تمتمت هارييت في نفسها: “إضافة إلى ذلك، كان في حقيبتي إشعار تعيين الوصاية عليّ، الذي ينصّ رسميًا على أن الكونتيسة بيلون أصبحت وصيّة عليّ. فما الذي كان عليّ أن أخاف منه؟”
كانت هارييت غارقة في ذكريات العام الماضي الذي قضتهُ في الدير عندما طرقت احداهن الباب.
“أختي هل قمتِ بتجهيز اغراضكِ؟”
“أوه، إيما.”
استقبلت هارييت إيما، التي جاءت لأخذها، بحفاوةٍ بالغة.
في يومها الأول في الدير، بدت إيما باردة المشاعر، لكن هارييت وجدتها الآن لطيفة ورائعة. تشابه ماضي هارييت وإيما، مما جعل هارييت تشعر بقربها منها أكثر من غيرها. كانت إيما تحاول أن تتصرف بهدوء أثناء توديع هارييت، لكن عينيها وأنفها أظهرا إنها بكت في وقت سابق.
“ستصل العربة قريبًا، قبل ذلك عليكِ القاء الوداع الاخير للجميع.”
“نعم. ينبغي لي ذلك.”
ربّتت هارييت على كتف إيما، ثم أدارت إيما رأسها ومسحت عينيها بظهر يدها.
لقد قضتا عامًا واحدًا فقط، لكنهما أصبحتا مقربتين من بعضهما البعض كثيرًا.
“إيما، إعتني بنفسكِ، سأعمل بجد أيضًا وأساعدكِ على تحقيق حلمكِ.”
“أختي، من فضلك لا تقلقي عليّ، فقط…”
لم تتمكن إيما من اكمال جملتها وشهقت، ومسحت دموعها مرة اخرى.
كان الجميع في الدير على علم بحالة هارييت، وبينما يقول عامة الناس إنه لا داعي للقلق بشأن النبلاء، حتى الراهبات من عامة الناس شعرن بالأسف على هارييت وقلقن عليها بعد رحيلها. لكن هارييت لم تكن خائفة، الآن بعد أن أصبح لديها هدف واضح، شعرت بالحماس والتحفيز أكثر من الخوف.
“أنا لا امزح. سأحقق هدفي بالتأكيد، وسأساعدكِ أنتِ ورئيسة الدير كاثرين أيضًا. أقول لكِ هذا الآن حتى لا تستسلمي في هذه الأثناء.”
عند هذه الكلمات أومأت إيما برأسها.
“سأعيش حياتي باجتهاد حتى لا أُخجلكِ، أختي.”
ابتسمت لها هارييت وأمسكت بمقبض حقيبتها بإحكام.
“لقد حان الوقت للعودة الى العالم الذي تخلّى عني.”
كانت العربة الرخيصة المستأجرة تهتز وترتجف أكثر بكثير من عربة عائلة ليسترويل التي ركبتها عندما جاءت الى الدير. لكن حتى هذا بدا وكأنه جزء من المغامرة بالنسبة لهارييت.
“أتمنى أن أتمكن من مساعدتكِ أكثر عندما تبدئين حياتكِ الجديدة. ولكن في الوقت الحالي، هذا كل ما أستطيع تقديمه لكِ.”
أعطت كاثرين لهارييت تمثالًا دينيًا صغيرًا، ومنتجات مصنوعة من الدير كهدايا وداع. كان هناك صابون، وكريمات ترطيب للبشرة، وزيوت عشبية، ومراهم. وهي اشياء كانت هارييت تستخدمها كثيرًا، لذا كانت مُمتنة للغاية.
