أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
حين مدّ ذراعيه على وسعهما، قفزت فتاة بيضاء إلى حضنه في الحال.
“ماذا لو أصبتِ بالبرد وأنتِ تخرجين هكذا؟”
“هيهي. كنتُ أنتظر أبي. أريد أن أنام مع أبي اليوم.”
“يا إلهي، لا تزال ميراكل دلوعة أبيها.”
“هيه، ألا تريد النوم معي؟”
“بالطبع لا. هيا بنا سريعًا.”
عانقها بشدّة، ومضى والدها… الدوق.
رغم أنه رآني بوضوح، وتلاقت أعيننا.
في تلك الليلة، أصبتُ بحمى شديدة، ظلّت تلازمني حتى الصباح.
ولم يعتنِ بي أحد.
تُركت وحيدةً في غرفة فارغة، لا يسكنها إلا الغبار العالق، أكتم دموعي بصمت.
وكل ما شعرتُ به حينها هو…
الوحدة.
“…إنه حلم.”
رمشتُ بعينيّ الجافتين.
رؤيتي كانت مشوشة. أين أنا؟
لكني علمتُ على الأقل أنني لستُ في العلية التي كنتُ أقيم فيها.
فالغرفة التي كنت فيها لم تكن تعرف هذا القدر من ضوء القمر.
“لحسن الحظ، لم يكن سوى فقدان وعي مؤقت نتيجة ارتجاج خفيف. لكن المشكلة أن حالتها سيئة جدًا من سوء التغذية، والحمى لا تزال مرتفعة…”
سمعتُ صوتًا.
وعندما أدرْتُ رأسي بصعوبة، رأيتُ ظهر رجل مسن يرتدي معطفًا أبيض، من خلال رؤيتي المشوشة.
يبدو طبيبًا، كما توقعت.
وعندها فقط بدأت تفاصيل ما حدث تعود إلى ذهني شيئًا فشيئًا.
ذهبت إلى المكتبة… تبعني فانسيس… تشاجرنا…
ثم سقطت الكتب… أجل، فوقي.
فقدتُ الوعي وأنا أحاول إنقاذ ذلك الأحمق.
ما إن تذكّرت، حتى بدأ رأسي يخفق بألم.
وشعرتُ داخليًا… بالقرف.
“حتى في الحلم، رأيتُ شيئًا لا أرغب بتذكره.”
كان من المؤلم رؤية ذكرى حاولتُ دفنها تعود مجددًا في صورة حلم.
“سأصف لها بعض الأعشاب العلاجية. من الأفضل أن ترتاح جيدًا في الوقت الراهن.”
لكن، لمن يتحدث الطبيب؟
فلا أحد يُعدّ “وليّ أمري” في هذا المنزل.
لا يمكن أن يكون الدوق، ولا ليغرِن.
لكن حينها…
“نعم، شكرًا لك على مساعدتك.”
صوت امرأة؟
كان الصوت شابًا، أنثويًا.
وسرعان ما شعرتُ بشخص يقترب مني، بعدما غادر الطبيب.
ثم… تلاقت أعيننا.
“أوه، لقد استيقظتِ؟”
رؤيتي بدأت تتضح.
أمام عيني كانت تقف امرأة ذات شعر بني قصير، تبدو في أوائل العشرينات.
“…من أنتِ؟”
همستُ بشفاه جافة، فابتسمت المرأة وقالت:
“لنشرب بعض الماء الدافئ أولًا. جيد، أحسنتِ.”
بدلًا من أن تُعرّف بنفسها، رفعتني بلطف وسقتني ماءً دافئًا.
وبفضل ذلك، ارتوى حلقي الجاف، الذي كان أشبه بالصحراء.
ثم بدأت تمسح وجهي بلطف بمنشفة مبللة بماءٍ دافئ.
حركاتها كانت ناعمة ودافئة، وكأنها تتعامل مع تحفة من الزجاج.
وعيناها البنيتان كانتا مليئتين بالدفء والحنان.
وكانت تبتسم كلّما التقت أعيننا.
“من تكون هذه؟”
هل هذا أيضًا حلم؟
هل هي صورة من خيالي، بعد أن رأيتُ ذلك الكابوس البارد؟
فكرتُ بذلك… قبل أن أستسلم للنعاس والدفء.
في اليوم التالي، استيقظتُ عند الظهيرة.
رغم ظني بأن تلك المرأة كانت مجرد وهمٍ في حلم…
“أوه! لقد استيقظتِ! سعيدة أن صحتك تحسنت.”
كانت هناك.
فتحت الستائر، اقتربت مني وهي تبتسم، ثم قالت:
“لقد تأخرتُ في التعريف بنفسي، أليس كذلك؟ اسمي مارين. تم تعييني كخادمة خاصة للآنسة لوسيا.”
“خادمة؟”
سألت بدهشة، فأومأت بحماس:
“نعم! يمكنك مناداتي مارين فقط، وتحدثي إليّ بطريقتك العادية دون تكلف!”
عندها فقط، بدأتُ أفهم ما يجري.
“هذا هو أثر استفزازي للدوق.”
يحاول تهدئة استيائي، بتوفير بيئة مريحة بعض الشيء.
ولحسن الحظ… يبدو أن الأمر يسير باتجاه ما أردت.
التفتُ إلى النافذة، حيث أشعة الشمس تتدفق بحرية.
“يا له من منظر مبهر.”
في العلية، لم يكن هناك سوى نافذة صغيرة بالكاد تسمح لضوءٍ شاحب بالدخول.
أما الآن، فهذه النافذة كبيرة لدرجة أن الشمس تدخل كأنها ضيف مرحّب به.
“حتى السرير… كالسحاب.”
في السابق، كنت أنام على مرتبة قديمة، وبطانية واحدة بالكاد تغطي جسدي.
رغم أن غرف القصر مدفّأة بالسحر، فإنّ النوم فوق ذلك السرير كان عذابًا.
أما هذا السرير… فهو دافئ، ناعم، كأنني أغرق في الراحة.
كل شيء حولي يلمع، ويبدو وكأنه من عالم آخر.
“هل هذه فعلًا غرفتي؟”
نعم، هذا ما أردته.
لكن… لم أظن أن الأمر سيكون بهذا الشكل.
كنت أتأمل المكان بذهول حين…
قررَت مارين العودة وهي تدفع عربة طعام صغيرة.
وانتشرت رائحة شهية في المكان.
“لا بد أنكِ جائعة بعد يومٍ كامل بلا طعام؟ الطاهي أعدّ لكِ شيئًا خاصًا!”
وعندما رفعت الغطاء المعدني، ظهر الطعام اللامع، يتصاعد منه بخارٌ أبيض شهي.
“قال الطبيب ألا تأكلي كثيرًا، فجهزت شيئًا خفيفًا نسبيًا.”
“هذا خفيف؟”
كدت أضحك دون وعي.
حين لم أتفاعل، مالت مارين برأسها وقالت بتوتر:
“آه! نسيت أن أشرح لكِ نوعية الأطعمة! إنها المرة الأولى التي أقدّم لكِ الطعام بنفسي، أعتذر!”
ظنت أنني غاضبة لعدم احترامها طقوس التقديم، رغم أن السبب الحقيقي كان مختلفًا تمامًا.
وقبل أن أوضح، بدأت تشرح بسرعة:
“هذه سلطة بلحم البط، وهنا حساء الفطر. هذا سمك مشوي بصوص خاص، وهذا لحم مطهو ببطء طلبت أن يكون طريًا خصيصًا لكِ.”
كانت تشرح كل طبق بحماس.
لكن المشكلة… أنني لم أفهم شيئًا.
في حياتي، كان طعامي لا يتعدى حساء البطاطا والماء، مع خبزٍ جاف.
حتى ذوقي فقدته بسبب الكارشو.
لم أعد أفهم معنى “الطعم” أصلًا.
“ولا أعرف حتى من أين أبدأ.”
حين بقيتُ مترددة، سألتني:
“هل هناك مشكلة؟”
توقفت.
هي لم تتخيل أبدًا أنني لا أعرف كيف آكل هذا الطعام.
وهذا طبيعي.
في هذا القصر، هذا يُعتبر “وجبة خفيفة”.
ولم أكن أنوي أن أشرح خلفيتي بالتفصيل.
كنت على وشك التقاط الشوكة لأبدأ…
لكنها صاحت فجأة:
“آه، فهمت!”
ثم صفّقت وقالت بابتسامة مشرقة:
“أنتِ لا تزالين متعبة، أليس كذلك؟”
“لا، لستُ…”
حاولتُ النفي، لكنها لم تسمح لي.
“إذًا، سأطعمكِ بنفسي! هيا، قولي: آآه.”
قدمت لي ملعقة فيها قطعة من السمك الأبيض.
اهتزّ جسدي من الداخل.
لم يسبق أن عاملني أحد بهذه الطريقة.
“لا، لا داعي. يمكنني الأكل وحدي.”
لكنها كانت مصرّة:
“قلتُ لكِ، أنا الخادمة الخاصة للآنسة لوسيا. ويجب أن أقوم بأمور كهذه.”
“أمور كهذه”؟ مثل معاملة شخص بالغ كطفل؟
“لا بأس حقًا…”
“آه، آنستي، ذراعي ستسقط من ثقل السمكة!”
أخذت تمثّل وتدلّلني لتأكلني بسرعة.
“هاه…”
كتمتُ تنهيدة وصلت إلى حنجرتي.
“هذا… لم يكن ما أردته.”
كنت أطمح إلى تغيير البيئة.
فقط الغرفة.
لكني وجدت نفسي وسط راحة زائدة، وخادمة ذات شخصية يصعب مجاراتها.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
بتمنى ما تغير رايها وتسامحهم او السينارو ليعتمدوه معظم الروائين لعاشاته حلم مستقبلي بما سيحدث لها