سارع جون إلى بيريلاس في ذلك اليوم، وبالكاد تمكن من مقابلة مدير البنك قبيل إغلاقه. ولكن ما إن شعر بالارتياح حتى رفض مدير بنك أسيتي استلام وثيقة نقل الملكية.
“لتغيير المُلكية، يجب أولاً تأكيد إعادة الأرض. ويجب على الشخص المذكور اسمه في الوثيقة الحضور شخصيًا للتوقيع على تأكيد الإعادة، طالما أنه لا يزال على قيد الحياة. وقد أوضحنا ذلك بوضوح في الرسالة.”
“هيا، هل من الضروري حقًا اتباع هذه الإجراءات الصارمة؟ وقّعَت على هذه الوثيقة التي تفيد بنقل المُلكية. ألَا يمكنكَ التحلي ببعض المرونة؟”
لكن مدير البنك هز رأسه.
“أنا آسف، ولكن بالنسبة للأصول الكبيرة مثل هذه، يجب أن يأتي الشخص بنفسه. لا يوجد استثناء.”
“أقول لكَ هارييت لا تستطيع المجيء إلى هنا الآن!”
“يمكننا الانتظار ما دام ذلك ضروريًا. في هذه الأثناء، سنحتفظ بجميع أرباح الأرض دون إنفاق فلس واحد. نرجو من الآنسة هارييت ليسترويل زيارتنا شخصيًا لتوقيع تأكيد الإرجاع.”
وأمام موقف مدير البنك الحازم، لم يكن أمام جون خيار سوى مغادرة البنك خالي الوفاض.
محبطا، قاد جون عربته مباشرة نحو دير القديسة كلاريسا. لحسن الحظ، كان بيريلاس على الطريق المؤدي إلى الدير فوصل قبل غروب الشمس. شعر جون باليأس، فطرق باب الدير بيديه العاريتين بعنف.
وبعد فترة من الوقت انفتحت نافذة صغيرة على الباب، وسألت راهبة بنظرة حادة.
“من أنتَ؟”
“أنا اللورد ليسترويل، وأنا هنا لرؤية شخص ما.”
“هذا دير خاص بالنساء فقط، والزيارات مسموحة فقط بين الساعة الحادية عشرة صباحًا والخامسة مساءً. كما يجب عليكَ تقديم طلب مسبق. يرجى العودة غدًا.”
أمسك جون النافذة بقوة قبل أن تتمكن من الإغلاق.
“أخرجي رئيسة الدير من هنا. كيف تجرؤ راهبة وضيعة على مخاطبتي بهذه الطريقة.”
في العادة، لم يكن جون ليتخلى عن مظهره اللطيف، ولكن بعد أن أمضى اليوم كله في العربة ولم تسير الأمور في طريقه، ثار غضبه.
شعرت إيما الراهبة عند البوابة، هي الأخرى بغضب عارم. فكرت: “إذا كان هذا هو اللورد ليسترويل، فهو من أرسل هارييت إلى هنا ثم قطع وصايته عنها فجأةً. لماذا يبحث عنها الآن؟”
“مهما قلتَ لن يُغيّر ذلك قواعد الدير. يُرجى المغادرة.”
عندها، بدأ جون يصرخ بالشتائم ويركل الباب. وسرعان ما وصلت الضجة إلى كاثرين، التي هرعت بنظرة منزعجة. دفعت إيما الغاضبة برفق إلى الخلف وفتحت باب الدير.
“ماذا تعنين أن هذا مستحيل؟”
سأل جون بصوت عالٍ وهو يشعر بالانتصار.
حدّقت به کاثرین ببرود وسألته بصوت حازم.
“أنا الراهبة كاثرين إميلوسا ما كل هذا الضجيج في هذه الساعة؟”
أمام حضور كاثرين القوي وصوتها الثابت تراجع جون بسرعة.
ورغم صغر حجم الدير وضعف نفوذه، إلّا أن رئيسة الدير لا تزال تتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع الديني. لم تبدو كاثرين شخصًا سيتسامح مع سلوكه بهدوء.
“أوه، أنتِ رئيسة الدير. كانت تلك الراهبة عنيدةً جدًا؛ فقدتُ أعصابي. أنا هنا في مهمة عاجلة.”
“أنتَ من بين جميع الناس، تعلم أن الحضور إلى هنا دون موعد في هذا الوقت وقاحة لا تُصدّق. ما مدى إلحاح أمرك ؟”
“هذه مسألة عائلية خاصة، لذا لا أستطيع شرح كل التفاصيل. لكنها مهمة جدًا، ويجب أن آخذ هارييت معي.”
كان عذر جون، الذي قال فيه إنه يحتاج إلى اصطحاب هارييت ولكنه لم يُكلف نفسه عناء إجراء ترتيبات مسبقة، غير مقبول.
عندما رأت كاثرين سلوكه الفظ، شعرت أن كل ما أخبرتها به هارييت عن حياتها مع عائلة ليسترويل كان صحيحًا. لم تستطع إلّا أن تبتسم ابتسامة خفيفة.
“لماذا تبحث عن هارييت هنا؟”
“ماذا تقصدين بلماذا؟ إنها هنا، أليس كذلك؟”
“عمّ تتحدّث؟ هارييت ليسترويل غادرت إلى جنوا منذ فترة.”
