⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
حدّقتُ في الأرض.
لقد محا الثلج المتساقط حديثًا حتى آثار أقدامنا.
وكأن وجودنا لم يكن قط.
“أن تكون وحيدًا… أمرٌ صعب، أليس كذلك؟”
شبح المكتبة.
أمين المكتبة الذي انتهى به الأمر إلى أن يصبح سائسًا للخيول.
جيلز سمور كان رجلاً متسلطًا، متغطرسًا، عنيدًا، وجامد التفكير.
لقد عاش طوال حياته داخل جدران المكتبة، وكانت حياته كلّها هي الكتب.
كنت أكرهه كثيرًا، لكنّ منظرَه وهو يبكي بصمت وحيدًا كان يزعجني أكثر.
كنت أعلم أنّ هروبه إلى الغابة لن يجلب له سوى بكاءٍ أعمق في مكانٍ أبعد، لذلك لم يكن أمامي خيار سوى منعه.
“هذا كل ما في الأمر.”
لم أضف أي شرح آخر.
“أفهم…”
يبدو أن جيلز سمور لم يستوعب كلماتي، لكنه لم يسأل أكثر.
وهكذا، بقي بيننا فقط نسيمٌ بارد جاف.
ولأنني لم أعرف ما أقول، رحت أركل الأرض وأحدّق فيها، وفجأة…
“أتشــو!”
أدارتني فجأةً صوت عطسة.
كان ينفخ في يديه ليُدفئهما وهو يرتجف.
والآن بعد أن نظرتُ جيدًا، كان يرتدي ملابس خفيفة جدًا على أن يكون في الخارج وسط الشتاء.
لم أحتج حتى أن أسأل. لا بدّ أنه خرج مسرعًا عندما سمع خبر التحوّل السحري للمكتبة.
“لـ-لا تهتم بي!”
قالها بسرعة حين لاحظ نظرتي.
“تبدو وكأنك تشعر بالبرد…”
“أبدًا! هذا لا شيء.”
لم تكن تلك جملة تقال وأنفُه أحمر كالكرز.
“هاه…”
أدركت للتو أنّ هذا الرجل يحتاج إلى قدرٍ من العناية أكثر بكثير مما توقعت.
إذا وصلنا إلى مدخل المكتبة، يمكنني طلب المساعدة من الفارس الحارس هناك.
“لكن… سيعود ليقول لا تذهبي، أو يسألني إن كنت سأتخلى عنه.”
لم أرغب في الدخول في الجدال نفسه مجددًا.
لكن لا يمكنني تجاهل شخص يرتجف من البرد بجانبي حتى تتصادم أسنانه.
“لا خيار أمامي إذن.”
هذا كل ما أستطيع فعله له الآن.
فككتُ الوشاح الذي كنت أرتديه.
ومدَدتُه نحوه، وهو ينظر إليّ بوجه مرتبك.
“…! لِـ-لماذا تعطينني هذا؟”
“لأنك تبدو بردانًا.”
“لقد قلتُ بوضوح إنني لست بردانًا!”
“أنفك يسيل.”
“همف!”
مسح أسفل أنفه بسرعة بيده.
ومع ذلك، استمر في الرفض، ووجهه يزداد احمرارًا.
“مهما كنت أشعر بالبرد، لن أسرق وشاح طفل.”
“أهكذا إذن؟”
“نعم!”
إذًا لا مفر.
ليس لدي نية في فرضه على من لا يريده.
أخذتُ الوشاح مجددًا.
وقفزتُ من على المقعد.
حدّق بي مرتبكًا.
قلتُ بنبرة مفعمة بالنشاط:
“إذًا سأذهب لأطلب المساعدة، فانتظر هنا.”
“مـ-مهلًا، ألم تقولي إنك ستبقين بجانبي!”
“لكن السيد جيلز سمور رفض وشاحي.”
“وما علاقة هذا بالأمر!”
“إذا أصيب السيد سمور، وهو يرتجف من البرد، بمرض أو قضمة صقيع، فسأكون أنا المذنبة لأني اكتفيت بالمشاهدة. لا أريد المشاكل. لذلك سأذهب لأطلب المساعدة.”
“… “
“لا تقلق. سأعود سريعًا. انتظر هنا. على أية حال… لا يمكنك الحركة، صحيح؟”
“!!”
بمعنى: جيلز سمور، ابقَ هنا. أنا ذاهبة.
ابتسمتُ له ابتسامة مشرقة وهممتُ بالمغادرة، حين…
“إذًا… سأأخذه!”
اخترق ظهري صوتٌ يائس.
نظرتُ إليه بطرف عيني.
تمتم ورأسه منحنٍ:
“سآخذه… فقط لا تذهبي.”
إذًا هكذا يمكن جعله يوافق.
إنه ليس طفلًا، حقًا. إنه رجل يحتاج إلى الكثير من العناية.
يجعلني أؤدي كل هذا التمثيل المتعب لأجل مصلحته، وهذا يترك في نفسي بعض الامتعاض.
م.م: أحيانا بحس البطلة ما تمثل، هذه طبيعتها الحقيقية حنونة و طيبة و بعدين تبرر على أنه تمثيل، رأيكم؟
“همم، غريب…”
أملتُ رأسي مثل طفل بريء.
“مـ-ما الأمر الآن؟”
“قال لي كبير الخدم إنّ هذا ليس أسلوبًا لطلب شيء.”
“… “
“كيف قال يجب أن يكون؟”
نظرتُ إليه بوضوح، وكأنني أحدث نفسي عن شيء لا أعرفه.
احمرّ وجهه…
جيلز سمور صار أحمر حتى عنقه.
تحركت شفتاه، ثم أخيرًا…
“أرجوكِ… أعيريني… الوشاح…”
انحنى أمامي.
كانت كتفاه ترتجفان.
رجل عاش عمره مرفوع الرأس كأمين مكتبة رودبل، يطلب مني أنا بالذات طلبًا وهو مطأطئ الرأس… لا بد أن ذلك كان مريرًا عليه حتى العظم.
“هل أنهي الأمر عند هذا الحد؟”
“بما أنك طلبت بلطف، لا خيار لدي.”
هززت رأسي وكأني استسلمت، وعدت إلى جانبه.
جلست بجانبه ومددتُ له الوشاح مجددًا.
نظر جيلز سمور إلى الوشاح لحظةً بنظرة متشابكة، ثم أخذه.
تمتم:
“إنه وشاح بائس.”
لم يكن انتقادًا، بل تقييمًا صادقًا.
تأملني بوجه متجهم.
لا أعرف ما الأمر، لكن يبدو أنه يسيء الفهم…
“ألم تستلمي وشاحًا مناسبًا؟”
“كما توقعت.”
يبدو أنه يظن أن رودبل أساءت معاملتي وأعطتني وشاحًا رديئًا.
“ليس كذلك.”
في الماضي، لم أكن لأهتم بما يظنه، لكنني الآن…
“إنه هدية.”
لأنّ معنى هذا الوشاح كان خاصًا بالنسبة لي، لم أرغب في أن يظنه دليلًا على الإهمال.
“عذرًا؟”
نظر إليّ جيلز سمور بدهشة.
هذا كهدية؟
أخذ ينظر بيني وبين الوشاح بعدم تصديق.
لكن مع كلماتي التالية، لم يعد بإمكانه الشك.
“إنه ثمين بالنسبة لي.”
ربما كان في نظره مجرد وشاح رديء يخجل المرء من إهدائه، لكنه بالنسبة لي أغلى من أي شيء.
“هممم.”
أدرك أنه كان فظًا، فتنحنح قليلًا.
ثم قال بتعبير أكثر غموضًا:
“إن كان ثمينًا هكذا، فهل من المناسب أن تعيرينه لي؟ أنا…”
ارتجف صوته قليلًا.
“كنت… أكرهك. ألا تعلمين؟”
بالطبع. كيف لا أعلم؟ لقد كان يكرهني علنًا.
لم أجب.
لكن عينيه ارتجفتا بعنف، إذ قرأ الإجابة بالفعل في نظراتي.
“لماذا إذًا… رغم أنك تعلمين؟”
لا أعرف.
“أنا أيضًا… لا أعرف.”
“ماذا…”
بدت عليه الحيرة.
لكنها كانت الحقيقة.
كان يمكنني الانسحاب عند نقطة معقولة، فلماذا أنا الآن أعير هذا الرجل وشاحًا ثمينًا؟
لم أفهم تصرفاتي أنا أيضًا.
لقد كان الأمر أقرب إلى الاندفاع.
“فقط… ظننت أن السيد جيلز سمور بدا بردانًا جدًا.”
“… “
“هذا كل ما في الأمر.”
نعم، هذا كل شيء.
لم يكن هناك سبب كبير أو مميز. أنا لا أشعر بالبرد الآن، بينما هو يشعر به.
أستطيع تحمل هذا البرد حتى بلا وشاح، أما هو فلا يملك شيئًا.
“… “
نظر إليّ جيلز سمور وكأنه تلقى ضربة على رأسه بعد سماع جوابي.
حدّق بي بذهول، وكأنه في صدمة.
شـرر، شرر.
ببطء، لفّ الوشاح حول عنقه.
الوشاح الطويل السميك، الذي كان يغطي تقريبًا كامل جزئي العلوي، بدا مناسبًا تمامًا لجيلز سمور.
بعد أن لفّه حول رقبته، لم يقل شيئًا لفترة طويلة.
اكتفى بعبث طرفه بين أصابعه، ثم قال بصوت خافت:
“… أنا آسف…”
تمتم بها.
تظاهرت بأني لم أسمع، وأخذت أحرّك قدميّ ببطء.
رفعت رأسي فجأة.
كما توقعت، كانت الثلوج الثقيلة تتساقط ببطء على هذا العالم الصامت.
كانت ندف الثلج الهادئة تنشر السكينة.
لا أعرف كم مرّ من الوقت بعدها، لكن مع اقتراب الغروب، قال جيلز سمور:
“يجب أن ننهض الآن.”
“هل يمكنك النهوض؟”
“أشعر بتحسن كبير بفضلكِ. سأعيد لكِ هذا أيضًا.”
فك الوشاح بحذر، وأعاده إليّ.
بينما كنت ألفّ الوشاح حول عنقي مجددًا، سألني جيلز سمور فجأة…
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات
اشتراك
الرجاء تسجيل الدخول للتعليق
1 تعليق
الأحدث
الأقدمالرائج
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات
Calista48
منذ 2 أيام
البطلة على الأغلب فعلا شخص طيب وحنون بس تواجدها في بيئة سيئة ما يظهر هاد الشيء إلا فمواقف معينة زي فصل اليوم أو مع أشخاص معينين زي آين وحتى مارين مؤخرا وعلى الأغلب هي ذات نفسها تتجاهل تصرفاتها ذي وحتى ما تفكر فيها كثير وتعطيها مبررات سطحية زي رد الدين أو أي شيء لأنو على الأغلب في عقلها اللاوعي بتشوف أنو إذا تصرفت بلطف فراح تتعرض للرفض وهم برضو راح تحزن زي حياتها السابقة مع أبوها على شان أنها مهما حاولت ما نالت الحب من أبوها أو حتى إخواتها
البطلة على الأغلب فعلا شخص طيب وحنون بس تواجدها في بيئة سيئة ما يظهر هاد الشيء إلا فمواقف معينة زي فصل اليوم أو مع أشخاص معينين زي آين وحتى مارين مؤخرا وعلى الأغلب هي ذات نفسها تتجاهل تصرفاتها ذي وحتى ما تفكر فيها كثير وتعطيها مبررات سطحية زي رد الدين أو أي شيء لأنو على الأغلب في عقلها اللاوعي بتشوف أنو إذا تصرفت بلطف فراح تتعرض للرفض وهم برضو راح تحزن زي حياتها السابقة مع أبوها على شان أنها مهما حاولت ما نالت الحب من أبوها أو حتى إخواتها
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
البطلة على الأغلب فعلا شخص طيب وحنون بس تواجدها في بيئة سيئة ما يظهر هاد الشيء إلا فمواقف معينة زي فصل اليوم أو مع أشخاص معينين زي آين وحتى مارين مؤخرا وعلى الأغلب هي ذات نفسها تتجاهل تصرفاتها ذي وحتى ما تفكر فيها كثير وتعطيها مبررات سطحية زي رد الدين أو أي شيء لأنو على الأغلب في عقلها اللاوعي بتشوف أنو إذا تصرفت بلطف فراح تتعرض للرفض وهم برضو راح تحزن زي حياتها السابقة مع أبوها على شان أنها مهما حاولت ما نالت الحب من أبوها أو حتى إخواتها