عند سماع كلمات تريشا، تغيّر تعبير وجه هارييت قليلّا.
“إذا كنتِ تتحدّثين عن الحياة في منزل عمي، نعم، لقد مررتُ ببعض الصعوبات.”
كان رد هارييت جريئًا بعض الشيء.
أطلقت تريشا ضحكة خفيفة وفكرت: “وكما هو متوقع، لم تكن حفيدة أختي شخصًا عاديًا. لقد بدت ذكية جدًا حتى عندما كانت طفلة.”
لا تزال تريشا تتذكر الوقت الذي مرّ عليه 13 عامًا عندما جاءت عائلة آرثر لزيارة زوجها المريض. في ذلك الوقت، قدم آرثر وليليان تعازيهما ودعمهما بصدق، وكانت هارييت التي كانت تبلغ من العمر تسعة سنوات، مهذبة وجميلة في نفس الوقت.
[عمتي، هذا حجر جالب للحظ. وجدته قبل عامين، ومنذ ٱن التقطته، لم يحدث لي إلّا كل خير]
[حقًا؟ انه حجر جميل]
[سأعطيه لكِ عمتي]
[همم؟ لابد إنه ثمين بالنسبة لكِ، فلماذا تعطيني إياه؟]
في تلك اللحظة، ألقت هارييت نظرة خاطفة على زوج تريشا، أوستر، الذي كان يمسك بيد آرثر وليليان، ثم التفتت هارييت الى تريشا.
[سأمنحكِ كل حظي، أتمنى حقًا أن يتعافى عمي الأكبر]
للحظة لم تعرف تريشا ماذا تقول. لكن هارييت الصغيرة، وكأنها فهمت شيئًا ما، وضعت الحجر في يد تريشا.
[حتى لو لم ينقذ حظي عمي الأكبر، على الاقل سيحدث لكِ شيء جيد. إنه حقًا حجر حظ، أنا لا أكذب]
ربما هذا هو السبب. على الرغم من اعتقاد تريشا إنها ستصبح عاجزة بعد وفاة زوجها، إلّا ٱنها انتهى بها الأمر الى أن تصبح رئيسة عائلة فيلون، مُتبعة وصيته. وبعد ذلك، وبينما كانت مشغولة بإدارة شؤون الاسرة، وصلها خبر وفاة آرثر وليليان… لسنوات، انقطعت علاقتها بهارييت، التي قيل إنها كانت تعيش مع عائلة جون، لم يظهر اسم هارييت إلّا قبل ثلاث أو أربع سنوات، ولم يكن ذلك في ظروف مشرفة.
فكرت تريشا: “ألم يكونوا يطلقون عليها صانعة الفضائح الوقحة؟”
رأت تريشا هارييت، ذات التسع سنوات، في المرأة الناضجة الجالسة أمامها، والتي نظرت اليها مباشرة. كان الذكاء الذي كان في تلك العيون البُنيّة لا يزال موجودًا. لكن حتى بعد تبادل عدة رسائل، لم تُقدّم هارييت أي تفسير للشائعات المحيطة بها.
روكسانا التي أمضت مع هارييت خمسة أشهر، لم تسمع عنها شيئًا. قالت روكسانا لتريشا.
[لا يبدو إنها تعتقد إنها ارتكبت أي خطأ، سواء كان ذلك إنها لم ترتكب أي خطأ حقًا، أو لأنها ببساطة وقحة، لستُ متأكدة]
على الرغم من أن تريشا شعرت إنها تفهم الوضع، إلا إنها سألت، فقط لترى.
“لماذا لا تخبريني قليلًا عن تلك المصاعب؟ كل ما سمعتهُ عنكِ هو إنكِ تظاهرتِ بإنكِ ابنة عمكِ بيلا لإغواء الرجال.”
كما هو متوقع، أصبح تعبير هارييت شاحبًا، لكن لم يبدو انها تخفي شيئًا.
“هناك الكثير مما أود قوله. كل ما فيه غير صحيح. لم أفعل أيًا من ذلك.”
“حقًا؟”
“لكن الآن، مهما قلتُ، سيبدو الامر وكأنه عذر من طرف واحد. لذا…”
ومض بريق حاد في عيني هارييت.
“من فضلكِ، انتهبي لما أفعله من الآن فصاعدًا. عندما تُقرّرين إنكِ تستطيعين الوثوق بي، إساليني مجددًا. حينها، سأخبركِ بكل شيء.”
