أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
“تعويذة؟”
“نعم. وضعتُ فيها أمنيتي لكِ بالنجاح في الامتحان. سأثبتها داخل سترتك.”
قالت ذلك، ثم ثبتت مارين الكيس الصغير داخل ملابسي.
راقبتُ حركاتها بهدوء.
لكن…
“هل… يدها ترتجف؟”
يد مارين، وهي تثبت التعويذة، كانت ترتعش قليلاً.
هل كانت متوترة بسببي؟
“انتهيت.”
رفعت مارين رأسها وابتسمت.
حدّقتُ بوجهها بتركيز، ثم ابتسمتُ بدوري.
“شكرًا لكِ، مارين.”
اهتزّت عيناها عند سماع كلماتي.
“لا، لا شيء. أنا وصيفتك، هذا واجبي. آه، لننطلق الآن!”
“حسنًا.”
توجهت مباشرة إلى قاعة الامتحان برفقة مارين.
كان الامتحان يُعقد في مبنى ملحق بعيد عن المبنى الرئيسي.
قيل إنه أكبر مبنى بين الملاحق، اختير لقدرته على استيعاب عدد كبير من الحاضرين، ولأنه قريب من الغابة، وهي أحد مواقع الامتحان الأخرى.
لكن لأنه بعيد، سافرنا إليه بعربة.
طقطقة… طقطقة.
كانت العربة تسير بسلاسة دون اهتزاز يُذكر.
“واو…”
مارين، التي كانت تجلس معي في العربة، شهقت إعجابًا وهي تنظر من النافذة.
ثم التفتت إليّ بسرعة وقالت:
“هذه أول مرة أركب فيها عربة فخمة هكذا! هل سبق أن ركبتِ عربة من قبل يا آنسة؟”
أجبتها بهدوء وأنا أومئ:
“نعم… لكنني لا أتذكر جيدًا.”
“حقًا؟ إذًا، فهي أول مرة تقريبًا! آه، انظري هناك يا آنسة! العشب يشبه الأرنب!”
سرعان ما فقدت مارين اهتمامها بي، وانغمست في تأمل المناظر من النافذة.
أنا أيضًا نظرت إلى الخارج، بينما تدور في رأسي ذكريات أول مرة ركبت فيها عربة.
كما قالت مارين، كانت أول مرة فعليًا.
لأنني حينها كنت فاقدة للوعي.
“الدوق التقطني حين كنت أموت على قارعة الطريق.”
كان ذلك منذ زمن طويل، لكنني أتذكره بوضوح.
قال الناس إن ذلك اليوم شهد أكبر تساقط للثلوج منذ عشر سنوات، ولم أكن قد أكلت شيئًا منذ أكثر من أسبوع.
كنت أرتدي قطعة قماش رقيقة، بلا حذاء.
في البداية، كان جسدي يتجمد لدرجة أنني شعرت أنه سيتحطم، لكن مع مرور الوقت، لم أعد أشعر بشيء.
البرد الذي كان يجمد أنفاسي، الألم الحاد كأن سكينًا يغرس في كل جزء مني، الجوع الذي أحرق جوفي، والصداع… اختفوا جميعًا.
شعرت فجأة بالراحة… وكنت على وشك الموت هناك.
ثم…
“أخيرًا… وجدتكِ.”
مع صوت خافت، شعرت بيد تلتقطني.
كان حضنه دافئًا وثابتًا، حتى أنني ظننت أنني عدتُ إلى أحضان الإله.
أليس هذا ما يُقال دائمًا؟
يقولون إن الموتى عادوا إلى حضن الإله، إلى السلام الأبدي.
ظننت أنني متّ، وأن الإله قد احتضنني.
وكان حضنه مريحًا جدًا…
حاولت فتح عينيّ، ورأيت من يحملني.
لم أستطع تمييز وجهه جيدًا، لكن شعره الأبيض الناصع بقي محفورًا في ذاكرتي.
فقدت الوعي مجددًا.
وعندما استعدت وعيي، سمعت صوتًا.
بجهد كبير، أدرت رأسي، فرأيت ظهر الرجل صاحب الشعر الأبيض الذي التقطني.
كان يخاطب رجلًا بثياب بيضاء:
“لا تدعها تموت. عليك إنقاذها.”
“نعم، سيدي. سأبذل قصارى جهدي.”
“سيدي”… إذًا هذا اسمه؟
بهذه الفكرة، غبت عن الوعي مجددًا.
ظللت مريضة أسبوعين كاملين – هكذا أخبرني الطبيب لاحقًا.
سألت الطبيب من هو “السيد”، فنظر إليّ للحظة بتعبير غريب، ثم قال:
“إنه دوق إيغو رودبيل، سيد هذا القصر، الرجل الذي أنقذكِ من الثلج، ووالدك.”
الشخص الذي أنقذني…
دوق إيغو رودبيل…
أبي…؟ أبي؟
كنت أعرف بشكل غامض معنى كلمة “أب”.
