سرعان ما تذكّر الأفكار التي راودته في داخله قبل أن يلتقي بإيلين، فابتسم بمرارة.
ألم يكن هو أيضًا قد حكم وأساء الفهم بناءً على الشائعات والمظاهر الخارجية فقط في وقتٍ ما؟
في تلك اللحظة، بدأت كوريلّيا تذرف الدموع. فارتبك الحاضرون في قاعة الاحتفال واقتربوا منها.
“سيدة كوريليا؟ ما الأمر؟”
“يا إلهي، هل يمكن أن تكون تلك الشائعة……؟”
“بما أن جلالته لم يقل شيئًا، فمن المؤكد أنها شائعةٌ كاذبة. لا بد أنها تبكي قلقًا على السيّدة إيلين.”
اعتقد معظم النبلاء أن كوريليا تبكي لأنها قلقة على إيلين. فقد سمعوا جميعًا الشائعة التي تقول أن إيلين، في طريق عودتها من اختبار الترقية، قد اعتدت على فارسٍ من فرسان الإمبراطور.
لكن بما أن الإمبراطور لم يتخذ أي إجراء، فقد اعتبروها شائعةً لا تُصدَّق وتجاهلوها.
و انتشرت كذلك شائعةٌ تقول إن إيلين ليس قوّيةً سوى لأنه استخدمت السحر الأسود، لكن الجميع رأى أن ذلك الاحتمال ضعيف.
هزّت كوريليا رأسها وفتحت فمها لتتحدث.
“أنا قلقةٌ بسبب الشائعات السيئة عن إيلين. في الواقع، ليس كل ما ورد في الشائعة خاطئًا.”
“نعم؟”
“كما تعلمون جميعًا، هي في الحقيقة لم تكن تحب السيف……كانت تفضّل القيام بأشياء أخرى.”
“…….”
“كانت حقًا فتاة أشبه بالسيدات الراقيات……”
عند كلمات كوريليا، بدأ النبلاء يتهامسون فيما بينهم. ففي الواقع، لطالما اعتادت كوريليا القول أنها ستجعل من إيلين السيدة الأرقى في المجتمع الأرستقراطي.
عند تلك الكلمات، تجهم وجه الدوق أسيلي بحدة.
“من المستحيل أن تكون السيّدة إيلين قد كرهت السيف.”
تذكّر الفارس الأول لحظات مبارزته الممتعة معها وأجاب فوراً،
“أنا أيضًا أعتقد ذلك، يا دوق.”
حاول لبدوق أسيلي بعد ذلك ألا يُعير حديث كوريليا وبقية النبلاء أي اهتمام. لأن كلامهم لم يكن يستحق الالتفات إليه.
لكن كلمات كوريليا التالية جعلت شفتيه تتجمدان.
“ربما يعتقد الجميع أن إيلين قد تعلمت السيف منذ طفولتها.”
“……..”
“في الحقيقة، لقد كانت تتعلمه سرًا، وما نراه الآن ما هو إلا ما ظهر مؤخرًا.”
“……..”
“أنا لا أعرف الكثير عن فنون السيف، لكن سمعت أن أداء مهام اختبار الترقية، حتى لو كان الشخص قد اختاره السيف، يتطلب تدريبًا طويل الأمد.”
عند كلمات كوريليا، خيّم الصمت على قاعة الحفل. و بدأ الجميع يركّز على ما كانت تقوله.
“ربما لهذا السبب تنتشر مثل تلك الشائعات السيئة. فإيلين لم تتعلّم فنون السيف جيداً ولو لمرة واحدة منذ طفولتها.”
اتسعت عينا كوريليا بشدة.
“ولا لمرة واحدة فقط……”
لأني أنا من جعل الأمر كذلك.
أظهر الحاضرون في قاعة الحفل ملامح تدل على ازدياد حيرتهم بعد سماع حديث كوريليا.
هل من الممكن أنها أصبحت بهذه القوة في فترةٍ قصيرة لدرجة أنها اجتازت اختبار الترقية في الغرب؟ ذلك أمرٌ مستحيل.
كلمات كوريلّيا كانت كافيةً لتثير اضطرابًا في نفوسهم. و راودتهم فرضية غامضة…… “أيمكن أن……؟”
حتى الدوق أسيلي شعر بتلك الأجواء. فقبض يديه بغضب، وبدت ملامحه شديدة التجهّم.
‘هذا هراء.’
كتم الدوق أسيلي غضبه بصعوبة، وبدأ يتقدّم ببطء نحو مكان وجود زوجة الماركيز.
وكان لحضوره من الهيبة ما جعل الجميع في قاعة الحفل يلتفتون نحوه.
كأس النبيذ التي كان يمسك بها دوق أسيلي تحطّمت إلى شظايا. و عند ذلك الصوت، شحبَت وجوه الحاضرين.
“سـ……سعادة الدوق.…”
“تتفوّهون بهذا الهراء دون أن تروا كم تعبت واجتهدت.”
تلاقت عينا كوريليا والدوق أسيلي، لكنها لم تُظهر أي تردد، بل نظرت إليه بثبات.
ابتسمت كوريلّيا ابتسامةً خفيفة، وقد قرأ الدوق في تلك الابتسامة مشاعر سلبية.
‘قالت أنها تهتم بالسيّدة إيلين……لكن هذا غير ممكن. لو كانت تهتم بها فعلًا، لما قالت شيئًا يثير شكوك الناس حولها.’
لم يُخفِ الدوق أسيلي ملامح الغضب وهو يحدّق في كوريلّيا. ولو لم يقاطعه الإمبراطور في تلك اللحظة، لربما فقد أعصابه وانفجر غضبًا.
“الدوق أسيلي، لدي ما أودّ قوله.”
فاتجهت نظرات الدوق تلقائيًا نحو الإمبراطور الجالس في المقعد الأعلى.
“اتبعني إلى المكتب.”
ورغم ولاء الدوق أسيلي للإمبراطورية، إلا أن العلاقة بينه وبين الإمبراطور لم تكن ودّية. ولهذا، لم تكن المقابلات المنفردة بينهما أمرًا معتادًا.
عبس الدوق عندما سمع ما قاله الإمبراطور له في المكتب.
“إيلين ليسيروس ليست إلا فارسةً ازدادت قوّتها باستخدام السحر الأسود.”
شكّ الدوق في ما سمعه، و لم يصدق أذنيه. فذلك لم يكن ممكنًا.
كان الدوق أسيلي يتذكّر سيف إيلين جيدًا. و لو أن الإمبراطور أخبره بهذا قبل مبارزته معها، لربما راوده بعض الشك حينها.
فالحقيقة أن تطوّرها كان مرعبًا لدرجة يصعب تصديق أنها مجرد موهبة. لكن إيلين، بكل تأكيد، لم تصبح قويةً بتلك الطريقة.
تذكّر الدوق سيف إيلين……ذلك السيف الذي حمل في طياته سنواتٍ من التجربة.
الفرسان الذين يتقوون بواسطة السحر الأسود لا يمكنهم أبدًا استخدام أسلوب مبارزة كهذا.
“تأكدنا من أن الماركيز ليسيروس قد فرّ، كما عثرنا على دليل يُثبت أنه كان يجري أبحاثًا على السحر الأسود في سرداب قصره.”
“لا يمكنني تقبّل ذلك، جلالتك.”
“لقد ظهرت الأدلة يا دوق، هذه ليست مسألة تقبّلٍ أو رفض. أنت تعرف هذا جيدًا، أليس كذلك؟”
تذكّر الدوق في ذهنه النهاية التي يلقاها الفرسان الذين ازدادت قوتهم عن طريق السحر الأسود.
“يجب التخلص منهم قبل أن يفقدوا السيطرة ويصبحوا وحوشًا.”
“لكن، جلالتك……ماذا لو لم تكن إيلين ليسيروس قد استخدمت السحر الأسود أصلًا؟”
“دوق، كلمة ’ماذا لو‘ لا تعني شيئًا الآن.”
“لقد اختارها السيف.”
“ولهذا السبب هي أكثر وقاحة. هل تنوي أن تخيب أملي مجددًا؟ كما فعلتَ في ذلك الوقت؟ لم تنسَ دوركَ كفارس، أليس كذلك؟”
خفتت نظرة الدوق في عينيه. فهو لم يكن بحاجةٍ للسؤال عن أي وقتٍ يقصده الإمبراطور.
وبنبرة يشوبها الشك، سأل،
“هل أنتَ واثقٌ تمامًا؟”
“الأدلة كافية. الفيلق الثالث يحقق بالفعل في منزل الماركيز ليسيروس، وقد عثروا هناك على أدلة تُثبت وجود تجارب.”
“…….”
“قريبًا، سيتولّى المعبد توثيق ذلك رسميًا.”
إيلين لم تكن من النوع الذي يرتكب مثل هذه الأفعال. وكذلك صديقه المقرب، الماركيز ليسيروس.
قطّب الإمبراطور جبينه وهو ينظر إلى الدوق أسيلي الذي لم يُجب فورًا.
“دوق أسيلي، توجّه إلى أكاديمية أتينس. و اقتل إيلين ليسيروس. من المفترض أنها محتجزةٌ في السجن.”
احمرّت عينا الدوق من شدّة الغضب.
“ألا يمكننا التريث قليلاً ومراقبة الوضع؟”
“وماذا إن تحوّلت تمامًا إلى وحش؟ ستفقد عقلها وتقتل طلاب الأكاديمية. ألن يكون ذلك أكثر إذلالًا لفارس؟”
لم يستطع الدوق أسيلي الرد. فوفقًا لمعايير الإمبراطورية، كان كلام الإمبراطور منطقيًا.
فأن يصبح المرء قويًا باستخدام السحر الأسود أمرٌ لا يُغتفر أبدًا.
ثم إنّه فارسٌ أقسم بولائه لإمبراطورية ليكسيا. وحتى إن لم يكن كلام الإمبراطور منطقيًا، فعليه تنفيذ أوامره.
لكن قلب الدوق كان يتقلّب، ولم يستطع إخفاء اضطرابه.
نظر إلى يديه……لم يكن قد نسي بعد ذلك الارتجاف الذي أحسّ به عندما تبادل السيوف مع إيلين.
***
في وقتٍ متأخر من بعد الظهر، استلمت الآنسة أسيلي رسالةً من الدوق أسيلي، والدها.
قرأت الرسالة بعناية، ثم علّقت بنبرةٍ مذهولة،
“ما هذا الهراء؟”
ولم تكن كلماتها موجّهةً إلى الدوق، بل إلى من كتبوا تلك الادعاءات السخيفة المذكورة في الرسالة.
[تنتشر شائعةً تقول أن إيلين ليسيروس ازدادت قوتها باستخدام السحر الأسود. بأمرٍ من جلالته، سأتوجه إلى أكاديمية أتينس للتحقّق من الحقيقة واتخاذ الإجراءات اللازمة. أبلغي فريدين بالأمر.]
توجّهت الآنسة أسيلي مباشرةً إلى فريدين. وكان رد فعله عند قراءته رسالة الدوق مماثلًا تمامًا لردّها.
بدلًا من أن يطلق الشتائم، عقد حاجبيه بحدة. وكانت تعرف أن هذا هو تعبيره المعتاد عندما يشعر بغضبٍ شديد.
“ما هذه السخافة التي لا تُصدّق؟”
“أتفق معكَ، فريدين.”
“لا أفهم ما الذي يخططون له……فهذا يمسّ بشرف عائلة ليسيروس أيضًا.”
بمجرد أن أنهى فريدين قراءة الرسالة، استدعى فرقة فرسانه. وبعد مرور بعض الوقت، بدأ الفرسان يدخلون المكتب واحدًا تلو الآخر.
لكن شخصًا واحدًا لم يدخل. فتجمّدت ملامح فريدين، ثم سأل ديريكى
“أين كارون؟”
“فريدين، وصلتني للتو رسالةٌ……”
“…….”
“الكتيبة الثانية من الفرسان قامت باقتياد كارون ليسيروس.”
***
تم منح إيلين عدة أيامٍ من الراحة بعد عودتها إلى الأكاديمية. و خلال هذه الفترة، كانت تستعد لمغادرة الأكاديمية.
بينما كانت في غرفتها في السكن، جاء بعض الطلاب من الصفوف المبتدئة بقيادة فيليب لزيارتها.
“إيلين، هل حقًا نجحتِ في اجتياز اختبار الترقية في الغرب؟”
“واو، لا أصدق أنني مع سيدة السيف المستقبلية!”
لم تستطع إيلين إلا أن تبتسم أمام مزاحهم. لكن هذه اللحظات الهادئة لم تكن سوى لحظاتٍ عابرة.
_______________________
مسكوا كارونن! ورعي المسكين!!
يع يع يعي يع واضح الفصول الجايه نرفزه 😭
كان واضح اصلا فصول أمس كانت هدوء ماقبل العاصفة
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 79"