كانت تريشا متأكدة من انها لم تتخيل ذلك، فكرت: “كانت هارييت حادة الذكاء وذات إدراك عالٍ كما كانت دائمًا، وقادرة على قراءة أفكار ومشاعر الآخرين. لابد أن يكون هناك سبب وراء دفع فتاة كهذه الى حد السخرية العامة.”
“أنتِ جريئة.”
“ٱذا كان هذا يبدو وكأنه عدم احترام، فانا أعتذر.”
“لا، قصدتُ إنكِ حكيمة جدًا، اذا استمررتِ في التعامل مع الامور بهذه الطريقة، فقد لا يكون لدي ما يدعو للقلق. لكن…”
خفّت نبرة تريشا، مما يوحي بأن لديها ما تنتقده، توتّرت هارييت عندما عبّست تريشا ونظرت اليها.
رفعت تريشا اصبعها السبابة وأشارت لأعلى ولأسفل الى ملابس هارييت.
“لكننا بحاجة الى القيام بشيء ما بشأن مظهركِ.”
“آه؟ أوه.”
نظرت هارييت الى نفسها وشعرت بحرقة في اذنيها من الخجل.
كانت هارييت تعتقد أن ملابسها بسيطة وأنيقة، ولكن الآن وقد رأت ذلك من خلال عيني تريشا، أدركت إنها تبدو وكأنها نبيلة ساقطة قادمة من الريف. كانت هارييت تعلم إنها ستحتاج الى ملابس جديدة في نهاية المطاف. لكن بما إنها لا تملك الكثير من المال، كان عليها أن تختار بعناية.
بدأت هارييت في شرح خطتها.
“في الوقت الحالي، اعتقدتُ بأنني سأراقب اتجاهات المجتمع قليلًا، ثم أقوم بتصميم ملابسي وفقًا لذلك…”
“ما هذا الشيء المضحك الذي تقوليه؟”
لكن رغم كلماتها، لم يبد تعبير تريشا أي استمتاع. ابتلعت هارييت ريقها بتوتر.
“قلتُ لكِ بوضوح تام، أليس كذلك؟ لن أتسامح مع أي شيء يشوّه سمعتي.”
“نعم.”
“بمجرد أن يُعرف أنني الوصيّة عليكِ، لن ينتبه الناس عليكِ إلّا بعد حين. إن تجولتِ بهذا الشكل ولو ليوم واحد، فسيؤثر ذلك سلبّا على سمعتي.”
بدأ العرق يتصبّب من يدي هارييت وفكرت: “لقد وجدتُ للتو وصيّة عليّ، ولكن إذا أدركت العمة الكبرى تريشا إنني بالكاد أملك ما يكفي من المال لشراء ملابس مناسبة، فهل ستطردني فورًا؟”
أرادت هارييت أن تطلب مزيدًا من الوقت للإستعداد، لكن نظرة تريشا الصارمة كانت مخيفة للغاية لدرجة ٱنها لم تتمكن من إجبار نفسها على التحدّث.
“آسفة. أنا. أنا أعتذر…”
“حسنًا، سنبدأ التحرّك غدًا. أنا متأكدة إنكِ متعبة من الرحلة، لكنكِ لستِ هنا للاسترخاء، لذا استعدّي.”
“عذرًا، أنا آسفة حقًا. ولكن، ماذا تقصدين تحديدًا بالتحرّك؟”
لم تستطع هارييت إلّا أن تسأل، رغم خوفها من أن توبَّخ على ذلك.
أجابت تريشا وكأنها لا تُصدّق أن هارييت لم تفهم.
“لقد أخبرتكِ بالفعل! علينا أن نُغيّر مظهركِ. متى خيّطتِ تلك الملابس أصلًا؟ هل ورثتِ تلك القبعة من والدتكِ؟ وتلك الأحذية… يا إلهي!”
فجأة شعرت هارييت بالحرج من حذائها البالي وسحبت قدميها الى الداخل. وعلى الرغم من أن ضرر الحذاء لم يكن واضحًا من الخارج، إلّا إنها لا تزال تشعر بالحرج.
“مظهركِ كله فاشل! ستحتاجين لزيارة الخياطة وصانع الاحذية للحصول على كل شيء جديد. لا تفكري حتى في التجوّل بهذا الشكل.”