“ماذا؟”
اتّسعت عينا جون من الصدمة.
ابتسمت كاثرين، وهي تشعر الآن بسعادة غامرة، وقالت.
“أنهَت الآنسة هارييت ليسترويل عامها الرهباني كما طُلب منها في البداية، وغادرت في الأول من يونيو. يا إلهي! بما أنكَ أنهيتَ وصايتكَ، فربما لم تكن تعلم. لم يعد علينا أي التزام بالإبلاغ إليكَ يا لورد.”
“ماذا، ماذا…. إذًا إلى أين ذهبَت؟”
“سمعتُ فقط أنها ذاهبة إلى جنوا. أعتقد أنكَ تعرف عن وضع جنوا أكثر مني يا لورد.”
قبض جون قبضتيه بقوة، يرتجف غضبًا وفكر: “لم أتخيل أن هارييت ستغادر الدير، خاصةً بعد أن رفعتُ الوصاية عنها. لم تكن تملك مالًا، فماذا كان بإمكانها الاعتماد عليه للمغادرة؟”
كان هناك شعور بعدم الارتياح يتسلل إلى عمود جون الفقري.
“إذا انتهيتَ من عملكَ، فتوقف عن إثارة المشاكل وارحل. لن أتحمّل المزيد من هذا.”
مع نظرة كاثرين الحادة المليئة بالعداء لم يكن أمام جون خيار سوى الالتفاف والمغادرة.
“لقد أصبح هذا الأمر مزعجًا. يمكنني العثور عليها بسهولة لو وظفتُ شخصًا، لكن هذا سيكلفني مالًا… تسك.”
طقطق جون لسانه وهو يصعد إلى عربته.
لكن في النهاية، لم يكن على جون إنفاق ذلك المال، لأنه وجد هارييت قبل أن تتاح له فرصة توظيف أي شخص.
نظرت هارييت في صمت لقيمة ما كانت ترتديه، فستانها الحريري الأخضر الداكن، وقلادة الزمرد المعلقة على عظمة الترقوة، وأقراط الكوارتز المتدلية. حتى بيلا لم تكن تمتلك فساتين أو مجوهرات فاخرة كهذه.
“هل أنتِ مستعدة، هارييت؟”
سألت تريشا قبل أن تخرجا من العربة.
بصراحة، كان قلب هارييت يخفق بشدة حتى شعرت أنها على وشك التقيؤ.
لكن هارييت ابتلعت ريقها وأومأت برأسها.
فكرت هارييت: “لقد بدأتُ بالفعل في السير على الطريق دون أي فرصة للعودة، لذلك لم يكن هناك مجال للضعف الآن.”
“إذًا دعينا نذهب.”
خرجت هارییت خلف تريشا من العربة. عندما فُتح الباب، كان الهواء أبرد بكثير مما كان عليه خلال النهار. امتزجت رائحة الزهور والعشب مع زقزقة الحشرات، مما أضاف أجواء صيفية ساحرة.
“أهلاً وسهلاً. هل يمكنني رؤية دعوتكما من فضلك؟”
تقدّم خادم من ضيعة فاندربيلت، وتفقّد دعوتهما، وأرشدهما بأدب إلى الداخل.
لم تستطع هارييت التخلص من شعورها بأن الخادم نفسه كان يختلس النظرات إليها.
تمتمت هارييت في نفسها: “أنا الماس، أنا الماس، أنا…”
كرّرت هارييت المانترا التي كانت تمارسها أثناء استعدادها لهذه الليلة. قالت لنفسها إنها جوهرة، وأن كل التجارب ما هي إلّا اختبارات لإثبات قوتها، وأن أي كلمات قاسية ما هي إلّا نابعة من الغيرة.
تمتمت هارييت لنفسها: “لا أحد يستطيع کسري.”
تخيلت هارييت نفسها كالماسة اللامعة التي تعكس الضوء من جميع الاتجاهات. رفعت ذقنها ونظرت إلى الأمام مباشرة.
كانت الغرفة مضاءة بنور ساطع، تعج بنساء يرتدين فساتين فاخرة ورجال يرتدون بدلات أنيقة. بدا وكأن أعينهم جميعها مُسلّطة عليها.
وبعد قليل، اقتربت مضيفة الحفل الكونتيسة فاندربيلت من تريشا وسلّمت عليها.
“أهلاً بكِ يا كونتيسة فيلون سعدتُ جداً عندما تلقّيتُ ردكِ بالحضور.”
“شكرًا لدعوتي. آه، هذه ابنة أختي الكبرى، هارييت. سأرافقها الليلة. هارييت من فضلكِ، رحّبي بالكونتيسة فاندربيلت، ديانا فاندربيلت.”
تحولت نظرة الكونتيسة تلقائيًا إلى هارييت الواقفة خلف تريشا. من الواضح أنها لم تتعرف عليها إطلاقًا.
بابتسامة لطيفة، انحنت هارييت قليلًا.
“سررتُ بلقائكِ يا كونتيسة فاندربيلت. أنا هارييت ليسترويل. سمعتُ أنكِ تُقيمين حفلات رائعة، وأنا متحمسة جدًا لهذه الليلة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات