“همم؟ هوو… هل تعمّدتما ارتداء ملابس متطابقة اليوم؟”
يبدو أن جلالة الإمبراطور غلاس ، حاكم الإمبراطورية الشمالية ، قد لاحظ الأمر أيضًا ،
ورغم أنه يُغطي وجهه دائمًا بقماش أسود فلا يمكن رؤية تعابيره ، إلا أن نبرة صوته المليئة بالضحك توحي بأنه لن يُعاقب لوتي على هذه الخدعة ..
وحدها الآنسة إيزانا من تُحدق بي وكأنها ستقتلني في أية لحظة …
“لوتي ، لوتي الجميلة خاصتي؟”
“نعم ، آنستي… هل ناديتِني؟”
“ما رأيكِ أن تذهبي هناك إلى وسط القاعة ، وتؤدين رقصة؟ تلك الرقصة التي علمتكِ إياها المرة الماضية، تذكرينها؟”
آه… لقد وقعتُ في ورطة كبيرة ..
لوتي لا تستطيع أبدًا مخالفة أوامر آنستها ،
ياليتني هربت قبل قليل!
الآنسة تُحب دائمًا تعليمي أشياء غريبة لم أسمع بها من قبل ، وفي المرة السابقة ، علمتني شيئًا عجيبًا يُدعى “الرقصة الانفجارية” أو كما سمّته… “بريك دانس”.
لقد ارتديت أجمل ملابسي اليوم ، والآن سيضيع كل شيء!
“أنا أكرهكِ ، آنستي!”
“وأنا أيضًا أكرهكِ ، لوتي!”
“بل أنا من تكرهكِ أكثر!”
وها هو جسدي يبدأ بالحركة من تلقاء نفسه!
جميع الأنظار أصبحت موجّهة نحوي ،
طالما أنني أرقص ، فلا بد أن أُبلي بلاءً حسنًا، أليس كذلك؟
الآنسة تُشاهدني وتضحك بفرح شديد
لكن فجأة ، أشعر بنظرة حارّة من مكانٍ ما ،
في وسط الحشود ، هناك رجل يُحدّق بي بنظرة مألوفة ..
هل… سيطلب مني الرقص معه؟
ابتسم لي ، ثم حرّك شفتيه ليهمس بشيء
وفجأة
كل شيء انقلب! العالم من حولي بدأ يميل جانبًا!
القاعة التي كانت تضجّ بالضجيج غرقت في صمتٍ مفاجئ ، والقلعة المبنية من الثلج والجليد بدأت تُصبغ باللون الأحمر!
الآنسة… أُصيبت ، وأُصيبت بشدّة ..
أراها تركض نحوي ، ثم تنهار على الأرض ..
تذكّرت الآن ما قالته لي ذات مرة:
“حين تبقين بجانبي ، قد تموتين فجأة مراتٍ عدة ، بلا سابق إنذار.”
يبدو أنني ، وقتها ، كنت قد “مِتُّ” بالفعل عدة مرات دون أن أدري ..
“لكن لا تقلقي أبدًا ، سأُنقذكِ ، وإن شعرتِ بالخوف ، فقط أغمضي عينيكِ ،
وحين تفتحينها مجددًا، ستجدين نفسكِ تبتسمين وتعيشين حياة عادية.”
الآن… فهمت ما قصدته ..
الألم لا يُطاق ، والخوف يُجمّد روحي ..
أرى آنستي تصرخ بشيءٍ ما، لكنها تبدو بعيدة، بعيدة جدًا…
“أغمضي عينيكِ!”
من شكل شفتيها ، بدا لي أنها كانت تقول:
“أغمضي عينيكِ …”
ولا يمكنني أبدًا عصيان أمر آنستي ..
لكنها لا تزال تنظر إليّ ..
يبدو أن هذه اللحظة مألوفة لديها… جدًا ..
حين أفتح عينيّ من جديد ، سأكون قد نسيتُ كل ما حدث في هذه اللحظة ..
أما هي… فستتذكر كل شيء ..
هل هذا مقبول؟
هل من العدل أن أنسى أنا فقط؟
كم مرة يا تُرى ، مرت الآنسة بموقف كهذا ، وحدها ، دون أن يذكره أحد سواها؟
آه… جفناي ينغلقان رغمًا عني ..
ولا أعلم إن كان هذا أمرًا مفرحًا أم محزنًا
لكن يبدو أن الآنسة أيضًا قد أغمضت عينيها…
ولستُ أشك لحظة أننا سنفتح أعيننا مجددًا ،
الآنسة قالت ذلك بنفسها ..
حين أفتح عينيّ مجددًا…
أتمنى فقط أن أكون أكثر كفاءة من الآن ،
كي أستطيع… إنقاذ آنستي ..
—
سرا… سسرااك…
ملمس الورق الفاخر والرقيق وهو ينساب بين أصابعي لم يكن سيئًا على الإطلاق ..
أنا كثيرًا ما أوبّخ “لوتي” وأطلب منها أن تقرأ الكتب ، لكن الحقيقة أنني لا أحب القراءة كثيرًا أيضًا …
هل تتخيل؟
أن تستيقظ ذات يوم فجأة… داخل عالم كتاب كنت تقرأه؟
وقتها ، ستكره الكتب كما أكرهها الآن ..
تسألني ، “هل كنتِ تحبين القراءة قبل ذلك إذن؟”
طبعًا! كنت أقرأ الروايات الإلكترونية طوال الوقت!
قرأتها بكثرة لدرجة أنني… بعثت من جديد داخل إحداها!
والرواية الإلكترونية تُعتبر رواية ، أليس كذلك؟ إذًا ، كنت أحب الكتب ، صح؟
في تلك اللحظة ، أُغلق الكتاب الذي كنت أقرأه بقوة ، بيد بيضاء باردة وجميلة ، فيها بعض النفور أو الضيق ..
حتى عندما انحشرت أصابعي بين الصفحات ، لم أشعر بألم ..
“هل تفعلين هذا عمدًا؟”
رفعت بصري لأتأمل عنوان الكتاب المذهّب على غلافه الفاخر ..
<سجلات ريفيا – الجزء الخامس: جناح التنين الأبيض>
حينها، كان “وينتر” قد سحب الكتاب من يدي ، وأمسكه بخفة بين أصابعه …
ثم شدّه قليلًا… فتناثر إلى غبار ، واختفى ..
“أنا لم أضعه هناك ، بل نوي هو من أخرجه مجددًا من أحلامي …”
السبب الوحيد الذي يجعل هذا الكتاب ، <سجلات ريفيا 5> ، يظهر أمامي في العالم الحقيقي رغم كونه عملًا خياليًا من عالمي القديم…
هو ذلك الرجل اللعين ، نوي لوستين ..
منذ سبع سنوات ، دخل رأسي ، وقلّب كل ما فيه ، وأخرج سري الكبير، ونسخ الرواية كاملة – كل أجزائها الستة – من عمق لاوعيي أثناء نومي ، ثم… استخرجها إلى هذا العالم ..
ثم رماها بكل بساطة في وجه “وينتر”، قائلاً له: “اقرأها.”
“ألم أخبرك مسبقًا؟ كل شيء عن الرواية محفوظ هنا ، في رأسي ، إن نسيت شيئًا، فقط اسألني ، سأخبرك بكل ما تحتاج.”
—
قبل سبع سنوات ..
أنا أتذكر جيدًا…
لقد سألته حينها:
“هل سبق لك أن فكرتَ أن هذا العالم ربما ليس سوى قصة داخل كتابٍ من ستة أجزاء؟”
والمفاجأة؟
أنه أومأ برأسه دون تردد ولو للحظة ..
قال:
“أعتقد أنني قضيت الجزء الأكبر من حياتي أضع فرضيات كهذه ، هل يمكن أن يكون هذا كله مجرد حلم طويل لا نهاية له؟
أو لعله جحيم أُعذَّب فيه لأجل ذنوبٍ من حياة سابقة لا أذكرها… بل حتى فكرتُ في أن يكون كل ما نراه هنا مسرحية كتبها أحدهم ، أو رواية خطّها قلم شخصٍ آخر …”
منذ أن تجسّدتُ في هذا العالم…
كان يحملني دائمًا ثقلٌ على صدري ،
ثقل أنني أخفيت عن “وينتر” حقيقة أن
هذا العالم مجرد رواية …
لكن…
وينتر ، ببساطة ، نفخ هذا العبء كما لو كان ريشة ..
وكأنه يقول لي: “أهذا ما يُثقل كاهلكِ؟ مجرد ريشة.”
مع ذلك…
“نوي” لم يكن يشبه وينتر أبدًا ..
فحين علم من البداية أن وينتر تقبّل الأمر كله بهذه السهولة ، أطلق عليه فورًا: “أنت مجنون ، أليس كذلك؟”
لكن وينتر ، بهدوء جليدي ، أجابه:
“إذا كنت ستضيع وقتك في الذهول والهلع ، فستصبح مثلي عاجلًا أم آجلًا.”
كان هذا الرد كافيًا لأن يفقد “نوي” صوابه تمامًا ، وهو المذهول أصلًا ، حتى قبل أن يسمعه ..
