أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لو كان الأمر في الوضع الأصلي، لكنتُ قيّمت الموقف بهدوء وعقلانية، ثم تصرّفت لحلّه…
لكنني الآن… لا أستطيع استعادة تركيزي.
كان من العسير أن أجمع شتات أفكاري.
قدماي، رغماً عني، كانتا تحاولان التوجّه نحو الغابة.
في الحقيقة…
السيدة الصغيرة في خطر.
كنت أرغب في اللحاق بـ “آين” إلى الغابة فوراً، وإنقاذ لوسيا المهدَّدة هناك.
لكن…
ليغرِن أجبر قدميه على الثبات، ثم رفع بصره إلى الدوق وقال:
“مولاي، إن صحّ أن الوحوش التي ظهرت هم أوغرز فقط، فلا بد أن الأمر مرتبط بفرس الرسول السحري الذي اكتُشف مؤخراً.”
ذلك الحلزون السحري المكسور الذي عثر عليه البستاني قبل مدة… أبلغ ليغرِن الدوق عنه فوراً، لكن ما عاد إليه كان مجرد قرار بارد:
“لن نُجري أي تحقيق.”
بيان قاطع أن من سرقوا الربع الغربي وتواطؤوا مع قوى خارجية لن يتم البحث عنهم.
لم يستوعب ليغرِن هذا القرار قط، لكنه حاول تناسيه ما دام ليس من شأنه أن يفهم.
غير أن التوقيت بدا متزامناً بشكل مريب…
تم اكتشاف رسول سحري يتواصل سرّاً مع الخارج، ثم مباشرة هاجم “رجل الأوغرز” مباغتاً.
إن أمن رودبيل محكم للغاية.
والأوغرز مخلوقات هائلة، يزيد طول الواحد منها عن أربعة أمتار.
لا يمكن إدخال مثل هذه الوحوش إلى رودبيل سرّاً، إلا باستخدام السحر أو أدوات سحرية.
لكن إن كان الأمر يتعلّق بسحر يستدعي الأوغرز وحدهم، فهذا خارج قدرة أي ساحر عادي في البلاط.
أما الأدوات السحرية فهي تحت إدارة صارمة.
وهذا لا يترك مجالاً للشك: الجاني موجود داخل رودبيل.
وبالقرب الشديد.
فتح ليغرِن شفتيه ليتحدث، ثم أغلقهما.
لا يُعقل أن مولاي لم يخطر له ما خطر لي.
ومع ذلك، فلا بد أن لديه سبباً وجيهاً لعدم فتح تحقيق.
فما تبقى إذن هو…
“…سأشكّل على الفور قوة عقابية وألتحق بالقائد آين ريكسوس.”
وبعد إيماءة سريعة، غادر ليغرِن القاعة من غير أن ينتظر جواباً.
في المكان الذي خلا من الجميع…
وفي الصمت الذي خيّم على المدينة كلها…
وقف الدوق وحيداً، شامخاً، يحدق إلى الغابة الملطخة بالدماء بعينين أشبه بالميتة.
م.م: أتمنى أن تصيبك كل أنوع المشاعر السيئة…
●●●
بوو.
“…!”
فتحت عيناي بفزع إثر شعوري بجسدي يميل.
“آه…”
دعكت عيني المثقلتين ونظرت حولي.
داخل كهف ضيّق.
أدركت متأخرة أنني غفوت.
كانت مجرد غفوة قصيرة.
أمر غريب أن أنام في مثل هذا الوضع…
لكن لا بأس.
بفضلها، استعدت بعض طاقتي.
قبل قليل كان بصري مشوشاً من فرط التعب، أما الآن فصرت أقدر على الاحتمال.
لكن… كم مضى من الوقت؟
ألا يكون الليل قد حلّ؟
أخرجت رأسي بحذر من فم الكهف، فتراءى أمامي مشهد السماء الموشّاة بألوان الغروب.
لحسن الحظ، لم أنم طويلاً.
يبدو أننا تخلصنا من الأوغرز أيضاً بأمان.
بهذا المعدل، أستطيع العودة بمفردي من دون الحاجة لانتظار فرقة البحث.
هذا أفضل من الانتظار بلا جدوى.
“أوه…”
تمايلت واقفة بصعوبة، وألقيت نظرة حولي.
الغابة ما زالت صامتة بشكل يثير الريبة.
عليّ أن أصفّي ذهني أولاً.
ربما لأنني استيقظت للتو، كان رأسي ما يزال ثقيلاً.
ذهبت نحو ضفة البحيرة وجثوت على ركبتي.
وبينما هممت أن أغسل وجهي، لامست أناملي سطح الماء…
خشخشة…
انكسرت سكينة المكان بصوت تموّجات مفاجئة.
رأيت على صفحة البحيرة الهادئة المصبوغة بالحمرة دوائر من تموجات…
ومن خلفها…
دُمدمة ثقيلة…
“كُونغ…”
لا يُصدّق.
“كووونغ…”
هل يعقل؟
دوووم!
كيف عثر على مكاني؟
استدرت برقبتي المتخشبة…
فرأيت وجهاً موحلاً بلون المستنقع، مغطى بدماء خضراء متيبّسة.