جفّ فم هارييت.
لم يكن من الممكن أن تكون الأماكن التي أشارت إليها تريشا رخيصة، لذا عرفت هارييت إنها لم تعد قادرة على إخفاء الامر، كان عليها أن تعترف بوضعها المالي.
“عمتي الكبرى. أنا آسفة جدًا، لكن ليس لدي ما يكفي من المال الآن لشراء ملابس وأحذية جديدة. لكن أعدكِ أنني سأجد طريقة لجمع المال والتأكد من أن لدي ملابس لا تُحرجكِ. هل يمكنكِ منحي بعض الوقت الإضافي من فضلك؟”
“ماذا؟ هل سمعتُ ذلك بشكل صحيح؟”
“لا أقصد انني لا أملك مالًا على الاطلاق. اذا بعتُ قلادتي وإسوارتي، فسأتمكن من شراء فساتين وحذاء. لذا…”
“يا إلهي!”
هزّت تريشا رأسها في ذهول.
أغمضت هارييت عينيها باحكام، غير قادرة على مواجهة احتمال زوال حظها السعيد.
“هارييت ليسترويل.”
“نعم، عمتي الكبرى.”
“ما هو الوصي في رأيكِ؟”
“ممم؟”
سخرت تريشا.
“هل يوجد أحد في جنوا لا يعلم أن لديكِ مالًا؟ هل تعتقدين إنني دعوتكِ الى هنا لطلب المال؟”
“لا، ليس هذا هو الامر…”
“أم أعتقد ان جون جعلكِ تدفعين ثمن كل مرة تشترين فيها ملابس جديدة؟”
“حسنًا… لا، لم يفعل…”
“لذا، هل تقصدين إنني أبدو أكثر بخلًا من جون؟”
“لا، قطعًا لا، عمتي الكبرى.”
لوّحت هارييت بيديها في حالة ذعر، لكن تريشا نقرت بلسانها، من الواضح إنها كانت مستاءة.
“كوني وصيّة عليكِ يعني إنني، حتى انتهاء هذه العلاقة سأكون مسؤولة عن كل ما تأكلينه وترتدينه وتعيشين فيه. خلال ذلك الوقت، ستهيئين نفسكِ لتصبحي مستقلة تمامًا، تمامًا كما وعدتِ. فهمتِ؟”
تردّدت هارييت للحظة، شعرت أن هناك شيئًا لم تفهمه تمامًا، وقبل أن تتمكن من كبح جماح نفسها، إنسلّ منها سؤال كانت تنوي طرحه لاحقًا.
“اذاً، ماذا تستفيدين من هذا، عمتي الكبرى؟ أعني، لماذا قبلتِ طلبي بأن تُصبحي وصيّة عليّ؟”
خفّ صوت هارييت، شعرت أن سؤالها الآن سخيف جدًا.
حدّقت تريشا في هارييت بتعبير عن عدم التصديق.
“هل أبدو فقيرة لدرجة انني أحتاج الى شيء منكِ؟ أنا ببساطة ثرية، وقرّرتُ أن أؤوي حفيدة أختي المسكينة، هذا كل شيء.”
ثم أضافت تريشا وكأنها تذكرت شيئًا ما.
“أو ربما أُسدد لكِ دينًا.”
“آه؟ لي؟”
بدت هارييت مرتبكة، متسائلة إن كانت قد سمعت بشكل صحيح.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي تريشا وتمتمت في نفسها: “هل تستطيع هارييت أن تتذكر حجر الحظ. الذي كان لا يزال موجودًا في صندوق مجوهراتي؟”
“دعينا نقول فقط أن هناك شيئًا ما. على أي حال، لابد إنكِ جائعة، لذا اذهبي لتناول العشاء.”
“شكرًا لكِ.”
“إستر!”
عند استدعائها، ظهرت خادمة ذات مظهر هادئ وانحنت بهدوء.
“أرشدي هارييت الى الغرفة التي أعددتها لها. وهي ابنة أختي، لذا تأكدي من أن الجميع يعاملها بالاحترام اللائق.”
بعد ذلك، غادرت تريشا غرفة الاستقبال، وبينما انحنت هارييت برأسها تعبيرًا عن امتنانها، اقتربت منها الخادمة إستر.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات