لكنه كان خائفًا من أنها قد تختفي من أمامه في اللحظة التي يترك يدها فيها.
فتح فمه ببطء وتحدث،
“هل…..هل تشعرين بعدم الارتياح، يا سيدة إيلين؟”
هزّت إيلين رأسها بسرعة.
“أبدًا، أبدًا لا، سموك فريدين.”
“.……”
“ليس ذلك حقاً، فقط…..شعرت ببعض الارتباك…..وإن كان هذا بسبب ذكرياتكَ من الماضي، فلا داعي لأن تفعل هذا، لا بأس حقًا.”
شحب وجه فريدين فجأة. لأنه أدرك لتوّه أن إيلين فهمت الأمور بشكلٍ خاطئ.
“لا، يا آنسة إيلين. هذا ليس بسبب ذكرياتي من الماضي.”
رفعت إيلين رأسها ونظرت إليه مجددًا.
إن لم يكن بسبب الماضي، فبسبب ماذا إذاً؟
“أنا فقط…..لا أعرف متى بدأت أشعر بهذه المشاعر بالضبط…..قبل أن تطلبي مني الخطوبة رأيتكِ في الأكاديمية. رؤيتكِ تبكين أمام قبر القطة جعلتني أعتقد أنه من المستحيل أن تكوني شخصاً سيئاً.”
‘كان ذلك في الماضي البعيد، قبل حتى أن أحبكِ.’
“منذ ذلك الحين بدأت أتساءل عن نوع الشخص الذي أنتِ عليه…..وبدأت أحبكِ ببطء.”
“منذ ذلك الحين…..بدأتَ..…”
عندما سمعت كلماته، أدركت إيلين لماذا كان فردين لطيفاً معها إلى ذلك الحد. ولماذا ضحّى بنفسه من أجلها في الحياة السابقة.
ولهذا لم تستطع أن تتحمل أكثر.
“أريد أن أكون معكِ يا إيلين، أريد أن أعرفكِ أكثر.”
عندما قال فريدين ذلك، خفضت إيلين رأسها. فلم تكن تعرف ماذا تقول له.
“أعلم أن إيلين لن تتوقف هنا. لذا من فضلكِ دَعيني أساعدكِ.”
كان فريدين ينوي الانتظار حتى تجيب إيلين. لكن انتظاره لم يدم طويلاً كما ظن. فقد اقترب صوت خطواتٍ منهما.
حولت إيلين نظرها نحو مصدر الصوت. و كانا هناك الآنسة أسيلي و كارون يحدقان بهما بوجهين مصدومين.
“فريدين؟”
راقبت الآنسة فريدين وإيلين بنظرة غريبة، فقد كانت الأجواء بينهما غير طبيعية.
“أختي؟ كنتِ مع سموه فريدين؟ لقد اختفيتِ فجأة و..…”
“السيد كارون! لنعد فوراً!”
بدأت الآنسة التي كانت تقف بجانبه تجر كارون بعناد. فنظر كارون إليها باستغراب.
تصرفها كان غريباً، خاصةً بعد أن كانت قبل قليل قلقة من أن تكون إيلين قد ارتكبت شيئاً خاطئاً بسبب الثمالة.
“نعود؟ لكنكِ أنتِ من قلتِ أن علينا أن نجد أختي بسرعة. و قلتِ أنه لا ينبغي لها أن تبقى في الخارج في هذا الطقس البارد..…”
أدارت الآنسة عينيها وكأنها عاجزةٌ عن الرد. فقد كان كلام كارون صحيحاً.
كما قال، قبل أن يأتوا إلى هنا كانت الآنسة قد انفجرت في وجهه غضباً.
قلقت من أن تصاب إيلين بالزكام في هذا الجو البارد، وأصرت على الخروج فوراً للبحث عنها.
“لكن ما الذي كنتما تفعلانه بالضبط؟ يبدو أن الطقس البارد هو السبب، خديكما محمر. هيا، ادخلا إلى الداخل.”
عند كلام كارون، قرصته الآنسة في ذراعه. لكن كارون ظل غير مدركٍ لتصرفاتها، واكتفى بالعبوس من الألم الذي شعر به في ذراعه.
ثم نظر إلى فريدين بنظرة حادة وكأن شيئاً ما يثير الشك.
لم يعرف السبب تحديداً، لكنه شعر بالانزعاج.
“السيد كارون…..أعلم أنك تفتقر إلى الفطنة، لكن..…”
عجزت الآنسة عن إكمال كلامها. فقد تحركت إيلين بعدما سمعت كلام كارون.
“سموك فريدين، لنذهب نحن أيضاً إلى الداخل.”
اتجهت نظرات فريدين نحو كارون. وعند رؤيته تلك النظرة القاسية، ارتجف كارون قليلاً.
كانت إيلين على وشك المغادرة، لكنها التفتت إلى فريدين بوجهٍ يعبّر عن قرار حاسم،
“سأفكر قليلاً….وسأخبركَ بعد عدة أيام.”
أشرق وجه فريدين بكلمات إيلين. وسألها وكأنه يريد تأكيداً،
“بعد عدة أيام، أليس كذلك؟”
“نعم، حينها…..سأقول لكَ كل شيء.”
قرر فريدين أن يكتفي بذلك الجواب مؤقتاً. وعندها فقط ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ خفيفة.
***
عادوا جميعاً إلى قاعة الاحتفال الصغيرة. و كان بعض الأشخاص قد غفوا بالفعل على الأرائك أو الطاولات.
نظرت إيلين إلى فردين بصمت.
لقد ظل طوال الحفل يخبرها بألا ترهق نفسها.
“ما زلتِ لم تتعافي تماماً. لا حاجة لأن تجامليهم أو تختلطي بهم.”
باستثناء كارون، الذي لم يبلغ العشرين بعد، كان الجميع يشربون بنشاط. وكانت الآنسة أكثرهم سعادة على ما يبدو، فقد كانت تضحك بصوتٍ عال وهي تحدّق في آمون بنظرات مرعبة.
وضع آمون كأسه المملوء بالشراب على الطاولة وأعلن استسلامه، ثم بدأ يتفاداها بوجهٍ متجهمٍ من الخوف.
“لقد تعرض الكثير من فرسان الفيلق الأول للأذى أثناء محاولتهم مجاراتها.”
“الآنسة أسيلي؟”
“إنها مدمنة على الشرب. ربما لأن لديها طاقة روحية قوية، فهي تستطيع الشرب أكثر من معظم الفرسان المعروفين بشدة تحملهم.”
كما قال فردين، كانت الآنسة أسيلي مدمنة على الكحول بحق.
أنهى آمون التحدي معها وهو يترنح، ثم غطّ في النوم سريعاً. فنظرت إليه الآنسة وهو نائم ونقرت لسانها بازدراء، قائلة أنه ضعيف.
تمتم ديريك بذهول وكأن الأمر لا يُصدّق.
“لم أكن أعلم أن السيدة القديسة كانت هكذا..…”
كانت إيلين تحدّق في المشهد بشرود. و لم تستوعب بعد أن فريدين يعتني بها بهذا الشكل، أو أنها أصبحت مندمجةً بهذه السلاسة مع فرسانه.
‘لقد أفقتُ تماماً.’
في الواقع، عندما كانت تتحدث مع فردين على الشرفة، كانت قد استعادت وعيها بالكامل.
لا، في الحقيقة، كان ذلك منذ اللحظة التي قبّلها فيها مجدداً.
احمرّ وجه إيلين قليلاً. رغم أنها أفاقت من أثر الكحول، لم تفهم سبب ارتفاع حرارتها. فقرصت خدها للحظة.
‘ألم.’
وهذا يعني…..أنه لم يكن حلماً.
لقد قال أنه يحبها. قال أنه يريد أن يكون معها.
هل يمكن حقاً أن تكون معه؟
حقاً؟
شعر فريدين بنظرات إيلين فاستدار لينظر إليها. ورأت أنه يبتسم لها.
كانت هناك فترةٌ من حياتها عاشت فيها فقط لتحمي ابتسامته. والآن، لم يتغير شيء.
‘لكن..…’
نظرت إيلين إلى يديها.
قال فريدين إن مشاعره لا علاقة لها بذكرياته من الماضي، لكن إيلين التي رآها في ذلك الماضي، وإيلين التي تقف الآن، كانتا شخصين مختلفين تماماً.
حتى بعد أن يعرف حقيقتها…..هل سيظل يقول أنه يريد البقاء معها؟
رغم أنها كانت تعلم أن الأمل قد يجلب خيبة أمل أكبر، فإنها شعرت ببذرة رجاء بدأت تنبت في قلبها بالفعل.
حين ينتهي كل شيء، ربما سيكون من الجيد أن تكون مع فريدين، كما قال.
ما دام هو بخير بذلك، فإن إيلين ستكون سعيدةً أينما ذهبت.
نظرت إيلين إلى وجه فريدين المبتسم بهدوء.
ثم بدأ فرسانه الاحتياطيون يضحكون معه أيضاً. وبدون أن تشعر، انضمت إيلين إلى ضحكاتهم.
كان ذلك أحد الأيام السعيدة.
***
انتشر خبر نجاح إيلين في امتحان الترقية انتشار النار في الهشيم. حتى أنه لم يبقَ أحد في الإمبراطورية لم يسمع بأنها تجاوزت الامتحان.
في ذلك الوقت تقريباً، كانت كوريلليا قد دُعيت إلى حفل يُقام في القصر الإمبراطوري وذهبت لحضوره.
كان ذلك حفلاً اجتمع فيه كبار شخصيات العائلة الإمبراطورية. وكما هو متوقع، كان الجميع يتحدثون عن إيلين ليسيروس.
“السيدة كوريليا، هل سمعتِ الأخبار؟! يُقال أن إيلين ليسيروس اجتازت اختبار الترقية في الغرب!!”
بدأ الناس يتجمعون حول كوريليا.
لو كانت كوريليا القديمة، لكانت قد ارتسمت على وجهها نظرة فخر ومثّلت الدور بإتقان. لكن الآن لم تكن كذلك.
“نعم، سمعت بالأمر أيضاً. إنه حقاً أمرٌ رائع..…”
عند ردها هذا، أصغى كل من في قاعة الحفل لكلماتها باهتمامٍ شديد.
كان الدوق أسيلي حاضراً أيضاً في ذلك الحفل. وعندما ذُكر اسم إيلين، لم يستطع إلا أن يصغي بدوره.
‘مذهلةٌ حقاً.’
كان دوق آشلي يتوقع أن تنجح إيلين في اختبار الترقية في الغرب، لكن أن يتحول ذلك التوقع إلى واقع، فقد شكّل مفاجأةً من نوع مختلف.
‘لا بد أن أتخذها تلميذةً لي.’
رغم أن أمر التلمذة تأخرت بسبب اختبار الترقية، فقد قرر أن يعرض عليها ذلك فور انتهاء هذا الحفل الذي ينظمه الإمبراطور بلا فائدة.
تحولت نظراته بخفة نحو كوريليا. و ضيّق الدوق أسيلي عينيه، إذ شعر بشيءٍ غريب ومزعج ينبعث منها.
“سيدة كوريليا، ألم تذهب إيلين ليسيروس إلى قسم السيف بسبب الأمير فريدين؟”
“صحيح، لقد كانت تتدرب على فنون السيف منذ صغرها في منزل الماركيز، أليس كذلك؟”
راقب الدوق أسيلي المشهد من بعيد وسخر بابتسامة ساخرة.
كان هؤلاء الناس ممن لا يفوتون فرصة للنيل من إيلين. ومع ذلك، ها هم الآن يُبدون اهتماماً بها أكثر من أي أحدٍ آخر.
حتى الفارس الأول، الذي كان يقف بجانبه، عبس وهو يراقبهم.
“يا لهم من أشخاص منافقين حقاً.”
لم يكن الدوق أسيلي من النوع الذي يستمتع باغتياب الآخرين، لكن في تلك اللحظة لم يستطع إلا أن يوافقه بالرأس.
___________________
نمط تنزيلي للفصول ينرفز يا يوقف عند حدث يحمس يا حدث فيه وجه كوريليا وديتريون😭
المهم ابتسامة فريدين لإيلين في قلبي وناااااااااااااسه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 78"