فكرت بيلا: “وجاء في الرسالة أنه لم يفت الأوان بعد، حتى الآن، واذا اعتذر لوالدها فقط، فانها ستسامحه على كل شيء… من لم يفقد شيئًا لا يعترف به حتى بعد أن يُسلب منه. حسنًا، إن استمرّت في التصرّف بحماقة هكذا، فهذا جيد لي… وفجأة جاءت هارييت الى ذهني. حتى بعد غرق عمي ووراثة والدي لقب ليسترويل، لم تدرك هارييت مكانتها الحقيقية لفترة طويلة. كانت تحاول بطبيعة الحال أن تتولى زمام الأمور او تتدخّل في شؤون عائلتي، متصرفةً كما لو كانت ابنة الفيكونت ليسترويل. في البداية أغضبني ذلك، فسخرتُ منها. لكن عندما رأيتُ اليأس المتزايد في عيني هارييت، بدأتُ اشعر براحة اكبر. تذكرتُ الفرحة التي شعرتُ بها في اليوم الذي دعوتُ فيه اصدقائها السابقين الى حفل شاي وقدمتُ هارييت لهم. كانت النظرة على وجه هارييت عندما أدركت أن كل شيء قد سُلب منها لا تُقدّر بثمن… دافني ستنتهي قريبًا مثلها أيضًا. كانت عائلة لوريل ذات نفوذ، لذا تستطيع دافني أن تُخطب مرة اخرى بعد أن تهدأ الشائعات، لكن كاد من المؤكد أن خطيبها الجديد لن يكون بنفس جودة جيمس تشيسلو. ذات يوم سوف ترى دافني إنني أنا السيدة تشيسلو وتعض شفتيها ندمًا…”
لم تستطع بيلا كبت ضحكتها، لاحظ جيمس ذلك فاخفض رأسه وسأل.
“ما المضحك، بيلا؟”
“أوه، لا شيء. أنا فقط أشعر بسعادة غامرة لان الجميع الآن يعرفني كحبيبتكَ.”
“أنا من يجب أن أقول ذلك. أنا من يشعر بسعادة غامرة لفوزي بجائزة الوردة الذهبية في جنوا. لا يسعني إلّا أن أكون أكثر سعادة.”
تبادلا كلمات حلوة وقُبلة خفيفة.
معرفة بيلا أن صديقات دافني يراقبونها جعلت تلك القُبلة القصيرة مثيرة للغاية لها.
كان هناك حدث غير متوقع يحدث في دير القديسة كلاريسا. أرسلت تريشا ردًا عبر رسول.
“رسالة من العمة الكبرى تريشا؟ منها شخصيًا؟”
“نعم. يجب عليكِ قرائته أولًا.”
بدت المرأة التي كانت في الثلاثينات من عمرها، والتي أحضرت الرسالة أكثر صرامة وبرودة مما تذكره هارييت عن تريشا. حتى أثناء تبادلهما التحية، لم تُبد المراة ابتسامة واحدة مهذبة، بدا إنها تكن مشاعر سلبية تجاه هارييت.
فتحت هارييت الرسالة بقلب مضطرب.
(عزيزتي هارييت، لقد مرّ وقت طويل. سأتجاوز اي مجاملات أخرى، لم أتخيل قط إن أول رسالة أتلقاها منكِ ستكون طلبًا للوصاية، مع إنني أجدها جريئة بعض الشيء، إلّا إنه من غير المنطقي أن تُطرد ابنة آرثر الى الشارع وتصبح من عامة الشعب. لذا، في الوقت الحالي سأتولى دور الوصية عليكِ، فأنا في وضع أفضل.)
للحظة، كادت هارييت أن تصرخ فرحًا. ظنت إن هذه هي النتيجة الارجح، لكنها لم تتخيل قط أن تتحقق بهذه السهولة. ومع ذلك، إن عمتها الكبرى تريشا لم تكن شخصًا يمكن الاستخفاف به، تمامًا كما قالت الشائعات.
(بالطبع هناك شروط. بما إنكِ ستنضمين الى المجتمع باسمي، فلن أتسامح مع أي تصرفات من شانها أن تُسيء الى سمعتي. يبدو أن جون لم يُعلّمكِ كما ينبغي، لذا ستتعلّمين خلال الاشهر القليلة القادمة كل ما تحتاجين لمعرفته من المعلمة التي أرسلتها.)
“معلمة؟”
رفعت هارييت رأسها ونظرت الى المراة الجالسة أمامها. عندها فقط عرّفت المرةة عن نفسها.
“اسمي روكسانا فالفانوس. سأُدرسكِ خلال الاشهر الخمسة القادمة.”
هل سيكون من الوقاحة أن نقول إنها تشبه الراهبة أكثر من الراهبة الحقيقية؟ مع عينيها الزرقاوين وبشرتها الشاحبة وشعرها البني المصفف باحكام الى الخلف دون أي خصلة خارج مكانها وقوامها النحيف، كانت تتمتع بجو مميز لشخص عاش في دير لفترة طويلة.
“مم، هل تعرفين محتوى الرسالة؟ يبدو إنكِ ستبقين في الدير أيضًا، اليس كذلك؟”
“لقد حصلتُ بالفعل على إذن من الأم الرئيسة كاثرين. ربما كان هذا مجرد خيال، ولكن يبدو أن الأم الرئيسة كانت سعيدة بفكرة تعليمكِ.”
في الواقع، أعدّت تريشا عريضة مع أوراق الوصاية لإقناع كاثرين، لكن كاثرين كانت سعيدة للغاية عندما سمعت أن هارييت وجدت وصيّة جديدة مسؤولة عنها ورحّبت بروكسانا كضيفة خاصة.
“ربما كانت قلقة بشأن خروجي من الدير. أتطلّع للعمل معكِ.”
“دعيني أُحذّركِ مسبقًا، كوني مستعدة. قد تجديني صارمة، لكن هذا ليس وقت الاسترخاء.”
فكرت هارييت: “كما هو متوقع، يبدو أن روكسانا لم تكن لديها أي عاطفة تجاهي. لكنني كنتُ مُلمّة باحتقار الغرباء وازدرائهم. أثّر ذلك عليّ قليلًا، لكن بعد خمسة أشهر سأضطر للعودة الى مجتمع مليء باشخاص أشد قسوة من هذا. لذا، قرّرتُ أن أعتبر الأمر تدريبًا. إنها تمنحني فرصة للتعلّم، لذا لا أنوي الشكوى. سأبذل قصارى جهدي للتعلم”.
كما هو متوقع، بما أن روكسانا كانت شخصًا أرسلته تريشا، فقد كانت معلمة ممتازة، كانت على دراية جيدة ليس فقط في الآداب والسلوك والمعرفة الأساسية للمجتمع والبلاط الملكي، ولكن أيضًا في السياسة والاقتصاد والمجتمع. عندما يتعلق الامر بالآداب والسلوك، فقد درست هارييت تلك القواعد لمدة ثلاث سنوات مع معلمة في طفولتها والتقطت بعض الاشياء من خلال الملاحظة أثناء عيشها مع عمها، لذلك لم تبدو تلك الدروس مرهقة للغاية. لكن لم يكن هذا كل ما كان عليها تعلّمه، لذا بذلت هارييت أقصى جهدها. توقفت عن العمل في ورشة الصابون، وقلّلت من نومها، وقضت أيامها بأكملها في دراسة الكتب، وتعلّم السلوكيات السليمة، وآليات عمل المجتمع، والاتجاهات الاجتماعية السائدة. كانت روكسانا تسافر الى جنوا مرة كل اسبوعين، كانت هارييت تعلم أن روكسانا ستُخبر تريشا بكل شيء، لذا لم يكن بامكان هارييت أن تتهاون على الاطلاق.
فكرت هارييت: “هذه فرصة لن أحصل عليها مرة اخرى، لذلك لا يمكنني أن أُضيّعها.”
لقد أصبح تصميم هارييت أقوى مع كل رسالة أرسلتها تريشا من خلال روكسانا.
(يبدو إنكِ تواظبين على الدروس جيدًا، مع إنني لم أكن أعتقد إن روكسانا ستكون معلمة سهلة. لكن لا تكتفي بهذا، فقد بنيتِ أساسًا فحسب. حتى بعد عودتكِ الى جنوا، ستحتاجين الى مواصلة الدراسة على يد روكسانا.)
بعد تبادل الرسائل عدّة مرات، بدأت هارييت تفهم طريقة تريشا في تقديم المجاملات.
