ما إن أنهى الفارس كلماته حتى انهارت داليا أرضًا. فسارع كلايتون، الذي كان بجوارها، إلى الإمساك بها و دعم جسدها.
“أحضروا الخيل فورًا!”
بأمر كلايتون العاجل ، بدأ الفرسان بالتحرك بسرعة.
ثم حاول أن ينهض بـداليا بالقوة.
“كلايتون …”
“نعم ، داليا. دعينا نؤجل الحديث لما بعد. أولًا علينا المغادرة …”
“داميان هو ابنك.”
تجمد جسد كلايتون للحظة، بينما كان يلحّ على داليا بأن الوقت لا يسمح بالحديث. نظر إلى وجهها و كأنه لم يسمع جيدًا.
لم تكن هناك ذرة كذب على ملامح وجهها المشوش والمصدوم.
“ولي العهد قال ذلك. علامة العائلة المالكة تظهر بسبب دواء يُعطى.”
“ماذا تقولين…؟”
“عندما كنتُ حاملًا، أعطوني ذلك الدواء دون علمي. ولهذا ظهرت العلامة على داميان”
تفجّرت الكلمات من فمها دون ترتيب، مربكة و متشابكة.
وكلما أكملت حديثها، أصبح وجه كلايتون أكثر تصلبًا.
ظل يعيد كلماتها في ذهنه مرارًا:
داميان … هو ابني؟
الطفل الذي كان يظنه دائمًا ابن ولي العهد …
اتضح أنه ابنه هو.
ابنه.
الطفل الذي يحمل دمه.
ثمرة ما جمع بينه و بين داليا.
أطلق كلايتون تنهيدة منخفضة حين استوعب الحقيقة كلها.
«ألا تظن أن السيد داميان يشبهك كثيرًا يا دوق؟»
في تلك اللحظة، تذكر كلام كاديسون له ذات مرة.
كان قد تجاهله آنذاك معتبرًا الأمر محض صدفة.
لكن الآن …
أحسّ و كأن شيئًا داخله قد انهار.
ضعفت قبضته التي كانت تسند داليا، وكاد أن يسقط مثلها على الأرض.
“سيدي الدوق! تم تجهيز الخيل!”
صرخة الفارس أعادت إلى كلايتون شيئًا من وعيه.
حمل داليا بين ذراعيه و قال: “هيا بنا”
الآن، الأمر العاجل هو الوصول إلى داميان.
فحقيقة أن الفارس الذي أوكل إليه مهمة أخذ الطفل للطبيب قد عاد مسرعًا، تعني أن الوضع حرج بالفعل.
وهكذا، امتطى الحصان مع داليا وانطلق بأقصى سرعة.
«أنا آسف … لقد كنتُ مخطئًا …»
«أنت تكره أمي ، أليس كذلك؟ بسببي …»
«أنت تكرهني أيضًا …»
تراءت له صورة داميان و هو يعتذر بوجه محمر و عيون دامعة.
ربما كان الهواء العاصف الذي اخترق وجهه أثناء ركوبه السبب في هذا الشعور ، لكن …
كان يختنق.
لم يستطع أن يتنفس بسهولة.
«لم أعد مضطرًا لقتل الطفل بيدي ، أليس كذلك؟»
«هل كنتِ تظنين أنني سأُنقِذ ابنكِ؟»
ترددت في ذهنه الكلمات القاسية التي تفوّه بها في الماضي أمام الطفل.
تلك الكلمات الآن تمزق قلبه.
“داميان … أرجوك …”
ليتك تكون بخير فقط.
المكان الذي وصل إليه الاثنان على صهوة جواديهما لم يكن القصر، بل عيادة صغيرة تقع في أطراف القرية. كان الفارس قد رأى أن التوجّه مباشرة إلى العيادة أسرع من أخذ داميان إلى القصر أولًا.
ما إن نزلت داليا بسرعة من على الحصان و دخلت إلى داخل العيادة ، حتى وقعت عيناها على داميان و هو مستلقٍ على السرير يلهث بأنفاس متقطعة.
“داميان!”
هرعت بخطى سريعة نحو الطفل.
وجه داميان ، الذي لم يكن قادرًا حتى على فتح عينيه ، كان شديد الاحمرار.
“هل أنتِ والدة الطفل؟”
“نعم، أنا أمه. كيف حال صغيري داميان؟”
عندها ، رفع الطبيب الذي كان يراقب حالة داميان نظارته بنظرة جديّة وقلق ظاهر.
“حالته أخطر مما توقعت. حتى بعد إعطائه خافضًا للحرارة ، لم تنخفض حرارته أبدًا … إن استمر الوضع على هذا الحال ، فلن يتمكن جسده الصغير من تحمّل ذلك”
“آه …”
ما إن أنهى الطبيب كلماته حتى بدأت داليا تتمايل من شدة الصدمة.
كان كلايتون يستمع بصمت لكلام الطبيب، ثم سأل بنبرة ثقيلة: “ألا يوجد أي طريقة؟”
“للأسف ، لا يوجد شيء يمكننا فعله في الوقت الراهن. عليكم الاستعداد للأسوأ”
تنبأ الطبيب بموت داميان.
تلك الكلمات كانت كـالسهم الذي أصاب قلبي داليا و كلايتون معًا.
لكن داليا، التي لم تكن مستعدة للاستسلام ، رفعت رأسها و كأن شيئًا ما خطر في بالها فجأة.
ثم اقتربت من الطبيب و قالت: “سم ، الطفل تناول سُمًّا. أعتقد أن السُم هو السبب في هذه الحرارة الشديدة. أليس من الممكن خفض الحرارة إذا عرفنا نوع السُم؟”
رغم أن ولي العهد قال إن الدواء الذي أعطاه لها كان ترياقًا، إلا أن داليا لم تكن قادرة على الوثوق بكلماته. فقد خدعها مرارًا من قبل.
