و لكن المأساة لم تنتهِ هنا.

بينما كانت تستمتع برائحة الشاي بعينيها المغلقتين و تتحدث ، فشلت الماركيزة في ملاحظة الحشرة التي سقطت في فنجان الشاي الخاص بها.

لقد كان هذا الوضع مروعًا للغاية لدرجة أنه كان من الممكن منع حتى العدو اللدود من شربه.

لهذا السبب، تواصلت داليا على الفور مع الماركيزة. و لكن …

“سيدتي ، في ذلك الشاي الآن …!”

لقد كان الوقت متأخرا بالفعل.

قبل أن تتمكن داليا من إيقافها، كانت الماركيزة قد شربت الشاي، حاملةً معها الحشرة والشاي الأسود المشهور. وبعد لحظة…

“هممم؟ هناك شيء غريب في فمي …”

عندما أدركت الماركيزة أن هناك شيئًا ما غير طبيعي، قامت بدحرجته في فمها ثم بصقت شيئًا ما في راحة يدها.

ظهر جسم أسود في كفها. 

كان بقايا حشرة، نصف جسمها الذي سحقته أضراسها.

“…….”

“…….”

“…….”

مرّ صمتٌ قصير. و عندما أدركت الماركيزة ماهية البقايا، شحب وجهها. 

ثم …

“آآآآآه!”

وفي الوقت نفسه، دوى صراخ مرعب في أرجاء المقهى.

شعرت الماركيزة بالرعب، فألقت الحشرة من يدها ووقفت، مما تسبب في ضجة.

“حشرة صغيرة!”

كان الصراخ مفهومًا لو كانت الحشرة أمامها فحسب ، لكن خروجها من فمها كان أمرًا آخر. بالنسبة لسيدة نشأت كزهرة في دفيئة، كان كافيًا لإغمائها.

لكن الماركيزة بورسن كانت أقوى من المتوقع.

وبدلاً من الإغماء، أحدثت ضجة، حيث كانت تلوح بعنف في أنحاء المقهى.

ونتيجة لذلك، جذبت بسرعة انتباه الجميع في المقهى.

“أليست هذه الماركيزة بورسن؟ لماذا تتصرف هكذا فجأةً…؟”

“أعرف، صحيح؟ تصرفها غير لائق. إنها امرأة متزوجة… يا له من أمر محرج”

‘آه، لو أنه أغمي عليها، لكان من الممكن اعتبار ذلك مجرد إغماءة لسيدة رقيقة’

لسوء الحظ، بالنسبة للجميع، كانت تبدو وكأنها امرأة مجنونة تتجول في المقهى.

“سيدتي! من فضلك اهدأي!”

وأخيرا تدخلت خادمة الماركيزة، وعندها فقط فقدت وعيها، وحملها سائق عربة العائلة.

بعد ضجة الماركيزة ومغادرتها، ساد صمت محرج على الطاولة.

‘كيف من المفترض أن أعتذر عن هذا…؟’

لم تتوقع أن تتفاقم الأمور إلى هذا الحد. 

لو كانت تعلم ، لأزالت الخلل مبكرًا.

‘أنا آسفة سيدتي’

لم أقصد أن يحدث هذا أيضًا.

اعتذرت داليا بصمت للماركيزة الغائبة وأخذت رشفة من الشاي.

“الشاي له رائحة جميلة جدًا.”

وكما قالت الماركيزة في وقت سابق، كان الشاي عطريًا جدًا.

قررت أنها ستشتري أوراق الشاي التي تباع على المنضدة قبل أن تعود إلى القصر و تأخذ رشفة أخرى من الشاي.

في تلك اللحظة تحدثت راشيل، التي كانت صامتة حتى الآن.

“أنا حقا أراكِ في ضوء جديد، سيدتي.”

“عفوا؟ ماذا تقصدين …؟”

ارتجفت داليا وهي ترتشف، فالتفتت إليها. 

تابعت راشيل بنبرة جادة.

“الحشرة التي ابتلعتها الماركيزة. لا داعي للتظاهر. لقد رأيتُ كل شيء.”

كلمات راشيل جعلت داليا تتصبب عرقًا باردًا، مثل طفل تم القبض عليه وهو يتناول وجبة خفيفة.

‘آه، اللعنة. متى رأت ذلك؟’

ظنّت أن راشيل منشغلة بالماركيزة. 

هل كانت لديها عينان على جانب رأسها أم ماذا؟

‘أوه، ربما ستنتقدني بسبب تصرفي غير اللائق’

اشتكت داليا داخليًا من حدة راشيل غير الضرورية، واستسلمت وأومأت برأسها.

“…نعم، أنتِ محقة. لكن ذلك كان حادثًا—”

“لقد كان رائعًا تمامًا.”

“نعم ، رائع تمامًا – عفوًا؟”

رائع؟ ماذا كان؟

التقت نظراتها بعيني راشيل، والتي كانت تتألق بشكل مزعج تقريبًا.

“لقد وضعتِ الحشرة عمدًا على الماركيزة لتزعجيها، أليس كذلك؟”

لقد همست بصوت منخفض بما يكفي لتسمعه داليا.

ما هذا الهراء؟ هل تعتقد أنني فعلت ذلك عمدًا؟

“آنسة رومان، أعتقد أن هناك بعض سوء الفهم-“

ولكن راشيل لم تستمع لها.

