أستغفر الله العظيم واتوب اليه 

⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁

 

حدّق إليه بتركيز شديد.

 

لا يزال أين مطأطئ الرأس ناحيتي، ووجهه، حين لمحت ملامحه، كان مشحونًا بالندم والاعتذار.

 

كان من الواضح أنه يشعر بالكثير من الذنب لأنه خدعني.

 

لم يكن هناك أحد في هذه العائلة قد شعر نحوي بهذا الذنب.

 

لا في حياتي السابقة، ولا في هذه الحياة—

 

“أنت لا تزال دافئًا.”

 

ولأنه لم يتغيّر، فإن النهاية التي سيصل إليها لن تتغيّر أيضًا.

 

“لن أدع ذلك يحدث.”

 

لهذا السبب جئت اليوم.

 

“حسنًا. سأقبل اعتذارك. لكن بالمقابل…”

 

عند كلماتي، ارتجف ورفع رأسه.

 

“لدي عرض أقدمه لك.”

 

“…عرض؟ بهذه الطريقة المفاجئة؟”

 

حدّق فيّ وكأن ما قلته له غير مفهوم.

 

أعلم أنه مفاجئ. وماذا في ذلك؟

 

نظرت مباشرة في عيني أين وقلت بصوت واضح:

 

“أرجوك، كن مدربي في السيف.”

 

“كح!!”

 

بمجرد أن سمع الكلمات، كاد أن يختنق وسعل بشدّة.

 

دفعت كوب الشاي الأخضر نحوه بلطف، لكنه هزّ رأسه رافضًا.

 

“أن أكون مدرب سيف؟ هذا مفاجئ جدًا.”

 

قد عاد إلى نبرته المعتادة بدون أية ألقاب رسمية.

 

“هل أنتِ جادة؟”

 

سألني بنظرة وكأنه يتساءل إن كنت أعلم حقًا ما أقول.

 

جادة؟

 

بالطبع…

 

“نعم، أنا جادة.”

 

“هه…”

 

ظلّ يضحك ضحكات جافة فارغة.

 

وانتظرت بصمت حتى يهدأ.

 

وبعد أن استعاد هدوءه، نظر إليّ بجدية، ثم تنهد بعمق وهزّ رأسه.

 

“صحيح أنني أشعر بالأسف تجاهك، لكن لا يمكنني تلبية هذا الطلب.”

 

كان تعبيره جديًا جدًا.

 

واصل أين حديثه بحذر:

 

“لا أعلم إن كنتِ على دراية، لكنني لا أقبل متدربين. ليس لدي الوقت الكافي لتدريب أحد، وأيضًا…”

 

توقف فجأة عن الكلام، وأغلق فمه.

 

أشعر أنني أعرف ما كان سيقوله.

 

“قد أتورط في صراع الورثة دون داعٍ، وقد تثار شائعات حول الانحياز.”

 

فهو ليس مجرد فارس عادي، بل قائد أقوى فرقة فرسان في رودبيل.

 

لذا، فإن تأثيره داخل رودبيل كان هائلًا.

 

وإذا قام بتعليم السيف لشخص واحد فقط، فقد يُنظر إلى الأمر وكأنه يختار وريثًا.

 

ومن السهل أن تنتشر شائعات لا داعي لها.

 

لذلك، اختار أين ألا يدرب أحدًا.

 

ربما ينظر البعض إليه على أنه جبان، لكن…

 

“هذا يشبه أين تمامًا.”

 

أستطيع أن أشعر بإرادته القوية في تجنب حتى شُبهة النزاع.

 

لو كنت في الماضي، لكنت احترمت رغبته، لكن…

 

“على أي حال، دعنا نتظاهر أنك لم تسمع ما قلته للتو–”

 

“أولًا، حتى لو دربتني، فلن تتورط في صراع الورثة. كما تعلم، أنا ابنة غير شرعية، لذا لا يمكنني وراثة العائلة.”

 

أو بدقة أكثر، لن يسمحوا لي بذلك.

 

“…ماذا؟”

 

“وبخصوص التدريب… أعلم أنك مشغول، لذلك إن دربتني قليلًا فقط، سأراجع وحدي. بما أن الأولوية الآن لبناء اللياقة البدنية، فلفترة مؤقتة–”

 

“لا، انتظري، انتظري. عمّ تتحدثين؟”

 

شحب وجه أين.

 

ونظر إلي وكأنني مجنونة.

 

“قلت بوضوح إنني لن أقبل أي متدربين–”

 

“هذا ليس طلبًا. إنه عرض.”

 

“…”

 

تحوّل تعبير أين إلى فراغ.

 

لم أفوّت الفرصة وواصلت الحديث بإصرار.

 

“لا أطلب أن يكون الأمر للأبد. فقط حتى اختبار التأهيل بعد ثلاثة أشهر. بعد أن أجتاز ذلك الاختبار، لن تحتاج إلى تدريبي بعد الآن.”

 

“…ولماذا أفعل ذلك؟”

 

قد اختفى الندم من وجه أين، وظهر مكانه البرود.

 

كان منزعجًا من تجاهل رفضه.

 

“إذا نجحت في اختبار التأهيل، سأُعترف بي كابنة شرعية. وإذا اعترفت بي العائلة رسميًا، سأتمكن من دخول المنطقة غير المعلنة التي تُحفظ فيها الكتب السرية في المكتبة.”

 

توقفت لحظة لألتقط أنفاسي، ثم تابعت بنظرة حازمة:

 

“سأبحث عن <شفرة أيلا>. عندها ربما أتمكن من شفاء ابنتك من مرضها.”