فتحت هارييت الحقيبة التي تفوح منها رائحة الصابون الخفيفة، وابتسمت بهدوء وتمتمت في نفسها: “من المؤكد ٱن هداية الله هي التي قادتني الى دير القديسة كلاريسا. كنتُ شاكرة لله جدًا، فحياتي تغيّرت تمامًا منذ دخولي الدير. لقد تغيّرت نظرتي للحياة، وتحسّنت صحتي، ولكن التغيير الاكبر كان إن عمي لم يعد الوصي عليّ. ما كان يبدو في السابق وكأنه حكم بالإعدام أصبح الان يبدو وكأنه نعمة فتحت الباب لحياة جديدة. قد يكون الأمر مخيفًا بعض الشيء، لكن عمتي الكبرى تريشا شخص أفضل بكثير من عمي. أستطيع أن أقول ذلك دون أدنى شك، على الرغم من أن نبرة رسائل عمتي الكبرى تريشا كانت صارمة وباردة، إلّا إنها ساعدتني على تحسين نفسي خلال الأشهر الخمسة الماضية، ومن خلال روكسانا، التي كانت تزور عقار بيلون كل اسبوعين، أرسلت عمتي الكبرى تريشا بعض الصحف من جنوا، بل وقدّمت لي بعض المال لاستخدامه في عودتي الى العاصمة. الله يراقبني، إبقي شجاعة. على الرغم من إنني شكرتُ الله، إلّا إنني لم أكن متأكدة ما إذا كان ما أخطط للقيام به بعد ذلك يتوافق مع التعاليم الإلهية. حتى الآن عندما فكرتُ في الحقيقة التي كشفها لي البارون فيلي في ذلك اليوم، شعرتُ بغضب شديد لدرجة إنه كان من الصعب عليّ التنفس، وكنتُ مليئة بالرغبة في الانتقام. ولكن كيف يمكنني تحقيق ذلك؟ لم يكن بإمكاني اتهام عمي بإنه قاتل دون أي دليل، ولم يكن بإمكاني المطالبة بأي حقوق في اللقب أو التركة. اذا لوّحتُ بالسيف بتهور من شدة الغضب، فلن ينتهي بي الامر إلّا بالموت، وإذا بدأتُ بالحديث عما فعلته بيلا، فسوف يتهمني الناس بتشويه سمعةإابنة عمي. لذا، لم يكن أمامي خيار سوى الإنتقام بمفردي. لكن حتى هذا لن يكون سهلًا. كان عليّ العودة الى المجتمع، لا كابنة أخ الفيكونت ليسترويل، بل كهارييت ليسترويل، وأن أصنع لنفسي اسمًا، وأكسب المال، وأتمتّع باستقلالية تامّة، كان عليّ أن أُبرّئ سمعتي وأتخلّص من العار الذي وُضع عليّ ظلمًا بدلًا من بيلا. لا أعرف مقدار المساعدة التي ستقدّمها عمتي الكبرى تريشا، لكنني وعدتها بالفع بعدم إزعاجها، لذا فإن توقع المزيد سيكون وقحًا. مجرد موافقتها على أن تكون وصيّة عليّ، كان أمرًا يستحق الإمتنان. كانت عائلة بيلون مرتبطة بالعائلة المالكة، وكانت عمتي الكبرى تريشا هي من تملك كل السلطة داخل عائلة فيلون. لم يكن أحد في المجتمع ليُعاملها باستخفاف. كان سبب موافقتها على أن تصبح وصيّة عليّ لا يزال غامضًا بالنسبة لي. حتى روكسانا لم تكن تعلم نوايا عمتي الكبرى تريشا…..”
[نادرًا ما تُغيّر السيدة فيلون رأيها، لذا ابذلي قصارى جهدكِ حتى لا تصبحي أحد تلك الحالات النادرة.]
قالت روكسانا ذلك لهارييت قبل مغادرتها الى جنوا.
تمتمت هارييت في نفسها: “وبما أنني أنا من طلبتُ من عمتي الكبرى تريشا أن تصبح وصيّة عليّ، فقد كان من الغريب أن أسالها عن سبب موافقتها، لذلك لم أُعبّر إلّا عن امتناني حتى الان. ربما سأكون قادرة على السؤال يومًا ما.”
وبينما كانت غارقة في افكارها، لاحظت هارييت فجأة أن العربة أصبحت تتباطأ.
“آه.”
بدافع الفضول، نظرت هارييت من النافذة فرأت أنهم قد دخلوا جنوا بالفعل. كانت العربة تتباطئ لأن هناك عربات أخرى كثيرة تنتظر العبور من بوابة المدينة.
“لقد عدتُ أخيرًا.”
