“ماذا…..ما الذي حدث هنا بالضبط؟”
وصل الفارس الأول إلى الساحة الخالية في غابة الغرب وهو يتمتم بذهول.
ألقى الدوق أسيلي نظرةً حوله.
رأى أرضًا غائرةً بعمق. وقد أدرك على الفور أن ما رآه قد صُنع بسيفٍ مشبع بالهالة.
“مات سيد السيف.”
“ليون…..الكونت ليون..…”
ضاقت عينا الدوق أسيلي. وكان الفرسان الذين تبعوه في حالة من الذهول.
في هذه اللحظة، لم يبقَ في الإمبراطورية سوى اثنين من سادة السيف، بعد أن كانوا ثلاثة فقط.
“رغم أنه كان تافهًا، لكنه كان سيد سيفٍ مع ذلك..…”
اقترب الفارس الأول من الدوق أسيلي وتحدث.
“لا يوجد قتلى من الفرقة الثانية. يبدو أنهم جميعًا أُغشي عليهم.”
أومأ الدوق برأسه. بينما رأى فرسانه يتفقدون حالة الفرقة الثانية.
كان القتيل الوحيد هو الكونت ليون. وهذه الحقيقة وحدها كانت كافيةً لإثارة حذرهم.
تمتم الفارس الأول بدهشة.
“السيطرة على الخصم دون جرحٍ أصعب بكثير من القتل……”
كان كلام الفارس الأول صحيحًا. فالقضاء على الخصم دون أن يُصاب يُعد أصعب من قتله.
لكن ذلك الشخص قتل الكونت ليون وأبقى على حياة فرسان الفرقة الثانية.
‘ما الهدف من ذلك يا تُرى؟’
غرق الدوق أسيلي في التفكير. فهو أيضًا كان قادرًا على القضاء على الكونت ليون وإسقاط الفرقة الثانية جميعًا فاقدي الوعي.
لكن لماذا قُتل الكونت ليون فقط؟ إن كان قد اضطر لقتل الكونت لأنه لم يستطع السيطرة عليه، فذلك يعني أنه أضعف من الدوق أسيلي.
سأل الفارس الأول بقلق الدوق،
“هل يعني قتل الكونت ليون أن ذلك الشخص عدوٌ للإمبراطورية؟”
“لا، لا أظن ذلك.”
“…….”
“لو كان عدوًا للإمبراطورية، لما ترك هؤلاء أحياء.”
“بالفعل، لا يمكن أن يترك شهودًا أحياء..…”
ازدادت نظرة الدوق أسيلي عمقًا.
“يمكننا التأكد من الأمر.”
ثم ضخ قدرًا بسيطًا من المانا في جسد أحد أفراد الفرقة الثانية الملقى على الأرض.
“هاه!”
في تلك اللحظة، انتفض الفارس من الفرقة الثانية الذي كان فاقدًا للوعي ونهض جالسًا.
كان ينظر حوله بذعر، ثم بدأ جسده يرتجف كما لو أنه شهد كابوسًا مرعبًا. لكن سرعان ما رأى الدوق أسيلي، فانحنى له احترامًا.
“ما الذي حدث بالضبط؟”
عند سماع سؤاله، شحب وجه الفارس من الفرقة الثانية. وبدأ يتحدث بتلعثم.
“إيـ…..إيلين ليسيروس.…”
إيلين ليسيروس؟ هل يُعقل أن الكونت حاول تنفيذ الحكم عليها قبل وصول الدوق أسيلي؟
نظر الفارس الأول إلى الدوق مترقبًا ردة فعله. وكان وجه الدوق قد تجمد بالفعل بغضبٍ مخيف.
“إيلين ليسيروس كانت سيدة سيف. هي…..هي من قتلت الكونت ليون.”
***
كانت إيلين جالسةً بجوار فريدين دون أن تتحرك. وكانت مغطاةً بالدماء الحمراء، شاردة الذهن، مما جعلها تبدو أكثر بؤسًا.
“سوف يستفيق قريبًا.”
تمتمت الآنسة أسيلي بصوتٍ خافت.
جاء كهنة جناح العلاج، لكن الآنسة منعتهم واستخدمت قواها المقدسة بنفسها.
تذكّر ديريك اللحظة التي كانت فيها الآنسة تعالج آمون. و بالفعل، كانت قوة القديسة مذهلة.
حين وضعت يدها على بطن آمون، انبعث منها ضوءٌ ساطع، وبدأ الجرح يلتئم بسرعة كبيرة.
في تلك اللحظة، استُعيدت الصورة الجميلة للقديسة في ذهنه، والتي كانت قد تشوّهت مؤخرًا.
نظرت الآنسة إلى إيلين وتحدثت.
“كما تعلمون جميعًا، هناك حدودٌ للشفاء بالقوة المقدسة. كما أن الإفراط في استخدامها ليس أمرًا جيدًا.”
“…….”
“بهذا القدر، سيتكفّل جسده بالشفاء من تلقاء نفسه.”
أومأت إيلين برأسها بخفة بينما تستمع لكلام الآنسة. ثم تحققت مجددًا من نبض قلب فريدين.
شعرت بخفقات قلبه تدق بانتظام. فزفرت أنفاس ارتياح خفيفة.
“هل أنتِ بخير، يا آنسة؟”
ردّت الآنسة على سؤال إيلين بابتسامةٍ باهتة، بالكاد مرئية، كما لو أنها على وشك التلاشي.
ثم أمسكت بيد إيلين بقوة.
“بالطبع. أنا بخير، سيدة إيلين. بل أنتِ من أصيبت. بسبب ذلك الإنسان الشرير…..أُصيبت يداكِ الجميلتان بالجروح أثناء الدفاع.”
“….…”
“ذلك الإنسان، حتى بعد موته، سيسقط في الجحيم.”
“……”
“سيتعذب في الجحيم إلى الأبد.”
تغيّرت ملامح وجه ديريك عند سماعه كلام القديسة.
هل كانت نبرتها هكذا فعلًا؟ في المعبد كانوا يقولون أنها تجسّد كيان رحيمة…..هل يجوز للقديسة أن تقول مثل هذا الكلام حتى؟
أمسكت الآنسة بيد إيلين واستخدمت قوتها المقدسة. فانتشر دفءٌ لطيف، وسرعان ما شُفي الجرح في يدها.
لكن في اللحظة نفسها، ترنحت الآنسة. فأسرعت إيلين لتسندها بقلق.
“سيدتي القديسة!”
وهرع ديريك أيضًا إليها وقد فزع.
“أنا بخير، سيدة إيلين، والسيد ديريك.”
نظرت إيلين إلى وجه الآنسة المبتسم، فلم تستطع قول أي شيء.
أسندت الآنسة رأسها على كتف إيلين.
“أنا بخير حقًا. سيدة إيلين. بفضلكِ، أصبح كل شيء على ما يرام.”
“….…”
“وسأكون بخير أيضًا في المستقبل.”
في تلك اللحظة، انقبضت حدقة عين الآنسة. و نظرت إليها إيلين باستغراب.
“على أي حال، سيستيقظ الآن.”
وما إن أنهت الآنسة كلامها، حتى فتح فريدين عينيه.
***
حين فتح عينيه، كان أول ما رآه فريدين هي إيلين.
حاول أن يتذكر سبب وجوده في جناح العلاج. فقد كانت آخر ذكرياته هي لحظة إصابته بهجوم الكونت ليون.
وقبل أن يفقد وعيه. جاءه ديريك، ثم ظهرت إيرلين ثم عمّ الظلام.
لكنه، لم يكن يعلم كيف انتهى به الأمر في جناح العلاج.
“سيدة إيلين؟ هل جسدكِ بخير؟ ماذا حدث للكونت ليون؟ هل كنتِ أنتِ من واجهه؟”
أصدرت الآنسة أسيلي صوت امتعاضٍ وهي تنظر إلى فريدين.
“فريدين ليكسيا، اهدأ.”
عبّرت الآنسة عن انزعاجها.
“ألا أبدو مرئيةً بالنسبة لكَ؟”
“آه، آنسة أسيلي..…”
“لا بأس. لا فائدة من إنقاذ شخصٍ بكل هذا الجهد إذا كان هذا رد فعله.”
قالت ذلك وهي تهز رأسها.
“هل أنتما بخير؟”
“أنا بخير. السيدة إيلين أُصيبت قليلًا فقط..…”
عند سماع كلام الآنسة، تجمد وجه فريدين على الفور. و أزاح الغطاء عن جسده وحاول النهوض والتوجه إلى إيلين.
