لقد افترضوا أسوأ احتمالٍ، وهو أن تقوم زوجة الماركيز بقتل المتركيز لإخفاء الحقيقة قبل مغادرتهم لقصر الماركيز.
لذلك تولى الفرسان المكلّفون بتفتيش قصر الماركيز مهمة مراقبة كوريليا بالتناوب. كما أنهم لم يغفلوا عن مراقبة الخدم وما إذا كانوا يتوجهون نحو السجن السفلي.
“هل تحركت الماركيزة بشكلٍ منفصل؟”
أومأ الفارس الذي راقب كوريليا حتى النهاية برأسه ردًا على كلام فريدين.
تحرك الفيلق الأول وفرقة فريدين دون تردد نحو السجن السفلي.
لم يكن الجنود الذين يحرسون السجن السفلي نداً للفرسان. فقد أغمي عليهم فوراً دون أن يتمكنوا حتى من الصراخ.
و كما اتُّفق مسبقًا، انقسم الفيلق إلى ثلاث فرق وبدأوا في التحرك. بينما تحرك فريدين مع إيسيس وعشرة من أعضاء الفيلق.
قرروا تفتيش الجهة الشرقية من السجن السفلي متفرقين. و أثناء تفقده السريع لما وراء القضبان، عبس فريدين للحظة.
‘هناك شعورٌ غريب.’
لم يكن السبب فقط الأجواء الرطبة والكئيبة في السجن السفلي، بل كان شعوراً راوده منذ لحظة وصوله إلى قصر ليسيروس.
‘المكان الذي لم نستطع تفتيشه لم يكن السجن السفلي فقط……..’
توقف فريدين عن المشي. و شعر بنظرات إيسيس التي كانت تتبعه وهي تحدّق به باستغراب.
تنفس فيردين ببطءٍ ووضع يده على رأسه.
“سموك، هل أنتم بخير؟”
اقتربت إيسيس منه بقلقٍ واضح.
“كما توقعت…لا زال جسدكَ…ما فعله بك الكونت ليون…”
بدا صوت إيسيس، التي كانت تخاطبه، بعيدًا جداً عنه. و بدأ يشعر بصداعٍ قوي.
وفي تلك اللحظة، رأى فريدين مشهداً ما. و كانت كوريليا فيه تضحك بفرح وهي تمسك شيئاً بيدها.
لقد رأى هذا المشهد سابقاً من خلال قدرته الخارقة بشكلٍ خاطف. كان من ذكريات الماضي، حين كانت كوريليا تجرّ إيلين لتلقينها درساً تأديبيًا.
في برج قصر ليسيروس.
“ليس السجن السفلي.”
أخذ فريدين يركض بأقصى سرعته. و لم تستطع إيسيس، التي كانت ضعيفة البنية، اللحاق به.
أحد فرسان الفيلق الأول، الذي أدرك أن فريدين غير اتجاهه، أسرع خلفه وبدأ يجري وهو يحمل إيسيس على ظهره.
“أحضِر باقي أعضاء الفيلق من فضلك!”
صرخ فريدين باتجاه الفارس الذي كان يحمل إيسيس. ثم صعد هو ومعه الفارسان الآخران الذين تبعوه إلى قمة البرج.
وكما كان متوقعًا، كانت الباب مغلقًا. فقام فريدين بضرب مقبض الباب بسيفه فطار من مكانه.
ورأى مشهداً مشابهاً لذلك الذي رآه في عينيه.
كانت كوريليا تمسك بسيفٍ وكانت على وشك أن تضرب به الماركيز.
***
قبل أيام قليلة، تلقت كوريليا اتصالًا من ديتريون عبر كرةٍ بلورية.
“يقال إن إيلين ليسيروس قادمةٌ إلى القصر الإمبراطوري لتنال اعتراف جلالة الإمبراطور بكونها سيدة سيف.”
لم تستطع كوريليا أن تنسى الصدمة التي شعرت بها عندما سمعت ذلك لأول مرة.
‘إيلين؟ سيدة سيف؟ كيف يمكن ذلك؟’
لكن لم يكن بإمكانها البقاء في حالة صدمةٍ إلى الأبد. فقامت كوريليا أولاً بنقل الماركيز من مكانه في السجن السفلي.
فلو جاء أحدٌ للبحث عنه، من المؤكد أنه سيشك في السجن السفلي أولًا.
حين تقع أسوأ الاحتمالات، كانت تنوي قتل الماركيز وإخفاء كل شيء.
‘ربما من الأفضل أن أقتله الآن فورًا.’
كانت تلك فكرةٌ راودتها منذ أن ماتت شارلوت ولم تعد هناك حاجةٌ لاستخدام الدمية.
لكن، ألم يكن لديها خطة منذ البداية؟ أن تُري المركيز نهاية إيلين بنفسه.
فهو، في النهاية، لا يستطيع فعل أي شيء بعد أن تم تقييد يديه وقدميه بحجر التحكم بالمانا.
وبينما كانت كوريليا تفكر، وصل الفيلق الأول وفريدين إلى قصر ليسيروس أسرع مما توقعت.
وبعد تناولها العشاء مع فريدين، اتخذت كوريليا قرارها.
‘عليّ أن أقتل الماركيز ليسيروس.’
لكن التوجه إلى البرج لم يكن بالأمر السهل كما ظنّت.
فهي كانت تعلم أن الفيلق الأول يراقبها باستمرار. كما أدركت أن الخدم تحت المراقبة أيضًا، لذا لم تستطع أن تصدر لهم أي أوامر.
استدارت كوريليا نحو الباب المفتوح. فرأت فريدين واثنين من الفرسان يحدقون بها وسيوفهم موجهة نحوها.
‘كنت أظنهم ذهبوا إلى السجن السفلي……’
فقد جاءت إلى البرج لتقتل الماركيز بعد أن تأكدت من تحرك فريدين والفيلق نحو السجن السفلي. لكن كيف عرفوا هذا المكان وجاؤوا إليه؟
عبست كوريلليا بانزعاج.
في هذه الحالة، لم يتبقَ أمامها سوى خيار واحد.
“قتلهم جميعًا……ليس بالأمر السيئ.”
قالت كوريليا ذلك وهي تحدّق في فريدين. و عيناها كانتا تتلألآن بشكل غريب.
وما إن أنهت كلامها، حتى تحرك فريدين فورًا. و أخفى الماركيز ليسيروس خلف ظهره واستل سيفه. بينما كان سيف كوريليا منطلقًا نحوه بسرعة.
تشااانغ!
قوةٌ لا تُصدق خرجت من ذراعين نحيفتين، فجعلت ذراعي فيردين ترتجفان.
‘إنها تمتلك مهارةً تُضاهي نخبة الفرسان من المستوى العالي.’
كان يعلم من إيلين أنها فارسة، لكنه لم يتوقع أن تكون بهذا المستوى.
ثم انضم الفرسان من الفيلق الأول الذين تبعوا فريدين إلى المواجهة.
“أنتم لستم خصمًا لي.”
قالت كوريليا ذلك بابتسامةٍ ملتوية على شفتيها.
رغم أنها لم تصل إلى مرتبة سيدة سيف، إلا أنها كانت تمتلك مهارةً تمكّنها من مواجهة ثلاثة أو أربعة فرسان من المستوى العالي في الوقت نفسه.
لذا كان من الطبيعي أن تجد الأمر مثيرًا للسخرية، كيف أنهم جاءوا لإنقاذ الماركيز بهذا العدد القليل فقط.
بينما بدأ فرسان الفيلق الأول بمواجهة كوريليا، توجه فريدين ليتفقد حالة الماركيز ليسيروس.
“الماركيز ليسيروس؟”
هزّه برفق بحذر، لكن الماركيز لم يُبدِ أي رد فعل.
كان الدم يسيل من مؤخرة رأسه، وكأنه تلقى ضربة قوية بشيء صلب. فتحقق فريدين من نبضه بسرعه، وتنفس الصعداء.
‘لم يمت.’
لحسن الحظ، بدا أنه في حالة إغماء فقط، لكن الجرح العميق في رأسه كان بحاجة إلى علاجٍ عاجل.
“آآاه!”
عند سماعه للصراخ المفاجئ، استدار فريدين بسرعة. و كام أحد الفرسان قد تلقى طعنةً في كتفه من كوريليا.
ثم قامت بركله بعيدًا، وبعدها قطعت ساق فارسٍ آخر. و خلال لحظات، أطاحت باثنين من الفرسان.
أراد فريدين نقل المركيز إلى الخارج، لكن كوريليا اقتربت منه بسرعه و سيفها موجَّهٌ نحوه.
“إلى أين تظن نفسكَ ذاهباً!”
اندفع سيف كوريليا نحو فريدين. و لو تأخر ولو للحظة في تفاديها، لكانت قد أصابت بطنه مباشرة.
أنزل فريدين المركيز الذي كان يحمله ووضعه على الأرض من جديد، ثم أمسك بسيفه بإحكام.
“أوه……إذًا سموك كنتَ تنتظر الدعم.”
كان كلام كورلليا صحيحًا، فقد كان ينوي كسب الوقت قدر الإمكان بينما يحمي الماركيز ليسيروس.
لكن كوريليا كانت قد أدركت بالفعل ما ينويه فيردين. فبدأت تهجم بالسيف مستهدفةً الماركيز فقط.
تشاانغ! تشااااك!
تردد صوتٌ صافٍ مع اصطدام السيوف ببعضها.
“لماذا لا تتركه وتفر؟”
“….…”
“على أية حال، لا توجد أي علاقةٍ بينكما، أليس كذلك؟ إنه نبيلٌ من الفصيل المحايد. حتى لو أنقذته، هل تظن أنه سيقف في صفكَ؟”
رد فريدين بوجه صارم،
“هذا لا يهم.”
“إذاً لماذا تحاول إنقاذ ذلك الرجل بالضبط؟”
لم يكن فريدين يتوقع شيئًا من الماركيز. لكن كان هناك سببٌ واحد فقط.
“لأن إيلين ستحزن إن مات الماركيز ليسيروس.”
“أنتَ كثير الكلام، أليس كذلك؟”
ضحكت كوريلليا بسخريةٍ ردًا على جوابه.
“حتى في مثل هذا الوضع، لا زلتَ تُحسن الرد.”
اندفع سيفها بعنفٍ وقوة. فدافع فريدين عن الماركيز بكل ما أوتي من قوة.
ورغم أنه بلغ مرتبة فارسٍ من المستوى العالي بفضل تدريباته الطويلة، إلا أن القتال بينما يحمي شخصًا فاقدًا للوعي لم يكن أمرًا سهلاً أبدًا.
‘ألم يصل الفرسان بعد؟’
رغم أن مدة القتال كانت قصيرة، لكنها بدت له وكأنها دهر.
وفي النهاية، لم يتمكن من صد إحدى ضربات كوريليا، فتلقى سيفها في فخذه، مخلفًا جرحًا عميقًا.
ثم فقد فريدين توازنه وانهار جالسًا.
“كان عليكَ أن تصل إلى هذه الحال من البداية.”
حينها اتجه سيف كوريليا مباشرةً نحو الماركيز ليسيروس.
قبض فيردين على مقبض سيفه بقوة. وفي تلك اللحظة، خطرت في ذهنه صورة إيلين.
‘إن لم أتمكن من النهوض الآن……’
قالت إيلين أنها تحبه، و همست بأنها تريد البقاء معه.
‘لن أستطيع حماية الماركيز ليسيروس……’
كانت كوريليا ستقتل الماركيز، ثم تحاول قتله هو أيضًا.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 93"