فكرت هارييت: “إنها تشير الى ما قمتُ به بشكل خاطىء أكثر مما قمتُ به بشكل جيد، ولكن هذا لإنها تريد مني ان أتحسّن. السبب الذي جعلني أدرك ذلك كان بسيطًا، العمة الكبرى تريشا لم تكن تنتقد إخفاقاتي. كان هذا موقفًا نادرًا لشخص استثمر فيّ المال والجهد العاطفي. ولذلك شعرتُ بثقة وامتنان كبيرين تجاه تريشا بيلون. من ناحية أخرى، مهما قضيناه معًا على مدار الاشهر الخمسة، لم يكن التقرّب من روكسانا سهلًا. بدا أن روكسانا تنظر اليّ كشخص قد يخون الكونتيسة يومًا ما، والاسوأ كانت شبه متأكدة من ذلك. حسنًا، لا يمكنني فعل شيء لا أتوقع أن يفهمني الجميع.”
رغم شعورها بالظلم، أدركت هارييت إنه لا يوجد الكثير مما يمكنها فعله، كل ما كان بٱمكانها فعله هو بذل قصارى جهدها في اتّباع دروس روكسانا.
لقد مرّ الوقت سريعًا. لقد بدا الامر كما لو أن الوقت لم يمر منذ تبادل تحيات العام الجديد. ولكن الآن ذاب الجليد، وتفتّحت الزهور، وأصبح أوائل الصيف على الابواب. في الأول من يونيو وهو اليوم الذي بدا وكأنه لن يأتي أبدًا، قامت هارييت بجمع أمتعتها استعدادًا لمغادرة الدير.
تمتمت هارييت في نفسها: “لو لم أتخلص من حذائي الشتوي، لكانت حقيبتي صغيرة جدًا.”
دفعت هارييت حقيبتها الممتلئة، حتى بعد التخلص من أحذيتها الضخمة، بقيَت حقيبتها ممتلئة، ويعود ذلك أساسًا الى ملابس الشتاء التي حصلت عليها في الموسم الماضي. قبل نهاية الاسبوع الأول من يناير، وصلها طرد مجهول المصدر يحتوي على ملابس شتوية، قفازات وأوشحة ومعاطف وجوراب، تناسبها تمامًا. ورغم أن الطرد كان مجهول المصدر، إلّا إن هارييت كانت تعرف جيدًا من أرسله.
تمتمت هارييت في نفسها: “لابد إن ذلك الشخص شعر بالذنب حقًا. لم يبدو من النوع الذي يُرسل شيئًا كهذا. كان سيدريك كايلاس، الشخص الوحيد الذي يعلم إنني سأقضي الشتاء بلا ملابس شتوية. كنتُ قد تذمرتُ داخل قلبي بإنه كان بامكانه أن يرسل أوشحة وقفازات لي، لذا شعرتُ باحراج شديد عندما وصل الطرد. بفضل العناصر التي أرسلها، تمكنتُ من تجاوز الشتاء القاسي في دفء نسبي. سوف يتوجّب عليّ أن أُسدّد له الدين في يوم من الأيام. بما أنه أُرسل بشكل مجهول، بدا وكأنه لم يتوقع أي شكر في المقابل، لذلك لم أكتب له رسالة شكر. مع ذلك ترك ذلك الطرد الصغير شعورًا بالدين في قلبي. حتى لو أرسله بقلب رحيم، فقد كان محاربة الجو المتجمد تحديًا كبيرًا لي. لقد تمّ ذلك……”
أغلقت قفل حقيبتها أخيرًا. وضعت هارييت الحقيبة على الارض، وألقت نظرة جيدة حول الغرفة التي قضت فيها العام الماضي. تمتمت في نفسها: “السرير الصلب، الذي ظننتُ إنني لن أعتاد عليه، أصبح مريحًا في النهاية. كما أحببتُ الطاولة والكرسي الصغيرين. كنتُ أتساءل عما إذا كان الناس قادرين على العيش في مكان مثل هذا. ولكن في النهاية، تمكنتُ من العيش بشكل جيد هنا. لذا لم أكن خائفة جدًا من الأيام القادمة. لقد اكتسبتُ القوة اللازمة لتحمل الجليد واليأس، وتعلّمتُ مهارة صنع الاشياء الصغيرة بيديّ، وطوّرتُ المرونة العقليّة والنفسيّة لإيجاد الراحة في الأماكن الضيقة والصغيرة والمتهالكة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات