أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
“يا له من موقف محرج…”
لطالما كنتُ أشتاق إلى الحب، لكن… حين بدأ أحدهم يعتني بي حقًا، لم أدرِ كيف أتصرف.
وفي النهاية…
“آه… آآه…”
أغمضتُ عينيّ بقوة وفتحتُ فمي بتردد.
قهقهت مارين برقة، ثم وضعت الملعقة في فمي.
“كيف هو؟ لذيذ؟”
ترددتُ للحظة، ثم أومأت بخفة.
“…أعتقد أنه لذيذ.”
“إذا كان لذيذًا، فقولي لذيذ فقط! ما معنى ‘أعتقد’؟” قالتها مارين مازحة بتوبيخ لطيف.
“ربما…”
لم أعرف كيف أجيب.
فأنا لم أذق طعم شيء لذيذ من قبل. لم أكن أعرف حتى ما معنى أن يكون الطعام “لذيذًا”.
الوليمة من النكهات التي اختبرتُها لأول مرة، بدت غريبة جدًا.
طعمٌ لا أستطيع وصفه يدور في فمي، وفي ذات الوقت، شعرتُ أنني على وشك البكاء.
“أستطيع التذوّق…”
حين سمعتُ أول مرة أنني فقدتُ حاسة التذوق بعد أن عضّني كارتشو، لم أهتم كثيرًا.
فكل ما كنتُ أتناوله كان طعمه سيئًا على أية حال.
بل اعتقدتُ أن فقداني لتلك الحاسة نعمة.
لكنني اكتشفت، متأخرة، أن الطعم جزءٌ مهم من الحياة.
فقدتُ تذوّقي… بعد أن كنتُ قد فقدتُ كل شيء آخر. فلم يبقَ لي شيءٌ أشعر به.
استلمتُ الملعقة من مارين ببطء.
تذوّقتُ شوربة الفطر، كانت ناعمة وغنية بنكهة مختلفة ومذهلة.
اللحم المطهو كان مالحًا قليلًا وطريًا، والسلطة منعشة. أوراقها مرة، وهذا يفسّر الحاجة للصلصة.
لأول مرة في حياتي، عرفتُ أن النكهات قد تكون متنوعة بهذا الشكل.
“تأكلين جيدًا! سيُسعد الطاهي رؤيتك هكذا!” قالت مارين بابتسامة، وهي تدفع العربة بعد أن فرغت الصحون.
“واو… أنا شبعى.”
لم أستطع التوقف عن الأكل من شدة انبهاري بالطعم، والآن شعرت بأن معدتي على وشك الانفجار.
“هل أتمشى قليلًا لهضم الطعام؟”
ولدي أيضًا مكان أريد الذهاب إليه قبل أن يعود الوقت متأخرًا.
“من الأفضل أن أذهب قبل أن تعود مارين.”
رغم أنني لم أعرفها منذ زمن طويل، لكنني شعرت أنها ستمنعني من الخروج وتصرّ على أن أرتاح.
لكن…
“لا أملك أي ملابس.”
كانت تلك عقبة غير متوقعة.
بحثتُ في الغرفة، لكن لم أجد أثرًا لأي ملابس. وكأن ملابسي القديمة قد أُلقِيَت بعيدًا عندما نُقلتُ إلى هذه الغرفة.
حتى الثياب التي كنت أرتديها بالأمس اختفت.
لا شك أن مارين قد رتّبت كل شيء.
“لكن لا يمكنني الخروج بملابس النوم.”
نظرتُ حولي يائسة، حتى وقعت عيناي على معطف معلّق على الكرسي.
كان معطف مارين، علّقته مؤقتًا، على ما يبدو، لأنها لا تنوي الخروج.
“آسفة، مارين…”
قررتُ استعارة المعطف مؤقتًا.
كان طويلًا جدًا عليّ، يصل إلى كاحلي. الأكمام أطول من ذراعي بكثير، فطويتها عدة مرات حتى أصبحت كثيفة لكن يديّ حرّتان.
وقفتُ أمام المرآة الطويلة على الحائط.
أومأتُ برأسي هامسة:
“أبدو كمن يرتدي كيس بطاطا.”
المنظر كان مضحكًا بعض الشيء، كتلة صغيرة تتجوّل داخل معطف ضخم، لكن هذا أفضل ما لدي.
“سأستعيره قليلاً فقط، مارين…”
قلت وداعًا صامتًا، وفتحتُ الباب وخرجت إلى الردهة.
“أين أنا أصلًا؟”
لم يخطر ببالي حتى أن أعرف الغرفة التي نُقلتُ إليها.
“ليست في الطابق الثاني بالتأكيد.”
لو كانت كذلك، لكان فانسيس قد ركض إليّ فور سماعه بالأمر.
حتى الخدم الذين كانوا يملؤون الممرات اختفوا.
فهمتُ سريعًا.
“إنها في الطابق الثالث.”
وهذا يفسر لماذا لم أرَ أحدًا.
فطالما لا توجد ضيوف، فلا حاجة لوجود خدم في الطابق الثالث.
“لم أكن أتوقع أن يعطوني غرفة ضيافة هنا.”
كنتُ سأعتبره نصرًا عظيمًا لو منحوني غرفة خادمة، لكن أن يُعطوني غرفة واسعة خالية في الطابق الثالث… هذا أكثر مما توقعت.
“واضح أنهم لا يفعلون هذا من أجلي.”
بينما نزلتُ من الطابق الثالث، بدأ الخدم بالظهور تدريجيًا.
والمفاجأة…
“يتجنّبونني؟”
بمجرد أن التقت أعيننا، أداروا وجوههم بسرعة.
معظمهم كانوا أول من سخر مني، من دون تردد، بوصفي عار آل رودبل.
“هممم.”
نظرتُ طويلاً إلى أحدهم، كان أكثرهم سوءًا، حتى بدأ يتصبّب عرقًا وتهرّب بعينيه.
“لا بد أن الدوق قد هددهم.”
ربما أمرهم بعدم التحدث عني بسوء.
“وأعطاني غرفة في الطابق الثالث أيضًا؟”
يبدو أنهم يريدون كسب رضاي أو على الأقل منعي من الهرب.
“لكن لا بأس بذلك.”
ابتسمتُ بخفة لأحدهم، فقفز في مكانه وابتعد راكضًا.
لم يكن الوحيد. كل من رأوني سعلوا فجأة أو تظاهروا بأنهم لم يروني.
“يخشون أن أنتقم منهم، بعد كل ما فعلوه.”
لكنني لستُ بتلك الفارغة التي ستطرد كل من أهانني.
لو فعلت، لتحوّل قصر رودبل إلى قصرٍ مسكون.
وبصراحة…
“الدوق على الأرجح يمثل دورًا أمامي.”
لستُ ساذجة كي أصدّق كل هذا وأتأثر.
وفي جميع الأحوال، شعرتُ بعدم ارتياح من تصرفات أولئك الذين كانوا ينظرون إليّ كحشرة، وهم الآن يتصرفون كمن يخشى لمسي.
لذا غادرتُ المبنى سريعًا.
وووش—
ما إن خرجت، حتى صفعتني نسمة باردة.
كان الجو دافئًا في الداخل، ولم أتوقع هذا البرد القارس.
“الحمد لله أنني استعرتُ المعطف.”
رغم أنني أخذته من دون إذن، لكن لولاه، لكنت أرتجف الآن.
توقفتُ للحظة، أنظر حولي.
الجو بارد، ولا أحد في الأنحاء.
“هل أستطيع الخروج؟”
نظرتُ باتجاه البوابة.
كانت بعيدة جدًا، لا أستطيع رؤية تفاصيلها.
المسافة طويلة تحتاج إلى عربة.
حتى لو حاولت الهرب، ففرقة المطاردة الخاصة بعائلة رودبل ستلحق بي فورًا.
فهي مشهورة بالملاحقة حتى آخر الدنيا.
“وإن أُلقي القبض عليّ… قد أسجن فعلًا.”
لا أملك نية للمخاطرة بمصير معروف.
وفوق كل ذلك…
“هناك أمر يجب عليّ فعله هنا.”
حرّكتُ قدميّ بسرعة من جديد.
هناك شخص… يجب أن ألتقيه.
“هاه… هاه…”
أنفاسي كانت ضحلة.
جزء من السبب هو أن لياقتي معدومة.
والسبب الآخر أن قصر رودبل ضخم بشكل مزعج.
لكن على كل حال…
<ساحة التدريب 1>
“…وجدتها.”
ابتسمتُ وأنا أنظر إلى اللافتة.
“لقد مر وقت طويل.”
منذ أن كنتُ في الخامسة عشرة… خمس سنوات كاملة.
“لم أتوقع أن أعود هنا مجددًا.”
وقفتُ أمام اللافتة بشعور غريب، ثم سرتُ في الطريق المؤدي إليها.
بدأ المسار الواسع يضيق تدريجيًا، وقد امتلأ بأوراق الخريف اليابسة.
كان شعور الأوراق تتكسر تحت قدميّ… ممتعًا.
كلما تقدمت، شعرت بشيء غريب.
لم أعد أشعر بالإرهاق.
بل، بدأت خطواتي تزداد سرعة.
وفي النهاية، كنتُ أركض تقريبًا.
وما إن خرجت من الممر الضيق…
“هياااه!”
“هَـآاااه!”
انفجرت الأصوات من كل جانب.
قوية لدرجة أن أذنيّ طُنّت مؤقتًا.
“أوه، صحيح، هناك حاجز عازل للصوت حول ساحة التدريب.”
ربما لهذا السبب…
كانت ساحة التدريب تشعر وكأنها عالمٌ منفصل، لا ينتمي لعائلة رودبل.
ولذلك… ربما كنتُ أهرب إلى هنا أيضًا، كي أهرب منهم.
وقفتُ لحظة أنظر.
ساحة التدريب الأولى، وهي الأوسع بين كل ساحات رودبل، معروفة بأنها ضخمة وصعبة التضاريس.
لكنني…
مشيت بثقة.
مرت دقائق قليلة…
وفجأة، سمعت صوتًا يصرخ:
“أوووه! هناك—احذري!!”
استدرت بسرعة، و… وميض من الضوء انطلق أمام عينيّ.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 15"