عين هائلة، وحيدة، تحدّق بي من بين الأشجار.
لبرهة، تجمّد الهواء نفسه.
وووووهووووو!
اندفع الأوغر نحوي بهدير يصمّ الآذان.
دمدم! دمدم!
يهوي بهراوة غليظة متشابكة بالأشواك.
“آه!”
كووااانغ!!
ما إن أفلت بنفسي حتى تهشّم الموضع الذي كنت أقف فيه.
“هَه… ههف…”
غَرررر!
الأوغر يزمجر وهو يضرب الأرض بغيظ لفشله في إصابتي.
طَخ! طَخ! طَخ!
الأرض ترتج تحت وقع ضرباته.
سأفقد توازني!
تمايل جسدي وكدتُ أسقط.
تماسكي…
شدَدت ساقي ونظرت حولي.
لا مخبأ، ولا مهرب.
إنها ساحة مفتوحة.
لا… هناك واحد.
نظرت خلفي.
سطح البحيرة المتألّق بالحمرة، متموّج كأنه باب لعالم آخر.
بحيرة باردة… عميقة… قد لا أعود منها أبداً.
لكن أليس الموت غرقاً أهون من أن أسحق تحت هراوة الأوغر؟
إذن… فليكن.
إن وُجد احتمال ضئيل للبقاء، فهذا يكفي.
التقطت غصناً طويلاً من الأرض، ولوّحت به كرمح.
توقف العملاق لحظة، مستحضراً ذكرى عينه المثقوبة.
صرخت داخلي: الآن!
رميت الغصن بكل قوتي في الاتجاه المعاكس.
العين الوحيدة تتبعت مساره… وفي تلك اللحظة التفتُّ نحو البحيرة، مستعدة لأقفز.
عضضت شفتي كي أتحمّل الألم القادم، وخطوت…
لكن فجأة، دوّى صهيل خيول من بعيد.
دقدق، دقدق!
أصوات سنابك تقترب، يخترق صاحبها الأدغال متلألئاً بخلفية الغروب.
تسمّرت عيناي عليه.
ذلك الشخص…
شعر بلاتيني متلألئ بضياء الغروب، وعيون زرقاء رمادية كسماء غائمة.
التقت نظراتنا في الهواء… وفي اللحظة التالية انزلقت قدماي، فتهاويت نحو البحيرة.
حتى وأنا على وشك السقوط، لم أستطع أن أصرف بصري عنه.
حرك شفتيه.
“أمسكي.”
مددت يدي كما لو كنت مسحورة… وفي اللحظة ذاتها، طَك!
التقطني.
“آه!”
جلست على صهوة جواده، ذراعه تطوق خصري، وصوته يقول:
“أحسنت.”
صوته… جميل جداً.
م.م: والله يا جماعة ما توقعت ولي العهد ينقذها 😳
رغم أنّ الوقت ليس مناسباً لمثل هذا التفكير، فإن صوت ولي العهد عن قرب كان هادئاً دافئاً، كفيل بأن يبدّد رعشتي.
لكن استفيقي…
“الأوغرز فقط…”
تمتمت وأنا أحدّق في الوحش المندفع وراءنا، يلوّح بهراوته بجنون.
إن استمر الأمر، سيلحق بنا.
منذ البداية، بدا أنه يطاردني أنا فقط… وكأنه يعرف مخبئي دائماً.
إن استمر الحال، فسيكون ولي العهد نفسه في خطر.
حُسم أمري.
فتحت شفتي لأقول:
“يا جلا—”
كنت على وشك أن أخاطبه بـ جلالتكم.
لكن ولي العهد قاطعني فجأة بابتسامة ساخرة:
“أتوقّع ما كنتِ تفكرين به لتوّك؟”
حدّقت فيه مذهولة، لكنه تابع غير مبالٍ:
“تضحية نبيلة؟ هذا ما كنتِ تنوين فعله؟”
اتسعت عيناي.
كيف عرف؟
قال ببرود هادئ:
“أتعلمين يا أميرة؟ لا أحب ما يسمّونه بالتضحية النبيلة. لا وجود لشيء كهذا في هذا العالم. هي مجرد ميتة رخيصة، مغطاة بغلاف أنيق.”
“آه…”
م.م: مابعرف ليش ولي العهد يذكرني بكاليستو 🥰
دهشت ثانية… لأننا نفكر بالطريقة ذاتها.
لكن…
“الأوغر يلاحقني أنا. إن استمر الأمر، فسنكون في خطر نحن الاثنين.”
نظرت مباشرة في عينيه… عينان غامضتان كسماء لا يمكن التنبؤ بطقسها.
عينان بدتا كأنهما من عالم آخر، يجذباني للغرق فيهما.
“لستُ أنوي التضحية. لكنني أعرف جغرافية الغابة، وأنتم قد عرفتم مكاني. دعوني أشغله بينما تحضرون الرجال.”
… صمت ولي العهد للحظة وهو يحدّق بي بوجه خالٍ من التعابير.
ثم فجأة…
“بواههاهاها!”
انفجر ضاحكاً.
“…؟”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 64"