ثم غادر لكن بيلا لم تُخطئ في التقاط تلك السخرية التي لمعت في نهاية كلماته
”هل… سخر مني للتو؟”
أرادت أن تصدق أنها تبالغ وأنه لم يقصدها بتلك الطريقة لكنها في كل مرة فكرت في الأمر كانت تصل إلى نفس النتيجة المحبطة
كان سيدريك يعرف نوايا عائلة ليستيرويل من إرسال هارييت إلى الدير وكان يعلم أيضًا أن محاولة بيلا للتحدث معه لم تكن سوى مشهد جانبي من ذلك السيناريو
وفوق ذلك لم يكن لمظهرها أو حتى للياقوت الذي تضعه أي معنى في نظره في الواقع لم تكن لعائلة ليستيرويل كلها أي قيمة أمامه كانت قبضتا بيلا المرتجفتان ترتعشان قليلاً لم يسبق لها أن شعرت بهذا القدر من الإهانة أو الذل من قبل
”لـ اي قدر يجب علي أن أكون أجمل ؟ ولكط أكون أكثر شهرة ؟”
لقد صعدت من كونها ابنة غير مهمة من فرع صغير من عائلة الفيكونت إلى أن أصبحت الابنة الشرعية للأسرة الرئيسية والآن هي أشهر حسناء في المجتمع ومن أكثر العرائس المرتقبات
ومع ذلك شعرت وكأن شيئًا لم يتغير منذ تلك الأيام التي كانت تُعرف فيها فقط بـ”ابنة عم هارييت”
”بيلا تعالي! سأعرفكِ على صديقاتي”
ظهر أمام عينيها مشهد هارييت الصغيرة وهي تلوّح لها بابتسامة مشرقة تحت أشعة الشمس تلك اللحظة الوحيدة التي أرادت فيها أن تستولي على كل ما كان يخص هارييت
شعرت وكأن مشاعر النقص التي دُفنت منذ زمن قد خرجت من تابوتها تزحف إلى الحياة من جديد وتخنق أنفاسها ولم تنتبه حتى إلى أن أحدهم قد اقترب منها وفي يده كأس من الشمبانيا
”يا آنسة هل أنتِ بخير؟”
أعادها صوت لطيف إلى الواقع
وعندما التفتت رأت رجلاً تعرفه ينظر إليها بقلق
”جيمس تشيسلو؟”
كان الابن الأكبر لعائلة تشيسلو وخطيب دافني لوريل والرجل الذي كان علق على ثوب هارييت بروش في ذلك الحفل ثم سارعت بيلا إلى إرخاء قبضتيها المشدودتين وأصلحت تعابير وجهها
”آه عذرًا شعرت بدوار طفيف للحظة…”
”يا للأسف! هل ترغبين أن تستندي إلى ذراعي؟”
وضع كأسه جانبًا ومدّ ذراعه نحوها
لم تكن قد أولته أي اهتمام من قبل لكن الآن بعد أن نظرت إليه عن قرب بدا وسيمًا جدًاوعلى عكس “شخص ما” كان يتحلى بلباقة تامة في التعامل مع النساء وفوق ذلك كانت عائلة تشيسلو ذات نفوذ كبير
’دافني محظوظة جدًا عائلة جيدة أموال كثيرة وجه جميل وحتى خطيب مثالي كم هذا مزعج’
ثم خطرت لها فكرة فكرة راودتها منذ زمن طويل فكرة غيّرت مجرى حياتها
’إذا أخذته… وأصبح لي’
لقد كانت حياة بيلا ثمرة صراع لا يهدأ وغزو مستمر فكلما أرادت شيئًا كانت تفعل كل ما في وسعها لتجعله ملكًا لها عائلة دوق كايلاس قد تكون بعيدة المنال لكن عائلة تشيسلو ؟
’هذا ممكن’
ومن يعلم ؟ ربما إذا أصبحت المرأة التي يكرّس لها جيمس تشيسلو قلبه فإن سيدريك كايلاس سيبدأ برؤيتها بنظرة مختلفة وبعد أن اتخذت قرارها رمشت بيلا برموشها برقة وابتسمت له ابتسامة خافتة هشة
”آمل ألا أكون أزعجتك…”
”إزعاج؟ لا تقولي ذلك تجاهل سيدة في محنة لا يُعد من شيم الرجال”
وبهذا وضعت بيلا يدها على ذراع جيمس وكأنها مترددة
”شكرًا لـ لطفك بالمناسبة أنا بيلا ليستيرويل”
”وهل يوجد رجل لا يعرف اسمكِ آنسة بيلا؟ أنا جيمس تشيسلو”
”رأيتك من بعيد من قبل لكنها أول مرة نلتقي وجهًا لوجه شكرًا مجددًا على… آه أشعر بدوار…”
سارع جيمس إلى دعم كتف بيلا بينما تمايلت دراميًا
”آنستي هل أستدعي طبيبًا ؟”
”لا لا لا أريد أن أثير ضجة آسفة لكن هل يمكنك مساعدتي للوصول إلى إحدى غرف الضيوف ؟”
”بالطبع”
وكفارس نبيل دعم جيمس بيلا بينما توجها معًا نحو غرفة خاصة لم يكن يدرك أن مستقبله بأكمله على وشك أن يتغير
⸻
يظن الكثيرون أن الحياة في الدير بسيطة وهادئة وفي بعض الجوانب هذا صحيح لكن في جوانب أخرى ليس كذلك فلا يوجد مكان يسوده السلام فقط بين البشر ثم جمعت الأم كاثرين عددًا قليلًا من الأشخاص لترتيب أفكارها المتشابكة
”استدعيتكم جميعًا اليوم للحديث عن الأخت هارييت”
قالت وهي تنظر إلى عدد من الأشخاص المرتبطين بهارييت الأم المساعدة أغنيس إيما التي أرشدت هارييت وصوفيا من ورشة الصابون
”ما رأيكم في الأخت هارييت؟”
مرّت ثلاثة أشهر منذ استقبلوا تلك السيدة المزعجة من الطبقة المخملية وكان عليهم الاعتراف بأن هارييت لم تكن كما توقعوا
فـ”هارييت ليستيرويل” مُثيرة الفضائح العار الذي لحق بعائلة ليستيرويل تبيّن أنها أكثر هدوءًا ولطفًا واجتهادًا من باقي النبيلات المقيمات في الدير كان من الغريب سبب إرسال شخص مثلها إلى الدير كعقوبة
”بصراحة بدأت أشك في الشائعات التي سمعناها عنها ايتها الأم كاثرين فالمرأة التي يُقال إنها مهووسة بالرجال لم تتحدث عنهم قط منذ ثلاثة أشهر”
دافعت عنها صوفيا التي كانت تقضي معظم وقتها مع هارييت
”لكن أليس السبب ببساطة أنه لا يوجد رجال هنا سوى العجوز الذي في الإسطبل ؟ ربما لم تتح لها الفرصة لطرح الموضوع”
”لو كان ذلك صحيحًا لكانت على الأقل تذمّرت من غياب الرجال أليس كذلك ؟ لكنها لم تسأل يومًا عن علاقات أحد ولم تُظهر أي اهتمام بالأمر”
توالت كلمات الدعم بعدها
”أعترف أنني لم أحبها في البداية لكنها تبدو أكثر حساسية مما توقعت”
”وما الذي يجعلكِ تقولين ذلك إيما؟”
”في الليلة الأولى التي أحضرتُ لها فيها الطعام والثياب إلى غرفتها سمعتُها تبكي لم يكن بكاؤها غاضبًا أو غيظًا بل… حزينًا و…”
خفضت إيما وهي الراهبة التي أرشدت هارييت إلى غرفتها صوتها وهي تستعيد تلك الليلة التي لم تجرؤ فيها على فتح الباب
”كانت تبكي وتقول ‘أبي خذني معك…'”
كان الجميع يعرف أن هارييت فقدت والديها وأن عمها هو من تكفّل بها وطلبها من والدها أن “يأخذها” كان يعني على الأرجح أنها كانت ترغب في الموت
”كيف يمكنها التفوه بمثل هذه الكلمات في مكان يسعى لاتباع مشيئة الاله؟”
”لكني أتفهم شعورها ايتها الام كاثرين”
قالت إيما وهي تخفض بصرها لكنها لم تتراجع
مثل هارييت فقدت إيما والديها وأمضت طفولتها متنقلة بين منازل أقاربها كانت تعرف جيدًا مدى بؤس الشعور بأنك عبء على الآخرين ومدى صعوبة أن تعيش رافعًا رأسك بينما يُساء إليك فقط لأنك بلا والدين
”في كل مرة تدرك فيها أن لا أحد يحبك… تتساءل لماذا يجب أن أستمر في العيش؟ لا أظن أن النبالة تغيّر من ذلك شيئًا”
”كان عليها أن تفكر في من مروا بما هو أسوأ وتشكر الاله على ما لديها”
”نعم هذا صحيح ولكن…”
تلعثمت إيما وتدخلت أغنيس
”نادراً ما يقارن الناس أنفسهم بمن هم أدنى منهم ليشعروا بالامتنان الناس دائمًا يقارنون أنفسهم بمن لديهم أكثر”
”والأخت هارييت لا تزال في الحادية والعشرين من عمرها ايتها الام كاثرين بالكاد تلقت أي تعاليم دينية”
وبدعم من صوفيا بدأ بريق الحدة يختفي من عيني كاثرين
”آه… ما دمتم تتحدثون عنها بهذا الشكل الطيب فأنا أشعر بالاطمئنان من أن شكوكي لم تكن خاطئة”
لم تكن كاثرين تكره هارييت
لقد تعاملت معها بصرامة وأعطتها مهامًا حتى الرهبان العاديون يقومون بها خوفًا من أن تُسبب المشاكل لكنها تقبّلت كل ذلك دون أي شكوى وأدّت المهام بجدٍّ واجتهاد
”كنت أظن أنها ستتذمر على الأقل من أنني أُعطيها كل الأعمال”
وعندما لم تحتج بدأت كاثرين تتساءل إن كانت بعض المعلومات التي تلقتها عن هارييت غير دقيقة كانت الرسالة التي أرسلها البارون ليستيرويل تصف هارييت بأنها مدللة وغير ناضجة وأنها تعودت على الدلال بعد وفاة والديها
ولو كان ذلك صحيحًا لكانت قد تصرفت بشكل مختلف عندما كُلِّفت بتلك المهام الشاقة لم تكن لتُبقي على ذلك الهدوء في عينيها لا حتى منذ اللحظة التي حيّت فيها هارييت كلًا من كاثرين وأغنيس عند وصولها بدا هناك شيئ غير طبيعي
أن تبكي خوفًا أو ظلمًا شيئ لكن أن تمسح دموعها بسرعة غير قادرة على رفع رأسها… لم يكن هذا من خصال النبيلات المعتادات
”بدت وكأنها طفلة عوقبت كثيرًا على البكاء… لدرجة أنها باتت تخاف حتى من ذلك”
تنهدت كاثرين بعمق لسبب ما التفكير في هارييت دائمًا كان يجعلها تتنهد
”لقد أعطيتها العمل حتى تتأمل وتصحح سلوكها لكن بناءً على ما رأيته لا يوجد سبب يجعلنا نعاملها بشكل مختلف عن باقي الشابات”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"