لم يكن الخوف من حقيقة أنها ماتت. كان الخوف من أنها لن تستطيع بعد الآن حماية فريدين مهما حدث له.
يجب أن يكون الموت مصيرها على الأقل بعد أن تُحل كل الأمور.
‘انتهاء أمر الغرب لا يعني أن كل شيءٍ انتهى.’
بل على العكس، بعدما تأكدت من الأوراق التي يملكها العدو في الغرب، صار لزامًا عليها أن تظل على قيد الحياة.
نهضت إيلين وهي تترنح. فلم يكن بوسعها أن تبقى مستلقيةً للأبد.
‘ربما لم أمت بعد.’
ربما نقلها أحدهم وهي نائمة.
“يا إلهي، هل أنتِ بخير؟”
عند الصوت المفاجئ، تحركت يد إيلين تلقائيًا نحو خصرها. لكنها سرعان ما أدركت أن سيفها لم يكن معها، فعضت شفتها السفلى.
أدارت بصرها، ثم فوجئت بما رأت.
‘ألم أكن في الجحيم؟’
كانت هناك امرأة شقراء ذات عيونٍ زرقاء واقفة أمامها.
بابتسامتها الطيبة، بدت المرأة بريئةً ومشرقة جدًا لتكون حارسة الجحيم أو مرشدته.
“يبدو أنكِ تتألمين.”
قالت المرأة ذلك وهي تقترب ببطء وهي تنظر إلى يد إيلين.
كان مكانًا تجهله، وشخصًا لا تعرفه. و في الأحوال العادية، كان من الطبيعي أن تكون في حالة تأهب. لكن إيلين لم تستطع القيام بأي رد فعل تجاه المرأة التي اقتربت منها.
أمسكت المرأة بيد إيلين، فانتشرت حرارةٌ دافئة أعادت اليد المصابة إلى حالتها الطبيعية.
“كنت أود رؤيتكِ.”
ارتبكت إيلين، فالمرأة التي أمامها كانت غريبةً عنها تمامًا، فكيف تقول أنها كانت تود رؤيتها؟
تابعت المرأة حديثها بعدما رأت النظرة المتحيرة في عيني إيلين.
“تِيتي كانت تتحدث عنكِ كثيرًا.”
“تيتي؟”
“نعم، كنت أنتظر قدومكِ إلى هنا بهدوءٍ منذ زمن.”
“أأنتِ تعرفين تيتي؟”
وما إن أنهت عبارتها حتى سُمِع صوت “مياو~”، ثم قفز شيءٌ ما إلى حضن إيلين.
فاتسعت عيناها باندهاش.
جسمٌ كبيرٌ وناعم، أكبر من أن يكون جسد قطة عادية. كانت القطة تيتي التي كانت تطعمها.
“آه..…”
ارتعش صوت إيلين، وابتسمت ابتسامةً مشرقة وهي تعانق القطة بين ذراعيها.
“تيتي!”
مياو~
لطالما اشتاقت إيلين إلى رؤية تيتي، لكنها كانت تدفن ذلك الشوق في قلبها لأنها كانت تعلم أنهما لن يلتقيا مجددًا.
بدأت ملامح الابتسامة على وجه إيلين تتلاشى تدريجيًا، فلم تستطع أن تفرح من أعماق قلبها رغم لقائها بتيتي.
رغم أنها لم تكن تريد الاعتراف بذلك، فإن تيتي قد ماتت منذ زمنٍ بعيد. في يوم ممطر، هي بنفسها بكت ودفنتها وصنعت لها قبرًا.
لا تزال إيلين تتذكر برودة جسدها في ذلك اليوم.
حولت نظرها إلى المرأة التي كانت تنظر إليها وإلى تيتي بنظرة دافئة.
“هل أنا ميتة؟”
“لا، أنتِ لم تموتي.”
“فكيف التقيتُ بتيتي إذًا؟”
“من يدري…..فلنقل أنه حلم.”
“حلم….؟”
ابتسمت المرأة برقة واقتربت من إيلين.
“هلا نجلس هناك قليلًا؟”
وعندما أدارت إيلين رأسها نحو الاتجاه الذي أشارت إليه المرأة، رأت كرسيًا لم يكن موجودًا قبل لحظات.
عندما ذهبت المرأة أولًا وجلست هناك، تبعتها إيلين دون أن تشعر، وسارت نحو الكرسي كما قالت.
