كانت هارييت تعضّ على أسنانها بقوة لقد سئمت من هذا الموقف المألوف كان مثيرًا للسخرية ومثيرًا للغضب في آنٍ معًا
‘لا يهمّ إن كان عجوزًا على شفا الموت إنْ أخذني أحدهم بعيدًا عن هذه الشيطانة فسأتزوجه فورًا أرجوك… تقدّم لي’
صلّت هارييت بيأس
كانت يائسة بالفعل، لكنها في أعماقها لم تكن تتوقع الكثير فـ الأله لم يستجب لدعواتها منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها لذا حين اقترب منها رجل لا علاقة له بها مطلقًا أصابها الذهول وشُلّت حركتها
ولم يكن ذلك مستغربًا
“الآنسة هارييت ليسترويل؟”
“هـه؟ نـ-نعم! أنـا… هارييت ليسترويل…”
قال الرجل بابتسامة خاوية من المعنى
“أودّ استرجاع ما يخصّني”
وأشار بأصابعه الطويلة القوية إلى البروش مدّعيًا ملكيّته
‘يا إلهي!’
الرجل الواقف أمامها لم يكن سوى سيدريك كايلاس دوق الإمبراطورية وبطل الحرب ونجم هذا الحفل
‘لماذا يتحدث إليّ؟’
تورد وجه هارييت على الفور من الحماسة المفاجئة
لكن سيدريك لم يقل شيئًا آخر بل راح يحدّق بها بصمت وفجأة أدركت هارييت أن عينيه لم تكونا تبتسمان على الإطلاق
‘هناك شيئ غير طبيعي’
كانت تشعر أن ثمة خطبًا ما لكنها لم تستطع تحديده بدقة أو بالأحرى كانت هناك أشياء كثيرة خاطئة لدرجة أنها لم تعرف من أين تبدأ
كان من الواضح أن سيدريك لم يكن من وضع البروش عليها فقد كان قبل انطفاء الأضواء يتحدث مع الإمبراطورة ولمّا عادت الإضاءة أتى من حيث كانت واقفة
‘وفوق ذلك هو ليس من النوع الرومانسي’
فهذا هو سيدريك كايلاس في الخامسة والعشرين فقط ورث لقب الدوق بعد وفاة والده روان كايلاس في الحرب مع كيفرين وباعتباره حليفًا قويًا للعائلة الإمبراطورية كان من واجبه الحفاظ على الدوقية كما فعل أسلافه وكان عليه اختيار زوجته بعناية فائقة وفقًا لعدة اعتبارات
‘إذًا من وضع هذا البروش عليّ ؟ ومن أين أتى أصلًا ؟’
هل كان هذا مقلبًا منحرفًا من أحدهم ؟
شعرت هارييت بخطر غريزي يتصاعد داخلها وجفّ ريقها لم يكن بوسعها أن تبقى واقفة على هذا النحو تحدّق به بصمت كان عليها أن تفعل شيئًا
“سأعيده لك”
قررت إرجاع البروش أولًا لكنها كانت مضطربة إلى درجة أنها راحت تتخبط وهي تحاول فك المشبك
“ما هذا ؟ لا يبدو أن سمو الدوق هو من أعطاه لها أليس كذلك ؟”
“بالطبع لا! لماذا قد يعطيها البروش أصلًا ؟”
“أتكون قد سرقته ؟ وتضعه هكذا عمدًا ؟”
“من يدري ما يدور في رأسها ؟ على أي حال هارييت ليسترويل تُثير الجلبة مجددًا”
وصلت همسات القيل والقال إلى مسامع هارييت وشعرت بظهرها يبتلّ من العرق
‘لماذا لا يفتح هذا البروش؟’
بروش يخصّ دوق كايلاس ؟ كانت لتقسم أنها لم تتخيل يومًا امتلاك شيئ مثله لماذا عليها أن تتحمّل هذا الموقف بسبب شيئ لم تطلبه أصلًا ؟
أرادت أن تنتزعه وترميه بعيدًا هل ظهر ذلك على وجهها ؟
“تمهّلي إن واصلتِ سحبه بهذه الطريقة ستتلفينه اسمحي لي بمساعدتكِ”
مع أن البروش كان موضوعًا على صدرها مما يجعل من الصعب مساعدتها اقترب سيدريك منها بعزم لاستعادته وكانت هارييت مشدودة الأعصاب إلى حد أنها كادت أن تنسى كيف تتنفس
ولحسن حظها أو ربما لسوئه أزاله سيدريك بسهولة مما جعل صراعها السابق يبدو وكأنه محاولة متعمدة للفت الانتباه
“شـ-شكرًا”
لم تكن تعرف بالضبط على ماذا تشكره ولم يرد عليها ولمّا طال الصمت لم تعد تحتمله فرفعت رأسها بتوتر وما إن فعلت حتى شهقت في صمت
وجه سيدريك الذي اقترب منها لانتزاع البروش بات أمامها مباشرة
عيناه ذات اللون البني المحمّر واللتان تشبهان الياقوت كانتا جميلتين لكنها لم تستطع حتى تأمل وسامته لأن عينيه كانتا تمتلئان بازدراء وغضب
“برأيكِ من يجب أن أناقش معه هذا الأمر آنسة هارييت ؟”
“أ-أنا لا أفهم ما تعنيه…”
“مع من يجب أن أتكلم لأفهم كيف وُضِع تذكار والدي الراحل على صدر شابة لم ألتقِ بها من قبل ؟ وكيف سنتعامل مع الإهانة التي تلقيتها للتو ؟”
مع كل كلمة نطق بها سيدريك بدا أن درجة الحرارة حولهما تنخفض أكثر فأكثر
“من الصعب أن أغفر هذا كـ(مزحة) طائشة من شابة بالنظر إلى ما يمثله هذا البروش”
وقفت هارييت، فاغرة فمها وقد نسيت كل آدابها كلماته كانت بالإمبراطورية الرسمية لكنها لم تفهمها على الإطلاق
“سموك! لا بد أن هناك أأأ— أنه سوء فهم!”
تمتمت مرتجفة
“لماذا دائمًا ما يُحبّ المذنبون كلمة (سوء فهم) ؟ هل يظنون أنني سأسامحهم لمجرد قولهم ذلك ؟”
كانت ابتسامته ناعمة وأنيقة لكن رؤيتها جعلت قشعريرة تسري في جسدها
“لا لا! أنت حقًا تسيئ الظن! عندما عادت الأضواء وجدت هذا الشيئ معلقًا على ثوبي!”
حاولت الدفاع عن نفسها بكل ما أوتيت لكن تعابير سيدريك لم تتغيّر على الإطلاق بدلًا من ذلك بدأت الهمسات تتعالى من حولهما
“على الأرجح هي من وضعت البروش بنفسها”
“حتى لو كانت تريد لفت الانتباه كيف تجرؤ على استخدام بروش الدوق ؟”
“هكذا هي دائمًا”
تناهت إليها أصوات الاستهجان ونظرات الازدراء والجباه المتجهمة كانت قد اعتادت على هذه التفاعلات لكن في هذا اليوم وفي هذا الحفل الإمبراطوري تحديدًا كان الأمر خانقًا أكثر من أي وقت مضى
“لا! أقسم لكم أنه ليس صحيحًا!”
صاحت وهي تستدير إلى الجمع
وفجأة اندفع عمها الفيكونت جون ليسترويل نحوها وهو يلهث
“سمو الدوق!”
صاح جون
“أه أخيرًا وصل المسؤول”
قال سيدريك بهدوء
نظرت هارييت إلى عمها بعينين يملؤهما الرجاء والتوسل ساعدني! أرجوك ساعدني! أنا لا أعرف شيئًا حقًا! لكن الكلمات التي خرجت من فم جون لم تكن أبدًا ما تمنّته
“أعتذر بشدة! إنّها غلطتي لأنني لم أُحسن مراقبة ابنة أخي”
“يبدو الأمر كذلك فعلًا”
أجابه سيدريك بنبرة هادئة لكن أحدًا لم يشك في أنه غاضب
عند التفكير في الأمر فقد كان الغضب مبررًا فـ مأدبه الانتصار بالحرب لم يكن حفلًا سعيدًا لرجل فقد والده في تلك الحرب
وفوق كل هذا أن يُفقد تذكار والده في مناسبة كهذه ثم يُرى على صدر هارييت ليسترويل سيئة السمعة وكأن الدوق أهداها إياه بنفسه…
كان جون يتصبّب عرقًا ينحني مرارًا وتكرارًا بينما ظهرت بيلّا التي لا أحد يدري متى حضرت ترتجف وتلتمس العفو
“سموك ألا يمكنك أن تُظهر قليلًا من الرحمة تجاه هارييت ؟ لا بد أنها عثرت على البروش بالصدفة وارتدته فقط لأنها أرادت بعض الانتباه… إنها لم تتلقَ شيئًا كهذا من قبل..”
بمجرد أن قالت بيلّا تلك الكلمات شحب وجه هارييت
“بيلّا! أنتِ رأيتِ كل شيئ من قبل! أنا قلت إن من وضعه قد ارتكب خطأ!”
حاولت الدفاع عن نفسها واثقة من أن بيلّا وصديقاتها سيشهدن معها
لكن بمحاولتها قاطعها جون
“اصمتي هارييت! كيف تجرئين على رفع صوتك أمام سمو الدوق؟”
كان وجهه يغلي غضبًا ولم يكن ذلك مستغربًا فهذه الأمسية كانت بمثابة العرض الأول لابنه أستون في المجتمع الأرستقراطي والآن، بسبب هذه الفضيحة عرّضت هارييت العائلة بأكملها للحرج أمام ضيف الشرف
حاولت هارييت شرح موقفها مجددًا لكن الدموع سالت من عينيها قبل أن تنطق وراحت شفتيها ترتجفان بلا تحكّم كانت تعرف مدى إذلال البكاء أمام هذا الحشد لكنها لم تستطع منع نفسها
“أنا حقًا أأ-أبدًا لم أسرق ههااغغ بروش سموك اااهعغ أبدًا!”
كان صوتها المرتجف مثيرًا للشفقة لكن لم يشعر أحد بالشفقة نحوها
“إنها بالفعل تفي بلقبها كـ صانعة للفضائح”
“ليست حتى جميلة لكنها لا تكفّ عن ملاحقة الرجال”
“يا له من مسكين هذا الفيكونت ليسترويل كل هذا العار من فتاة احتضنها بدافع الواجب تجاه شقيقه الراحل”
رغم ازدحام القاعة شعرت هارييت وكأنها تغرق في وحدة لا نهاية لها لم يكن هناك أحد في صفها لم يكن أحد مستعدًا للاستماع إليها
وكلما حاولت الدفاع عن نفسها بدت أكثر غباءً كانت قد اعتادت على ذلك لكن في هذا المكان وسط المجتمع الإمبراطوري كان شعورها باليأس أقسى من أي وقت مضى
‘كم هو سهل أن تجعل من أحدهم أضحوكة أليس كذلك ؟’
فكّرت وضحكت بمرارة
ومع ذلك كان هناك شيئ واحد أرادت أن تقوله بوضوح لـ سيدريك
كانت تعلم أنه لن يصدقها لكنها لم تستطع المغادرة دون قوله ابتلعت دموعها ثم نظرت إليه مباشرة وقالت ببطء وثبات
“لم أسرق البروش الخاص بك سمو الدوق ولم أرغَب فيه يومًا”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"