صوت الآنسة أسيلي وهي تصرخ في وجه هيليكس ارتفع بوضوح،
“هيليكس إزارت، أخبرني ماذا أدركتَ هناك في الغرب!”
“نعم، كل الخطأ كان خطئي.”
“أنت شخصٌ فظيع حقًا.”
“وأنا أعتقد أنني شخص فظيعٌ بالفعل.”
ارتفع صوت آمون ساخرًا وهو يضحك على هيليكس الذي كان يتلقى التوبيخ من الآنسة أسيلي.
أما ديريك، فبدا عليه الحماس وهو يرى الشراب الذي كان فيردين يجمعه يُستهلك أخيرًا. و حتى كارون أصبح يندمج معهم شيئًا فشيئًا.
كان الجو يبدو وكأنه مشهدٌ من حياةٍ سعيدة.
وضعت إيلين يدها على خدها. و أحسّت بحرارة بشرتها تزداد.
رغم أنها لم تشرب سوى بضع كؤوس، بدأ تأثير الشراب يظهر عليها. فتركت فرقة الفرسان المتدربين خلفها وخرجت إلى الخارج، بينما لا تزال تحمل كأس النبيذ في يدها.
كانت تنوي فقط أن تستنشق بعض الهواء وتستعيد وعيها.
هبت ريحٌ باردة تخترق العظام. و جلست إيلين على السور، وأسندت رأسها إلى العمود وهي تفكر في ما يجب أن تفعله بعد ذلك.
‘الآن…..يجب أن أذهب لإنقاذ والدي.’
لم يتبقَّ لها الكثير من الوقت للبقاء في الأكاديمية. و الذهاب لإنقاذ والدها يعني أنها ستضطر لمواجهة كورِيليا، لا محالة.
ما فعلته شارلوت في الغرب قد تأكد تمامًا. وكل ما رأته حتى الآن كان مجرد لمحات بسيطة خلال مرورها هناك.
قد يكون هناك شيء أكثر خطورة ورعبًا في ذلك الموقع الخلفي الذي ظلوا يمكثون فيه.
كانت إيلين تنوي الذهاب إلى هناك وحدها رغم معرفتها بذلك. و ربما لو علم كارون بما تفكر به، لغضب عليها، وقال كيف تتركه وتذهب وحدها.
لكن إيلين لم تكن تنوي إخبار لا فرقة الفرسان الاحتياطية لفريدين، ولا كارون، بل حتى فريدين نفسه، بخطتها.
لأن هذا الأمر يجب أن تتحمله وحدها.
إيلين التي كانت مستندةً إلى العمود وغارقة في التفكير، شعرت بأن جسدها بدأ يخرج عن السيطرة.
كانت جفونها ثقيلةً جدًا حتى أُغلقت عيناها من تلقاء نفسها. وغرقت في النوم كما هي.
“السيدة إيلين.”
استيقظت إيلين على صوتٍ يناديها. و كان فريدين واقفًا أمامها بعينين مليئتين بالقلق.
‘آه، ما أجمله.’
فكرت إيلين فجأة بذلك. تلك العينان الزرقاوان اللتان تنظران إليها، وذلك الشعر الأشقر الجميل الذي يغمره ضوء القمر.
كأنه تحفةٌ فنية صنعها أحد أعظم الحرفيين في العصر.
“بحثت عنكِ بعد أن اختفيت من مكانكِ.”
مدّت إيلين يدها نحوه دون أن تشعر. فلامست يدها خد فريدين، حتى اتساع عينيه بدهشة بدا جميلًا.
“هل هذا حلم؟”
“نعم؟”
“أصبحتُ أرى أحلامًا كثيرة مؤخرًا.”
قالت إيلين ذلك ثم أمسكت بيد فريدين وجذبته نحوها.
اقترب منها فريدين دون أن يفهم ما يحدث. واحمرّ وجه إيلين كما لو أنه صُبغ بعصارة زهرة.
“الغريب في الأمر أنني كنت أرى كوابيس فقط…..أما الآن فأرى أحلامًا جميلةً فقط.”
وضع فريدين يده على جبين إيلين. كان وجهها دافئًا.
فتحدث إليها بقلق في عينيه،
“من الأفضل أن تعودي إلى الداخل..…”
“أن يظهر فريدين في حلمي..…”
لم يتمكن فريدين من إتمام كلامه، لأنها سحبت يده التي كانت على جبينها وشبكت أصابعها بأصابعه.
نظر فريدين في عيني إيلين. و كانت عيناها شبه مغلقتين من أثر النعاس.
تأكدت إيلين من أنه جلس إلى جوارها، فنهضت قليلًا وطبعت قبلةً على جبينه.
كانت لحظةً قصيرة لدرجة أنها لم تكن متأكدةً إن كانت قد حدثت حقًا.
قبلةٌ على الجبين، وأخرى على الخد، ثم على الشفاه…..
تجمد فريدين في مكانه من شدة الدهشة، ثم أمسك بإيلين التي كانت تبتعد عنه دون وعي منه.
كان يحاول الصبر باستمرار. و كان يريد انتظارها حتى يتسنى لها التفكير في مشاعرها.
كان يتذكر نظرتها المربكة حين اعترف لها بحبه. و ظل يفكر ويتأمل مرارًا كم كان ذلك عبئًا عليها حين قال أنه أحبها في الماضي، حين قالت أنها تتذكره.
لكن بمجرد أن لامست شفاهها شفتيه، لم يعد قادرًا على كبح نفسه.
***
كانت إيلين في حالةٍ من الارتباك.
“لماذا أشعر بهذا الإحساس الغريب؟”
كان هناك شعورٌ دافئ كان يملأها.
“هذا بالتأكيد حلم…..لكن إن لم يكن حلمًا، فلا معنى لما يحدث..…”
كانت يد فردين تمسك بخدها، وعيناه المنخفضتان تنظران إليها.
شعرت إيلين بأن قواها تخور. فما الذي حدث للتو؟
لقد قبّلها فريدين بينما كان يحتضنها بإحكام، فشعرت إيلبن بأن عقلها أصبح أبيض تمامًا.
في الوقت نفسه، أحست وكأن دماغها يذوب. و كادت تسقط من ضعفها، لكن فريدين أمسك بها.
كانت ذراعه القوية تسند خصرها. فشعرت وكأن العالم يدور من حولها.
لماذا يفعل هذا؟
شعورٌ غريب بدأ من شفتيها وامتد إلى كل موضع لامسته يده، وكل تلك المواضع أصبحت دافئة.
إحساسٌ مدهش بدأ ينتشر من داخل بطنها، كان شعورًا غريبًا عليها.
كان الإحساس غريبًا جدًا، وكأن كل شيء في هذا العالم يذوب ويتلاشى.
“هاه…..”
صدر منها هذا الصوت دون وعي، واحمرّ وجهها خجلًا.
نظرت إلى فريدين مباشرة. فكان وجهها ينعكس في عينيه.
كان وجهها أحمر بدرجةٍ لا يمكن أن يزداد أكثر.
وحين ابتعدت شفاههما للحظة، لم تستطع إلا أن تسأله دون وعي.
“هذا…..ألم يكن هذا حلمًا؟”
ردّ فريدين بقبلةٍ خفيفة أخرى وهو يتحدث،
“نعم، ليس حلمًا.”
شعرت إيلين بالارتباك.
كانت تظن أنها شربت الخمر ونامت، وأنها تحلم—حلماً سعيداً مثل ذلك الذي رأته عندما التقت بتيتي.
لكن، هل يعقل أن فريدين قبّلها رغم أن هذا ليس حلماً؟
لم تستطع إيلين متابعة تفكيرها، لأن فريدين عمّق القبلة أكثر.
شعورٌ مذهل جعلها غير قادرة على التفكير. و أصبح ذهنها مشوشًا وتنفسها متسارعًا.
شعرت وكأنها تفقد السيطرة على نفسها. ولو لم تسمع صوت آمون، لبقيت مجمدةً في مكانها.
“فريدين! إيلين! إلى أين اختفيتما؟”
قفزت إيلين من مكانها وقد أصابها الذعر، ودفعته بعيدًا عنها. حتى هو بدا عليه التأثر والدهشة وهو يبتعد عنها.
“السيدة إيلين، أنا..…”
“لا، أنا آسفة، سموك فريدين.”
ندمت إيلين على شربها للنبيذ ونومها في الخارج.
كان طعم النبيذ حلوًا لدرجة لا تُصدق، وكانت مرهقةً من جدول الأيام الماضية. لكن كل تلك الأعذار لم تكن سوى مبرراتٍ واهية.
غطّت إيلين وجهها بيديها.
‘ما الذي فعلته به بحق؟’
لم يكن لدى إيلين ما تقوله و حتى لو شتمها فريدين لا بأس. فهي من اقتربت فجأةً وقبّلته كما تشاء.
لقد نسيت تمامًا في تلك اللحظة أن فريدين هو من بادر بالقبلة بعدها. و بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها.
لم يعد لديها عذر حتى لو احتقرها فريدين بالكامل الآن.
اقترب فريدين منها، لكن إيلين هزّت رأسها.
“أنا آسفة…..كنت أظنه حلمًا. أعلم أن هذا عذرٌ غير منطقي..…آسفة، لا بد أنكَ كرهت الأمر، لقد تصرفتُ من تلقاء نفسي…”
كان قلبها يخفق بجنون. و خشيت أن ينفجر قلبها ويخرج من صدرها.
لكن فريدين هزّ رأسه نافيًا ردًا على كلماتها.
“فريدين!”
كان صوت آمون يقترب أكثر فأكثر.
“أين أنتما؟”
بعد لحظة من التفكير، أمسك فريدين بإيلين وأخفى جسديهما.
مرّ آمون من خلفهما وهو لا يدري أنهما مختبئان خلف العمود.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 77"