إذا انتشرت شائعة بأن إيلين ليسيروس استخدمت السحر الأسود، فإن سمعتها ستنهار إلى حدٍّ لا يمكن إصلاحه أبدًا.
“بأمرٍ من جلالة الإمبراطور، أُرسلت فرقة الفرسان للعثور على إيلين ليسيروس، لكنها أُبيدت بالكامل. انشر هذا الخبر بهذه الصورة.”
في اللحظة التي سمع فيها الفارس هذه الكلمات، أدرك فوراً ما عليه فعله.
لم تكن الحقيقة تهمه. ففي النهاية، أولئك الذين ازدادت قوتهم باستخدام أحجار المانا المصنوعة بالسحر الأسود، يصعب كشف حقيقتهم قبل أن يفقدوا السيطرة.
“أمرك، سموك.”
***
ساحة التدريب في أكاديمية أتينس.
“يقولون إن إيلين ليسيروس قد عادت!”
بمجرد أن قال أحد المتدربين ذلك، سادت الهمهمات في ساحة التدريب.
“إذًا، كانت الشائعات صحيحة.”
“لقد اجتازت امتحان الترقية!”
ما إن انتهى من كلامه، حتى بدأ توتر غريب يسود الأجواء.
امتحان الترقية في الغرب. كان حلمًا يراود الفرسان الموهوبين، ومهمة يحاولون خوضها ولو لمرة.
لكن معظم من خاضوا هذا الامتحان، فقدوا حياتهم. وبات يُعتبر الآن تحديًا طائشًا، ولم يعد هناك كثيرون يجرؤون عليه.
حتى الدوق أسيلي نفسه خاض امتحان الترقية الرسمي، لذا كانت نتيجة ترقية إيلين تُعد رقمًا قياسيًا.
بعضهم أبدى إعجابه بصراحة، بينما بدا الحسد في عيون البعض الآخر.
لكن الحديث لم يتوقف عند هذا الحد.
“لكن سمعت أيضًا شائعةً غريبة.”
“شائعةً غريبة؟”
“يقال إن إيلين ليسيروس قتلت الفرسان المتقدمين الذين أرسلهم الإمبراطور لنقل أوامره.”
“ويُقال أيضًا إنها ازدادت قوةً باستخدام السحر الأسود.”
بعد هذه الكلمات، لم يتجرأ أي من المتدربين على التحدث مجددًا.
أن تنجح في امتحان الترقية في الغرب كان أمرًا مدهشًا بحد ذاته، أما أن تقتل فرسانًا متقدمين؟
“هل هذا صحيح؟”
“نعم، سمعت أن ذلك حدث في قريةٍ بالقرب من الأكاديمية.”
“هل كان فارسًا واحدًا؟”
“كانوا خمسةً على الأقل.”
“هذا مستحيل، كيف يمكنها فعل ذلك وهي ليست حتى سيدة سيف؟”
رفع بعض طلاب قسم المبارزة أصواتهم محتجين.
“إذًا، ألا تكون تلك الشائعات صحيحة؟ أنها ازدادت قوةً باستخدام السحر الأسود..…”
لكن ما إن قال أحد الطلاب ذلك، حتى خيم الصمت مجددًا على ساحة التدريب.
“توقّف عن هذا الهراء.”
القائل كان كارون.
كان يستمع لحديث المتدربين من أحد أركان الساحة، وقد بلغ به الأمر حد السخرية.
“هل أعماكم الحسد؟ ألا تشعرون بالخزي كفرسان؟ بدلًا من تلفيق الأكاذيب، لماذا لا تكرسون وقتكم للتدريب؟”
“لكن يا كارون ليسيروس! أنتَ أيضًا قلت ذلك سابقًا. أن إيلين ليسيروس لم تمسك سيفًا من قبل.”
“…….”
“لقد قلتَ أنها لا تهتم بالسيوف. الجميع في هذه الإمبراطورية يعرف ذلك.”
“وماذا بعد؟ ما الذي تحاول قوله؟”
ردًا على كلام كارون، صاح أحد الفرسان بانفعال.
“كيف يمكن أن تصبح قويةً فجأة هكذا؟ حتى لو قيل إن السيف اختارها، هل هذا شيءٌ ممكن؟”
نهض كارون واقفًا. وبسبب حركته المفاجئة، ارتبك الفارس الذي كان أمامه وتراجع إلى الوراء.
ثم بدأ كارون يتحدث بنبرةٍ حادة.
“كلامكَ هذا بمثابة إهانةٍ كاملة لعائلة ليسيروس الماركيزية. هل تستطيع تحمّل مسؤولية ما قلت؟”
لم يجرؤ أيٌ من المتدربين على قول كلمة بعد هذا الكلام الحاد. لكن رغم ذلك، فإن الشكوك التي بدأت تنبت لن تختفي بهذه السهولة.
أخذ كارون سيفه، ثم استدار دون تردد.
كانت الشائعات مزعجة، لكن على الأقل، عرف من خلالها أن إيلين وصلت إلى الأكاديمية سالمة. فأسرع بخطاه.
***
توجه كارون إلى القاعة الرئيسية في الأكاديمية. كان واثقًا من أن إيلين ستكون هناك.
وكما توقع، رأى إيلين وهي محاصرة من قبل الآنسة أسيلي وآمون.
و كانت الآنسة تتشبث بخصر إيلين وتكاد تنهار من البكاء.
“السيدة إيلين، كيف لكِ أن تذهبي إلى امتحان الترقية في الغرب دون توديعي؟ هل تعلمين كم حزنت عندما سمعت الخبر؟”
أما كارون، فكان ينظر إلى الآنسة بعينين جافتين، خاليتين من أي شعور.
فرقة الفرسان المتدربين التابعة لفريدين بدأت تدرك تدريجيًا حقيقة شخصية الآنسة.
فبعد مغادرة إيلين، لم تعد الآنسة تحاول إخفاء حقيقتها عن المتدربين في فرقة الفرسان.
“تلقيتُ الأمر بشكلٍ مفاجئ، أعتذر.”
ردت إيلين، فارتبكت الآنسة وأجابت بسرعة.
“لا، لا ألومكِ يا سيدة إيلين…..فقط، أخبريني في المرة القادمة، أرجوكِ.”
وبينما كانت تتلوى بخجل وهي تقول ذلك، هزّ آمون رأسه بيأس.
أما ديريك، فبدا أنه لم يعتد بعد على تصرفات الآنسة، ولم يستطع إخفاء صدمته.
وقف كارون مكتوف الأيدي وهو يحدق في إيلين بهدوء. بينما كانت محاطةً بأفراد فرقة الفرسان المتدربين، ويبدو عليها السعادة حقًا.
كم مرّ من الوقت منذ أن رآها تبتسم بهذا الشكل؟
وفوق ذلك، وكما وعدته، عادت سالمة.
‘هل أصيبت بجراحٍ خطيرة؟’
لكن سرعان ما ظهرت علامات القلق على وجه كارون حين رأى الضمادات تلتف حول يدها وداخل كمّها عندما لمحها للحظة.
لقد أُصيبت في الغرب.
“أختي..…”
“كارون!”
ابتسمت إيلين ابتسامةً مشرقة وهي تنظر إلى كارون.
كانت نفس الابتسامة التي اعتادت أن تبتسمها له حين كانت تقرأ له القصص وهو صغير.
“لقد أصبحتَ أقوى كثيرًا منذ آخر مرة رأيتكَ فيها.”
“…….”
“لكن لا ترهق جسدكَ أكثر من اللازم.”
تفاجأ كارون من كلماتها. فكما قالت، لقد أصبح أقوى بالفعل، بعد أن بلغ مرحلةً من الإدراك والتطور، نتيجة التدريب القاسي الذي استمر به بعد مغادرتها.
لكنها عرفت ذلك بنظرةٍ واحدة فقط.
خفض كارون عينيه وتنهد بعمق.
رغم كل تدريبه، شعر فجأةً كم لا يزال بعيدًا عن أن يكون عونًا لها.
“هذا ما كنت أود قوله لكِ…..لم تُصابي بجراح خطيرة، أليس كذلك؟”
قال كارون ذلك وهو لا يزيح نظره عن جراح إيلين.
“لقد عُولجت كل الجراح قبل عودتي من الغرب. فلم يكن بوسعي تفادي القتال مع الوحوش.”
لم تكن مجرد وحوش…..بل كانت مجموعةً كاملة منهم. لكن إيلين لم تكن تنوي إخبار كارون بهذه الحقيقة.
“ليست إصاباتاً خطيرة، لا تقلق.”
رغم كلماتها، ظلّت ملامح كارون حزينةً. ثم نظر إلى الآنسة الواقفة بجانب إيلين.
لو أن جراح إيلين كانت قابلة للشفاء بالقوة المقدسة، لما بقيت الآنشة ساكنة دون أن تفعل شيئًا.
‘إذاً، لقد استُخدمت القوة المقدسة بالفعل.’
كانت الآنسة أسيلي تكتفي بلمس يد إيلين وهي واقفة إلى جانبها.
ربما كانت الإصابات من النوع الذي لا يُشفى بالقوة المقدسة. فلم يستطع كارون كتم شكوكه.
‘لا يمكن أن تكون أُصيبت بهذا الشكل من مجرد وحوش، ليس بمستواها…..لا بد أن ما جرى في الغرب لم يكن مجرد امتحان ترقية. لا شك أنها كانت تقوم بشيءٍ آخر هناك.’
جلس كارون قبالة إيلين. كان يريد أن يسألها فورًا عمّا حدث هناك، في الغرب. لكنها عادت للتو، وكانت تتحدث مع الناس من حولها، ولم يرد أن يزيد من تعبها.
فبدلاً من توجيه الأسئلة، نظر كارون إلى هيليكس بنظرة مستاءة. فقد كان قريبًا جدًا منها، كأنه فارسها الشخصي، وهذا أزعجه.
‘قبل أن تذهب إلى الغرب، كان يكرهها يشدة.’
زاد فضوله حول ما الذي تغيّر في الغرب وجعل ذلك الفتى الوقح يتصرف بهذا الشكل الآن.
في تلك اللحظة، صاحت الآنسة أسيلي وهي تصفق بفرح.
“لنقم بحفلةٍ اليوم!”
“حفلة؟”
“نعم، علينا أن نحتفل بإتمام السيدة إيلين لمهمة امتحان الترقية.”
قالت الآنسة أسيلي ذلك بابتسامةٍ ماكرة.
كانت إيلين تكره الحفلات، لأنها لم تكن سوى وقت مؤلم بالنسبة لها. و باستثناء مأدبة النصر بعد حملة الإبادة، لم تحضر حفلات القصر إلا عندما كانت تُسحب قسرًا من قبل كورِيليا.
وحين تذكرت ذلك وبقيت صامتة، أمسكت الآنسة أسيلي بذراعها ونظرت إليها بمكر.
ثم جذبتها نحو خزانةٍ في داخل قاعة الاجتماعات.
“أحضرت هذا من مكتب فريدين بنفسي.”
وكان لدى الآنسة سرٌ آخر…..كانت مدمنةً على الشراب. شخصيتها كانت على النقيض تمامًا مما يتخيله الناس عن “القديسة” المثالية.
كثيرًا ما كانت زجاجات النبيذ، التي تُقدم لفريدين كهدية وتُترك في مكتبه، تختفي، وكانت الفاعلة دومًا هي الآنسة أسيلي.
وعندما رآها هيليكس تحدث،
“في الأكاديمية يُمنع الشرب، سيدتي القديسة.”
“اليوم استثناء.”
“لا وجود للاستثناءات، مع ذلك..…”
رغم كلمات هيليكس، تجاهلت الآنسة كلامه تمامًا ورفعت زجاجة الشراب. فهزّ رأسه وكأنه استسلم للأمر الواقع.
***
“فريدين سيتأخر قليلًا، لديه بعض الأمور العالقة. قال أن نبدأ الشرب من دونه.”
كانت إيلين تحتسي الشراب من كأس النبيذ ببطء.
في حياتها السابقة، كانت تستمتع بالشرب كثيرًا.
و في حياتها الثالثة، كانت الحرب ضد الوحوش تستنزف الجميع. فمعظم معظم الفرسان كانوا يشربون لتخفيف آلامهم النفسية، وكانت إيلين تفعل الشيء نفسه.
احمرّ وجه إيلين تدريجيًا. عندها أدركت أنها لم تشرب الكحول أبدًا في هذا الجسد من قبل.
كانت قد نسيت ذلك تمامًا لأن الجميع من حولها كانوا يشربون بشكلٍ طبيعي.
___________________
أبي فريدين يجي يشوفها وهي كذا 😭
المهم الظاهر طلعتهم من الاشاعات ذي آخر حدث بعدها الانتقام؟ يمكن
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 76"