أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
انتهت الاستراحة القصيرة، وأخيرًا حان وقت تخطي العقبة الأخيرة: صيد الوحوش.
كان صيد الوحوش يُقام في الغابة المتصلة بالجناح الجانبي.
ورغم أنها تُدعى “غابة صغيرة”، فإن دوقية رودبل كانت فسيحة لدرجة أن من يضيع في تلك الغابة يصعب عليه الخروج منها، ولهذا كان الخدم يطلقون عليها اسم “غابة المتاهة”.
وربما لأن اليوم كان قاتمًا وغائمًا، فقد بدت أجواء الغابة أكثر رهبة وغموضًا.
وأنا أحدق في الغابة بصمت، اقترب مني ريفيل معتقدًا أنني خائفة، وقال:
“لا داعي للخوف إلى هذا الحد يا آنسة. الوحوش من المستوى المنخفض ضعيفة جدًا، حتى الأطفال يستطيعون القضاء عليها إن حملوا سيفًا. والأهم من ذلك!”
طَرق!
ضرب درعه بقوة قائلاً بفخر:
“أنا، ريفيل ويد، سأحميك مهما حدث، فلا داعي للقلق أبدًا! هاهاها!”
ضحك بحماسة بينما نظرتُ إلى الغابة بوجه خالٍ من الانفعال.
من قال إنني خائفة؟
كانت “غابة المتاهة” مكانًا نادرًا ما تطؤه الأقدام، لذا كان الخدم يستخدمونه غالبًا لارتكاب أمور خفية.
مثل التنمر على من يكرهونه… أو تركه هناك وحيدًا.
«آنسة، هل تعلمين؟ يقولون إن وحوشًا مرعبة وحيوانات ضارية تعيش في هذه الغابة.»
«آنسة؟ ها! أنتِ في موقع لا يسمح لكِ حتى بالتذمّر إن تُركتِ هنا.»
«بوهاها! إذًا حاولي الخروج وحدك!»
الخدم الذين أخذوني بعربة إلى قلب الغابة، تركوني فيها وحدي، ثم عادوا إلى المبنى الرئيسي وكأن شيئًا لم يكن.
حين أفكر في الأمر الآن… أدرك كم كانوا قساة بدقة متعمدة.
لقد كان مخيفًا.
كانت الغابة مظلمة ومخيفة للغاية، حتى إنني ظننت في أي لحظة أن وحشًا سيقفز من بين الظلال ويلتهمني.
تمامًا كما أراد أولئك الخدم أن أعتقد.
أنا لا أحب هذا المكان.
لا أريد أن أموت.
أريد العودة…
أبي…
تخيلت أن والدي سيأتي باحثًا عني… لكن مع غروب الشمس، تحول الخيال إلى وهم.
وفي النهاية، أدركت الحقيقة: أنا الوحيدة التي يمكنها إنقاذ نفسها.
م.م: شعاري في الحياة ✨️
لحسن الحظ، لم يتركوني في عمق الغابة، لذا استطعت رؤية ضوء خافت قادم من بعيد، واتبعته حتى وصلت إلى الجناح الملحق.
وهناك، التقيت بأحد الخدم كان عائدًا لتوه، وبمساعدته، عدت بالكاد إلى المبنى الرئيسي.
لكن ما كان في انتظاري لم يكن أفضل…
فقد بدأ مسلسل آخر من المضايقات المتكررة.
كانوا يرمونني في غابة المتاهة مرارًا، حتى أصبحت معتادة على المكان، وبدأت أستكشفه بمفردي.
لكن يبدو أن ذلك جعلهم يكرهونني أكثر.
وحين فقدوا اهتمامهم، توقفوا عن رميي هناك.
ومنذ ذلك الحين، لم أدخل الغابة مرة أخرى… حتى اليوم.
لكن…
لا تزال كما هي.
غابة المتاهة، التي عدت إليها الآن، لم تتغير إطلاقًا.
وربما لهذا السبب، شعرت بشيء من الغبطة الغريبة… ولكن تلك الغبطة كانت مريرة، لذا ضحكت بهدوء.
ومع ذلك، فإن الاختلاف الوحيد هذه المرة:
هناك وحش ينتظر في الداخل، أليس كذلك؟
كما قال ريفيل، الوحوش من المستوى المنخفض ضعيفة للغاية، يمكن القضاء عليها بسهولة حتى دون مهارة عالية، كما أنها لا تملك ذكاءً حقيقيًا.
لكن الأمر يختلف تمامًا عند الانتقال إلى الوحوش من المستوى المتوسط وما فوق.
فتلك تحتاج إلى تشكيل فرق خاصة لمواجهتها، كما أن ذكاءها يكون أعلى.
وقد سُجلت حالات كثيرة لهجوم وحوش عليا دمرت قرى بأكملها…
وهذا وحده كافٍ لشرح مدى خطورتها.
ثم… وجهت بصري نحو المقعد العالي، حيث يقف آين بجوار الدوق، يحرسه.
وحين شعر بنظري، التفت إليّ وابتسم.
ومع تلك الابتسامة، رأيت وجهه الشاحب في ذهني…
آين… خسر حياته بعدما حاصرته الوحوش من المستوى العالي.
وقتها، كانت المهمة تخص ثلاثة أو أربعة وحوش من المستوى المتوسط فقط، فخرجت فرقة صغيرة نسبيًا من فرسان رودبل.
كانت فرقة مختارة من النخبة، وقد تمكنوا من الصمود بصعوبة… لكن كان ذلك كل ما في وسعهم.
كانوا على وشك الإبادة… عندها، اتخذ آين القرار الصعب.
أن يضحي بنفسه.
كان الوحيد القادر على كسب الوقت، ليفر القرويون والفرقة الفرعية.
وبعد أن تم إنقاذ القرويين، عاد الفريق مخاطِرًا بحياته واستعاد جسد آين، الذي ضحّى بنفسه حتى النهاية.
ولولا تلك التضحية، لما تمكنوا من استعادة جثمانه أصلًا.
هذا هو مدى خطورة الوحوش متوسطة وعالية المستوى.
خفضت نظري.
سيظهر وحش هذه المرة أيضًا، أليس كذلك؟
منذ العهد الأول لعائلة رودبل، توارثوا مهمة صيد الوحوش.
ولا يُعرف بالضبط سبب ذلك، لكن هناك من يقول إن اتفاقًا سريًا حصل بين أول إمبراطور وأول دوق.
ولا يُعرف حتى الآن من أين تأتي الوحوش… أو كيف تنشأ.
لكن المؤكد هو أنها تظهر كالكوارث، وتبث الخراب والدمار.
وما أنا واثقة منه أكثر…
هو أنها ستظهر مجددًا بعد خمس سنوات، وسيموت آين حينها.
لن أسمح بذلك.
مهما كلف الأمر… سأمنع موت آين.
وفي وسط ذلك العزم، اقترب مني ريفيل وهو يقود حصانًا.
قال:
“هذه الفرس هي المخصصة لكِ في هذا الصيد، آنستي.”
كانت فرسًا سوداء، صغيرة الحجم كأنها بين المهرة والحصان، بشَعر أسود لامع، وبدت قوية رغم صِغرها.
وفجأة، سمعت صهيلًا من ورائي.
حين استدرت، رأيت فرسي فانسيس وميراكيل.
كانت فرسيهما بُنّية وبيضاء.
أما فرسي… فكانت سوداء بالكامل.
حينها، اقترب مني ريفيل وهمس بخجل:
“أمم… ما رأيك في تغيير الفرس؟”
“لماذا؟”
سألته متعجبة، فتغيرت ملامحه.
“يعني… قد تكون غير مريحة لكِ يا آنسة…”
لم يكمل، لكنني فهمت ما أراد قوله حقًا.
لأنها ستبدو مثيرة للسخرية، أليس كذلك؟
تحت أنظار النبلاء والجالسين في الأعلى… سيضحكون في سرّهم.
فرس سوداء… وفتاة ذات شعر أسود وعينين حمراوين.
لن يميزوا بين من هي الفرس ومن هي الراكبة.
وماذا في ذلك؟
لو كنتُ كما كنت في الماضي… ربما كنت سأوافق على الفور.
كنت سأرفض لفت الأنظار، كنت سأكره شعري الأسود وعينيّ الحمراء.
م.م: في الحقيقة أنت أجمل منهم كلهم لوسيا..
لكن اليوم…
“لا.”
ركبت على الفرس السوداء بثقة.
“آه…!”
ثم نظرت إلى ريفيل، وقلت بابتسامة هادئة:
“تعجبني هذه الفرس.”
لأني أعلم الآن… كم هو عبثي أن أحاول الاختباء من أنظارهم.
أعرف أن محاولاتي السابقة كانت كمن يسبح عكس التيار… بائسة ومضحكة في آنٍ واحد.
لذا… سأُظهر نفسي كما أنا.
سأكون أنا… ببساطة.
“لكن…” بدأ ريفيل يعترض مجددًا.
“سير ويد.”
ناديت اسمه بنبرة حازمة.
فتوقف ونظر إليّ… وقد احمر وجهه فجأة.
“أنا من يقرر أي فرس أركبها.”
“…نعم، مفهوم.”
أجاب وهو يشيح بوجهه ممتعضًا.
ثم تمتم وهو يركب حصانه:
“ومن تظن أني أفعل كل هذا من أجلها؟! تقول إنها تحب الفرس؟ قذرة… منحطة…”
قالها بصوت منخفض، لكن لم يكن يحاول إخفاءه.
كأنما أرادني أن أسمعه.
لا بأس.
لأنني لم أعد أُجرح من مثل هذا.
ولن أفتح معه جدالًا.
لا وقت للخلافات التافهة.
الآن… عليّ أن أُجتاز هذا الامتحان… بهدوء، وكمال.
تحسست رمحي على ظهري، وتفقدت حالة الفرس.
لا بأس بها.
ليست مثالية، لكنها قوية بما يكفي للصيد.
ربما كانت غريبة عن الخيول التدريبية، لكنها تصلح تمامًا لهذه المهمة.
“…اعتنِ بي، حسنًا؟”
همست وأنا أمسح على عرفها الطويل، فصهلت الفرس وكأنها فهمتني.
وهكذا، بدأ الصيد الأخير رسميًا.
ركبنا خيولنا واقتربنا من الدوق.
وقف الدوق من مقعده ونظر إلينا، ثم قال:
“أثبتوا روح رودبل.”
“نعم!”
أجبنا بصوت عالٍ.
وكانت حماسة فانسيس مبهرة.
وقبل الانطلاق، التفتُّ ونظرت إلى آين الذي كان يقف بجوار الدوق.
عندما التقت أعيننا، شدّ آين قبضته وحرك شفتيه قائلاً:
“لا تتوتري.”
“هاه…”
ضحكت بخفّة… كان شكله لطيفًا جدًا.
شعرت أن ريفيل يرمقني بنظرة جانبية… لكن لم أُعره اهتمامًا.
من يُخبر من ألا يتوتر؟
هو يبدو متوترًا أكثر.
لكن هذا الشعور كان… مريحًا للغاية.
فجأة، تقدّم ليغرين من خلف آين، بخطى بطيئة…
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات