز شوكة الطعام في قطعة لحم سميكة لكن قبل أن يرفعها إلى فمه وجّه إلى بيلّا نظرة حادة
”لكن بيلّا لقد تجاوزتِ الحدود هذه المرة كدنا نتورط في الفضيحة بأنفسنا”
”هل تظن أنها كانت تعلم أن البروش كان تذكارًا من الدوق الراحل ؟ على أي حال لقد نجحنا في التخلص من هارييت والهدف تحقق”
”أبي لقد سارت الأمور بشكل جيد في الواقع بما أنه كان شيئًا مهمًا فلن يظن أحد أن إرسالها إلى الدير غريب”
وحين أبدى أستون اتفاقه مع بيلّا توقف جون عن لومها فكل ما جرى كان من تخطيطه مع بيلّا أصلًا
”بابا! دعنا نصطحب هارييت إلى الحفل القادم”
”هي ؟ ولماذا ؟”
”ألم تقل إنك تريد التخلص منها ؟”
”فلماذا نأخذها إلى الحفل إذًا ؟ هذا الحفل مهم جدًّا !”
”لديّ خطة قد تشعر ببعض الإحراج لكن في النهاية سيتعاطف الناس معك لذا عليك أن تتحمّله”
تردد جون للحظة حين قالت ابنته المدللة “قد تشعر ببعض الإحراج”
لكن فكرة استغلال موضة “بروشات الاعتراف” السائدة لتكوين ذريعة لإرسال هارييت إلى الدير بدت له جيدة جدًا
’لقد حان وقت التخلص من هارييت على أية حال’
كانت بيلّا قد بلغت الحادية والعشرين من عمرها وبجمالها الرائع وشخصيتها الوديعة العذبة بدأت تتلقى عروض زواج جيدة مؤخرًا وبالطبع لم يكن جون راضيًا عنها تمامًا لكن الوقت قد حان للاستعداد الجدي لزواجها
ولهذا كان لا بد من إبعاد هارييت التي طالما كانت الفتاة التي تُنظف فوضى بيلّا عن العاصمة
”كان سيكون أفضل لو كانت على ذلك القارب يومها”
تنهد جون وتمتم كانت هارييت الابنة الوحيدة لأخيه الأكبر وزوجته اللذين لقيا حتفهما في حادث قارب ورغم أنه لطالما تصرف كعمٍّ عطوف إلا أنه لم يشعر قط بأي مودة حقيقية نحوها
لو لم يكن شقيقه وزوجته لطيفين معه إلى ذلك الحد أو لو لم يكن من السيئ اجتماعيًا التخلي عن يتيمة لكان قد أرسل هارييت إلى ميتم منذ زمن بعيد
”صحيح لو حدث ذلك لما كنّا نتعامل مع هذا الصداع الآن”
أجابت بيلّا وضحكت والدتها ميريام بهدوء إلى جانبها
”مع ذلك عليكِ أن تشعري ببعض الشفقة تجاهها لقد ساعدتكِ في بعض المواقف المحرجة”
”أمي أأنتِ جادة ؟”
”أقصد فقط أن تكوني أكثر حذرًا من الآن فصاعدًا حان الوقت للتركيز على إيجاد زواج جيد لكِ”
”لا تقلقي بعد هذه الحادثة أصبح لديّ رابط مع دوق كايلاس من يدري ؟ ربما أصبح دوقة”
لم يكن في صوت بيلّا أي أثر للندم بل فقط الحماسة أما عائلة ليسترويل فلم تنظر إليها سوى بعين الحب والفخر بالنسبة لهم كانت بيلّا جوهرة ثمينة ستحملهم إلى مرتبة أعلى في المجتمع
”بالطبع! لا توجد فتاة بجمال بيلّا!”
”صحيح أراهن أن الدوق قد سُحر بها! علينا أن نعرف الحفلات التي سيحضرها ونتأكد من وجود بيلّا فيها”
ابتسم الوالدان بينما يتخيلان مستقبلًا تصبح فيه بيلّا زوجة الدوق “أصهار دوق”… يا له من حلم جميل!
”بالمناسبة كيف حصلتِ على ذلك البروش ؟ أما زلتِ ترفضين إخباري؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"