أخذت هارييت نفسًا عميقًا وهي تنظر الى بوابة المدينة الضخمة. وفكرت: “ملابس سفري البسيطة، وقبعتي القديمة، وحذائي البالي، وحقيبة أمتعة رخيصة، كل ما أملكه الآن. لكن بعد عامين سيتغيّر كل شيء. إنتظروا فقط، حتى أنا متشوقة الى أي مدى سأصل.”
ضغطت هارييت على أسنانها بإصرار.
“الضيف سيصل اليوم، اليس كذلك؟”
“هذا ما سمعته. يبدوا إنها امرأة، لكن من عساها أن تكون؟”
كانت خادمات قصر فيلون منشغلات بالتحضير لاستقبال ضيف لأول مرة منذ فترة. مع ذلك، لم يكن لديهن أدنى فكرة عن هوية الضيف. كانت تريشا قد أمرتهم بتجهيز غرفة ذات إضاءة جيدة، وبما أن طاولة الزينة قد وضعَت فيها، بدا من المرجح أن الضيف امرأة. هذه كل المعلومات التي كانت بحوزتهم. حتى الخدم كانوا صامتين.
“أنا أموت من الفضول.”
“حسنًا، أنا متحمسة. كان هذا المنزل خاليًا تمامًا بوجود السيدة فقط. ربما سيزداد حيوية بوجود شخص آخر.”
“أو قد يعني هذا أننا سنضطر للقيام بمزيد من العمل.”
لقد أمضوا اليوم باكمله في التكهّن بالضيفة، التي كانت من المفترض أن تصل في المساء. وعندما بدأت الشمس تغرب، رن جرس الباب في قصر فيلون أخيرًا.
أخذ كبير الخدم أندريه نفسًا عميقًا قبل أن فتح الباب. كانت تقف في الخارج شابة ترتدي ملابس محتشمة، وقد بدا على وجهها علامات التوتر والقلق، ورغم أن أندريه كان يعرف هويتها، إلّا إنه سألها.
“كيف لي أن أُساعدكِ؟”
“مرحبًا، أنا هارييت ليسترويل. أتيتُ لزيارة الكونتيسة تريشا فيلون. هل يمكنكَ إخبارها بوصولي؟”
على الرغم من أن هارييت بدت وكأنها قد تعض لسانها من التوتر، إلّا إنها جمعت نفسها بسرعة وأنهت جملتها دون مزيد من التردّد.
اعتقد أندريه إن هارييت بدت أكثر هدوءً وذكاءً مما كان يتوقع.
“كنا ننتظركِ، تفضلي بالدخول.”
رحّب بها أندريه بكل أدب. وعلى الرغم من عظمة القصر، التي ربما كانت لتطغى عليها بسهولة، إلّا أن هارييت لم تنظر حولها بل تبعت أندريه بهدوء. أخذها أندريه الى الصالون حيث كانت تريشا تنتظر.
“سيدتي، لقد وصلت الآنسة هارييت ليسترويل.”
“نعم، دع هارييت تدخل. وأندريه، أنتَ اخرج قليلًا”
إنحنى أندريه باحترام وغادر، بينما اقتربت هارييت ببطء من تريشا.
تريشا التي كانت تشرب الشاي، حوّلت نظرها الى حفيدة أختها، وعندما التقت أعينهما، انحنت هارييت بأدب.
“لقد مر وقت طويل، عمتي الكبرى. شكرًا لكِ مجددًا على رعايتكِ لي.”
“كفى، لقد قلتِ ذلك مرارًا في رسائلكِ. المهم الآن هو ما سيحدث في المستقبل.”
قطعت تريشا كلمات هارييت وأشارت بذقنها نحو المقعد المقابل لها.
“اجلسي.”
عندما جلست هارييت في مقعدها، لم ترفع تريشا عينيها عنها للحظة.
كما كان متوقعًا، لم يكن مظهر هارييت مريحًا لتريشا.
“لابد إنكِ مررتِ بوقت عصيب.”
“لا، كانت الحياة في الدير أسهل وأمتع مما توقعتُ. التقيتُ بالعديد من الأشخاص الطيبين و…”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات