لم يكن الدخول إلى القصر الإمبراطوري أمرًا صعبًا. فقد فتح الحراس الواقفون أمام القصر الباب تلقائيًا عند ظهور الدوق أسيلي.
و كانت إيلين تخفي جسدها بالكامل تحت رداء وتقف خلف الدوق.
اقترب أحد فرسان القصر الإمبراطوري منها، إذ بدا مظهرها مريبًا للغاية. و ظن أن سبب دخول الدوق المفاجئ إلى القصر في هذا الوقت المتأخر هو سماعه بتحرك قوات الماركيز.
“سيدي الدوق، وصلت قوات ماركيز ليسيروس إلى العاصمة.”
“…….”
“إن أمرتَ بإصدار تعليمات..…”
“لم يأتوا ليقاتلونا.”
“عذرًا؟”
“لا تتخذوا أي إجراءٍ حتى أعطي أنا الأمر.”
ارتبك الفارس من كلام الدوق أسيلي.
لقد انتشر خبر أن إيلين ليسيروس هي سيّدة السيف في أرجاء القصر الإمبراطوري. وإذا قيل إن الماركيز بريء، فهذا يعني أنه كان على وشك الموت بسبب تهمةٍ باطلة.
وإذا كان قد حرّك قواته، فمن الواضح ما الهدف من ذلك.
ومع ذلك، أن يُطلب منهم عدم فعل شيء؟
لكن ما دام لم تصدر أوامر من الإمبراطور، فإن أوامر الدوق أسيلي، بصفته سيّد السيف، تُعد مطلقة.
تجاوز الدوق أسيلي الفرسان الذين أصابهم الذهول. ودخل مباشرةً إلى داخل القصر الإمبراطوري.
“كما تعلمين، مدخل القبو في القصر الإمبراطوري ليس واحدًا.”
“…….”
“سنتحرك بشكلٍ منفصل، أنا وأنتِ. أما الفرقة الأولى من الفرسان فستتحرك في مجموعات لا تقل عن خمسة أفراد.”
قال الدوق ذلك وهو ينظر إلى إيلين.
“أظنكِ تعرفين عن السحر الخاص الذي يغطي القصر الإمبراطوري، أليس كذلك؟”
“أعرف.”
القصر الإمبراطوري محاطٌ بسحر حماية خاص لحماية أفراد العائلة الإمبراطورية. إذا حاول أحد إيذاء أحد أفراد العائلة، يتفعل سحرٌ قديم.
هذا السحر قوي بما يكفي لتقييد حركة من يحاول الأذى، أو حتى التسبب بموته في الحالات القصوى.
“لن يحدث ذلك، لكن إن صادفتِ الإمبراطور أو ديتريون، لا تواجهيهما وابتعدي عنهما. أخشى أن تتسببي لهما بالأذى.”
“شكرًا على قلقكَ.”
عند رد إيلين، وضع الدوق أسيلي يده على كتفها. فكلما نظر إلى إيلين، تذكر ابنته.
خاطبها هذه المرة بصدق.
“احترسي يا إيلين.”
قال الدوق أسيلي تلك الكلمات ثم اختفى. كما انحنى فرسان الفرقة الأولى لها وتفرقوا.
توقفت خطوات إيلبن التي كانت تسير بسرعة. و خلعت رداءها، ورفعت رأسها ببطء.
ظهر برج القصر الإمبراطوري في مجال رؤيتها. وفي تلك اللحظة، التقت عيناها بعيني شخصٍ ما.
‘ها هي هناك.’
غاصت عينا إيلين بهدوء. و قاومت رغبتها في التوجه فورًا إلى البرج.
لأن هناك ما هو أكثر أهميةً الآن.
***
استيقظت كورِيليا من نومها. وكان العرق البارد يتصبب من جبينها.
رغم أن ديتريون نقل مقر إقامتها من سرداب القصر إلى البرج مراعاةً لها، إلا أن أحلامها ظلت مضطربة.
اقتربت من النافذة وقد ألقت شالًا على كتفيها. و أخذت تنظر من البرج نحو داخل القصر الإمبراطوري.
منذ قليل، كانت تشعر بشيء غريب وغير مألوف. و رأت شخصًا مريبًا يرتدي رداءً يغطيه بالكامل.
‘من يكون ذلك؟’
قطّبت كورِيليا حاجبيها. وفي تلك اللحظة، سمعت صوت فارس يصرخ من الخارج بلهفة.
“آنسة كورِيليا! هناك أمرٌ عاجل يجب أن أبلغكِ به!”
“ادخل.”
دخل الرجل من الباب، وكان أحد الفرسان التابعين مباشرةً للإمبراطور. وكان أيضًا من القلائل الذين يعرفون هوية كورِيليا الحقيقية.
“قوات الماركيز ليسيروس الخاصة تطوّق القصر من الخارج. إنهم ينتظرون عند كل مخرج من مداخله.”
“هل جنّ الماركيز ليسيروس أخيرًا؟ هل ينوي التمرد؟”
كان من الصعب عليها تصديق ما سمعت. فهي تعرف الماركيز ليسيروس جيدًا. لقد كانت تراقبه عن قرب طوال أكثر من عشر سنوات. والماركيز الذي تعرفه ليس شخصًا يمكن أن يُقدم على الخيانة.
“والأغرب أنهم لا يهاجمون. كل ما يفعلونه هو التمركز أمام القصر لا أكثر.”
“وماذا عن سمو الأمير ديتريون؟ ما الذي أمر به؟”
“قال فقط إنه سيتفقد حالة الوحوش، ونزل إلى السرداب.”
عند سماع ذلك، وضعت كورِيليا يدها على رأسها.
‘وفي هذا التوقيت بالذات، حين غاب جلالة الإمبراطور..…’
الإمبراطور كان قد غادر القصر منذ أيام بعد أن صنع دميةً تحلّ مكانه.
كان يستمتع بالبحث شخصيًا عن الفرسان الذين سيستخدمهم، ثم يُخضعهم للسحر الأسود ليجعلهم يطيعونه.
“وماذا علينا أن نفعل؟”
“دعه وشأنه. على الأرجح سيتولى الأمير ديتريون الأمر بنفسه.”
ظهر الارتباك على وجه الفارس عند سماعه كلام كورِيليا.
“سموه هو؟”
لم يكن من السهل على أمير لم يسبق له التعامل مع موقف كهذا أن يحله وحده. لكن كورِيليا أومأت برأسها وكأن الأمر لا يستدعي القلق.
‘قد يكون هذا أفضل في الواقع.’
ديتريون كان يتردد بانتظام إلى سرداب القصر ليجري تجاربه على الوحوش.
و صحيحٌ أنه لا يمتلك المهارة التي يتمتع بها الإمبراطور، لكنه كان قادرًا على استخدام السحر الأسود.
كانت قوات الماركيز تمثّل تجارب مثالية لاختبار قوة الوحش الجديد الذي تم ابتكاره.
تمتمت كورِيليا وهي تعقد حاجبيها.
“بشريٌ غبي حتى النهاية.”
حولت نظرها مجددًا إلى الخارج. و ذلك الشخص المرتدي للرداء كان قد توقف في مكانه دون أن تتحرك منه خطوة.
وفجأة، شعرت كورِيليا أن هذا الموقف مألوف لها.
في زمن بعيد…..رغم أن المكان كان مختلفًا، إلا أنها رأت مشهدًا مشابهًا في حلمٍ من قبل.
‘هل كان ذلك عندما عادت إيلين من مهمة القضاء على الوحوش؟’
في ذلك الحلم، كانت إيلين تلوّح بسيفها، ثم ترفع رأسها وتنظر إليها بعينيها.
‘كان حلمًا مزعجًا، لا معنى له.’
لكن في اللحظة التي خطرت فيها تلك الفكرة على بالها،
رأت الشخص ذو الرداء يخلع غطاء الرأس. و شعرت بتوتر غامض يجتاحها، فقبضت بكلتا يديها على إطار النافذة بقوة.
وعندما ظهر لها وجه مألوف، تجمدت كورِيليا في مكانها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 99"