انخفض رأس داليا بينما كانت تستمع بصمت إلى كلمات أليكسيون.
للحظة، بدا وكأن جسدها يرتجف وهي تقبض على يديها.
رأى ذلك أليكسيون ، فإرتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة.
كان واثقًا تمامًا من أن داليا صدّقت كلماته.
وبصوت أكثر لينًا، خاطبها:
“لا تقلقي كثيرًا، داليا.”
بصوت عذب، وكأنه يريد أن يُقنعها بأنه لا أحد في هذا العالم يمكن الوثوق به سواه.
“لقد جئت إلى هنا خصيصًا لأصطحبكِ معي”
مدّ يده نحوها بثقة، واثقًا تمامًا بأنها ستأخذها دون تردد.
“…”
رفعت داليا رأسها قليلاً، وعيناها تقعان على يده الممدودة.
“هيا، خذيها.”
قالها وهو يلحّ عليها بالإسراع في الإمساك بها.
عندها، بدأت داليا تحرك يدها ببطء وكأنها تستجيب له.
لكن …
طق-!
صوت صفعة اليد ارتد في أرجاء الغرفة.
في اللحظة التالية ، ساد صمت ثقيل بين الاثنين.
أليكسيون ، وقد تجمّد في مكانه من هول المفاجأة ، حدّق في يده المرفوضة.
حينها، خرج صوت داليا حادًا:
“كذب”
كانت نظراتها إليه مليئة بالريبة والشك.
“لا تكذب عليّ. الدوق ليس شخصًا يفعل شيئًا كهذا.”
كان في كلماتها إيمان راسخ بكلايتون.
حدّق فيها أليكسيون طويلاً، قبل أن يبتسم باستهزاء.
لكن هذه المرة، لم تكن ابتسامته لطيفة كما كانت من قبل، بل مشبعة بالتهديد.
“يبدو أنّكِ خُدِعتِ تمامًا، داليا”
اقترب منها في لحظة حتى صار قريبًا جدًا و همس:
“كلايتون رجل يمكنه قتل طفل دون تردد.”
“…”
“لو لم أسمع من جورج أن هناك طفلًا يتلقى علاج العائلة المالكة، لكنتُ فقدت طفلي بالفعل دون أن أعرف السبب”
شوه وجهه وكأنه قد كاد يمر بتجربة مروعة فعلاً. ومع أنه أضاف بعض الكلمات بعدها، إلا أن قلب داليا لم يتغير.
“كلا. أنا أعرف الدوق أكثر منك”
لم يكن من الممكن أن تكون مشاعر كلايتون التي اعترف بها لها في الليلة الماضية كذبًا.
وفوق كل شيء، لو كان حقًا ينوي قتل داميان ، لفعل ذلك منذ زمن. لقد أتيحت له الفرص الكثيرة لذلك.
لكنه، على العكس، أصرّ رغم صعوبة الأمر أن يتبنى داميان كابن له من أجلها.
هل يُعقل أن يكون رجلٌ قد اتخذ مثل هذا القرار الصعب ينوي قتل داميان؟ حقًا، لم يكن ذلك منطقيًا على الإطلاق.
مع ردّ داليا الحازم، بدأ وجه ولي العهد يتشوه شيئًا فشيئًا.
لقد أدرك أن هناك حدثًا ما بعد لقائهما جعل داليا تثق في الدوق بشدة.
وفيما كان يفكر كيف يمكنه كسب داليا مجددًا، وجهت إليه سؤالًا.
“لكن ، سمو ولي العهد …”
منذ قليل كان هناك أمر يراودها و يزعجها.
“قلت إنك علمت بوجود الطفل من خلال جورج ، الطبيب الملكي ، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“وهذا يعني أن أحدهم قد ذهب إلى جورج ليطلب منه دواء، أليس كذلك؟ وإن كان الدوق لم يكن ينوي إعطاء الدواء لدميان من الأساس، فما الداعي لأن يذهب إلى جورج من البداية؟”
حتى لو كان من باب الافتراض أن كلايتون كان يضمر نية سيئة، إلا أن كلام ولي العهد لم يكن متماسكًا.
إن لم يكن ينوي إحضار العلاج ، فلا داعي لإرسال أحد إلى فيلسين من الأساس.
لكنّ شكوكها تلاشت سريعًا حين قدّم ولي العهد تفسيرًا سلسًا.
“تلقيت اتصالًا من الكونت فريتين. قال إنه يعتقد أن هناك طفلًا من السلالة الملكية في إيستر. و عندما سمعتُ ذلك ، أتيت إلى هنا بنفسي ومعي العلاج.”
رد ولي العهد بسلاسة ودون تردد، فصمتت داليا.
لقد كانت قد نسيت تمامًا وجود الكونت فريتين.
وحين لاحظ ولي العهد أن تفسيره قد نجح، تابع حديثه:
“على الأرجح، السبب في أن كلايتون تظاهر بإعطاء دميان الدواء هو أنه أراد أن يستعيدَكِ بسهولة. أي أمّ في العالم ستلقي بنفسها في أحضان رجل حاول قتل طفلها؟”
كانت همسات المكر تخدش قلبها.
كلايتون لا يمكن أن يفعل ذلك.
لقد أحبها بصدق، وهي أيضًا أحبته بنفس القدر.
وكانت تثق به كما تثق بقلبها.
لكن أليكسيون استمر في إعطاء أسباب تبدو معقولة ليزعزع إيمانها مرارًا وتكرارًا. تنهد أليكسيون وهو يهز رأسه كما لو أنه منزعج من مظهر داليا المتردد.
“داليا. ليس الوقت مناسبًا لنضيع وقتنا في جدال كهذا. أعلم أنكِ مشوشة، لكن علينا إنقاذ الطفل أولاً”
“الطفل أولاً …”
اتسعت عينا داليا قليلاً و كأنها أدركت شيئًا من كلامه.
نعم، كان كلام أليكسيون صحيحًا.
إن كان كلام ولي العهد صحيحًا، فلا وقت لتضييعه.
كان عليها إعطاء داميان العلاج على الفور.
و لكن لماذا …
“إذًا ، لماذا لم يجلب سمو ولي العهد العلاج إلى هنا؟”
“ماذا؟”
“…إذا كنت تعتقد حقًا أن حالة الطفل حرجة، ألم يكن من الواجب أن تحضر العلاج معك إلى هذا المكان؟”
“ذاك …”
تردد أليكسيون أمام السؤال غير المتوقع، ولم تفوّت داليا تلك اللحظة وواجهته بإلحاح.
“أنت الذي قلت إن كل لحظة مهمة، فلماذا لم تجلب علاج الطفل معك؟!”
هل يريد هذا الرجل حقًا إنقاذ داميان؟ إن كان حقًا يريد إنقاذه، فهل كان ليتصرف على هذا النحو ويقول لها أن تأتي معه ليعطيه العلاج، بينما يعرف أن الطفل بحاجة ماسة إليه؟
كأم ، كانت إجابتها “لا”.
لو كانت في نفس موقف ولي العهد ، لكانت قد فعلت أي شيء لإعطاء داميان العلاج فور إدراكها أن حياته في خطر.
قبضت داليا يدها بقوة.
“كل ذلك كان كذبًا في النهاية”
من البداية، لم يكن ولي العهد يهتم بحياة داميان.
كان هدفه الوحيد هو إخراجها من هذا المكان.
نظرت داليا إلى أليكسيون …
كانت نظراتها مشبعة بالريبة.
فجأة، خطرت على بالها خطيبات ولي العهد السابقات اللواتي قيل إنهن لقين حتفهن في ظروف غامضة. و تذكّرت كذلك تحذير رايتشل ، التي همست لها بألا تقترب من ولي العهد.
تراجعت داليا خطوة إلى الوراء.
فقد أصبحت تشعر بعدم الارتياح تجاه ولي العهد، الذي لا يمكن معرفة ما يخفيه في داخله. و في تلك اللحظة ، مال ولي العهد برأسه وهو يحدّق بها بصمت.
“هاه… داليا.”
تمتم بإسمها، ثم تفوّه بلعنة خافتة بصوت منخفض.
“لماذا تصعّبين الأمور؟ ألا يكفي أن تصدقي كلامي فحسب؟”
“…”
“هل تفضلين تصديق الدوق على كلامي، أنا، ولي العهد؟ كلام ذلك الوحش؟”
كان يتحدث بنظرات باردة لم ترها داليا من قبل.
نظرت إليه داليا بدهشة، وابتلعت ريقها بقلق.
لقد غيّر موقفه فجأة عندما فشل في إقناعها بمرافقته.
وفجأة، استيقظ داميان بسبب صوت جدالهما، وفرك عينيه بأصابعه وهو ينهض من مكانه.
“أمي …؟”
كان يحاول فهم الموقف وهو ينظر حوله، ثم التقت عيناه بعيني أليكسيون. وفي اللحظة التي حدث فيها ذلك، تلوّى وجه ولي العهد بغضب.
أدرك داميان عداء الرجل الموجّه نحوه ، فشعر بالخوف و اختبأ خلف داليا.
وكي تهدئه، حملته بين ذراعيها وبدأت تتراجع بحذر، وعيناها تراقبان أليكسيون.
شعر أليكسيون بالضيق من نظراتهما المليئة بالنفور، فخرج صوته مشوّهًا من الغضب.
“لو أنكِ تبعتني بهدوء، على الأقل كنتُ سأعاملك بلطف.”
ثم بدأ يسير نحو الأم والطفل اللذين كانا يتراجعان إلى الزاوية.
ماذا أفعل الآن؟
كونه يقف بكل ثقة في هذه الغرفة، فهذا يعني أن الصراخ و طلب النجدة لن يجدي نفعًا.
إذن، لم يبقَ سوى خيارين: إما القفز من النافذة و هي تحتضن داميان ، أو تجاوز ولي العهد و الهروب …
استدارت داليا لتنظر من النافذة. لو كان الطابق الأول، لربما وُجد بصيص من الأمل. لكن للأسف ، كانا في الطابق الثاني.
كانت قد تخاطر بالقفز وحدها، لكن بالنسبة لطفل صغير مثل داميان ، كان ذلك خطرًا كبيرًا.
وفي تلك اللحظة، بينما كانت داليا تشدّ على شفتيها كفأر محاصر …
دخل رجل آخر يرتدي رداءً إلى الغرفة.
“سموك ، حان وقت المغادرة”
لقد اقترب وقت الرحيل.
أومأ أليكسيون برأسه ، فسأله الرجل:
“وماذا نفعل بشأن هذين الاثنين؟”
نظر ولي العهد إلى داليا و داميان بالتناوب ، ثم أمر بصوت منخفض: “خذهما.”
وبعد تلك الكلمات، غمر ظلّ مظلم كلاهما.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "117"