 

“….!!”

 

اتسعت عينا أين كأنها ستنفجر.

 

وراحت حدقتاه ترتجفان بعنف، كما لو كانتا في عاصفة.

 

“كيف… كيف عرفتِ…”

 

كانت كلماته متقطعة.

 

“…كيف عرفتِ أن لديّ ابنة؟”

 

وأيضًا أنها تعاني من مرضٍ حاليًا.

 

“…من أنتِ؟”

 

وعلى سؤاله القاسي والمليء بالريبة، ابتسمت ابتسامة حزينة.

 

راقبني أين بعينين حذرتين.

 

ونظرت إليه بتعبير يحمل ألمًا داخليًا.

 

كنت آسفة، لكن ما أعرفه لا يقتصر على هذا فقط.

 

“لأن ابنتك، التي اكتُشفت بعد وفاتك بوقت طويل… كانت قد ماتت بالفعل.”

 

كانت وصية أين تقول:

 

“بمجرد أن أعود، اذهب إلى منزلي.”

 

لكن للأسف، الفارس الذي سمع وصيته لم يعتبرها ذات أهمية.

 

بل إن الصدمة من فقدان القائد كانت شديدة لدرجة أنه لم يكن لديه القدرة الذهنية لتذكرها.

 

وتذكر الوصية فقط بعد انتهاء الجنازة.

 

وحين ذهب متأخرًا إلى منزل أين ريكسوس، رأى مأساة لا تُنسى.

 

فقد كانت هناك، على سريره، جثة فتاة صغيرة موضوعة بعناية.

 

في البداية، ظن البعض أن أين اختطف الطفلة، لكن الحقيقة ظهرت لاحقًا.

 

تلك الطفلة كانت في الواقع ابنته السرية، وكانت تعاني من مرض مستعصٍ مجهول.

 

كان أين قد استأجر شخصًا لرعايتها أثناء غيابه، لكن عندما لم يعد، أُهملت تمامًا، وفقدت حياتها دون أن تتلقى أي علاج.

 

والأكثر مأساوية أن الطفلة توفيت قبل وقت قصير جدًا من العثور عليها.

 

لو أن الفارس الذي سمع الوصية تحرّك أسرع قليلًا، ربما كان يمكن إنقاذها.

 

وفي النهاية، لم يتحمل الفارس ذنبه، فغادر رودبيل، وبينما انتشرت الشائعات المظلمة، قامت العائلة الدوقية بإخفاء الأمر تمامًا.

 

ومنذ ذلك الحين، اختفى اسم أين ريكسوس من كل مكان.

 

─حتى بعد عام، عندما تم الكشف عن <شفرة أيلا>.

 

كانت <شفرة أيلا> كتابًا أسطوريًا دوّنت فيه “أيلا”، المُلقبة بالمعالجة الإلهية، كل معارفها الطبية قبل وفاتها.

 

لم يكن يحتوي فقط على المهارات الطبية، بل أيضًا على ارتباطات الأمراض، والمواد التي قد تكون دواءً أو سمًا، وطرق خلق الأمراض، وكل شيء يتعلق بالطب.

 

ولأن تقنياته كانت شبه مستحيلة، كان البعض يشك في وجوده أصلًا.

 

لكن الكتاب الذي عاش في الأساطير، كان في الحقيقة مدفونًا بعمق في مكتبة عائلة رودبيل الدوقية.

 

وحين كشفت العائلة عن الكتاب، شهدت مهارات الطب في الإمبراطورية تطورًا غير مسبوق.

 

حتى الأمراض التي كانت ميؤوس منها أصبحت قابلة للعلاج.

 

وقد عبد الناس عائلة رودبيل، التي كشفت عن هذا الكتاب من أجل خير الأمة، كما لو كانوا آلهة.

 

وبلغت مكانة رودبيل مستوى لم يكن يُتخيل تجاوزه.

 

لكن…

 

خرج صوت حزين من داخل الدوقية:

 

“لو أن <شفرة أيلا> ظهرت في وقتٍ أبكر، هل كان يمكن إنقاذ ابنة أين ريكسوس؟”

 

حينها، كنت أزور مكاننا السري، حيث كنت ألتقي بأين في الماضي، لأشعر بآثاره.

 

وهناك، بالصدفة، عثرت على دفتر ملاحظاته، ووجدت فيه سره الكبير:

 

أن أين انضم إلى عائلة رودبيل بحثًا عن <شفرة أيلا>.

 

كان يؤمن بوجودها، ويظن أن الكتاب مخبأ في الدوقية.

 

ولذا، عمل جاهدًا ليصل إلى منصب القائد.

 

ليحصل على تصريح دخول إلى المنطقة السرية حيث تُجمع الكتب الخاصة.

 

لكنه لم يكن يعلم أن حتى منصب القائد لا يكفي لدخول تلك المنطقة، ما لم يكن من نسل مباشر.

 

لذا، كان يحاول إيجاد طريقة بديلة.

 

“لو أنه صبر قليلًا، ربما أنقذ ابنته.”

 

كنت أشعر بالأسى العميق تجاهه. كان شخصًا يسطع كالشمس، لكن نهايته كانت مظلمة جدًا.

 

لذا…

 

أجبت أين، الذي كان يحدق بي بعينين مرتابتين، بنبرة هادئة

 

Sel

للدعم :

https://ko-fi.com/sel08

أستغفر الله العظيم واتوب اليه