أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
وقفت مشدوهة للحظة، أحدّق في دوق إيغو لوردبيل.
كان ذلك ممكنًا لأنه كان منشغلًا بالأوراق، لا يرفع رأسه نحوي، وكأنني غير موجودة.
“إنه حقًا إيغو لوردبيل.”
بالطبع، من البديهي أن يكون هو الدوق.
لكن هذا الشعور الغريب الذي غمرني الآن…
“……لقد مر وقت طويل.”
ذلك لأن إيغو لوردبيل في هذا الزمن يحمل في قلبي معنًى مختلفًا تمامًا عن أي وقت مضى.
“كنت أتشبث به بيأس، راجية حنانه.”
كان أول أب في حياتي. غالٍ جدًا لدرجة أنني كافحت لأرضيه.
كنت أركض إلى هنا كل صباح لتحيته، أبحث عن أي شيء أفعله لعله يلتفت إليّ، حتى ولو مرة واحدة.
“كان نضالًا يائسًا… حرفيًّا.”
كم كان بلا معنى.
“أشعر بغرابة.”
تأملت ملامحه ببطء.
حين سقطت في الهاوية، كان في منتصف الأربعينيات. ومع ذلك، بدا وكأنه في أواخر الثلاثين فقط.
أما الآن، فدوق لوردبيل في منتصف الثلاثينيات يبدو أصغر حتى من سنه.
صعب التصديق أنه أبٌ لأربعة أطفال.
على كل حال…
“أشعر بالارتياح.”
كنت خائفة.
خفت أنه حين أراه مجددًا، قد أتردد بلا وعي.
أن أرغب في اهتمامه مرة أخرى، أن أتوسل لحنانه، أن أشتاق لأن يكون لي أب.
لكن…
“أبدًا.”
أشعر بالاطمئنان الآن.
“لم أعد بحاجة إلى عائلة.”
الحمد لله.
ارتسمت على وجهي ابتسامة هادئة من شدة الارتياح.
وفي تلك اللحظة، التقت عيناي بعيني الدوق.
لم أكن أتوقع أن يرفع رأسه، ففوجئت قليلًا واتسعت عيناي.
لكنني سرعان ما انحنيت بانضباط.
“سمعتُ أنك استدعيتني،”
ثم بعد تردّد قصير:
“يا صاحب السمو.”
أديتُ التحية باحترامٍ كامل.
كان لفظ “يا صاحب السمو” غريبًا على لساني.
ففي السابق، مهما حدث، كنت أنادي ذلك الرجل بـ”أبي”.
حتى وإن نظر إليّ باحتقار، أو تجاهلني كأنني هواء.
لم أستطع التخلي عن تلك الكلمة.
رغم علمي بأنها تزيد من نفوره.
كانت ضربًا من العناد، وآخر خيط يُبقيني على قيد الوجود.
“لأنني شعرت أنني إن لم أقلها، فسأختفي تمامًا.”
وكان في قلبي أملٌ طفولي:
“إن واصلت مناداته، فربما… ربما سيجيبني يومًا…”
“يا لي من حمقاء.”
كتمتُ سخريةً مريرة، ووقفتُ منتظرةً رده، وأنا أنظر إلى الأرض.
لكن…
“لماذا لا يقول شيئًا؟”
طال الانتظار بلا أي رد.
“أيعقل أنه سيتجاهلني بعدما استدعاني بنفسه؟”
شعرت ببرودة زحفت على ظهري، فقبضت على أسناني ثم أرخيت توتري.
“ما الجديد؟”
هل هي المرة الأولى التي يتجاهلني فيها؟
لا، هذا لا يستحق حتى أن أغضب.
وفجأة، كأنه قرأ أفكاري، قال بصوته العميق الهادئ:
“سمعت أن هناك ضجّة صغيرة.”
توقفت للحظة، ثم رفعت رأسي ببطء.
كان قد وضع قلمه جانبًا، وعيناه تنظران إليّ كأنني غريبٌ تمامًا.
كتمتُ ضحكة ساخرة.
“ضجّة صغيرة.”
أن يُحبسني أحدهم في غرفة مع أفعى سامة، وأن يُلدغ الخادم، ويبدأ في الزبد والتشنّج… هذا يُعد ضجّة صغيرة؟
حسنًا إذًا…
“أجل، كما تقول. لقد حدثت ضجّة صغيرة.”
كما تقول تمامًا، ضجّة بسيطة.
كلما ازداد قلبي برودة، اتّسعت ابتسامتي كأن لا شيء حدث.
“……”
رمقني الدوق لبرهة، ثم عاد إلى أوراقه وقال:
“على الرغم من تفاهتها، لن يكون جيدًا إن انتشرت.”
أها.
الآن فهمت سبب استدعائه لي.
