بالطبع، كان لا يزال أمام إيلين الكثير لتواجهه في المستقبل. لكن ما دام فريدين بجانبها، لم تكن إيلين تخشى أي خطر. 

 

فلن يكون هناك ما هو أسوأ من الماضي. و فريدين لن يموت.

 

كان من المتوقع أن تنقذ الفيلق الأول من الفرسان والدها أيضًا، وإذا قاموا بتحليل الدواء الذي أحضرته من الغرب، فقد يتمكنون من معرفة شيءٍ ما.

 

شعرت إيلين أن كل شيءٍ يسير بسلاسة.

 

“ليليا تواصل تحليل الدواء بمساعدة برج السحر. ربما عندما تعودين من القصر الإمبراطوري، نكون قد توصلنا إلى شيءٍ ما.”

 

همس فريدين كما لو كان يردد تعويذة.

 

“كل شيءٍ سيكون على ما يرام، سيدة إيلين.”

 

أومأت إيلين برأسها ردًا على كلماته. وبالنظر إلى وجهها المرتاح، لزم فريدين الصمت.

 

***

 

استعد فريدين لمغادرة الأكاديمية. أما إيلين، فقد غادرت إلى القصر الإمبراطوري قبله. و من المؤكد أنها لم تكن لتتخيل أنه سيتوجه إلى قصر ليسيروس بعد مغادرتها.

 

تذكر فريدين النصيحة التي أسدتها له الآنسة أسيلي.

 

“لا تخبر السيدة إيلين أنكَ سترحل.”

 

“….…”

 

“يجب عليها أن تذهب إلى القصر الإمبراطوري ويُعترف بها كسيدة سيف.”

 

لم يكن فريدين يفهم السبب، لكن لو سأل عن ذلك، لاضطرت الآنسة إلى تقديم المزيد عما رأته في أحلامها. وكان يعلم جيدًا الثمن الذي تدفعه لقاء كل ما تقوله، لذلك لم يستطع أن يسألها شيئًا.

 

وعند صمته، أضافت الآنسة كلماتها الأخيرة.

 

“هذا هو الخيار الأفضل.”

 

لم يكن فريدين ينوي إخبار إيلين برحيله أيضًا. 

 

و رأت إيسيس ذلك وترددت حتى اللحظة الأخيرة في ما إذا كان من الصواب السماح له بالذهاب إلى قصر ليسيروس أم لا. لأنها لم تكن واثقةً من أي خيارٍ هو الصائب.

 

“سموك……أنت لم تتعافَ بعد تمامًا……”

 

“حالتي ليست سيئة لدرجة تمنعني من الحركة. معظم الجروح الكبيرة شُفيت بفضل القوة المقدسة للآنسة أسيلي.”

 

قال فريدين ذلك بوجه خالٍ من التعبير.

 

“إيسيس، فكّري فيما قالته الآنسة. الأحلام ليست أمرًا مؤكدًا.”

 

“….…”

 

“لن أموت.”

 

رأت الآنسة أسيلي في حلمها بأنه سيموت، لكنها قالت في الوقت نفسه أن النبوءات يمكن أن تتغير دائمًا.

 

اعتقد فريدين أن هنالك سببًا في ظهور خيارٍ واحد فقط للآنسة في حلمها. لذلك اختار الرحيل لفعل ما يستطيع من أجل إيلين.

 

حدق فريدين بعينيه إلى أكاديمية أتينس قبل أن يخطو نحو المجهول.

 

***

 

وصل فريدين وفرسان الفيلق الأول إلى قصر ليسيروس عبر تعويذة التنقل الآني. 

 

ولم يُسمح باستخدام هذه التعويذة لإرسال قوات واسعة إلا بإذنٍ من سيد السيف المعترف به من الإمبراطور.

 

وكان الدوق، الذي كان قلقًا على الماركيز، قد منح استثناءً خاصًا لاستخدام التعويذة في عملية الإنقاذ هذه.

 

وعندما وصلوا إلى القصر، خرجت زوجة الماركيز لاستقبالهم أمام بوابة القصر.

 

“من الغريب حقًا أن يأتي الفيلق الأول بدون الدوق. بل وحتى استخدمتم تعويذة التنقل الآني……رغم انشغالكم، نحن ممتنون لاهتمامكم بعائلة الماركيز.”

 

“….…”

 

“وقد أعددنا كل ما يلزم لتشعر الكاهنة القادمة من الغرب بالراحة. تفضلوا بالدخول.”

 

قالت زوجة الماركيز ذلك وهي تقود فرقة الفرسان إلى داخل قصر ليسيروس.