“هل تعرفين نوع السم؟”
“لا ، لا أعرف بالضبط. آه ، لكن … لا يزال هناك بعضٌ من السم في القصر! إذا أحضرته الآن على الفور …”
لم تكن المسافة إلى القصر بعيدة، لذا كان هناك بصيص من الأمل.
لكن كلايتون، الذي كان يصغي لكلام داليا بصمت، سألها وكأنه لا يفهم شيئًا: “ماذا تقصدين بأن داميان تناول السم؟ ولماذا… في القصر؟”
“قال إنه تواطأ مع الطبيب الخاص الذي كان في فيلسين و خدعنا”
“ماذا …؟”
بدأ وجه كلايتون يشحب شيئًا فشيئًا بسبب إجابتها.
إذًا السبب وراء الحالة التي وصل إليها داميان الآن …
هل هو بسببي؟
توقف عقله تمامًا عندما سمع أن السبب وراء معاناة داميان على حافة الموت هو الدواء الذي أحضره بنفسه.
أحد الفرسان الذي كان يستمع إلى حديثهما أدرك خطورة الموقف فتقدم للأمام.
“سأذهب فورًا و أحضر ذلك السم”
“أرجوك.”
أومأ الفارس برأسه واندفع خارج العيادة دون حتى أن يأخذ وقته لأداء التحية.
“إذًا سأبدأ بتحضير عدة ترياقات على الفور. نرجو فقط أن يتمكن الطفل من الصمود حتى ذلك الحين …”
تنهد الطبيب بأسى ثم غادر المكان هو الآخر.
كلايتون، الذي عاد إليه وعيه متأخرًا، نظر إلى داميان، ثم مد يده ليمسك بيد الطفل الصغيرة التي كانت خارج الغطاء.
كانت الحرارة المنبعثة من اليد الصغيرة مرتفعة للغاية.
غمره شعور ساحق بالذنب لأنه ألقى على عاتق هذا الطفل أمورًا لا طاقة له بها.
“… إنه بسببي”
صوت كلايتون المبحوح خرج خافتًا و مليئًا بالألم.
“بسببي ، داميان …”
عجز كلايتون عن مواصلة الكلام و خفض رأسه.
“ليست غلطتك …”
لفّت داليا ذراعها حول كتف كلايتون ، ثم دفنت وجهها في صدره.
“لو أنني فقط أخبرتك بكل شيء منذ البداية ، لما كان ليحدث أي من هذا …”
الدموع التي انهمرت من خديها بللت طرف ملابس كلايتون.
الندم والشعور بالذنب مزّقا قلبيهما تمزيقًا.
و لعل أنفاس داميان المتقطعة هي ما ملأ الصمت الثقيل من حولهما.
تك-!
فجأة ، ارتخت يد الطفل التي كان كلايتون يمسك بها.
شعر كلايتون بشيء غريب ، فرفع رأسه بسرعة.
“داميان …؟”
ناداه بحذر، و قد خيم على صوته قلق غير مفسّر.
“… داميان”
وحين لم يتلقَّ أي رد، أعاد مناداته مرة أخرى، لكن ما من استجابة.
“ما الذي يحدث؟”
رفعت داليا رأسها من على كتف كلايتون. يبدو أنها هي الأخرى شعرت بأن هناك أمرًا غير طبيعي.
اتجهت داليا نحو داميان ، بعدما لاحظت التغير في نبرة صوت كلايتون.
لقد توقفت أنفاسه المتقطعة التي كانت تُسمع قبل لحظات.
“داميان!!”
صرخت داليا بإسمه. و على الفور ، خرج الطبيب الذي كان يبحث بين الأدوية في غرفة التخزين مذعورًا.
“ما الذي يحدث؟!”
“الطفل… هناك شيء غريب، أعتقد أنه لا يتنفس…!”
عندما سمع الطبيب تلك الكلمات، أسرع إلى جانب داميان و بدأ بفحصه على الفور.
تفحص الطفل للحظات، ثم تنهد بارتياح، ولكن بحذر.
“لحسن الحظ، ما زال يتنفس، ولكن…”
بدت عليه الحيرة وكأنه لاحظ شيئًا غريبًا، وأمال رأسه متفكرًا.
وفي تلك اللحظة بالضبط-
دوووم-!
انفتح الباب المغلق فجأة بصوت قوي ، ودخل الفارس الذي ذهب لإحضار السم.
كان يلهث بشدة و هو يبحث عن الطبيب.
“لقد أحضرت … السم!”
“أعطني إياه بسرعة!”
أخذ الطبيب السم من الفارس و بدأ ينثر العلب فوق الطاولة و يفحصها واحدة تلو الأخرى.
لكن بدا وكأن الأمور لا تسير كما كان يتوقع، إذ عاد وأمال رأسه بإرتباك.
ثم اقترب من كلايتون وداليا وهو يحك رأسه بتردد.
“هذا غريب… هذا ليس سمًا. هذا الدواء مجرد …”
وفي تلك اللحظة –
“أمي …؟”
قاطع صوت داميان الطبيب.
فما إن سُمع صوت الطفل الذي كان فاقدًا للوعي حتى استدارت داليا بسرعة خلفها.
“داميان!”
ورأته يفتح عينيه ببطء و يطرف بعينيه وهو ينظر حوله.
“هل استعدتَ وعيك؟ هل أنتَ بخير … داميان؟”
لكن بينما كانت داليا تتمعن في وجه داميان ، تجمد تعبير وجهها فجأة.
“عيناكَ …!”
لون عيني الطفل قد تغير.
و صارتا بنفس اللون الأحمر لعيني كلايتون.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "125"