ولهذا…
ارتكب جنونه ذاك ، وأخرج الرواية كاملة من أعماق عقلي ، حرفًا بحرف ..
“هل ستظل متماسكًا حتى بعد أن ترى هذا بعينيك؟ هل ستستمر في ادعاء الاتزان والسمو؟”
هكذا كان “نوي”… يحاول دومًا إثارة وينتر ،
وفي الرواية الأصلية ، كان نوي لوستين لا يطيق هدوء وينتر أورثيوس ولا بروده ،
كان من النوع الذي يعبر جميع الخطوط الحمراء ، فقط للحصول على ردة فعل ذات معنى …
لكن… للأسف بالنسبة له ، وينتر فتح صفحات الرواية في النهاية ..
هل سبق لك أن رأيت “عائدًا لا نهائيًّا” يقرأ رواية؟
“…لقد أنهيت قراءتها.”
“هذا ما تسميه قراءة؟”
كان كطالب يكره الكتب ، يقلب الصفحات سريعًا فقط ليتظاهر بأنه قرأها ..
ستة مجلدات ، كل منها بسماكة إصبعين تقريبًا…
قرأها كلها في أقل من عشر دقائق ..
ثم ، عندما أغلق الصفحة الأخيرة ،
تحوّلت الروايات إلى رماد… واختفت ..
“…”
من المؤكد أنه كان منزعجًا ..
ولو كنت مكانه ، لكنت شعرت بنفس الشيء ،
فكأن شخصًا راقب أوقاتي العصيبة بكاميرا مراقبة ، ثم دوَّن كل شيء وكأنه مذكّراته الخاصة ..
“أظن أن هذا يتطلب تفسيرًا واضحًا.”
“أخيرًا قلت شيئًا معقولًا ، نعم ، سأفعل ، وأنت تعرفني ، باختصار وبشكل مباشر ، لا لف ولا دوران …”
ثم بعد ذلك…
لم يكن أمامي سوى الاعتراف بالحقيقة الكاملة لهذين الرجلين اللذين يحيطان بي ،
وأحدهما ينظر إليّ بوجه يشبه قنبلة موقوتة على وشك الانفجار ، بعد أن علم أنه ليس سوى شخصية في كتاب ..
“هذه رواية شهيرة من عالمي الأصلي ،
ولسببٍ ما ، متُّ في عمر صغير ،
وعندما فتحت عيناي مرة أخرى… كنت قد أصبحت في هذا الجسد. ..”
“أهذا كل شيء؟! باختصار شديد لدرجة الصدمة!”
كانت جملة مكثفة من سطر واحد فقط ،
لكن “وينتر” استوعب الموقف كاملًا على الفور
“لهذا السبب قلتِ إنك تريدين لقاء فويريون من جديد ، كنتِ تتساءلين لماذا يجب أن يكون أحد المنقذين الثلاثة ‘مزعجًا’ أو ‘ثقيلًا’، أليس كذلك؟… الآن فهمت ما قصدتِه.”
“مزعج؟ هل كنتِ في حياتك السابقة إنسانة… أم كنتِ حبة بطاطا مشوية؟!”
عودة بالزمن ..
تجسد ..
وتناسخ أرواح ..
اضطررت لشرح مفهوم “العودة والتجسد والتناسخ” (أو ما يُعرف في عالم الروايات على الإنترنت بـ ‘عودة-تجسد-تناسخ’) لهذين الرجلين بالتفصيل ..
ويبدو أن الاثنين كانا مفتونين للغاية بهذا المفهوم الجديد عليهما ..
“روح تتجسد داخل جسد شخصية من الرواية؟ وتقع في حب الشخص الذي كان من المفترض أن تحبه تلك الشخصية؟
لماذا يُعجب الناس بهذا النوع؟”
“آااه… لا اعلم حقاً؟!”
“ثم البطلة لا تستخدم جسدها الحقيقي لا لدخول الحمّام ولا لمقابلة حبيبها؟!
هل هذا ممتع؟ أين المتعة في ذلك؟ ألا تشعرين إنه شيء مزعج؟”
“آاااه! لا تسألني! ليس لدي إجابة!”
“لكن أنتِ الشخص اللي عاش تجربة التجسد ، أليس كذلك؟”
“أنتِ من تجسد ، ولسنا نحن!”
كانت أسئلتهم الحادة تخترق قلبي…
لا أعرف لماذا ، لكنها جعلتني أشعر بخزي شديد لا أستطيع تحمله ..
ترجمة ، فتافيت
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 158"
حبيت انها اعترفت فاينليي
ولا اطيق يوم تبقي البطلة انها متجسدة سر
تحسست من كلام وش يعجب الناس فهالنوع