“هل رأيتِ كيف انهارت الماركيزة سابقًا؟ يا له من أمر مُرضي! لقد كانت لا تُطاق منذ أن كانت ابنة الكونت ستيوارت”

مع هذه الكلمات ، غمزت راشيل لها وكأنها تقول ، “لقد فهمتِني ، أليس كذلك؟”

“لقد رأيتُ جوانب جديدة كثيرة منكِ اليوم، سيدتي. لقد اتخذت قراري.”

ومع ذلك، مدت راشيل يدها إليها.

“ماذا لو أصبحنا أصدقاء؟ أعتقد أننا سنتوافق بشكل جيد.”

وبينما كانت داليا تطرف بعينيها، غير قادرة على مواكبة المحادثة، أمسكت راشيل بيدها.

ثم صافحتها بقوة و هم متشابكي الأيدي.

“أتطلع إلى اللقاء! هل يمكنني أن أناديكِ باسمكِ الأول؟”

“آه… حسنًا، أعتقد أن هذا جيد، ولكن بخصوص الخطأ السابق…”

“رائع يا داليا! من الآن فصاعدًا، عندما نكون وحدنا، من فضلك ناديني راشيل”

“لا، ما أقصده هو، بشأن ذلك الشيء السابق …”

“لا تقلقي ، سأدفن ما حدث اليوم. كل صداقة تحتاج إلى سر أو اثنين ، ألا تعتقدين ذلك؟”

لكن يبدو أن راشيل لم تكن مهتمة بسماع ما قالته داليا.

لم أفعل ذلك عمدًا! لم أكن أحاول إذلالها!

و هكذا اكتسبت داليا صديقة لا تستمع إلا لنفسها.

* * *

“هاه…”

بعد أن انفصلت عن راشيل، وقفت داليا أمام المقهى وتنهدت وكأنها منهكة.

لو لم تكن راشيل، لربما كانت قد ذهبت لرؤية الطبيب بالفعل.

لكن رحلة غير مخطط لها إلى المقهى، إلى جانب لقاء غير متوقع، كانت أكثر من كافية لإرهاقها.

“… هل يجب علي أن أعود إلى المنزل؟”

بدت السماء، المطلية بالبرتقال، وكأنها تهمس لها بالعودة إلى المنزل. لكن داليا هزت رأسها ، مستعيدةً عزمها.

“لا، يجب عليّ على الأقل أن أعرف مكان الطبيب”

وكما عززت داليا عزيمتها…

“يا إلهي، أي طبيب تبحث عنه؟”

ظهرت راشيل، التي ظنت داليا أنها عادت بالفعل إلى القصر، أمامها بعيون متألقة.

“آنسة رومان؟ ألم تغادري بالفعل؟”

تلعثمت داليا وهي تجمع أفكارها، وكان قلبها قد سقط للحظة.

“تذكرتُ الحلوى التي طلبتُها من خادمتي. أردتُ مشاركتها معكِ، لذا عدتُ. إنها فطيرة ليمون، عليكِ الانتظار ثلاث ساعات في الطابور للحصول عليها”

سلمت راشيل صندوقًا أبيض و ابتسمت بمرح.

“ولكن لماذا تبحثين عن طبيب آخر عندما يكون طبيب عائلة ساير ماهرًا مثل الطبيب الملكي؟”

“آه، نعم، حسنًا، هذا صحيح. هاها …”

ضحكت داليا بشكل محرج وتجنبت الإجابة على سؤال السيدة رومان المستمر.

كان موقفًا محرجًا. لم تستطع الجزم بأنها كانت تبحث عن حبوب منع الحمل من وراء ظهر زوجها.

كانت داليا تحاول أن تجد عذرًا عندما راقبتها راشيل عن كثب وصفقت بيديها وكأنها فهمت الأمر.

“أوه ، لقد كنتُ غير حساسة للغاية. هناك سبب واحد فقط يمنعكِ من إخبار طبيب عائلتِكِ ، أليس كذلك؟”

“ماذا؟ ماذا تقصدين بمسألة خاصة …؟”

“داليا، أفهمكِ. كان لدى ابنة عمي نفس قلقكِ”

لا، ولكن ما الذي تتحدثين عنه حتى؟!

“أعرف طبيبًا يمكنه مساعدتكِ في مشكلتكِ. إنه متخصص في صحة المرأة، ولكن…”

“… صحة المرأة؟”

داليا، التي بدأت تشعر بالانزعاج، انتبهت عند ذكر اسم أخصائي صحة المرأة.

“نعم، إنه يعرف كل شيء عن صحة المرأة. ونقطة قوته الكبرى هي…”

بينما كانت داليا تشاهد راشيل وهي تستعد لقول شيء درامي، ابتلعت ريقها دون وعي.

“السرية المطلقة”

“السرية؟”

“لا يكشف أبدًا عن معلومات مرضاه. بالطبع، هذا متوقع من أي طبيب، لكن هل تعلمين كم منهم يخون الثقة مقابل القليل من المال؟ إنه مختلف. لهذا السبب تلجأ إليه العديد من السيدات سرًا”

‘هذا هو الطبيب الذي كنت أبحث عنه!’

وبعد الكلمات الأخيرة التي قالتها راشيل، أومأت داليا برأسها بلهفة، مستعدة للتوجه إلى الطبيب على الفور.

وكان ذلك حتى سمعت ملاحظة راشيل الأخيرة.

“بمساعدته، أنا متأكدة من أن النصف السفلي الغير سليم من الدوق سيتم إصلاحه في أي وقت من الأوقات”

هاه؟