على الرغم من أنه كان يعلم مدى براعة إيلين، إلا أن فيليب، وهو مليء بحماسه، تحدث بجدية،
“إيلين، سأنتقل إلى الصف المتقدم قريبًا، لذا انتظريني.”
أجابت إيلين على كلماته بأنها موافقة.
لكن ما قاله فيليب لم يكن شيئًا يمكن تحقيقه قريبًا. فهذا السلام لن يدوم طويلًا.
كانت إيلين تدرك تمامًا ما يجب عليها فعله. لذا فإن تخرجها من الأكاديمية سيكون أمرًا بعيد المنال.
بل، وربما لن تتمكن من التخرج أبدًا.
‘عليّ أن أقدم طلبًا للتجميد الدراسي.’
كانت عودتها إلى أكاديمية أتينس من أجل الوفاء بوعدها لفريدين وكارون وطمأنتهما.
في الأصل، كانت تخطط لتجميد دراستها فور وصولها والعودة مباشرةً إلى قصر الماركيز ليسيروس. لذلك فإن هذا اليوم سيكون يومها الأخير في الصف وفي الأكاديمية.
كانت تنوي الذهاب إلى إدوارد بعد انتهاء الدروس مباشرةً لتبلغه بنيّتها في التجميد الدراسي.
وما إن ظهرت في ساحة التدريب حتى استقبلها طلاب الصف بعيونٍ مندهشة.
“إيلين! سمعنا أنك نجحتِ في اختبار الترقية في الغرب!”
“أنتِ حقًا مذهلة. مستقبلكِ بات ممهدًا الآن. لا بد أن الماركيز ليسيروس فخورٌ بكِ أيضًا.”
“وإذا أصبحتِ يومًا ما سيدة السيف، لا تنسي أن تتبارزي معنا.”
كانت ردود الفعل مشابهةً لتلك التي أظهرها الآخرون.
لكن في تلك اللحظة، شعرت إيلين بشيء من التنافر. فقد كان هناك بعض الطلاب يرمقونها بنظراتٍ مشبعة بالعدائية.
اقترب فيليب من إيلين بعد أن تردد قليلًا، وقد وقف بجسده الضخم حاجزًا أمام أنظار الآخرين،
“إيلين، لا تهتمي بالأمر.”
نظرت إيلين إلى ساحة التدريب بعينين متسائلتين.
‘العدائية تملأ المكان.’
كان هذا أول موقف من هذا النوع تواجهه منذ أن تأقلمت مع قسم فنون السيف.
ما الذي حدث بالضبط؟
كانت مشاعر العداء تجاهها من طلاب فنون السيف قد زالت تقريبًا منذ وقتٍ طويل، لكن الآن وجودها بين طلاب الصف فقط يجعل الأمر أكثر غرابة.
“هل حدث شيءٌ ما؟”
وقبل أن يتمكن فيليب، الذي بدا عليه الارتباك، من فتح فمه للرد، دخل فرسانٌ مدججون بالسلاح إلى ساحة التدريب. وفي مركزهم كان ديتريون واقفًا.
وكان أولئك الذين خلفه معروفين أيضًا لدى إيلين. الكونت ليون والكتيبة الثانية من الفرسان.
حدّق طلاب الصف الابتدائي بهم بوجوهٍ مرتبكة.
أن تتحرك الكتيبة الثانية بقيادة الكونت، وهو سيد السيف، كان أمرًا نادرًا لا يُرى إلا في حال اندلاع حرب.
حينها، اتجهوا نحو إيلين مباشرة. وفي عيني ديتريون، الذي وقف أمامها، لمعت نظرةٌ مازحة.
كان يحدّق بها وهو يبتسم كما لو أن هذا الوضع ممتعٌ له.
“نلتقي مجددًا، إيلين.”
أحاط بها الكونت ليون وكتيبته من الفرسان كما لو كانوا يحاصرونها.
حاول فيليب وفرسان الصف منعهم، لكن مقاومةٌ كهذه لم تكن ذات جدوى.
“صاحب السمو ديتريون، ما الذي يحدث بالضبط؟”
تحدث فيليب بنبرة توترٍ واضحة. فنظر إليه ديتريون وأمال رأسه إلى الجانب باستغراب.
“هل تسأل لأنكَ لا تعلم حقًا؟ في مثل هذا الوقت لا بد أنكَ سمعت بالأمر.”
“….…”
“أبعدوهم جميعًا.”
وبأمر ديتريون، اقتيد فيليب وفرسان الصف، الذين حاولوا حماية إيلين، دون أن يتمكنوا من إبداء أي مقاومة.
وفي أثناء ذلك، بدأت أصوات الطلاب الآخرين الذين كانوا يراقبون الموقف تتعالى.
“لا يمكن……أيمكن أن تكون تلك الشائعة حقيقية؟”
“أي شائعة؟”
“إيلين ليسيروس يقال أنها استخدمت أساليب محظورة.”
“ويُقال إن الماركيز ليسيروس هرب بسبب ذلك أيضًا……”
بمجرد أن سمعت إيلين تلك الكلمات، فهمت كيف تطورت الأمور. لقد تحركت كورليا والإمبراطور بخطوة أسرع مما كانت تتوقعه.
“حتى أنا أجد أن ما حدث مؤسف، إيلين. لكن عليكِ أن تأتي معنا.”
وكانت تلك نهاية الحديث. ثم بدأ الفرسان في سحب إيرلن. وتم حبسها في سجن الأكاديمية.
نظرًا لكون أكاديمية أتينس منطقةً محايدة، فكل شجار أو قتال داخلها يُعاقب عليه بصرامة. وكان هذا السجن مخصصًا لاحتجاز من ينتظرون العقوبة المناسبة.
كان سجن الأكاديمية مصممًا بقضبانٍ مصنوعة من حجر ضبط المانا، بحيث لا يستطيع حتى الفرسان المتقدمون الهرب منه.
بعد أن حبس ديتريون إيلين هناك، راح يحدق بها بعينين تترقبان شيئًا ما.
“إيلين ليسيروس، ألا تملكين ما تقولينه؟”
“….…”
“الماركيز ليسيروس تخلى عنكِ وعن كارون ليسيروس وهرب. لا أحد هنا ليساعدكِ.”
لكن كلمات ديتريون لم تترك أي أثرٍ على تعابير إيلين. و كان هذا الرد كان أمرًا متوقعًا بالفعل.
كان ديتريون يعرف جيدًا كيف يستفز إيلين.
“كارون ليسيروس، ذلك الصغير، متورطٌ أيضًا، أليس كذلك؟”
عندها، التفتت إيلين نحوه.
“ما الذي تنوي فعله بكارون؟”
“تم اعتقاله بالفعل. الأمر يعتمد على كيفية تصرفكِ.”
“هل هرب والدي فعلًا؟”
عند سؤال إيلين، لوّح ديتريون بيده، فتحرك الفرسان الذين كانوا بجانبه وأعادوا ترتيب مواقعهم.
وحين تأكد من خروجهم جميعًا، جلب كرسيًا وجلس أمام إيلين.
شعر ديتريون بإحساسٍ غريب بالانتصار وهو ينظر إلى إيلين المحبوسة خلف القضبان.
‘يليق بكِ هذا المكان.’
غمره شعور بالفرح وكأن مزاجه تحسن فجأة. فقد أعجبه منظر إيلين وهي جالسة بهدوءٍ أمامه.
‘كان ينبغي أن يحدث هذا من قبل.’
هز كتفيه بابتسامة. فقد تبدد شعوره السيئ الذي لازمه لأشهرٍ في لحظة. وأدرك أخيرًا ما الذي كان يريده طوال الوقت.
إعادة إيلين إلى مكانها الأصلي. هذا ما كان يتمناه ديتريون.
“والآن، كيف تشعرين؟”
“….…”
“هل تفكرين في التوسل هذه المرة؟”
“التوسل؟”
“نعم، توسلي إليّ يا إيلين. قولي أنكِ ترجيني أن أنقذ والدكِ وأخاكِ. فكما توقعتِ، الماركيز ج ليسيروس لم يتمكن من الهرب. كوريليا تحتجزه لديها.”
أسندت إيلين رأسها إلى جدار الزنزانة. و لم تستطع فهم عقلية ديتريون.
في الحقيقة، كان من السهل جدًا إزالة هذه التهمة السخيفة عنها. فكل ما عليها فعله هو إثبات أنها سيدة سيف.
فلا يمكن لأي شخص، مهما استخدم السحر الأسود، أن يبلغ مرتبة سيدة السيف.
“فريدين سيتخلى عنكِ. كان ارتباطكما منذ البداية غير مجدٍ. ذلك الرجل لا يحمل لك أي مشاعر. سيتخلى عنكِ، يا إيلين ليسيروس.”
“….…”
“أنتِ تعلمين ذلك، أليس كذلك؟ كم أنكِ بلا فائدة بالنسبة لفريدين؟ إنه لا يهتم بكِ على الإطلاق.”
“قد يكون الأمر كذلك. لكن، ما أهمية قولكَ ذلك؟”
“أعني، لا تتشبثي بذلك الرجل بطريقةٍ مثيرة للشفقة.”
كان ديتريون واثقًا تمامًا. واثقًا من أن فريدين سيتخلى عن إيلين ويقوم بفسخ الخطوبة عندما تواجه الخطر.
فهو دائمًا ما يتخذ قراراته بالتخلي عن شيءٍ ما من أجل حماية من هم في صفه. وكان يظن أن هذه المرة لن تكون مختلفة.
“لقد تم العثور على مختبرٍ مريب في قبو قصر الماركيز. وهناك دلائل قوية على استخدام السحر الأسود.”
“….…”
“هل تتذكرين أولئك الذين هزمتِهم في طريقكِ إلى الأكاديمية؟ كانوا فرسانًا مُعززين بالسحر الأسود.”
“….…”
“المعبد بدأ بالتحرك أيضًا. الكهنة سيصلون قريبًا. في الحقيقة……سواء استخدمتِ السحر الأسود أم لا، فهذا ليس مهمًا، إيلين.”
كانت كلمات ديتريون واضحة تمامًا. حتى لو لم تستخدم السحر الأسود، فهو سيجعل الأمر يبدو وكأنها فعلت.
في الماضي، كثيرٌ من الفرسان أُعدموا ظلمًا بتهمة استخدام السحر الأسود. لأن إثبات براءتهم كان أمرًا بالغ الصعوبة.
وكما قال ديتريون، إن حصلوا على تصديق المعبد، فلن يكون هناك مهرب.
“ما سبب كل هذا؟ لماذا تفعلون بي هذا؟”
لم تُظهر إيلين أي رد فعل تجاه كلام ديتريون، لكنها فجأة اعتدلت في جلستها وسألته،
“السبب؟”
“نعم، لا بد أن هناك سببًا يجعلكم تفعلون كل هذا بي.”
“من يدري……ربما لأنكِ موهوبة؟”
اتخذ وجه ديتريون تعبيرًا يحمل الاهتمام.
في الحقيقة، لم يفكر يومًا بعمقٍ في سبب معاناة إيلين. كان كل ما في الأمر أن والده يكره سادة السيف، وهو اكتفى باتباع أوامره.
“بسبب موهبتي……هل تقول هذا بجدية؟”
“….…”
“حتى كوريليا، هل عذبتني بتوجيهٍ منكم لهذا السبب؟”
“كنت تعلمين؟ نعم، كوريليا كانت تتحرك بأوامرنا.”
بدت على ديتريون علامات مفاجأةٍ طفيفة، لكنه أومأ برأسه معترفًا بذلك بسهولة.
“على أي حال، حتى لو عرفتِ، فلن يكون بيدكِ فعل أي شيءٍ الآن.”
ظن أن إيلين تواصل الحديث معه بدافع الخوف فقط. فمهما تغيرت، لا يمكن للمرء أن يبقى هادئًا أمام الموت.
وبعد أن أنهى كلامه، أسندت إيلين رأسها مجددًا إلى الجدار. و ظن ديتريون أن ذلك هو تصرف شخص قد استسلم.
‘إنها أقل مما توقعت، كم هو أمرٌ تافه.’
بهذا التفكير، استدار ديتريون وهمّ بالخروج.
وكان ليفعل ذلك حقًا……لو لم تنطق إيلين بكلماتها في تلك اللحظة.
______________________
ودي اوقف هنا بس باقي فصل من الدفعه هاعا
ديتريون طلع من الي يحب يحبس الي يحبهم؟ الله يعين زوجته المستقبليه
والسبب؟ عسا ماشر وش ذا المجانين
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 80"