“هل جننتَ؟ ألا تعرف في أي حالةٍ جسدية أنتَ الآن؟ عليكَ أن تظل طريح الفراش لعدة أسابيع على الأقل!”
أعادت الآنسة فريدين إلى السرير.
“الكونت ليون، ذلك الحقير، كان يحاول قتلكَ فعلًا.”
“لكنه لم ينجح، أليس كذلك؟”
“صحيح، لكنه كاد يقطع أحد أطرافكَ.”
ما إن أنهت الآنسة أسيلي كلامها حتى تغيّر جو جناح العلاج فجأة.
“مـ-ما هذا؟!”
قال ديريك ذلك بدهشة وهو ينظر حوله.
“ألا تشعرون بشيء؟”
عند كلام ديريك، نظرت الآنسة إلى إيلين التي كانت ملامحها كئيبة.
وسرعان ما أدركت أن مصدر تلك الهالة هي إيلين. أما فريدين، فيبدو أنه لم يلاحظ بعد.
عندما نظرت إليهما، تنهدت تلقائيًا. فلم تكن تدري كيف تتصرف مع هذين الاثنين العنيدين.
ثم، وبوجهٍ يملؤه الأسى، ربتت الآنسة على كتف إيلين.
“أنا ممتنٌ حقًا. كنتُ قلقاً جدًا من أن يؤذيكِ الكونت ليون.”
كان فريدين، منذ سمع أن إيلين أُصيبت، يحدّق بها باستمرار. فحتى مجرد تخيّل إصابتها جعله يشعر بالضيق.
الكونت ليون كان سيد سيف. وحتى لو كانت إيلين أيضًا سيّدة سيف، فلن تكون مواجهته أمرًا سهلًا أبدًا.
لولا حلم الآنسة أسيلي، لما كان فريدين ليسمح لإيلين بالذهاب إلى هناك أبدًا.
“الآنسة عالجتني بالكامل. ولم أُصب كثيرًا من الأساس.”
ابتسمت إيلين وقالت ذلك.
“أظن أنني أثقلتُ عليكِ مرة أخرى…”
“لا، كنتَ تحاول إنقاذ كارون.”
“….…”
“أنا ممتنةٌ حقًا، سموك فريدين. لو لم تكن أنتَ، لكان كارون في خطرٍ كبير. شكرًا جزيلاً لك على إنقاذه..…”
“أنا سعيدٌ لأنك لم تُصابي بأذى كبير، سيدة إيلين.”
قال فريدين ذلك وهو يظهر تعبيرًا حزينًا.
وبعد لحظةٍ من الترقب، جذبت الآنسة أسيلي ديريك.
“سيدتي القديسة؟”
“سيد ديريك، هيا بسرعة. هناك أمرٌ مهم يجب أن نتحدث عنه.”
ذهب ديريك وهو لا يفهم شيئًا، بينما ظل كارون وآخرون في الغرفة المجاورة.
وبعد مغادرة الآنسة وديريك، لم يبق في الغرفة سوى إيلين وفريدين.
و ما إن غادرا حتى لم تتمكن إيلين من كبح مشاعرها المتصاعدة أكثر.
عندما رأت فربدين ملطخًا بالدماء في الغابة، عادت ذكرياتها المؤلمة إلى ذهنها.
تلك اللحظات التي مات فيها، وتحول إلى كائنٍ يشبه الظل، حيث كانت تتخيله وهي تبكي في الزمان والمكان الذي كانت فيه.
وعندما فكرت أنه قد يمر بتلك المعاناة مرة أخرى، شعرت وكأنها تهوي في هاويةٍ مرعبة.
‘لا، إنه بخير، أليس كذلك؟ إنه حيٌ أمامي.’
أمسكت بإحكام بطرف قميص فريدين بيدٍ مرتجفة.
و رغم عزمها على ألا تفعل ذلك، لم يستجب جسدها لإرادتها.
كان الأمر غريبًا.
_____________________
ابكي😘
ابيها تصيح وفريدين يطبطب عليها او يصيح معها وانا بصيح
الكونت اشوا فطس بس ضحكت الدوق لسه للحين ماجا؟ شكله يتأمل الكونت الفاطس😭
الماركيز طول ذا الوقت: ابوك يالطفش
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 87"