 

ومن وجهة نظرها، لم يكن لديها حجةً لرفضهم. فبما أن الدوق أسيلي قد أرسل فرقة مطاردة بسبب قلقه على القصر في غياب الماركيز، كان من واجب زوجته أن تُحسن استقبال الفرسان.

 

“كما تعلمون، الأمور هنا مضطربةٌ قليلاً.”

 

ويبدو أن الفرقة الثالثة من الفرسان، التي كانت تحقق في القصر، لم تغادر إلا مؤخرًا، إذ كان الخدم يتحركون بانشغالٍ وهم ينقلون الأشياء هنا وهناك.

 

نظر فريدين إلى المرأة الواقفة أمامه.

 

كوريليا، زوجة الماركيز ليسيروس، كانت امرأةً كالأفعى.

 

كان من الواضح أن الخدم ينكمشون في مكانهم كلما وقعت أعينها عليهم. ومن هذا المشهد وحده، كان بالإمكان معرفة مدى النفوذ الذي كانت تملكه داخل القصر.

 

حتى في تلك الأوقات التي كانت تُعلّمه هو وديتريون في القصر الإمبراطوري، كانت تبعث بهيبةٍ غريبة ومقلقة.

 

“مع ذلك، تفضلوا بالبقاء ما شئتم.”

 

وبسبب هدوئها وثقتها، بدأ بعض الفرسان يتساءلون بصدق إن كان الماركيز محتجزًا حقًا.

 

وفي مساء ذلك اليوم، أبلغت كوريليا الفيلق أنها تودّ تناول العشاء معهم. 

 

و خلال العشاء، تحدثت كوريليا بنبرةٍ حزينة، و حاجباها متهدلان وكأنها تأسف بصدق،

 

“أشكركم على قدومكم. لقد كان من الصعب جدًا أن أحمي الإقطاعية وحدي. لا أزال لا أصدق أن زوجي ارتكب جريمةً وهرب.”

 

“….…”

 

“وفوق ذلك، هل سمعتم تلك الإشاعة؟”

 

غطت كوريليا فمها بمنديل وهي تدمع من إحدى عينيها، وعينها الأخرى مشوهةٌ بانفعال مصطنع.

 

“يقولون إن إيلين استخدمت السحر الأسود……ويبدو أن الأمر صحيح.”

 

رأى فريدين أن دموعها مصطنعة بشكل واضح. أما إيسيس، فقد بدت عليها علامات الانزعاج وهي تحدق بها.

 

“الحقيقة لم تتضح بعد. أنا نفسي سأذهب قريبًا إلى القصر الإمبراطوري للمساعدة في كشفها.”

 

“هذا مطمئنٌ حقًا. في الواقع، لم أكن أعرف شيئًا. استخدام السحر الأسود جريمةٌ خطيرة، أليس كذلك؟ مجرد التورط في شيءٍ بهذا الحجم……”

 

“ماركيزة، أقول هذا لأنكِ تبدين شديدة القلق، السيدة إيلين هي سيدة سيف. لم تستخدم السحر الأسود.”

 

وبمجرد أن أنهى فريدين كلماته، أبدى بقية الفرسان موافقتهم وهم يتناولون الطعام. 

 

فقد شهد فرسان الفيلق الأول مهارات إيلين في القتال بالسيف بأعينهم، وكانوا يعرفون جيدًا مدى سخافة ما قالته زوجة الماركيز.

 

“صحيح. لا يمكن بلوغ مستوى السيدة إيلين بالسحر الأسود.”

 

“لا أعلم من يجرؤ على قول مثل هذا الكلام.”

 

“لا بد أنهم أناسٌ لا يفهمون شيئًا في فنون السيف. ولكن بعد أن يروا سيف السيدة إيلين، لن يجرؤوا على قول مثل هذا الهراء.”

 

“لو أحضروهم إليّ، لأوضحت لهم كم كانت مهاراتها في المبارزة مذهلة.”

 

 

 

“أن تنافس الدوق أسيلي في مهارات السيف وهي بهذا العمر الصغير……شيءٰ لا يُصدق.”

 

اهتز طرف فم كوريليا وهي تستمع إلى حديث الفرسان المتحمس.

 

لم يتوقف حديثهم، ولو لم تقاطعهم إيسيس، لقضوا اليوم بأكمله يتحدثون عن سيف إيلين.

 

ثم تحدث فيردين بوجه خالٍ من التعبير،

 

“السيدة إياين سيُعترف بها كسيدة سيف، ماركيزة.”

 

“حقًا؟”

 

“نعم. ربما قد سمعتِ بالفعل، لكن الكونت ليون قد مات. لذا فإن ثالث سيدة سيف في الإمبراطورية ستكون السيدة إيلين.”

 

“….…”

 

“السيدة إيلين فارسةٌ عظيمة بحق. وستجعل اسم عائلة ليسيروس مشهورًا في كل مكان.”

 

قال ذلك وهو يحدّق مباشرةً في عيني كوريليا.

 

“يبدو أن الماركيز قد اُتهم ظلماً، لذا سيعود قريبًا. لا تقلقي كثيرًا بشأنه أيضًا.”

 

لم يكن فريدين متأكدًا مما إذا كانت كوريليا حقًا قلقة أم لا، لكنه لم يضف ذلك. بينما كانت عيناه، وهو ينظر إلى كورليا، أكثر برودةً من شتاء الشمال.

 

شعرت كوريليا بنظراته وتحدثت مبتسمة،

 

“سموك، هل الطعام لا يروق لكَ؟ تبدو غير قادرٍ على الأكل جيدًا منذ قليل……”

 

“لا، كنت مشغولًا بمراقبة المكان الذي أراه لأول مرة، لذا لم أتمكن من التركيز على الطعام.”

 

لكن هذا لم يكن صحيحًا. فقد رأى فريدين هذا المكان من قبل بقدراته الخاصة.

 

قصر ليسيروس حيث نشأت إيلين. المكان الذي لم تشعر فيه بالسعادة للحظة واحدة بعد زواج الماركيز الثاني.

 

كانت هذه المرأة التي أمامه هي من ألقت بالطفلة المرحة إيلين إلى جحيمها.

 

فقط بسماع القليل من كلام كوريليا، كان يعرف كيف تحاول دفع إيلين إلى الحافة. وكان سبب عدم تناول فريدين للطعام بشكل جيد مرتبطًا بها أيضًا.

 

فمجرد النظر إلى المرأة التي عذبت إيلين كان كافيًا ليُفقده شهيته.

 

قبض فريدين يده بقوة. عندما فكر في إيلين، لم يستطع كبح غضبه تجاه المرأة التي أمامه.

 

“هل كانت إيلين تزعج سموك بأي شكلٍ من الأشكال؟”

 

“تزعج؟”

 

“لقد كانت الخطوبة أمراً لم تكن ترغب فيه يا سموك.”

 

تصلب وجه فريدين بسبب كلام زوجة الماركيز، وتحدث بحزم،

 

“لم يكن إمراً مزعجاً، فقد كنت سعيدًا أيضًا عندما خطبتُ لإيلين.”

 

“هل يعني هذا أن سموك أيضًا……مع إيلين؟”

 

“نعم، أنا أيضًا رغبت في الخطبة معها.”

 

تلوت شفاه كوريليا بغضب. و فتحت عينيها على اتساعهما بدهشة.

 

“يا للعجب! سمعتَ الكثير من الشائعات عن إيلين بالتأكيد، فلم أتوقع ذلك أبدًا. ألا يهم سموك من هي هذه الفتاة حقًا؟”

 

“ماركيزة، أنا لا أحب الشائعات الخبيثة. ومن تجربتي الشخصية، فهي شخصٌ مختلف تمامًا عما يشاع.”

 

“….…”

 

“يبدو أن الماركيزة تحبُّ الشائعات.”

 

بعد ذلك، لم يتبادلا حديثًا آخر حتى انتهى الطعام.

 

***

 

كانت ساعةً متأخرة من الليل. عندما نهض فريدين من على السرير. الذي لم يكن ينوي النوم منذ البداية.

 

عندما فتح الباب بحذر، رأى إيسيس تخرج من الغرفة المجاورة. ثم بدأ فرسان الفيلق الأول يخرجون واحدًا تلو الآخر من غرفهم.

 

تلاقوا النظرات وأومأ لبعضهم برؤوسهم بخفة.

 

“سنقسم أنفسنا إلى ثلاث وحداتٍ للاحتمال.”

 

بمجرد أن قال فريدين ذلك، بدأ الفرسان في التحرك. 

 

عندما وصلوا إلى القصر، بدأوا بالتظاهر بالتحضير لحملة مطاردة وهم يستكشفون القلعة.

 

وأظهرت التحقيقات أن السجن تحت الأرض هو المكان الأرجح لاحتجاز الماركيز. لكن المشكلة أن القصر كبيرٌ جدًا، والسجن تحت الأرض واسع أيضًا.

 

“الماركيزة لن تفوِّت أي فرصةٍ سانحة. و إذا تأخرنا أكثر، سيكون الماركيز في خطر.”

 

______________________

 

يعني إيلين مايمديها أول ماتخلص هي والدوق أسيلي ينقلون بالسحر للقصر ويساعدون فريدين؟

 

لو اني معهم ان اعدل خططهم البايخة ذي 😭 شفيهم يشقون التضحيه مب لازم ضحايا ترا!

 

مع ان ودي بضاحايا هعهعهعهعهعهع………

 

Dana