إيلين كانت تحدق بهدوء في فريدين المستلقي. فبعد أن تلقى الشفاء بقوة إيسيس المقدسة، تحسن حاله بشكلٍ ملحوظ.
ليليا التي كانت تراقب المشهد من خلف ظهر إيلين بدأت بالكلام.
“سيفتح فريدين عينيه قريبًا.”
نهضت إيلين من مكانها بعد أن سمعت كلام ليليا. فقد كانت قد جاءت لترى فريدين للمرة الأخيرة قبل رحيلها.
رأت ليليا ذلك وأغمضت عينيها بقوة.
“هل سيكون الأمر على ما يرام إن غادرتِ دون أن تري فريدين يستيقظ؟”
أومأت إيلين برأسها بخفة ردًا على كلام ليليا.
بحسب ما قالته تلك المرأة المجهولة، فإن الإمبراطور كان مستعدًا في أي لحظة لارتكاب مجازر باستخدام الوحوش. ولم تستطع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام ذلك الوضع.
طلبت إيلين من ليليا أن تستخدم سحر الانتقال الآني لنقلها إلى قصر الدوق.
عدد الجنود الخاصين الذين يمكن لتحالف الماركيز ليسيروس أن يحركهم يتجاوز المئة. ولإرسالهم إلى العاصمة دون أن يكتشفهم الإمبراطور، كانت تحتاج إلى قوة ليليا.
حتى تذهب ليليا إلى حيث يوجد الجنود وتستخدم سحر الانتقال الآني الجماعي، كانت إيلين تنوي إخبار الدوق بالحقيقة وطلب مساعدته.
“سيدة إيلين، أعلم أن الدوق أسيلي ساعدك عدة مرات من قبل. لكن هذه المرة قد تكون مختلفة.”
“….…”
“أنا أصدق كلامكِ…..لكن هناك من لن يصدقكِ.”
“لكن لا خيار أمامنا سوى المحاولة.”
ترددت ليليا للحظة ثم واصلت كلامها.
“أثناء بحثي في الدواء الذي جلبته من الغرب، اكتشفت شيئًا.”
“….…”
“وجدت مكونًا عشبيًا في الدواء يكبح تدفق المانا. كما أننا رصدنا أدلة على أن أحدهم بدأ منذ بضع سنوات بشراء هذه العشبة بكمياتٍ ضخمة.”
“ذلك الشخص هو الإمبراطور، أليس كذلك؟”
“أنا على الأقل أشك في ذلك. لكن تتبع المشتري الحقيقي سيأخذ وقتًا. وإذا استطعنا إثبات أن من اشترى تلك الأعشاب هو الإمبراطور، فحتى الدوق أسيلي سيصدقكِ حينها-”
“ليلْيا.”
قاطعت إيلين كلام ليلْيا وحدقت بها.
“ليس لدينا وقتٌ لننتظر حتى ذلك الحين. إن لم يصدق الدوق أسيلي بوجود الوحوش تحت القصر الإمبراطوري…..فسأذهب وحدي.”
بفضل ما حدث في الغرب، كان من السهل كشف جرائم كورِيليا. لكن عندما يتعلق الأمر بالإمبراطور، فالأمر مختلفٌ تمامًا.
كما قالت ليليا، قد لا يصدق الدوق أسيلي كلامها.
“لكن مواجهة هذا العدد من الوحوش لا يمكن أن يقوم به جنود الماركيز وحدهم.”
من دون قوة الدوق أسيلي، قد لا يستطيعوا حماية الأبرياء داخل القصر الإمبراطوري.
الفرسان والجنود سيجدون صعوبةً حتى في منع الوحوش من التوجه نحو المناطق السكنية.
في تلك اللحظة، سمعت إيلين صوتًا مألوفًا عند أذنها.
“لا داعي للتفكير في ذلك.”
استدارت إيلين بوجه مذهول. لقد شعرت أيضًا أن أحدهم استخدم سحر الانتقال الآني ودخل قصر الماركيز. لكنها لم تتوقع أبدًا أن يكون الدوق أسيلي هو من سيظهر.
حتى ليلْيا نظرت إليه بعينين مدهوشتين.
وفي تلك اللحظة، التقت عينا الدوق أسيلي بعيني إيلين.
“أعني أنه لا داعي لأن تقلقي من أنني قد لا أصدقكِ.”
“سيدي الدوق؟”
تمتم الدوق وهو يقطب حاجبيه.
“أنا أصدقكِ. لا، بل لا أملك إلا أن أصدقكِ.”
كان يعلم لماذا نقلت له ابنته الحقيقة.
لو لم تكن كلمات ابنته قد سبقَت، لما كان ليصدق كلام إيلين الذي لا يحمل دليلًا واضحًا.
لكن ابنته لم تستعد وعيها منذ أن تحدثت عن مستقبلٍ يخص الإمبراطور. ولهذا، لم يكن أمامه سوى أن يصدق أيضًا بوجود وحوشٍ في القصر الإمبراطوري.
“والآن، ما الذي تنوين فعله؟”
***
في برج القصر الإمبراطوري. ديتريون كان واقفًا هناك يطل على ما خارج الأسوار.
و رأى طفلًا صغيرًا في الشارع المزدحم يساعد جده في نقل الفاكهة.
كان الإمبراطور كثيرًا ما يتذمر من كثرة الأشخاص عديمي الفائدة في الإمبراطورية، والتي يجب أن تكون أقوى من أي دولةٍ أخرى. وكان ديتريون يوافقه في الرأي.
أمثال هؤلاء البشر الضعفاء وعديمي الفائدة في نظره، لا يليق بهم أن يكونوا في الإمبراطورية. فقد كانوا يدمرون الإمبراطورية.
“ليست إصابةً خطيرة. لا تزال لدي القدرة على القتال.”
أومأ ديتريون برأسه بعد سماع كلام كورِيليا.
“في النهاية، هل نجا الماركيز ليسيروس؟”
“أعتذر. لم نتوقع أن يستخدم الفيلق الأول سحر الانتقال الآني…..لقد تحركوا أسرع مما كنا نتوقع، فاختلّ كل شيء.”
“لا بأس. على أية حال، لم يعد لكونك كورِيليا ليسيروس أي معنى الآن.”
قال ديتريون ذلك وهو يرسم ابتسامةً لاذعة على وجهه.
“حتى لو علِمَت إيلين بالحقيقة، فلن يكون بوسعها فعل شيء.”
عند كلام ديتريون، ابتسمت كورِيليا بدورها وأومأت برأسها.
كما قال، حتى إن كُشف أمر هويتها، فلن يتعدى الأمر ذلك. حتى لو شكّ الماركيز ليسيروس بأنها تنتمي للعائلة الإمبراطورية، فقد جرى إعداد الأدلة التي تثبت خلاف ذلك منذ زمن بعيد.
وحتى إن استجوبوها بشأن أفعالها أو مكانها، فبإمكانها أن تنكر كل شيء ببساطة.
“لأنهم لا يتخيلون حتى ما الذي سيحدث قريبًا. طالما أن الدوق أسيلي لا يتحرك الآن، فلا بأس.”
“….…”
“سأكون في طليعة المهمة العظيمة القادمة. ومن الأفضل إرسال الدوق إلى الحدود مسبقًا تحسّبًا لأي طارئ.”
تابع ديتريون حديثه بصوتٍ مفعم بالثقة.
“بعد ذلك اليوم، حتى الدوق أسيلي لن يتمكن من الوقوف في وجهنا.”
***
عندما وصلت إيلين إلى قصر الدوق، شعرت بعدم ارتياح. فذلك القصر الذي كان يعج بالحيوية عند مغادرتها، أصبح الآن مغطى بصمتٍ ثقيل.
‘الآنسة ليست هنا.’
كانت الآنسة أسيلي من المفترض أن تكون أول من يركض لاستقبالها عند سماع خبر قدومها.
شعرت بوجودها داخل القصر، لكن هذا كل شيء. كانت ساكنةً تمامًا، وكأنها في نوم عميق.
راود إيلين شعور سيئ. فالآنسة كانت ترى أحلاماً باستمرار وتنطق بها لتحمي أحبّاءها حتى الآن.
نظرت إياين نحو الدوق الواقف إلى جانبها وسألته.
“الآنسة-”
“ابتتي كانت متعبة جدًا، لذا هي ترتاح الآن. لكن قبل ذلك، فسّري لي. ما الذي رأيتِه بالضبط؟”
بدأت إيلين تشرح له ما رأته من خلال القلادة.
المرأة التي التقت بها عبر القلادة، وما أَرَتْها إياه من مشاهد في سرداب القصر الإمبراطوري، والوحوش التي كانت محبوسةً خلف القضبان.
كان ما تقوله يبدو غير معقول لغياب الأدلة. لكن الدوق أسيلي، بعد أن استمع إلى كلامها، أومأ برأسه بهدوء. و لم يُبدِ أي شك.
“الساحرة ليلْيا ستحتاج إلى وقت لتستخدم سحر الانتقال الآني الجماعي بمفردها.”
“لا بأس. فنحن نخطط للتسلل ليلًا على أي حال.”
فلا شيء أكثر غباءً من التوجه إلى القصر الإمبراطوري في وضح النهار والسيف في اليد.
“ما الذي تنوين فعله إذًا؟”
“بمجرد أن تنتهي الاستعدادات، سنقوم بإبادة كل الوحوش الموجودة في سرداب القصر.”
“….…”
“قبل أن يطلقها الإمبراطور لتهاجم الناس. وبالطبع…..من سيكونون في المقدمة هم أنا، وسيدي الدوق، والفيلق الأول. أما فرسان وجنود الماركيز، فسيُكلّفون فقط بالتعامل مع الوحوش التي نعجز نحن عن القضاء عليها.”
“….…”
“لأننا لا نخوض حربًا. وسنبذل كل ما في وسعنا لتجنب إراقة الدماء بلا داعٍ.”
نظر الدوق إلى إيلين بنظرةٍ طويلة وثابتة. كان يتأملها ويتذكر ابنته في ملامحها.
لم يكن الدوق أسيلي يعرف على وجه الدقة مدى حجم الوحوش الموجودة تحت القصر الإمبراطوري. لكنه يتوقع أن عددها مهول، لدرجة أنها تملأ السرداب بالكامل، مما يجعل من الصعب حتى تخيّل الأمر.
ومع ذلك، لم يظهر على وجه إيلين، التي رأت تلك الوحوش بعينيها، أي أثرٍ للخوف.
“المكان هو القصر الإمبراطوري. وقد لا نواجه وحوشًا فقط، بل بشرًا أيضًا.”
“أنا مستعدةٌ لذلك.”
وفجأة، راوده سؤال لم يستطع كتمانه.
“ألستِ خائفة؟”
عند سؤاله، نظرت إيلين في عيني الدوق مباشرة.
“ربما تلقين حتفكِ. يمكنكِ ببساطة تجاهل هذا الوضع وعدم النزول إلى سرداب القصر.”
“.……”
“الذين تحاولين إنقاذهم….لا يربطكِ بهم شيء. فلماذا تخاطرين بحياتكِ من أجلهم؟”
نظرت إيلين إلى يديها بعد سماع كلامه.
لم تعرف السبب، لكنها شعرت أن سؤاله لم يكن موجّهًا لها وحدها، بل لشخصٍ آخر أيضًا.
تغيّرت ملامح وجهها قليلًا.
‘لا يعقل…..هل يقصد الآنسة؟…..’
أمسكت القلادة المعلّقة في عنقها كما تفعل دائمًا. وفي اللحظة ذاتها، أضاءت القلادة بوميضٍ خافت.
ثم أجابت على سؤال الدوق.
“أنا أيضًا…..في وقتٍ ما، تلقيت حمايةً من شخصٍ آخر.”
“….…”
“وبفضل ذلك، تمكنت من الاستمرار في هذه الحياة.”
نظر الدوق أسيلي إليها باستغراب.
فإيلين أصبحت سيّدة سيف في العشرينات من عمرها. الوصول إلى تلك المرتبة في سنٍ صغيرة يعني أنها لم تعرف الضعف في حياتها قط.
لكنها الآن تتحدث وكأنها كانت ضعيفةً فعلًا.
لم يستطع الدوق فهم كلامها. ومع ذلك، كما كان يفعل مع ابنته حين كانت تقول أشياء يصعب تفسيرها، لم يحاول النبش في ماضي إيلين.
ثم تحدثت إيلين بنبرةٍ عابرة،
“في الحقيقة، ليس لدي خيارٌ آخر…..هناك شخص لا بد أن ألتقي به في القصر الإمبراطوري.”
شعر الدوق بغضبٍ حاد ينبعث منها.
“سننطلق بمجرد وصول جنود الماركيز.”
***
الشمس التي كانت تعلو في وسط السماء اختفت فجأة. والمدينة في الظلام كانت خاليةً من الحركة، والسماء ملبدةٌ بالغيوم الكثيفة.
نظرت إيلين إلى السماء.
“الطقس سيئٌ حقًا..…”
سقطت قطرات المطر على وجنتيها واحدةً تلو الأخرى.
القصر الإمبراطوري العملاق كان يشع جوًا من الكآبة أكثر من أي وقت مضى.
وقف وراء إيلين الدوق أسيلي وفيلقه، إضافةً إلى جنود الماركيز.
و استدار الدوق نحو فرسان وجنود الماركيز،
“أنا والفيلق الأول وإيلين سننزل إلى سرداب القصر الإمبراطوري. أما الباقون، فتوجهوا إلى مواقعكم المخصصة وانتظروا.”
“.……”
“مهمتكم هي القضاء على الوحوش ومنعها من الخروج من القصر وحماية الناس.”
ترك الدوق تلك الكلمات وبدأ يركض نحو القصر الإمبراطوري. و تبعته إيلين والفيلق الأول من الفرسان.
__________________
القلاده يوم ولعت شوي توقعت بتروح تعالج الآنسه أسيلي……تسك
المهم واضح اكشن الفصل الجاي تذكرت أجواء ذولاك صقور الأرض 😭
فريدين الأميرك النائمة✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 98"