“يريد إخفاء الأمر.”
الابن الثاني جلب أفعى سامة، وخادم لُدغ منها، والأخير فقد وعيه وهاج بالسحر.
قد لا يكون الخبر كارثيًّا، لكن لا داعي لنشره.
الشهود؟ أنا، بانسيس، الخادم، وليغرين.
وإن التزمتُ الصمت، سيمضي الأمر بسلام.
“سيتولّون أمر الخادم.”
كدت أضحك.
حتى لو سردتُ ما حدث، لن يصدقني أحد.
“كان مجرد مضيعة وقت.”
لكن فجأة، شعرت بقشعريرة تسري في جسدي.
الدوق بالتأكيد يعلم هذا.
ورغم ذلك، لا يسمح بأدنى احتمال للخطأ.
هكذا يقود لوردبيل.
لا يترك ثغرة، ويتسلّح بالكمال الحازم.
ولذلك…
“لطالما تساءلت.”
كيف لرجل بهذه الكمال، أن يترك وصمة عار مثلي في حياته؟
هذا التساؤل ظل يعذبني بالأمل.
“ألم يكن حبه لأمي حقيقيًّا، ولو للحظة؟ لدرجة أنه قبلني كعار في حياته؟”
لهذا السبب، رغم كرهه لي، أبقاني في لوردبيل.
تلك الشرارة من الأمل جعلتني أتوسّل لأكثر من عشر سنوات.
“غبية. حمقاء. مغفلة.”
لم أعِ السبب الحقيقي حتى قبل موتي مباشرة.
لم يكن هناك حب. ولا ثغرة.
وجودي كان خطوة مدروسة، تم التخطيط لها لتكون قربانًا للإله الشرير.
فرار أمي بي كان متغيّرًا طارئًا، لكن الخطة سارت كما أراد في النهاية.
ربما كانت أمي قد عرفت بالخطة، ولهذا هربت.
“لا بأس.”
لا طائل من الندم الآن.
بل أنا ممتنة أنني عرفت الحقيقة، ولو متأخرًا.
“الجواب.”
قالها بصوت مثلج.
الجواب الذي ينتظره واضح.
انحنيتُ قليلاً، وأجبته كما يتوقّع:
“نعم، لا داعي للقلق.”
لم تكن كلمات جوفاء.
فأنا أيضًا لا أرغب في نشر ما حدث.
“لن أزعزع لوردبيل بهذه الحادثة التافهة.”
بل، قد أثير غضب الدوق، فأُعيق هدفي.
قبل جوابي كما لو أنه من المسلّمات.
ثم أشاح بوجهه عني، وكأن اللقاء انتهى.
في الماضي، كنت سأغادر بهدوء.
“هل انتهى اللقاء بانتهاء مصلحته؟”
لكنني لم أتحرّك.
وقفت مستقيمة، أحدق فيه بثبات.
وبعد برهة، التفت إليّ بتعبير جامد.
“لماذا لم تغادري؟”
صوته كان قاسيًا متجمّدًا.
لكنني لم أتزحزح.
“أرغب بتقديم طلب، يا صاحب السمو.”
“طلب؟”
تقطّبت حاجباه الأنيقان.
تعبير يشبه كثيرًا بانسيس وهو صغير.
ازدادت عيناه برودة.
كانت نبرة “واحدة مثلك؟” واضحة في نظره، لكنني تجاهلتها، وابتسمت ببراءة.
“……قولي ما لديك.”
بمعنى: فقط سأتسمّع، لا أكثر.
لكن ذلك كان كافيًا.
ابتسمت بإشراق.
“شكرًا لكم، يا صاحب السمو. إذًا…”
بظهرٍ مستقيم، ويدين معقودتين، وابتسامة مشرقة على وجهي…
“أرجو منكم… أن تتبرؤوا مني.”
كشفت عن هدفي الحقيقي من المجيء.
“……ما الذي قلتِه للتو؟”
اهتزّت عينا الدوق.
“ممتع.”
ضحكت في داخلي.
لقد اعتدتُ على رؤيته كتمثالٍ جليدي جامد، وها هو الآن يتلعثم ولو للحظة.
لكنني لم أظهر شيئًا.
إخفاء المشاعر… سهلٌ عليّ كالتنفّس.
“سألتك، ما الذي قلته الآن؟”
صوته كان كطعنة جليدية.
في الماضي، كنت لأرتعد، وأرضخ لرغباته فورًا.
“أرجو منكم أن تتبرؤوا مني، يا صاحب السمو.”
كررتُ كلامي دون أي تردد.
“هه.”
ضحك بسخرية.
لكن عيناه كانتا تلمعان بالغضب الحاد.
“هل تفهمين معنى التبرؤ؟ هل تدركين أي كلمة نطقتِ بها للتو؟”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 8"