لكن…
“ذلك الحضن… كان من والدي؟”
لم أكن أتصوّر أن حضن الإنسان يمكن أن يكون بهذا الدفء.
في تلك اللحظة، غمرني شعور لا يوصف.
“لديّ أب.”
أردت أن أخرج وأصرخ:
“لديّ عائلة!”
شعرت كأنني أملك العالم بأسره.
لطالما نظرت من بعيد إلى الأطفال وهم يمسكون بأيدي آبائهم على الطرق الزلقة.
وكنت أحسد تلك الأيدي التي تمنعهم من السقوط.
أما الآن، فلديّ يد كبيرة تحتضنني.
“أريد أن أرى أبي مجددًا.”
كان لديّ الكثير لأقوله له عندما ألتقيه.
كيف افترقنا.
كيف وجدني.
هل عرف أنني ابنته؟
هل يعرف اسمي؟
هل يعرف أن حضنه كان دافئًا لدرجة أنني تمنيت النوم فيه للأبد.
ومع كل يوم لم يأتِ فيه، كانت كلماتي تتراكم بداخلي.
وكنت قلقة أيضًا.
“لا أظن أنني سأتمكن من قول كل هذا في يوم واحد.”
ماذا لو شعر بالملل من حديثي؟
لكن…
“لماذا لا يأتي؟”
مرّ شهر كامل منذ أن استيقظت… والدوق لم يأتِ.
في النهاية، سألت الطبيب العجوز الذي كان يعتني بي:
“متى سيأتي والدي؟”
تأملني الطبيب بصمت، ثم خرج من الغرفة دون أن يجيب.
ظننت أنه سيعود بالإجابة.
لكنه لم يعد. ولا جاء أبي.
شيء ما كان خطأ.
حتى لو لم يأتِ الطبيب، أن لا يأتي والدي… هذا لا يمكن.
“لابد أن مكروهًا أصابه.”
ذلك التفسير الوحيد الذي استطعت تقبّله.
كنت حينها في التاسعة فقط، ولم يكن منطقيًا بالنسبة لي أن الرجل الذي ركض لينقذني لن يأتِ بعدها.
“لابد أن شيئًا منعه. سأذهب إليه هذه المرة.”
كما أنقذني، سأنقذه أنا أيضًا.
بهذه الفكرة فقط، غادرت البيت المنعزل الذي كنت أعيش فيه وحدي، وخرجت أبحث عن والدي.
كنت قد شاهدت الطبيب يذهب ويعود، فتتبعت ذلك الطريق.
وأظن أنني مشيت طويلًا. لو لم يكن الطريق واحدًا، لكنت تاهت.
وحين حلّ الليل، تتبعت أضواء القصر.
وهناك، رأيت…
“أبي!”
فتاة صغيرة جميلة ذات شعر أبيض، تركض في الثلج وتنادي:
“بابا!”
“تمهّلي، ستقعين وتؤذين نفسك. لا… بابا سيأتي إليكِ، ابقي مكانكِ…”
“إيييك!”
“آه، ماذا لو أصبتِ؟ تصرفكِ خطير!”
“هيهي، كنت متأكدة أن بابا سيمسكني، لذا لا بأس!”
“ميراكيل تعرف كل شيء!”
“طبعًا! أنا ابنة بابا!”
“نعم، ميراكيل ابنتي. ابنتي العزيزة.”
…
نفس الشعر الأبيض، والعينان البنفسجيتان.
عرفت فورًا…
أن الرابط بينهما هو أب وابنته.
كم يحبّان بعضهما، وهما يلعبان بكرات الثلج، يصنعان رجل الثلج، ويتدحرجان سويًا وسط الحقل الأبيض.
لكنه… غريب.
“أنا أيضًا… ابنته.”
فلماذا أنا مختبئة هنا… أراقبهما من بعيد؟
رغبة عارمة اجتاحتني… أردت أن أكون بينهما.
اقتربت خطوة، ثم أخرى، وخرجت من بين الأشجار.
وما إن مددت يدي، وناديت: “أبي…”
حتى حمل الدوق ميراكيل بسرعة بين ذراعيه.
كان يحدّق بي بعينين باردتين.
“بابا؟ من هذه الطفلة؟”
سألت ميراكيل، وهي بين ذراعيه، مشيرة إليّ.
بدأ قلبي يخفق بعنف.
ركّزت كل حواسي على فم الدوق.
انتظرت الكلمات التي ستخرج منه.
وأخيرًا، تحركت شفتاه…
لكن…
“لا داعي للقلق بشأنها يا ميراكيل. هيا، لنعد للداخل حتى لا تصابي بالبرد.”
“حسنًا…”
وبينما كان يهدّئها بلطف، دفنت ميراكيل وجهها في صدره بحزن.
وعندما شدّها إليه أكثر، استدار وأدار لي ظهره…
ثم قال…
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات