“لا يمكنها قرائتها كلها، وهذا هو السبب في أنني أقوم بتصنيفها بهذه الطريقة، أليس كذلك؟”
عادة كان يُسلّم كل شيء الى تريشا، لكن كمية البريد خلال عطلة نهاية العام كانت هائلة. لذلك، كان يرسل أي شيء، من الاسماء المألوفة الى تريشا، بينما كان أندريه يتحقق من الرسائل الواردة من الاسماء غير المألوفة أولًا. ثم لا تُسلّم الّا الرسائل التي تُعتبر جديرة باهتمام تريشا.
وبينما كان أندريه، كبير الخدم الخبير، يفرز بسرعة كومة الرسائل، تجمّدت يداه فجأة عند لمس ظرف لا يحمل ختم عائلة نبيلة.
(هارييت ليسترويل.)
هل يعتبر هذا اسمًا غريبًا؟ كانت هذه أول مرة يتلقّى فيها رسالة منها، لكن أندريه، الذي كان يُتابع الشائعات الكبيرة والصغيرة في الدائرة الاجتماعية من أجل سيدته، كان يعرف الاسم مسبقًا. إضافة الى ذلك، كانت عائلة ليسترويل هي التي تنتمي اليها تريشا نفسها.
“هل أُسلّم هذا فقط؟ أم أتحقق منه بنفسي؟”
بينما كان ينقر على الرسالة متأملًا، تردّد أندريه لحظة قبل أن يضعها على الصينية الفضية. برز الظرف المتهالك بين بطاقات رأس السنة من معارف تريشا القدامى على الصينية الفضية.
“سيدتي، ها هو بريد اليوم.”
تريشا التي كانت تجلس بجانب المدفأة تقرأ الصحيفة، نظرت الى أندريه وهو يحمل الصينية وأومأت برأسها مرة واحدة.
“اتركها هنا، سأقرأها لاحقًا”
كانت المرأة المسنة ذات الشعر البني ذي الخصل البيضاء والمصفف بعناية، ذات تعبير صارم وحاجبيها حاد التقوّس، ومع ذلك، كانت عيناها الزرقاوان تتألقان بذكاء حاد. تريشا، التي كانت على وشك الانتهاء من المقال الافتتاحي في الصحيفة، التفتت برأسها مرة أخرى عندما شعرت بأن كبير خدمها المخلص كان متردّدًا. تلقّى أندريه نظرة استفهام منها ثم أحنى رأسه.
“معظم الرسائل هي بطاقات تهنئة بالعام الجديد من اصدقائكِ، ولكن كانت هناك رسالة غير متوقعة أيضًا. فكرتُ في التحقق منها أولًا، لكن شيئًا ما جعلني أشعر أنه قد يكون من غير اللائق فتحها.”
عند هذه الكلمات رفعت تريشا حاجبيها ومدّت يدها. التقط أندريه رسالة هارييت بسرعة وسلّمها لها. عبّست تريشا وبدا عليها المفاجأة عندما قرأت اسم المرسل.
“لماذا تكتب لي؟ آه. ربما؟”
فتحت الظرف بسرعة وأخرجت الرسالة. مع أن الورق كان رديء الجودة، إلّا أن الكتابة عليه كانت أنيقة وجميلة.
(عزيزتي العمة تريشا، أدعوا الله أن يوفقكِ دائمًا في العام الجديد. أتمنى أن تكوني بصحة جيدة، أتساءل أن تكوني فوجئتِ بهذه الرسالة المفاجئة. أنا هارييت ليسترويل، إبنة آرثر ليسترويل. قبل ثلاثة عشر عاما زرتكِ مع والديّ في ضيعة ويلهاف، أتساءل إن كنتِ تتذكريني.)
ارتفعت احدى زوايا فم تريشا. وفكرت: “بالطبع أتذكر. لم تعطيني فرصة للنسيان يا حفيدة أختي. كانت الفضيحة المحيطة بعائلة ليسترويل تُسمع أينما ذهب المرء. بعد وفاة آرثر قطعتُ علاقتي بتلك العائلة بشكل شبه كامل. لكنني لطالما شعرتُ أن جون الذي كان من المفترض أن يحمي هارييت، هو المسؤول عن معظم ما حدث.”
على أي حال، بعد أن وصلت أفكارها الى تلك النقطة، بدأت تريشا تحصل على احساس عام بالغرض من الرسالة.
“وكما كان متوقعًا، جاءت النقطة الرئيسية بعد ذلك مباشرة. إنها تطلب مني أن أكون وصيّة عليها.”
“ماذا؟ وصيّة عليها؟”
سأل اندريه، الذي كان يقف بالقرب منها بدهشة. يبدو إنه انتبه لمحتوى الرسالة أيضًا. ضحكت تريشا بهدوء.
“إبنة آرثر أكثر جرأة مما كنتُ أتوقع.”
“إنها ليست جريئة فحسب، ألم تكتسب بالفعل سمعة مشهورة بسبب ذلك؟”
“حسنًا، اعتقد أن هذه الشائعات مبالغ فيها الى حد كبير.”
كانت تريشا تدرك جيدًا إن الشائعات التي تتعلق بالعلاقات الغرامية أو الحب غالبًا ما يتم تضخيمها وتهويلها بشكل مُبالغ فيه.
“لابد إنها كانت هدفًا سهلًا للناس للتحدّث عنه. جون ليسترويل، على الرغم من كونه الوصي على هارييت، لم يحميها على الاطلاق. عندما يكون هناك طفل يرتكب أخطاء بسبب رغبته في الحب، والكبار يفشلون في توجيه وحماية هذا الطفل، فمن الذي يجب أن نُلقي اللوم عليه؟ والان يبدو أن الطفلة التي تم نفيها عمليًا من المجتمع بسبب إهمال الشخص البالغ، تُخطط لشيء ما.”
ورغم ٱن الطلب بدا غير معقول، إلّا إن الرسالة كانت تفتقر الى أي شعور باليأس. وهو ما أثار فضول تريشا.
“مثير للاهتمام.”
عندما انتهت تريشا من قراءة الرسالة، لمعت عيناها ببهجة. بدا لها أن شيئًا مسليًا على وشك الحدوث في حياتها المُملة.
كان أول خبر أشعل الموسم الاجتماعي للعام الجديد هو فسخ خطوبة دافني لوريل. لم يكن الامر مجرد شخص عادي، بل كانت دافني لوريل الجميلة، احدى أكثر النساء اثارة للاعجاب في المجتمع.
“هؤلاء الاثنان ألم يكونوا مخطوبين لفترة طويلة؟”
“مرّت خمس سنوات تقريبًا، أظن؟ سمعتُ أنهما سيتزوجان هذا العام، لكن الان حدث هذا. تسك، تسك…”
“لماذا فسخا خطوبتهما؟ بدا إنهما ثنائي مثالي.”
“بالضبط.”
انتشرت الشائعات، تغذيتها بكل انواع التكهنات والفضول. دون أي اعتبار للشخص الذي تضرّر منها فعليًا.
“دافني، ستنهارين بهذه الطريقة. يجب أن تاكلي شيئًا. حسنًا؟”
عادت الماركيزة لوريل تواسي ابنتها التي استمرّت في البكاء بلا هوادة. لكن دافني اكتفت بهز رأسها وبكاءها ازداد.
ابنتهما الغالية التي رُبّيت بعناية منذ صغرها، وأُعجبت بها عائلات كثيرة كعروس مثالية، تُركت فجاة دون اي تفسير. لم تكن دافني وحدها من عانت، بل كان والداها أيضًا في حالة اضطراب. انفجر الماركيز لوريل فجأة في غضب وهو يتجول في الغرفة وينظر الى ابنته.
“هذا الوغد. كيف يُلغي الخطوبة الان؟ ماذا يُفترض أن تفعل دافني؟”
في مثل هذه الحالات، كانت المرأة دائمًا هي التي تعاني أكثر بعد فسخ الخطوبة. كان يُنظر الى ماضي المرأة حتى لو كانت مخطوبة لرجل آخر سابقًا، على إنه عيب. وعادةً ما تُجبر على القبول بزواج أقل ملائمة لها في المستقبل.
“انتهت حياتي، لم أعد استطيع الخروج. سيتحدّث الجميع عني، فكيف لي أن أخرج من المنزل أصلًا؟”
كانت دافني تبكي وترفض الأكل لأيام، كل شيء ملأها بالندم، وشعرت أنها على وشك الجنون.
“كان يجب أن أتحدّث معه عندما شعرتُ أن هناك خطبًا ما. لا، كان يجب أن أتصل بجيمس في اليوم التالي لمجيء ميلودي.”
لم تستطع دافني إلّا أن تتساءل عما اذا كان السبب وراء كل هذا الذي حدث لها هو إنها كانت خائفة للغاية من مواجهة جيمس في وقت سابق. ألقت دافني باللوم مرارًا وتكرارًا على تردّدها وجبنها.
“ولكن أليس من الطبيعي أن أجد صعوبة في تصديق زنى خطيبي الطيب؟ لقد افترضتُ أن هناك سوء فهم، وعندما طلب مني الانتظار، انتظرتُ بصبر. كنتُ أعتقد إنه سيشرح كل شيء بوضوح في النهاية ويعتذر قائلًا، أنا اسف لأنني أسأتُ فهمكِ. ولكن كل ما تلقّيتهُ كان خطاب إلغاء الخطوبة البارد. كيف استطاع فعل هذا؟ الأمر لا يتعلق بنا فقط، بل بعائلاتنا.”
أضرّ انهيار الخطوبة بشدة بالعلاقة بين الماركيز لوريل الذي كان شريكًا قيمًا في قطاع السكك الحديدية، وبين الكونت تشيسلو. أعرب والد جيمس، الكونت تشيسلو، عن بعض الأسف، لكنه لم يستطع معارضة قرار ابنه، بينما كان الماركيز لوريل غاضبًا، مدعيًا أن الكونت تشيسلو خان ثقته. شعرت دافني وكأنها تريد الموت من الشعور بالذنب بسبب الإحراج الذي سبّبتهُ لوالدها.
(عُد يا جيمس، إذا اعتذرتَ وقلتَ ٱنه مجرد خطأ، فسأسامحكَ. أرجوك.)
كتبت دافني رسالة أخرى الى جيمس الى جيمس في ذلك اليوم، وقد غمرتها الدموع.
كانت دافني قد أرسلت أكثر من خمس رسائل دون رد، لكنها مازالت تأمل أن يكون جيمس في حيرة من أمره ويُعيد النظر في قراره. ولكن بعد أيام قليلة، تحطّم حتى ذلك الامل الصغير.
“يا إلهي، انظروا الى هناك! أليس هذا جيمس تشيسلو مع بيلا ليسترويل؟”
“يا إلهي! أنتِ محقة. اذاً، هل بيلا ليسترويل هي من حلّت محل دافني لوريل؟”
“لقد سمعتُ شائعات، أنهما شوهدا معًا من قبل. لذا أعتقد انه حقيقي.”
أحضر جيمس بيلا الى حفل رأس السنة، الذي أُقيم في ضيعة تشيسلو، كشريكة له. حيّر قرار جيمس معظم الناس.
“كانت بيلا جميلة، وكانت دافني جميلة. ولكن فيما يتعلق بالمكانة العائلة والثروة، لم يكن الفيكونت ليسترويل يصل الى مستوى الماركيز لوريل.”
“ولكن كان من الواضح ٱن جيمس معجبًا ببيلا.”
“يبدو ٱن الكونت تشيسلو قد خسر أمام ابنه. حسنًا، لا يوجد والد يستطيع الفوز على ابنه.”
“بما إنها بيلا ليسترويل، أعتقد أن الامر منطقي. ليس الامر كما لو أن الكثير من الرجال سيغارون من جيمس.”
“مع ذلك، إحضار بيلا ليسترويل كمرافقة له بعد فسخ خطوبته مع دافني لوريل مباشرة، ألا تعتقدين أن هذا مبالغًا فيه بعض الشيء؟ ماذا عن دافني لوريل المسكينة؟”
تعاطف البعض مع دافني، بينما تفهّم البعض تصرفات جيمس. وفي الوقت نفسه، وجد الجميع تصرف بيلا مفاجئًا، فمهما حاول جيمس إقناعها بالخطوبة، لم يكن قبول عرض الخطوبة من خطيب سابق لإمراة مناسبًا لصورة بيلا الملائكية.
“أغبياء.”
فكرت بيلا وهي تبتسم بلطف لأصدقاء دافني، الذين كانوا يُحدّقون فيها بنظرات باردة. تصلّب غضبهم، لكن بالنسبة لبيلا، كان الامر مسليًا.
“رسالة أخرى من دافني. لم أكن أدرك إنها مهووسة الى هذا الحد.”
حتى بالامس، أظهر جيمس لبيلا رسالة أخرى من دافني بنبرة إنزعاج.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات