لقد كانت نصيحة تريشا صحيحة. ومن حسن الحظ أن هارييت تذكرت الأغنية التي غنّتها الكونتيسة في منزل الفيكونت أينسبورو قبل ثلاث سنوات.
بدا أن هارييت تجاوزت العقبة الأولى بنجاح. وكان التعبير المشرق على وجه الكونتيسة، كما كان عندما حيت تريشا دليلاً على ذلك.
بالطبع، مجرد دخول الحفلة بسلاسة لا يعني انتهاء تحدّيات الليلة. في الواقع كانت الأمور قد بدأت للتو. انظروا كيف امتلأت وجوه من تعرفوا على هارييت بالصدمة.
“هارييت ليسترويل؟ هل هذه هي حقًا؟”
“كنتُ أتساءل من تكون، وهي في الحقيقة هارييت ليسترويل لم أتعرف عليها لأن طفحها الجلدي قد زال.”
“هاه… هل كانت دائمًا جميلة هكذا؟”
“لا بأس، انظروا إلى من جاءت برفقتها.”
“يُقال إن الكونتيسة فيلون هي رفيقتها.”
سرعان ما انتشرت الهمسات التي بدأت هنا وهناك بين الناس، وسرعان ما لفتت أنظار الجميع نحو هارييت. شعرها الكستنائي الناعم المموج، وشفتيها الحمراوين الرطبتين، وأظافرها المصقولة بعناية، وبشرتها البيضاء الصحية المتوهجة. لقد اختفت المرأة التي كانت تُسمى القبيحة، وفي مكانها وقفت سيدة يمكن أن تكون الزهرة الجديدة للمجتمع الراقي.
تقدّم رجل لم يكن يعلم حتى أنها هارييت ليسترويل وطلب منها الرقص.
“سررتُ بلقائكِ يا آنسة. اسمي آدم هوفنر. أعلم أنه قد يكون من الوقاحة سؤال سيدة وصلت للتو، لكنني لم أُرِد أن أُضيّع فرصتي مع شخص آخر. هل لي أن أتشرّف بأن أكون شريككِ الأول في الرقص؟”
آخر مرة تلقّت فيها هارييت طلب رقص كانت عندما ظهرت لأول مرة في حفل راقص مع بيلا في سن الخامسة عشرة، حيث كانت تتناوب مع شبان آخرين. لكنها لم تكن تشعر بسعادة أو انفعال كبيرين آنذاك.
فكرت هارييت: “أليس هذا الرجل من أتباع بيلا؟”
كان هذا هو نفس الرجل الذي اعتاد أن يمتدح بيلا، قائلاً إن الجمال الحقيقي يكمن في البشرة الخالية من العيوب وكان ينظر دائمًا إلى هارييت المغطاة بالطفح الجلدي، باشمئزاز.
[من يرغب بالرقص معها؟ أمر مقزز. قد تصاب بمرض جلدي]
نعم لقد قال ذلك في إحدى المرات. الآن، كان نفس الرجل يحمر خجلاً عندما طلب من هارييت الرقص، ولم يتعرّف عليها لأن طفحها الجلدي قد اختفى.
نظرت هارييت إلى يده الممدودة، ثم، نظرت إليه وسألته.
“ألَا تشعر بالقلق من أن تُصاب بمرض جلدي؟”
“عفوًا؟”
“أنا هارييت ليسترويل. كنتَ تخاف حتى من لمسي.”
“أوه… هارييت، ليسترويل…؟”
عندما رأت هارييت تعبيره المضطرب، ابتسمت له ابتسامة حلوة واستدارت بعيدًا.
لم تكن هارييت تكن أي مشاعر تجاه ذلك الرجل، لكن كانت هناك امرأة تكن له مشاعرًا، امرأة شهدت للتو الرجل الذي تُعجب به يُهان.
اقتربت المرأة بسرعة من هارييت وصوتها يقطر سخرية.
“لقد مرّ وقت طويل يا آنسة هارييت. أعتقد أنه من عام تقريبًا منذ آخر مرة رأيتكِ فيها. ماذا كنتِ تفعلين؟”
كان الجميع يعلمون أن هارييت قد أُرسلت إلى دير، لذا كان السؤال واضحًا أنه يهدف إلى إحراجها.
لكن هارييت ابتسمت بمرح.
“قضيتُ العام الماضي أتأمل في أفعالي وأعيش حياة نقيةً، متبعةً تعاليم الله في دير القديسة كلاريسا. كنتُ متوترة بعض الشيء بشأن عودتي إلى جنوا، لذا شكرًا لكِ على التحدث معي أولًا. بالمناسبة، اسمكِ…؟”
رد هارييت الهادئ بعيدًا عن الإحراج المتوقع، ترك المرأة التي تحدثت إليها في حالة من الارتباك. وحقيقة أن هارييت لم تكن تعرف حتى اسمها، مع أنها تعرف اسمها بوضوح،وبدت وكأنها هزيمة خفية.
“أنا فيفيانا ديلروس. التقينا عدة مرات. من المدهش أنكِ لا تتذكرين.”
“آه، أنا آسفة. لقد التقينا، ولكن لم يتم تقديمي إليكِ بشكل صحيح.”
لم يكن لدى فيفيانا أي رد على ذلك.
صحيح أنهما لم يتعرفا رسميًا قط، وكل ما تعرفه فيفيانا عن هارييت جاءها من بيلا.
وبينما كانت فيفيانا تتعثر، قرّرت شابة أخرى بجانبها الهجوم عليها بشكل أكثر مباشرة.
“هل تدركين كم عانت بيلا بسبب إهانة اسم عائلتها؟”
للحظة انتاب هارييت شعور بالغضب. أرادت أن تصرخ قائلةً إنها ليست من شوّهت اسم العائلة، بل بيلا. لم تكن حادثة البروش مع الدوق كايلاس من فعلها.
لكن إذا فقدت هارييت أعصابها الآن، فسيكون ذلك بمثابة الاعتراف بالهزيمة.
لذلك، بدلاً من ذلك، تركت هارييت حواجبها تتدلى قليلاً وأمالت رأسها.
“أنا نادمة جدًا على أفعالي السابقة. لقد قطع عمي وصايتي، لذا ما كان ينبغي لبيلا أن تواجه أي مشاكل أخرى بسببي بعد ذلك.”
رغم أن هارييت تحدّثت عن ندمها، إلّا أن تعبيرها لم يظهر أي ندم حقيقي.
في اللحظة التي فتحت فيها الشابة فمها للنقاش، أضافت هارييت.
“ويبدو أن بيلا بخير. سمعتُ أنها مع الابن الأكبر لكونت تشيسلو.”
عند هذا، تبادلت صديقتا بيلا النظرات لبعضهما البعض للحظة، في حالة من عدم الارتياح.
كان ارتباط بيلا بجيمس، خطيب دافني صدمة كبيرة، حتى لهم. ففي النهاية، لم تُصدّقا أن ملاكًا مثل بيلا ستقبل عاطفة رجل لديه خطيبة بالفعل. لكنهما ما زالتا تؤمنان ببراءة بيلا.
“كانت العلاقة بين السيدة لوريل واللورد تشيسلو تنهار بالفعل!”
“صحيح كان اللورد تشيسلو مخلصًا لبيلا لدرجة أنها لم تجد خيارًا سوى قبوله.”
عندما رأت دفاعهما الشرس عن بيلا، هزّت هارييت كتفيها كما لو أنها لم تفهم.
“من قال غير ذلك؟ كنتُ أقول فقط إنها وجدت شريكًا مناسبًا.”
حينها فقط أدركتا أنهما أفشتا معلومات أكثر مما ينبغي. احمرّت وجوههما حين أدركا مدى سخافة كلامهما.
ابتسمت هارييت بخفة لهما، وهي تعلم أنهما لم يصبحا بعد أصدقاء بيلا الحقيقيين.
“يبدو أن بيلا ليست هنا الليلة. أرجو أن تبلغوها تحياتي. حسنًا، سأغادر.”
بعد ذلك، اعتذرت هارييت بأدب وغادرت المكان.
شعرت كلتاهما بالصدمة والذهول تمامًا من التغيير الجذري في سلوك هارييت.
“في الماضي كانت هارييت تنكر اتهاماتهم دون أن تقدم دفاعًا مناسبًا، أما الآن فقد اعترفت بماضيها ومع ذلك شعرتُ بطريقة ما، بأنها انتصرت.”
“لقد تغيّرت تمامًا. من الأفضل أن نخبر بيلا بهذا”
“نعم؟ أوه، نعم، يجب علينا ذلك.”
لم تستطع كلتاهما سوى الإمساك بمروحتيهما بإحكام والانعطاف.
ومع ذلك، لم تستطع فيفيانا التخلص من فضولها حول كيف أصبحت هارييت التي عانت سابقًا من حب الشباب، تتمتع الآن ببشرة صافية كهذه. ففي النهاية، كان حب الشباب العنيد الذي تعاني منه فيفيانا هو نفسه أحد أسباب عدم تمكنها من الاقتراب من آدم هوفنر.
بعد انتهاء صراعها الصغير على السلطة مع أصدقاء بيلا، تعرّفت هارييت على شخصيات مرموقة من الطبقة الراقية بفضل تريشا. على عكس أصدقاء بيلا غير الناضجين، كان هؤلاء الأشخاص هم من يملكون الثروة والسلطة في الإمبراطورية.
“قد يكون من الصعب تذكر جميع أسمائهم دفعة واحدة، لكن ابذلي قصارى جهدكِ. هناك فرق كبير بين تذكر أسمائهم عند لقائهم مجددًا وبين عدم القدرة على ذلك.”
“حتى لو كان الأمر سيئًا، فالجميع يعرفكِ. وهذا، في بعض النواحي، ميزة قيّمة.”
لم تفكر هارييت في الأمر بهذه الطريقة من قبل: “هذا صحيح الجميع يعرفني. ربما أستطيع استغلال سمعتي لمصلحتي بطريقة ما.”
مع أنها لم تكن لديها أفكار محددة بعد، إلّا أن هارييت بدت وكأنها شيء يمكنها استغلاله يومًا ما.
بالنسبة لحفل الليلة، كان هدف هارييت هو مقابلة أكبر عدد ممكن من الأشخاص وإعطاء الانطباع بأن: “هارييت ليسترويل تحولت إلى حالة جيدة بشكل مدهش.”
على الرغم من أن تريشا كانت رفيقتها، إلّا أنها كانت لديها معارف أكثر بكثير من هارييت، لذلك لم تتمكن من البقاء بجانبها طوال الوقت. بعد توديع تريشا لأصدقائها، انتبهت هارييت للعيون التي تُحدّق بها، فتوجهت نحو طاولة المشروبات. كانت ثروة عائلة فاندربيلت واضحة من خلال الاستخدام السخي للثلج الباهظ الثمن.
فكرت هارييت: “يجب أن أُحاول بدء محادثة مع شخص يبدو لائقًا.”
لم يكن موضوع المحادثة مهمًا حقًا. كل ما كان عليها فعله هو إثبات قدرة هارييت ليسترويل على إجراء محادثة طبيعية.
كانت هارييت ترتشف مشروبها، بينما كانت تفحص الحشد بحثًا عن شريك مناسب للمحادثة، شخص لن يبتعد بنظرة غاضبة لمجرد أن هارييت ليسترويل اقتربت منه. ثم، رصدت شخصًا بدا وكأنه خيار جيد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات