***
“أختي؟”
كانت إيلين قد سرحت في أفكارها للحظة، لكنها استعادت وعيها عندما شعرت بيد كارون تمسك بكتفها.
كانوا قد وصلوا بالفعل أمام بوابة قصر الماركيز، باستخدام سحر الانتقال الآني الذي استخدمته ليليا.
و بجانبهم، كانت ليليا تلهث بتعبٍ واضح.
“فيما كنتِ تفكرين هكذا؟”
“شعرت أن الآنسة كانت غريبةً بعض الشيء.”
“غريبة؟ كيف؟”
“فقط…..كانت شاحبةَ الوجه..…”
وأثناء حديثها، شعرت إيلين بشيء غريب جعلها ترفع رأسها وتتلفّت من حولها.
ثم تمتمت بوجهٍ متجهم وبنبرة فيها حيرة،
“…..لماذا لا يوجد أي حارس؟”
كان من المفترض أن يتواجد الجنود لحراسة بوابة القصر، لكن لم يكن هناك أحد.
فتحت إيلين بوابة القصر بهدوء، دون أن تصدر أي صوت، وتقدمت إلى الداخل.
ثن نظر كارون إليها بدهشة،
“لا يوجد أي شخصٍ في المكان. أين ذهب الجميع؟”
“….…”
“هل يمكن أن الفيلق الأول قد نجح في إنقاذ والدي؟ لو اندلعت معركة، لم يكن المكان ليكون بهذا السكون..…”
تلبّس وجه إيلين القلق، وبدأت تبسط إحساسها الروحي لتستشعر ما حولها.
ثم تنهدت تنهيدةً خفيفة. يبدو أن والدها بخير.
لكن سرعان ما تلوّى وجه إيلين عند إحساسها بهالة مانا مألوفة قادمة من داخل القصر.
‘لماذا فربدين هناك..…؟’
ما إن أنهت عملية التحقق حتى بدأت تركض بسرعة.
ثم غلفت ساقيها بالمانا وقفزت بقوة.
قفزت إيلين عاليًا كما لو كانت تطير في السماء، واقتحمت نافذة قصر الماركيز بسرعة.
“…..أختي؟”
تمتم كارون بشرود. كانت سرعتها خارقةً لدرجة أنه لم يستطع ملاحقتها حتى بعينيه.
“أهذا هو مستوى سيدة السيف..…؟”
لكن مع ذلك، أن تتجاهل الباب الأمامي الذي أمامها وتدخل من النافذة…..
جذبت ليلِيا كارون من ذراعه. فهي أيضًا شعرت بقلق غريب من الأجواء الهادئة في القصر.
“كارون، هذا ليس وقت الشرود. علينا أن نذهب إلى غرفة الماركيز أولاً. لا بد أن لإيلين سببًا يجعلها تتحرك بهذه العجلة.”
أفاق كارون على كلماتها. ثم نظر إلى الاتجاه الذي اختفت فيه إيلين وتصلب وجهه.
***
كانت إيسيس تصب كل طاقتها المقدسة في جسد فريدين.
“أرجوكَ…..أرجوك..…”
و كانت قطرات العرق تتساقط من جبينها.
لقد كانت إصابةً خطيرة للغاية. جروحٌ مروعة لا يجرؤ أحد على لمسها، لولا أنها إيسيس التي تُلقب بالبابا القادمة.
ظلت إيسيس تتمتم الكلمات نفسها كالمجنونة.
“لا تمُت، يا سموك فريدين…..لا يمكنكَ أن تتركنا وترحل..…”
كانت يدها ترتجف دون توقف بسبب استنزافها المفرط للقوة المقدسة.
“هذا لا يمكن أن يحدث…..هذا مستحيل. سموك ليس من يموت في مكانٍ كهذا.”
لكن مهما حاولت إيسيس صب قوتها، لم يظهر أي تحسن في جراح فريدين.
في تلك اللحظة، راودتها كلمات القديسة في ذهنها.
“سيموت فربدين.”
هل تسير الأمور في النهاية كما أشارت إليه أحلامها؟ هل سيموت سموه فربدين حقًا؟
شعرت إيسيس بالندم. لقد كرهت نفسها لأنها لم تمنعه، رغم أنها سمعت كلمات القديسة.
“لا يمكنكِ الدخول الآن!”
في تلك اللحظة، سُمِع صوت شخص يشق طريقه بين الفرسان مقتربًا. فأدارت إيسيس رأسها ببطء نحو الباب.
كانت إيلين واقفةً هناك بوجه خالٍ من التعابير، لكن هالةٌ هائلة كانت تنبعث منها.
حبست إيسيس أنفاسها تحت وطأة ضغط لا يمكن تفسيره. بينما اقتربت إيلين ببطء من فربدين.
