أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
على عكس توقعاته، كان رد فعل كبير السحرة في البرج فاترًا.
مع أنه عادة لا يُظهر الكثير من المشاعر، إلا أنه كان مهتمًا جدًا بهذا السلاح.
ألم يكن متحمسًا هذا الصباح عندما سمع أنه سيُستكمل قريبًا؟
تساءل كبير السحرة بحذر عن سبب تغيّر مزاجه بشكل كبير في نصف يوم فقط.
قال:
«الآن لم يتبق سوى الخطوة الأخيرة: التنشيط. هل نتابع؟»
كان التنشيط هو المرحلة الأخيرة في صناعة الأداة السحرية، حيث يُحقن فيها السحر لأول مرة لتفعيل وظائفها.
تختلف قيمة وقوة الأداة السحرية حسب الشخص الذي يقوم بتنشيطها.
وكان من المخطط أصلًا أن يقوم آشر، سيد برج السحر، بتنشيطها.
لكن بما أنه بدا غريبًا، سأله للتأكيد.
مع ذلك، لم يشك الساحر في جوابه. فهي كانت التحفة الأكمل في تاريخ البرج.
كيف يمكن أن يُهمل عملًا كهذا
«تُؤجَّل.»
«……؟ نعم……؟»
هل سمع بشكل خاطئ…؟
حدق كبير السحرة مذهولًا من الجواب الذي سمعه.
«آسف، آسف. لم أسمع جيدًا ما قلت»
«لقد تقرر تأجيل عملية التنشيط في الوقت الحالي.»
«لماذا، لماذا، أُه… لماذا؟ ألم تعمل ليلًا ونهارًا لإنهائه؟ لقد انتهيت أخيرًا، فلماذا…!»
ارتفع صوته من دون أن يشعر.
كان ذلك أمرًا لا يُغتفر لرجل أقسم بالولاء المطلق لسيد البرج، لكنه صُدم لدرجة أنه لم يدرك ما يقول.
«أنا من فعل ذلك…….»
تحول بصر آشر إليه.
ولحظة التقت عيناه الرماديتان بعينيه، انكمش عنقه لا إراديًا.
شعر أن بؤبؤيهما بلا حياة، مثل رماد محترق لم يترك خلفه شيئًا.
«هل أحتاج لإقناعك؟»
«……لا، ليس الأمر كذلك……. إن كان كذلك، فقط أعلمْني حين تتخذ القرار وسأنقله للباحثين…….»
طلب كبير السحرة، وقد انطفأت همته تمامًا، بصوت خافت.
تنهد آشر بهدوء، وبعد لحظة أجاب:
«سأتخذ القرار قريبًا.»
«……نعم.»
«إن لم يكن لديك ما تبلغني به بعد، يمكنك الانصراف الآن.»
«نعم…….»
غادر الساحر الغرفة وهو مطأطئ الرأس.
أما آشر، فبقي وحيدًا يطلق تنهيدة صغيرة.
نظر إلى تقرير استكمال السلاح السحري على مكتبه بعينين مترددتين.
وبينما كان يحدق فيه، تذكر ما قالته له ميراكل.
«لقد ابتلعت الهاوية روح أختي مع الروح الشريرة، وهو يستخدم قوة تلك الروح لتغذية آل رودبل. بحثت طويلًا عن طريقة لإحيائها، وكانت الطريقة هي…»
«تقديم تناسخات أختي للهاوية. كلما قُدّمت تناسخاتها، ازدادت الروح قوة، وفي النهاية ستكتمل وتعود إلى الحياة.»
«وهذه التضحية ستكون الأخيرة. إن قدّمت لوسيا للهاوية، ستُبعث أختي من جديد. لذا… أرجوك يا آشر، ساعدني. أنت تفتقد أختك أيضًا، أليس كذلك؟ فلنعد إلى ذلك الزمن.»
بالطبع
«أعلم أنها هراء.»
كلمات جوفاء بلا ذرة مصداقية.
لكن تلك القصة السخيفة كانت كافية لتهز قلب آشر.
لو تمكن فقط من لقاء لوكريزيا رودبل مجددًا. لو استطاع فقط…
«لو استطعت أن أقول لكِ آسف لأني لم أحمِك…»
مشاعر لا يزول أثرها مهما مرّت القرون.
ولآشر، كانت تلك المشاعر: الذنب والحنين.
حتى وإن كان الاحتمال ضئيلًا مثل ذرة غبار.
«ماذا لو كان ذلك صحيحًا؟»
ماذا لو كانت ميراكل تفعل هذا فعلًا لإحياء لوكريزيا؟
وماذا لو كان هو الآن يعرقل بعثها…؟
«……تبا.»
شعر بصداع حاد.
أخفض رأسه وهو يمسك جبهته.
«لوكريزيا…….»
عواطف مختلطة وارتباك خانق يثقلان صدره.
●●●
«انتهينا يا آنسة.»
فتحت عيني على وقع صوت سمعته فجأة.
كنت قد أغمضت جفني لتضع لي الخادمة مساحيق الزينة، ويبدو أني غفوت للحظة.
لكن
«أظنني رأيت آشر في حلمي…»
كان يبدو متألمًا للغاية، لكني لم أعرف السبب.
غالبًا مجرد حلم عابر.
«آمل ألا يكون قد حدث له شيء…»
مع ذلك، شعرت بغصة غريبة.
ثم سمعت صوت الخادمة مجددًا:
«هل تودين إلقاء نظرة؟»
«آه.»
أومأت متأخرة وحدقت في المرآة.
وفقدت الكلمات للحظة.
لقد مضى وقت طويل منذ أن تجملت هكذا.
عادة، كنت منشغلة بالتدريب والدروس، فلا حتى ألتفت إلى المرآة، ناهيك عن الزينة.
ولذلك لم أنتبه.
«لقد كبرت حقًا…؟»
في السادسة عشرة، نضجت كثيرًا واختفت معظم ملامح الطفولة. ومع مرور التغيرات الجسدية، تغيّرت هيئتي أيضًا.
جسد ذو خطوط أنعم، وأطراف ورقبة أكثر طولًا.
الذقن المستدير أصبح أكثر حدة، وملامح الوجه صارت أوضح بكثير.
والفستان الأزرق المرصع بالخرز الذي ارتديته اليوم بدا رائعًا، وأضفى علي مظهرًا أكثر نضجًا.
حتى أني شعرت وكأني أنظر إلى شخص آخر.
وبموضوعية، لقد نضجت بشكل جميل.
«هاها، الفستان الأزرق يليق بك جدًا.»
«بما أنك ستحضرين العشاء اليوم، اهتممنا بك أكثر.»
«هل أنتِ راضية؟»
ألقت الخادمات، اللواتي أصبحن قريبات مني تمامًا، كلمات الإعجاب واحدة تلو الأخرى.
لم يسعني إلا أن أعلّق:
«جميلة.»
كنت جميلة فعلًا.
لكن
«أليست مبالغة بعض الشيء؟»
فهو مجرد عشاء عائلي، فهل حقًا أحتاج كل هذا التأنق؟
وكأنها قرأت شكوكي، قالت إحدى الخادمات:
«سمعت أن اللورد فانسيس والليدي ميراكل يخططان للبقاء طويلًا، لذا سيكون العشاء أشبه بمأدبة كبيرة. والجميع سيأتون بمستوى مشابه.»
«……حسنًا إذن.»
ليس بوسعي فعل شيء.
أومأت، وفي تلك اللحظة، فُتح الباب ودخلت مارين.
اتسعت عيناها حين رأتني.
«آنستي، أنتِ رائعة الجمال!!»
بدأت تدور حولي بذهول.
«يا إلهي، صغيرتنا كبرت هكذا، أوووه.»
لم ترني مارين منذ زمن وأنا متزينة، فبدا عليها التأثر.
ثم نظرت إلى الوقت وقالت مسرعة:
«اقترب الموعد. لنذهب.»
«حسنًا.»
شكرت الخادمات على مجهودهن، وتوجهت مع مارين نحو قاعة الطعام.
قالت مارين وهي تسير بجانبي:
«غريب أن أراك متزينة هكذا، آنستي.»
أومأت موافقة.
«لقد صرتِ في السادسة عشرة بالفعل، أليس كذلك؟ عيد ميلادك قريب.»
«نعم.»
حين ذكرت عيد ميلادي، خطر في بالي.
«بقي حوالي شهر.»
لكن رغم ذلك، لم يتغير شيء.
كنت أتدرب وأدرس.
ثم أحتفل مع آين، ليغرين، مارين، وآشر.
قد يبدو بسيطًا، لكنه كان أعظم عيد ميلاد بالنسبة لي.
فأنا أصلًا لم أعرف معنى كلمة «حفلة عيد ميلاد».
وفي كل ليلة عيد ميلاد، كان دومًا…
«الدوق يترك هدية.»
صندوق صغير بلا مرسل، يُترك أمام الباب.
فيه دمى، أقلام، أو حتى قلائد.
لم يُكتب اسم مرسل، لكني كنت أعرف من هو.
ففي هذا المنزل، لا أحد غيره قادر على ذلك.
لكن بما أنه لم يُظهر شيئًا، لم أُبدِ أي رد فعل أيضًا.
جمعت خمس صناديق حتى الآن.
وضعتها في صندوق كبير تحت السرير، لا أستعملها ولا أرميها.
والآن أفكر…
هل سيكرر الأمر هذا العام؟
«ثم…….»
حينها، قالت مارين بابتسامة خفية وهي تنظر إليّ:
«سمعت أن النبلاء يقيمون شيئًا يُسمى حفل الديبوتانت في عيد ميلادهم السادس عشر…….»
م.م: حفل المبتدئات للدخول لعالم النبلاء
«آه.»
شهقت من المفاجأة.
«آنستي، هل من الممكن…….»
نظرت إليّ مارين بترقب.
ابتسمت ابتسامة باهتة وأجبت:
«حسنًا، ربما لن يكون ممكنًا.»
«……آسفة. قلت ما لا ينبغي.»
«لا بأس.»
ابتسمت بصدق هذه المرة.
الديبوتانت.
بالفعل.
«هو في مثل هذا الوقت من العام.»
حفل ميراكل الديبوتانت.
عيدها السادس عشر. فأعياد ميلادنا متقاربة.
وفي حياتي السابقة، أُقيم حفل ميراكل في قصر آل رودبل ببذخ لا يوصف.
أما أنا… فكنت أراقبه من نافذة بعيدة.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 178"