“نعتذر لكِ، السيدة إيلين. لم نتمكن حتى من التعرف عليكِ……”
“….…”
“ظننا أنكِ عاجزةٌ عن النهوض بسبـبنا……”
“السيدة إيزيس؟”
“رجاءً، ناديني إيزيس فقط.”
“نعم؟”
“هل يزعجكِ ذلك؟”
بدت ملامح إيزيس قاتمةً وكأنها تلوم نفسها وهي تقول ذلك.
شعرت إيلين بارتباكٍ حقيقي. و لم تستطع فهم سبب معاملتها المهذبة لها بهذا الشكل.
هل يعقل أنها تعتبرها منقذةً لحياتها؟
“كما توقعت، أنا المشكلة. فشخصٌ مثلي من الأفضل أن……”
“لا، لا، الأمر ليس كذلك. إيزيس……سأناديكِ إيزيس.”
بمجرد أن أنهت إيلين كلامها، ارتسمت على وجه إيزيس ابتسامةٌ توحي بالارتياح.
هل كانت شخصيتها هكذا دائمًا؟
لم تكن إيلين تدري كيف يجب أن تتعامل معها.
“أشكركِ حقًا، السيدة إيلين.”
قالت إيزيس ذلك وهي تبدو سعيدةً بصدق. لكن إيلين لم تستطع التخلص من شعور بأنها خُدعت بطريقةٍ ما.
غير أن الأمور الغريبة لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد وقتٍ قصير، دخل هيليكس أيضًا إلى غرفتها، وتصرف تمامًا مثل إيزيس.
بدأ يتحدث معتذرًا وشاكرًا لها لفترةٍ طويلة. و لم تستطع إيلين أن تفهم ما الذي غيّر مشاعرهم بهذا الشكل.
“السيدة إيلين، هل يمكنني أن آخذ هذا الدواء؟”
الدواء الذي أحضرته إيلين والمحفوظ في زجاجة، تولّت إيزيس أمره. أما المذكرات، فقد أخذها هيليكس بنفسه، وقال أنه سيبلغ بها فريدين.
كانت إيلين تنوي في الأصل مغادرة الغرب فور استعادتها لوعيها. لكن إيزيس أوقفتها عن ذلك.
وكذلك فعل كهنة الغرب. فقد كانوا يعتبرونها المنقذة التي أنقذت حياة إيزيس وهيليكس.
تحدثت إيزيس بنبرةٍ لا تقبل الجدل وهي تنظر إليها،
“مستحيل. يجب أن تستريحي على الأقل لأسبوع.”
“….…”
“عليكِ أن تفكري في صحتكِ!”
“….…”
“عليكِ أن تركزي على التعافي في الوقت الحالي، فهمتِ؟”
اكتشفت إيلين أن إيزيس أكثر كلامًا مما كانت تظن. لم تكن حقيقةً ترغب في معرفتها، لكنها لم تكره شعور أن يهتم بها أحد.
ولم تكن إيزيس وحدها من تهتم. فهيليكس بدأ يتبعها بصمتٍ في كل مكان. باستثناء وقت النوم أو الذهاب إلى الحمام، كان يحاول البقاء بجانبها طوال اليوم.
كان يشبه الجرو الذي يتبع صاحبه أينما ذهب.
“السيد هيليكس، ألا تشعر بالبرد؟”
“لا بأس. يعجبني هذا.”
ما الذي يعجبه بالضبط؟ لم تستطع إيلين فهم سبب وقوف هيليكس حارسًا أمام باب غرفتها.
كان من المفترض أنه يعلم أنها سيّدة سيوف. ورغم ذلك، كان يتصرف وكأن عليه حمايتها.
كانت إيلين تدرك أنه إن واجهت هي الخطر، فسيكون هيليكس أيضًا في خطر. لكنها لم تشأ أن تقول له ذلك.
ورغم أن ما يفعله لا داعي له، إلا أن شعورها باهتمامه بها جعلها لا تشعر بالسوء.
و بعد مرور أسبوع، بدأت إيلين أخيرًا تستعد للرحيل بشكلٍ جدي.
بعد أن تعافت تمامًا، كان أول ما قامت به هو إنشاء مقبرةٍ صغيرة في جانب من المعبد، بمساعدة هيليكس وإيزيس. كانت مقبرةً مخصصة للفرسان المجهولين الذين لم تُعرف أسماؤهم.
***
في وقتٍ متأخر من الليل، كانت إيلين تجمع أمتعتها.
‘يجب أن أرحل.’
لو قالت أنها لم تتعلق بالغرب، لكانت تكذب. لكن لم يكن بإمكانها البقاء هناك إلى الأبد.
كان هناك الكثير من الأمور التي يجب إنجازها، وأشخاصٌ كثيرون ينبغي إنقاذهم.
ولهذا السبب، كان لا بد أن يكون وقت الراحة قصيرًا دائمًا. لأنها إن استسلمت للسكينة، فقد ترغب في البقاء فيها.
لكن، أعداؤها لم يجعلوا إيلين وحدها تعاني.
‘لم تكن معركتي وحدي.’
كان هناك الكثير من الناس مرتبطين بجحيمها. وفوق ذلك، كان من المحتمل أن يكون والدها في هذه اللحظة محتجزًا في مكانٍ ما.
كانت قد شاركت في معركة الترقية بحثًا عن أدلةٍ بشأن موت هيليكس وفريدين، بطريقةٍ لا تثير الشك.
لكن بعدما عرفت خططهم، أصبح الأمر عاجلًا ولا يحتمل التأجيل.
‘لكن بما أن شارلوت ورايمون قد ماتا، فلن تتمكن كورِيليا من التحرك بسهولة.’
مع ذلك، لم تستطع إيلين الرحيل على الفور. فهيليكس وإيزيس كانا بانتظارها عند مدخل المعبد، وكأنهما كانا يعلمان أنها سترحل.
اقتربت إيزيس من إيلين أولاً،
“بما أنك أنهيتِ مهمة الترقية منذ فترة، كنا نعلم أنكِ سترحلين قريبًا.”
“لأن عليّ العودة إلى الأكاديمية.”
“صحيح……كنتُ أتمنى لو بقيتِ لترتاحي قليلًا.”
“….…”
“لكنها كانت أمنيةً أنانية منّي.”
قالت إيزيس ذلك بصوتٍ منخفض ووجهها يحمل مشاعر معقدة.
فتحت فمها وكأنه ستقول شيئًا، لكنها أغلقته من جديد. فلم يكن بوسعها التحدث بسهولة عن كلمات القديسة السابقة.
لقد أقسمت أمامها ألا تفشي لأحدٍ ما سمعته منها عن المستقبل. وكانت تشعر بالعجز لأنها لا تستطيع قول شيءٍ لإيلين.
كانت القديسة تتحدث كثيرًا عن إيلين. عن مدى لطفها، وطيبة قلبها، وجمال روحها.
كانت تتحدث عنها وكأنها لا تستطيع كتم فخرها بها، وكأنها لا تستطيع التوقف عن الحديث عنها أبداً، رغم معرفتها بأنها كانت تستهلك حياتها ببطء……
لم تستطع إيزيس حينها أن تفهم القديسة. حتى أنها قالت لها أنها تفهم ذلك، و عليها أن تتوقف فقط.
لكن، إيلين التي رأتها إيزيس كانت إنسانةً متألقة. والآن فقط فهمت لماذا لم تستطع القديسة التوقف عن الحديث عنها.
فهي أيضًا كانت تشعر بانفعالٍ كبير كلما نظرت إلى إيلين.
“شكرًا لكِ، السيدة إيلين. لولاكِ، لكان الغرب قد واجه خطرًا عظيمًا.”
“.……”
“شكرًا لكِ حقًا.”
عند سماع تلك الكلمات، أمسكت إيلين بسيفها المعلّق عند خصرها. فلم تعتد أبدًا على تلقي كلمات الشكر الصادقة، مهما تكررت.
“ما حدث في الغرب……لن يكون من السهل كشفه للعالم الخارجي.”
“….…”
“ما الذي جرى لهم، كم كان الأمر مؤسفًا، وماذا فعلتِ، السيدة إيلين……”
كانت ليلةً يضيئها ضوء القمر.
“لكننا سنتذكر. حتى يأتي ذلك اليوم……اليوم الذي يمكننا فيه قول الحقيقة كاملة.”
“….…”
“نعم، لنقول أنه كان هناك فرسانٌ هنا.”
لكن إيزيس كانت مطأطئة الرأس، فلم تستطع إيلين قراءة ملامحها جيدًا.
“رجالٌ لم يفقدوا كبرياءهم كفرسانٍ حتى في لحظة الموت، رجالٌ كانوا أكثر شرفًا من أي أحد.”
رفعت إيزيس رأسها ببطء.
“السيدة إيلين، هل يمكنكِ أن تصطحبي هيليكس معكِ؟”
“السيد هيليكس؟”
أومأ هيليكس، الذي كان يقف بجانب إيزيس، برأسه دون أن ينبس بكلمة.
كانت إيماءةً مليئة بالرغبة في مرافقة إيلين.
“سيأتي يوم، سيكون فيه عونًا لكِ، السيدة إيلين.”
***
خلال الأسابيع الماضية، كان فريدين يعيش أيامًا مزدحمة.
فالمنطقة الغربية كانت بطيئة في تداول الأخبار، ولم تكن هناك وسائل تواصلٍ كثيرة، سوى بعض القوافل التجارية التي تمر هناك أحيانًا.
لكن قبل عدة أيام، جاء ديريك حاملاً خبرًا وبملامح يملؤها الحماس.
“إيلين اجتازت اختبار الترقية في الغرب!”
كان ذلك ما نقله حارسٌ قادم من معبد الغرب. ومع ذلك، لم يكن فيردين قادرًا على الاطمئنان تمامًا.
‘آمل أنها لم تُصب خلال اختبار الترقية……رغم أنها سيدة سيف، لا يمكن معرفة ما قد يحدث.’
كلما توقف عن العمل ولو للحظة، كانت صورة إيلين تسيطر على تفكيره. و كانت أسوأ الاحتمالات تتردد في ذهنه بلا توقف.
“سأعود حتمًا.”
ذلك الوعد الذي تركته له إيلين، كان هو الشيء الوحيد الذي يدعمه ويمنحه القوة.
‘عليّ أن أثق بها.’
نظره انجذب للحظة إلى الرسالة التي كان يمسك بها.
منذ رحيل إيلين، بدأ تحقيقًا جديًا. كان يدور حول حجر المانا الأسود الذي كان من المفترض أن تستلمه ليليا من خادمة زوجة الماركيزة.
وقبل مدةٍ قصيرة، استطاع أخيرًا أن يتلقى اتصالًا من لِيليا.
فقد أنجزت المهمة التي أوكلها إليها سيد برج السحر، وأنهت طريق الاختبار بنجاح، ونالت اعتراف البرج بها. وبفضل دعم برج السحر، كانت تحريات لِيليا تتقدم بسرعة كبيرة.
تجمّدت ملامح فريدين وهو يقرأ الرسالة.
[قمتُ بالتحقيق مؤخرًا بالقرب من قصر الماركيز مع بعض الفرسان الذين دعمتَهم لي.
هناك شيءٌ غريب حقًا. أعتقد أن علينا الحديث وجهًا لوجهٍ بالتفصيل. آمل أن أتمكن من زيارتكَ في الأكاديمية قريبًا.]
***
كان الوضع غريبًا ومحرجًا بالنسبة لإيلين، كونها وحدها الآن مع هيليكس.
فهيليكس كان من النوع الصامت. ورغم مظهره النبيل كأبناء الأمراء، إلا أنه كان يفتقر لبعض المعارف العامة، مما يجعله أحيانًا يقول أشياء غير متوقعة.
كان بين حينٍ وآخر ينظر إليها وتحمّر أذناه، أو يُسمع خفقان قلبه يتسارع، لكن لم يكن يبدو أنه معجبٌ بها.
هل كان يراها كمثلٍ أعلى، كما يفعل بعض الفرسان الآخرين؟
فكرت قليلًا، لكنها هزّت رأسها سريعًا. فهيليكس ليس من النوع الذي يُعجب بالآخرين أو يضعهم في موضع القدوة، بعكس طلاب الأكاديمية الآخرين.
كان من الأرجح أنه يُشعل في نفسه روح التحدي بوصفه فارسًا، وهذا ما بدا أكثر منطقية.
‘كلام إيزيس عن أن هيليكس سيكون نافعًا يومًا ما……ما الذي كانت تقصده بذلك؟’
_______________________
اخيراً طلعت من الغرب راح التوتر
المهم هيليكس يضحك انجن الولد
اجل تحمر اذانيه عشانه عرفها؟ 😭 ياويلك من فريدين يا شيخ
خسارة يعني كذا متى تطلع ايزيس مره ثانيه؟ حبيتها😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 73"