“لماذا…..لماذا سموه فربدين هنا..…”
عضّت إيسيس شفتها السفلى بقوة. فلم تعد طاقتها المقدسة تخرج من أطراف أصابعها.
ساد جو من السكون والرهبة في المكان.
نظر إيسيس إلى يديها الملطختين بالدم وتكلمت بصوت منخفض.
“رأت القديسة حلماً……إذا لم يتجه سمو فريدين إلى قصر الماركيز…..فإن الماركيز ليسيروس سيموت، هذا ما قالته..…”
اقتربت إيلين من فريدين، ثم كما فعلت في غرفة العلاج تحققت من نبض قلبه.
‘إنه مختلفٌ عن المرة السابقة.’
كان نبض قلبه غير منتظم. ضعيفًا لدرجة أنه قد يتوقف في أي لحظة.
ارتعشت رموش إيلين بخفة. و مسحت بلطف على وجنة فريدين.
ثم تحدثت إيسيس موجّهةً كلامها إلى إيلين،
“أنا…..لا أعلم ما الذي يجب علي فعله. فحتى بطاقتي المقدسة، لا يمكن شفاء هذه الجروح.”
‘فكّري بهدوء، إيلين ليسيروس.’
بينما كانت تستمع لكلام إيسيس، حاولت إيلين تهدئة نفسها.
‘لو أن الآنسة أسيلي قد رأت فعلًا مستقبلًا يموت فيه فريدين، لما ساعدتني على الوصول إلى هنا.’
لا بد أن هناك طريقة. فإيلين كانت تؤمن بالآنسة أسيلي.
أمسكت القلادة بيدٍ مرتجفة. فمنذ أن أعطاها فريدين إياها، كانت تمسك بها في كل مرة ينتابها القلق.
‘هل كان ينبغي عليّ أن أقتلهم جميعًا، حتى وإن أُصيب الأبرياء..…؟’
في تلك اللحظة، بدأت القلادة تشعّ بضوءٍ قوي. بينما نظرت إيلين إلى فريدين الذي كان أمامها.
كان يحتضر. فتشوّه وجهها بأسى شديد، لكنها لم تكن تنظر إلى فريدين الحاضر. فقد المكان الذي كان فيه…..هو الغرب.
سمعت صرخات الناس، ورأت وحوش الظلام التي كانت قد قتلتها من قبل.
لقد كانت ذكرياتٍ من الماضي، حدثت بالفعل. في اليوم الذي ذهب فيه فريدين إلى الغرب، و حاول الإمبراطور إبادة جميع البشر هناك باستخدام الوحوش.
كان موت فريدين، الذي خرج في الحملة الغربية بأمر من الإمبراطور، مستقبلًا محتومًا.
نظرت إيلين إلى قلادته، فدوّى صوت خرج منها في أذنها.
[الجميع يريد تغيير المستقبل.]
فالعالم كان غاضباً من الإمبراطور.
وفي اللحظة التي اقترب فيها فريدين من الموت، مُنح حق الاختيار.
[فريدين لكسيا، انتقم من الإمبراطور.]
همس له الأثر المقدّس، وقال أنه سيمنحه القوة لمعاقبة الإمبراطور إذا أراد ذلك.
لكن فريدين، باستخدام قدراته، رأى الماضي الذي عاد إليه بالزمن. وإذا اختار قتل الإمبراطور ونجا من معركة الغرب، فإن كورِيليا ستقتل إيلين.
ألم يكن هناك نهايةٌ يكون فيها الجميع سعداء؟ نهاية لا يموت فيها أحد، ولا يتألم فيها أحد…..
فتمنى فريدين أمنية. و إيلين، التي حبست أنفاسها، أصغت لكلماته.
“لا أريد شيئًا مثل الانتقام.”
[……]
“لقد سنحت لي فرصٌ كثيرة لاتخاذ قراراتي. لكنها…..لم تُمنح حتى فرصةً واحدة.”
شعر فريدين بجفونه تثقل. وكما كان دائمًا، لم يكن يخشى الموت.
“أرجو أن تُمنح السيدة إيلين فرصة. فرصةً كي تنال السعادة..…”
ثم أخذ نفسًا عميقًا وتابع حديثه.
“أتمنى ألا تعيش حياةً مؤلمة كهذه مرة أخرى..…”
عندها، أدركت إيلين الحقيقة. و أدركت لماذا عاشت عدة حيوات متكررة.
[يا لكَ من أحمق…..فسعادتها كانت متوقفةً عليكَ..…]
في تلك اللحظة، بدأ الصوت يتلاشى وانقلبت رؤية إيلين. ثم استيقظت في مكانٍ مألوف.
كانت نفس الغابة التي رأتها في حلمها في اليوم الذي كادت تموت فيه في الغرب.
نظرت إيلين بسرعة حولها. و كانت المرأة التي رأتها في المرة السابقة تنظر إليها.
“ذلك الفتى لن يموت.”
بمجرد سماعها لتلك الكلمات، شعرت إيلين بأن القلق في قلبها قد هدأ. فصوت المرأة كان يحمل في طياته قوةً تدفع من يسمعه لتصديقه.
“ما الذي كان ذلك للتو..…؟”
“كمكافأة لتغيير المستقبل المروع، أردتُ أن أخبركِ بالحقيقة التي كنتِ تتساءلين عنها.”
“….…”
“لو أنكِ لم تذهبي إلى القصر الإمبراطوري، لأطلق الإمبراطور الوحوش. لأنه يكره بشدة كل ما يخرج عن سيطرته.”
ابتسمت المرأة وهي تنظر إلى إيلين مباشرة. لكن سرعان ما تجمّد تعبيرها وبدأت تتحدث ببطء.
“كانت ستحدث مذبحةٌ مروّعة.”
“….…”
“حتى لو كنتِ سيدة السيف، لا يمكنكِ إنقاذ الجميع. في النهاية، من هم خارج نطاق رؤيتكِ سيموتون.”
بمجرد أن فرقعت المرأة بأصابعها، ظهر أمام إيلين مكانٌ مظلم وكئيب. و كان هناك الكثير من الوحوش محتجزين في أقفاص حديدية.
حين التقت عينا إيلين بعين أحد الوحوش، ارتد جسدها إلى الوراء.
‘هذا المكان..…’
بعد أن عبرت عدة أبواب وسلالم بقوة غامضة، وصلت إيلين إلى ممر في القصر الإمبراطوري. فالمكان المملوء بالوحوش كان في الواقع قبو القصر الإمبراطوري.
أمسكت إيلين فمها بيدها مغطيةً الاشمئزاز الذي غمرها.
لم تستطع تصديق ما فعله الإمبراطور تحت الأرض التي يعيش فيها الناس. فعدد الوحوش في قبو القصر الإمبراطوري كان أكبر بكثير من عدد الوحوش في دار الأيتام.
اختفت كل الصور أمام عينيها وظهرت المرأة مجددًا، وكانت تعبس من شدة الألم.
“الإمبراطور مستعدٌ في أي لحظة لإطلاق الوحوش. لم يتبقَ الكثير من الوقت.”
“….…”
“لكن هذا أمر لا يمكنكِ تحمله بمفردك. فهو يختلف عما حدث في الغرب.”
لو خرجت الوحوش التي في القصر الإمبراطوري إلى الخارج، فستحدث مذابح مروعة.
كانت تلك الوحوش مختلفةً عن وحوش الغرب التي طاردت إيلين في مكان ضيق. و مواجهة تلك الوحوش كلها وعدم ترك أي منها يهرب أمرٌ مستحيل بقوة فردية.
على الأقل، يجب أن يتعاون جميع سادة السيف في الإمبراطورية لمواجهتها.
“من أنتِ…..؟”
تراقص بريقٌ في عيني المرأة ردًا على سؤال إيلين. و بدلًا من الإجابة، قالت كلماتٍ أخرى.
“سيدة إيلين، عودي وافعلي ما ترغبين به.”
***
أدركت إيلين أنها عادت إلى الواقع. فقد كانت إيسيس تقف إلى جانبها ووجهها يعبر عن الحيرة.
ثم سألتها بصوتٍ مرتجف.
“سيدة إيلين، تلك القلادة..…”
كانت قلادتها تشع نورًا. و عرفت إيسيس على الفور ماهية تلك القلادة.
“الأثر المقدس الذي كان بحوزة سموه فريدين..…”
مدت إيسيس يدها ببطء نحو القلادة التي في يد إيلين، و ما إن لمستها حتى بدأ الإعياء يتلاشى…..
شعرت إيسيس بسرعة تدفق القوة المقدسة داخلها. و في تلك اللحظة، أدركت سبب إرسال القديسة لها إلى هذا المكان.
و بمجرد استعادة قوتها المقدسة، بدأت مرة أخرى في شفاء فريدين.
_____________________
وناسه يعني ذا القلاده هي الي رجعت ايلين لحيواتها كلها عشان امنية فريدين🥹
طيب والآنسة أسيلي مايمدي القلادة ذي تنقذها بعد؟😔
تدرون وش؟ فيه شي يضحك
وين أمون وهيليكس؟😭 ليه ماراحوا مع فريدين كان يقدرون يساعدونه😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 96"