‘ربما لأنه حلم.’
ما إن جلست على الكرسي حتى قفزت تيتي إلى حجرها وبدأت تخرخر. فشعرت إيلين بدفء غريب يسري في قلبها.
ثم، أمام نظرات المرأة الدافئة التي كانت تحدق بها، بدأت إيلين تعبث بيديها دون وعي. فلم تكن معتادةً على تلقي نظرات حنونة من امرأةٍ بالغة.
“كنت أعلم أنك ستتفاجئين…..لكنني اشتقت إليكِ كثيرًا، لذلك دعوتكِ.”
“ماذا؟”
“هل يمكنني أن أمسك بيدكِ؟”
رغم ارتباكها، ترددت إيلين للحظة ثم أومأت برأسها.
أمسكت المرأة يد إيلين بحذر، وأخذت تمسح بخفة على ظهر يدها، ثم تشوه وجهها قليلًا وكأنها على وشك البكاء.
“الجميع ممتنون لكِ.”
“….…”
“بفضلكِ، تمكنا من منع المأساة التي كادت أن تقع في الغرب. كم هو مريحٌ أننا تجنبنا لحظةً كان فيها الأحبة سيُقتلون بأيدي من يحبونهم.”
“….…”
“على عكس ما كان سيحدث في المستقبل الأصلي.”
قالت المرأة ذلك ثم عانقت إيلين بلطف.
اتسعت عينا إيلين من الدهشة أمام هذا التصرف غير المتوقع.
كانت رائحة المرأة عذبة. و عانقتها بقوة، وربتت على ظهرها بيد صغيرة.
وفي تلك اللحظة، بدأت دموع إيلين تنهمر دون سببٍ واضح.
مياو~
احتكت تيتي بذراعها وكأنها تقول لها ألا تبكي.
قالت المرأة إن كل هذا مجرد حلم، لكن حضنها كان دافئًا لدرجة أنه دفع إيلين للبكاء، وشعور تيتي وهي جالسةٌ على ساقيها، ناعم ودافئ، كان حيًا بشكل يصعب تصديقه.
بالنسبة لحلم، كان واقعيًا بشكل مفرط.
“لم يبقَ لدينا الكثير من الوقت.”
“….…”
“أنا آسفة جدًا لأنني حمّلتكِ هذا العبء الكبير.”
من أنتِ؟
كانت إيلين تريد أن تسأل ذلك. لكن المرأة، وكأنها قرأت ما يجول بخاطرها، هزت رأسها نافيةً بابتسامةٍ حزينة.
ومن تلك الإيماءة، أدركت إيلين أن وقتها في هذا المكان شارف على الانتهاء.
“هناك شيءٌ أريد أن أخبركِ به. في الحقيقة، هذا هو سبب دعوتي لكِ إلى هنا.”
“هناك شيء تريدين قوله لي؟”
“إذا أصبحتِ سعيدةً بصدق…..سينتهي كل شيء.”
وما إن أنهت عبارتها، حتى اندفعت تيتي إلى حضن إيلين وكأنها ترجوها ألا تذهب.
لكن بعد لحظات، بدأت حرارة تيتي تتلاشى. وفي نفس اللحظة، استيقظت إيلين من الحلم.
***
فتحت إيلين عينيها، وكان أول ما رأته هو سقفٌ أبيض.
وبينما بدأت حواسها تعود تدريجيًا، شعرت بيد أحدهم تمسك بيدها. وحين أدارت رأسها، كان أول ما لفت نظرها هو شعرٌ أحمر طويل لشخص ما.
إيزيس، كانت تحدق بها من الأعلى.
“السيدة إيلين؟ هل أنتِ بخير؟ أوه، يا إلهي..…”
أدركت إيلين أن إيزيس كانت تمسك بيدها وتضخ فيها طاقةً مقدسة.
‘إيزيس نجت…..يا له من أمرٍ مفرح.’
شعرت إيلين بأن رؤيتها تتلاشى. و لم تستطع أن تستعيد وعيها بالكامل.
كان رأسها يؤلمها وكأنه سينفجر.
“تيتي..…”
“تيتي؟ ماذا تعنين بذلك، السيدة إيلين؟”
لم تكن يد إيزيس دافئةً مثل حرارة تيتي. وربما لهذا السبب، شعرت إيلين بوضوح أن هذا هو الواقع.
لقد افترقت حقًا عن تيتي. فراقٌ بلا وعد، كان مؤلمًا…..ومع ذلك حمل بعض الفرح.
لأن فراقها عن تيتي يعني، كما قالت تلك المرأة، أنها لا تزال على قيد الحياة.
أغمضت إيلين عينيها ببطء تحت ثقل جفنيها، ثم فتحتهما مجددًا.
“لا تنامي، السيدة إيلين! لا يجب أن تغفي الآن! قد لا تستعيدين وعيكِ مرة أخرى!”
“تباً، ألا يوجد حلٌ آخر، إيزيس؟”
يبدو أن هيليكس كان بجانب إيزيس أيضًا. و كان صوته يرتفع بنفاد صبرٍ واضح.
كان أمرًا غريبًا. أن يغضب هيليكس إزارت؟
فهو رجلٌ نادرًا ما تُظهر عليه أي مشاعر مهما كانت الظروف، لكن الآن، بدا وكأن غضبه نابعٌ من قلقه عليها.
“تماسكي، السيدة إيلين.”
صوت هيليكس بدا وكأنه يحمل رجاءً خفيًا، وهمس بكلماتٍ مرتجفة.
“أعتذر لأنني لم أتعرف عليكِ بسرعة. أرجوكِ…..لا تموتي.”
حتى من دون أن يقول ذلك، لم تكن إيلين تنوي الموت.
كانت تشتاق لتيتي، لكن، وبشكلٍ متناقض، كانت تتمنى أن يتأخر ذلك اللقاء لأطول وقتٍ ممكن.
‘آسفة، تيتي…..انتظري قليلًا فقط. قليلًا بعد..…’
بهذا التفكير، أغلقت إيلين عينيها.
***
مرضت إيلين طوال أسبوعٍ كامل. وخلال ذلك الأسبوع، لم يذق كهنة الغرب، وعلى رأسهم إيزيس، طعم النوم.
ولأن عدد الكهنة لم يكن كافيًا، استدعت إيزيس جميع أطباء الغرب أيضًا.
أما هيليكس، فكان يقف أمام غرفة إيلين كل يوم بلا انقطاع. و شعر كهنة الغرب بالارتباك، فهذه أول مرة يرون إيزيس وهيليكس بهذا الشكل.
“السيدة إيزيس، حالتكِ أنتِ أيضًا سيئة.”
رغم محاولات الكهنة لإبعادها، لم تغادر إيزيس جانب إيلين ولو للحظة. وربما بفضل ذلك، نجت إيلبن في النهاية.
كانت حالتها خطيرةً لدرجة أنها كانت قاب قوسين أو أدنى من الموت، لكنها صمدت في النهاية.
حتى الكهنة الذين راقبوا تعافيها عن قرب لم يملكوا إلا أن يندهشوا من إرادتها.
“إرادتها في التمسك بالحياة مذهلة.”
وفي مساء ذلك اليوم، فتحت إيلين عينيها.
نظرت بحرجٍ إلى الشخص الجالس بجانبها. كانت إيزيس نائمةً وهي ممسكةٌ بيدها.
يبدو أنها ظلت تضخ طاقتها المقدسة لها حتى لحظة نومها.
ربما شعرت بنظراتها، ففتحت إيزيس عينيها. ثم نظرت إلى إيلين وكأنّها لا تصدق ما ترى.
“السيدة إيلين؟ هل أنتِ بخير؟”
“أعتقد أنني تحسّنت…..بفضل جهودكِ.”
عند سماع ردها، انخفض رأس إيزيس بارتياح.
لكن حين رفعت رأسها مجددًا، بدت ملامحها مشوّهة بالقلق. فشعرت إيلين بالارتباك.
هل من الممكن أن حالتها الصحية ليست على ما يرام؟
فكرت، بأنه في كل مرة استعادت فيها وعيها، كانت إيزيس بجانبها باستمرار.
لم تشفَ تمامًا من إصاباتها التي سببها لها شارلوت. ورغم ذلك، ظلت تستخدم طاقتها المقدسة طوال الوقت، فلا بد أن جسدها لم يتحمل هذا العبء.
___________________
لاحظتوا؟✨
المره الي جت في حلم ايلين شقرا وعيونها زرق؟ أم فريدين😭 القديسة الي فطست وهي تمدح ايلين لإيزيس وهيليكس😭
تجنن حنوووونة المؤلفة ليه قىّلتها😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 72"