منذ أن بلغت العاشرة من عمرها، كانت “ميراكل” ترى حلماً كل يوم.
الحلم كان ذكرى “ليليث”.
في أحلامها الأولى، كانت ليليث بالكاد تصمد وسط إساءات ومعاملة وحشية.
فقط لأنها ابنة غير شرعية…
فقط لأن دمها “ملوث”.
وأخيراً، جاء اليوم الذي خططت فيه للهروب بعدما أدركت أن أولئك الذين عذبوها بوحشية كانوا ينوون قتلها.
«مرحباً، أنتِ ليليث.»
ظهرت أمام عينيها.
المنقذة……
تعرفت ليليث عليها في الحال وأمسكت يدها الممدودة.
«من اليوم، أنتِ أختي الصغيرة. وهذا سيكون مكان عيشك من الآن فصاعداً.»
كان “رودبيل” الذي دخلته معها أشبه بالفردوس على الأرض.
قصر ضخم وجميل.
حديقة غنّاء مُعتنى بها.
خدم ذو أخلاق حسنة.
مرحباً بكِ في رودبيل.
شعرت ليليث وكأن كل ذلك حلم. وهي كانت سيدة ذلك كله.
«ليليث، هل تشعرين بأي إزعاج؟ إذا أزعجك أحد، أخبريني. سألقّنه درساً جيداً.»
نظرت ليليث إلى المرأة التي أمامها.
شعر أسود جميل بدا وكأنه يذيب الليل البعيد، وعينان بلون الياقوت تتلألآن تحت أشعة الشمس.
عينان عطوفتان وودودتان. يدان ناعمتان. حتى أنفاسها كانت مقدسة.
ليليث… كانت تبجّل وتؤمن بلوكريزيا حقاً.
وأحبت نفسها لكونها واقفة إلى جانبها.
أنا، التي كنت أشعر أنني أحقر إنسانة في العالم، وجدت نفسي جالسة بجوار أعظم إنسانة فيه. كنت أغمر بثقتها ومودتها.
ظننت أنه حتى لو لم أكن في مقامها، يمكنني أن أكون على الأقل أسفلها مباشرة.
… … لكنني كنت مخطئة تماماً.
«انظروا كيف تمشي مرفوعة الرأس وكأن الرب ترأف بها، مع أنها ابنة غير شرعية؟»
«إنها متعجرفة لأنها تثق بجمال وجهها. هل تعرفين كم سيدوم هذا الوجه؟»
«لماذا جلب السيدة شيئاً نجساً كهذا؟ يبدو أنها تلطخ سمعة رودبيل.»
«ألا تعرفين السيدة لوكريزيا بعد؟ لم تكن تستطيع أن تتجاهل الصغار والضعفاء والمجروحين. إنها طبيعتها المفرطة في العاطفة. لكنها كان يجب أن تكون أكثر تمييزاً في ما يجب قبوله وما لا يجب.»
«يغضبني حقاً عندما يرفع ذاك الشيء رأسه ويقول إنه ينال عطف السيدة لوكريزيا.»
«انتظروا. لم يتبقَ الكثير على أي حال.»
«كيف عرفت؟»
«قلت لكم. السيدة لوكريزيا تضعف أمام العطف. انظروا إليها. ربما بدت مثيرة للشفقة في البداية، لكن ماذا عنها الآن؟ إنها تتصرف بشكل مستقيم، وكأنها رودبيل نفسها. لم تعد تبدو ضعيفة أو مثيرة للشفقة.»
«… ! إذن قريباً…»
«نعم، سيتم التخلي عنها. لن يبقى أمامها وقت طويل لتتفاخر هكذا. وحين يحدث ذلك، سنطردها بلا رحمة.»
«فكرة جيدة. هاهاها، أتساءل كم من الوقت ستظل تتجول دون أن تعرف أنها ستُنبذ قريباً.»
«إذن.»
اختفى أولئك الذين سخروا منها حتى النهاية في الممر.
لكنهم لم يعلموا.
أنها كانت وراءهم تسمع كل كلمة داسوا بها قلبها بلا رحمة.
«…….»
لم تصدق ليليث كل ما قالوه.
قد تكون مثيرة للشفقة. قد يكون منظرها مأسوياً، إذ كانت على حافة الموت.
لكن……
«لا يمكن أن تتخلى عني.»
نظرت ليليث إلى بركة ماء تجمعت من مطر الليلة الماضية.
شعر أبيض كالثلج، بشرة كاليشب، وعينان كالأماثيست تتلألآن.
تحت حماية لوكريزيا، لم يعد في مظهرها أي أثر للمرأة البائسة البائسة التي كانت.
حينها، بينما كانت تحدق بذهول في صورتها التي ازدادت جمالاً، سمعت صوتاً مفاجئاً:
«آه، ليليث.»
استدارت بخوف.
كانت لوكريزيا، التي أحبتها كثيراً.
وبمجرد أن رآتها، أشرق وجه ليليث الشاحب.
لكن…
«لقد جئتِ في الوقت المناسب. دعيني أعرّفكِ. هذا الشخص سيبقى معنا من الآن فصاعداً»
في اللحظة التي رأت فيها الرجل الواقف بجانبها، انحبس نفس ليليث.
رغم مظهره البارد، أدركته ليليث في الحال.
أنه مثلها.
رجل بائس ومثير للشفقة.
لوكريزيا… جلبت شخصاً مثلي معها.
وحين التقت عيناهما، تجمد هو الآخر ونظر إلى ليليث.
وسط الجو الغريب، ابتسمت لوكريزيا وقالت:
«آش إيتريا. بالمناسبة، هذا الاسم الذي منحته له. كونا مقربين.»
في لحظة، أدركت ليليث.
كلماتهم لم تكن خاطئة.
لوكريزيا، التي تحب الضعفاء والبائسين، قد لا تحبها بعد الآن.
قد يأتي اليوم الذي تُترك فيه.
ألم يظهر البديل بالفعل؟
في تلك اللحظة، أقسمت ليليث قَسَماً يائساً.
لن أُنبذ.
سأحمي هذا المكان، الذي هو كالفردوس على الأرض.
ومع ذلك، إن تخلت عني هي، أو إن تخلّى عني هذا المكان…
م.م: تحميه أنو تقتلي أختك في كل حياة؟؟؟ شو هالمنطق!!
«ميراكل.»
رفعت ميراكل رأسها فجأة عند الصوت المفاجئ.
سأل “فانسيس” بوجه عابس:
«بماذا تفكرين؟»
نظرت ميراكل، العالقة بين الحلم والواقع، إليه بوجه مرتبك، ثم ابتسمت بإشراق وأجابت:
«أنا فقط متحمسة للعودة إلى البيت بعد وقت طويل. ماذا عنك، أخي؟»
«حسناً… إنه نفس المكان دائماً، فما الذي يثير الحماس؟»
خمس سنوات. خلال هذه الفترة، أصبح طبع فانسيس أكثر جفاءً وحدة.
كان ذلك نتيجة معاملة طلاب الأكاديمية له كأمير.
حاولت ميراكل أن تبتسم بخفة أمام مظهره المألوف.
«ومع ذلك… ليس الأمر أنه لا يوجد ما نتطلع إليه.»
وكأنها تثبت ذلك، بدا في عيني فانسيس بريق طفيف من الترقب وهو يحدق بذهول من النافذة.
وفي اللحظة التي أدركت ميراكل ما الذي كان يتوقعه…
«…….»
اختفت ابتسامتها فجأة.
لكن حين نظر فانسيس إليها، كانت ميراكل تبتسم بإشراق مجدداً.
بمظهر نقي وجميل للغاية.
تذبذب بصر فانسيس ثم عاد إلى النافذة.
كانت العربة قد اجتازت بالفعل البوابة الرئيسية لقصر دوق “رودبيل”.
كان مقر الدوق يعجّ بالحركة منذ الصباح الباكر.
اليوم هو يوم عودة فانسيس وميراكل، اللذين حصلا على إجازة الصيف، إلى رودبيل.
وبسبب ذلك، اهتم الخدم اهتماماً خاصاً بالقصر، منظفين منذ الفجر.
«يقولون إن العربة قد عبرت البوابة.»
عند سماع الخبر، أومأ “ليغرين” وأوقف الخدم في صفٍ منتظم.
كنتُ واقفة على السلم أراقب المشهد.
«سيعودان في النهاية عند مجيء الوقت، لكن الأمر مزعج حقاً.»
قالت “مارين”، الواقفة بجانبي، بصوت خافت.
ابتسمتُ بهدوء.
حسناً، ليس أنني لا أفهم. فالأمير والأميرة عائدان إلى رودبيل.
وفوق ذلك، على عكس الإجازات السابقة التي كانت تستمر نحو أسبوع فقط، فهذه المرة يُتوقَّع أن تطول أكثر، لذا يجب أن يكون الحذر أكبر.
«هل من الضروري حقاً أن تخرجي لتحيّتهما يا آنسة؟»
«لا أدري.»
لهذا السبب، حتى الآن، كلما عادا، كنت أختار البقاء في معسكر آين أو في البرج بحجة التدريب الميداني.
لم يكن هناك داعٍ للقاء، ولم أرغب في خلق أي متغيّر.
لكن هذه المرة، كان الوضع مختلفاً بعض الشيء.
«بما أنني سأبقى لفترة طويلة، أظن أننا سنلتقي عاجلاً أم آجلاً.»
مستندة إلى الدرابزين، تمتمت وأنا أنظر إلى البهو حيث انتهى الخدم من الاصطفاف.
«إن كنا سنلتقي في النهاية، فأفضل أن أخرج وألتقي بهما مباشرة.»
«ألستِ فضولية لترين كيف تغيرا؟»
ابتسمتُ بخفة عند سؤال مارين.
«لا أدري.»
في الواقع، لم أكن فضولية كثيراً.
«لأنني أعرف مسبقاً.»
كيف كبرا.
وإلى أي مدى سينموان أكثر.
لكن ما لا يعرفانه هو كم نميت أنا، وكم سأنمو بعد.
عندها…
«لقد وصلا!»
م.م: مرحبا يا أحلى قراء أتمنى تكونوا بخير وصلنا للفصل 172 و به تم تغيير غلاف الرواية لهذا الغلاف، رأيكم؟ أنا حبيتو كتييير و لوسيا طالعة حلوة كتير 🥰
التعليقات لهذا الفصل " 172"