إن كانت إيلين هي تلك الفتاة، فعليها أن تطلب منها تركها والرحيل فوراً.
حتى لو كانت ستموت في هذا المكان، يجب أن تنقذها وتُرسلها بعيدًا. و فقط بهذه الطريقة يمكنها إنقاذ ليس فريدين وحده بل وشعب المملكة المقدسة أيضًا.
ارتسمت ابتسامةٌ ساخرة على شفتيها.
‘عندما أفكر في الأمر، قالت السيدة القديسة لهيليكس أننا سنتمكن من التعرف عليها، لكنها لم تقل أننا لن نشك بها.’
بينما كانت إيزيس تفكر في ذلك،
“انظروا إلى هذا!”
أسرع هيليكس نحوهم. و كان وجهه شاحبًا تمامًا.
أنزل الأشياء التي كان يحملها بيدين مرتجفتين. وكان رد فعل إيزيس عندما رأت تلك الأشياء مماثلًا له.
“أليست هذه الأشياء……مألوفةً قليلًا، يا إيزيس؟”
“إنها حجارة مانا صُنعت بالسحر الأسود. لماذا هي موجودةٌ هنا……؟”
“إيزيس، اقرأِي هذا أيضًا.”
ما ناوله هيليكس لها كان دفتر مذكراتٍ قديم. كان ممزقًا في عدة أماكن وملطخًا بالدماء، لكن على غلافه كانت كلمة “مذكرات” مكتوبةٌ بخط أنيق.
أخذت إيزيس تقرأ المذكرات ببطء، وبدأ وجهها يتجعد من الذهول.
“أولئك الذين خانوا إنسانيتهم.”
“…….”
“هذا غير ممكن. لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا……”
كان يبدو وكأنها في حالةٍ من الذعر. فسقط دفتر المذكرات من يدها دون أن تشعر.
التقطت إيلين المذكرات التي سقطت وفتحتها. و شعرت بحدسٍ قوي أن سبب مجيئها إلى الغرب موجودٌ في هذا المكان.
بدأت إيلين تتصفح الصفحات.
[ذهني مشوش……لا أعرف كم من الأيام مضى.
الشيء الوحيد الذي أستطيع فعله هو كتابة هذه الكلمات، على هذا الشيء الذي أعطاني إياه أحد السحرة الذين يجرون التجارب علينا، وكأنه يشعر بالشفقة تجاهي.
هل يجدر بي أن أكون ممتنًا فقط لأنني ما زلت قادرًا على كتابة يومياتي؟ على الأقل، ما زلتُ أتمسك بعقلي حتى الآن. لكن هانسون، الذي كان بجانبي، فقد عقله منذ فترة.
لم يكن موهوبًا في استخدام السيف، لكنه كان أكثر من أي أحد آخر يحلم بأن يصبح فارسًا. لا زلت أتذكر السيف الذي كان يلوّح به. و أتذكر أنه قال يومًا أنه يريد الانضمام إلى فرسان العاصمة. و أتذكر أيضًا أنه قال بأنه حمل السيف ليحمي الآخرين.
كيف انتهى بنا المطاف في هذا الوضع؟]
من خلال هذه المذكرة وآثار التجارب المتبقية في القبو، كان من السهل استنتاج ما حدث في هذا المكان.
تحدثت إيزيس بنبرةٍ حزينة،
“كانت هناك تجارب.”
“…….”
“شخص ما أجرى تجارب بالسحر الأسود على البشر. في العصور القديمة، كان هذا يحدث كثيرًا. كان من الضروري وجود فرسانٍ أقوياء لمواجهة الوحوش.”
“…….”
“وباستخدام السحر الأسود، يمكن لأي شخصٍ عادي أن يحصل على قدرات جسدية تعادل قدرات الوحوش في لحظة واحدة، فيصبح قويًا بسهولة.”
“…….”
تابع هيليكس الحديث بعد أن أنصت لكلماتها.
“لكن بعد أن تبيّن أن السحر الأسود يسبب آثارًا جانبية خطيرة، أصبح أمرًا محرَّمًا من قبل المعبد. ومع ذلك، يبدو أن أحدهم ارتكبه هنا.”
بينما كانت تستمع إلى شرحهما، واصلت إيلين قراءة ما تبقى من المذكرات.
[أوقات الوعي أصبحت أقل من أوقات فقدان الإدراك.
أريد الخروج من هذا الجحيم اللعين. لست خائفًا من الموت. ليس أنا وحدي، بل كل من كان هنا توصل إلى الجواب ذاته.
لكن المكان الذي سنموت فيه……لا يجب أن يكون هذا المكان.
لم نرفع سيوفنا لنموت في مكانٍ كهذا.
لطالما ظننت أنه إن كان لا بد أن أموت، فستكون نهاية حياتي في ساحة المعركة. كنت أظن أنني سأموت في نزالٍ شرس، بشرف، ضد خصم قوي.
كنت أرغب أن تكون نهايتي بصفتي فارسًا، لا مرتزقًا، وأنا أقاتل لأحمي من أحب……فلماذا أجد نفسي في هذا المكان؟]
امتلأت عينا إيلين بالدموع. وكان حال هيليكس، الذي كان يقرأ بجانبها، لا يختلف كثيرًا.
لم يكن كاتب المذكرات شخصًا واحدًا.
[أريد العودة.]
[أريد أن أتمرن على فنون السيف.]
[قلتُ أنني سأعود إلى لينزي……هل سأراها مجددًا؟]
[أنا آسف يا أمي، لم أتمكن في النهاية من أن أصبح فارسًا.]
[هل سيأتي يومٌ يقرأ فيه أحد هذه الكلمات؟]
صفحة تلو الأخرى، ازدادت الجمل القصيرة المكتوبة بعجلةٍ وبخط غير مستقر.
[أنا لست وحشًا. لكن إن لم أتعاون معهم، لن يعطونني الدواء. وإن لم أتناوله، تطول فترات فقداني للعقل.]
[السيف……أريد أن أحمل السيف.]
[أشتاق لأمي.]
[لم أعد أتذكر وجوه عائلتي. من كنتُ أصلًا؟]
كاتب المذكرات كان يتغير يومًا بعد يوم. وأخيرًا، في الصفحة الأخيرة.
[كنت……أريد أن أموت كفارس.]
ثم وضعت إيلين المذكرة جانبًا بصمت.
دوووم!
في تلك اللحظة، دوى صوتٌ هائل من باب الزنزانة. أي أنه لم يعد هناك وقت.
نظرت إيلين إلى إيزيس وسألتها،
“هل تقصدين أن الآثار الجانبية……هي انفجار المانا خارج السيطرة؟”
“نعم، هذا صحيح. عندما تنفجر المانا، يبدأ الجسد في التحوّل، وبالتدريج……يفقد المرء عقله، ويصبح مجرد وحش بلا إدراكٍ ولا مشاعر.”
“…….”
“على الأرجح، الوحوش في الخارج……كانوا هم من كتبوا هذه المذكرات.”
عندما قالت ذلك، بدا على وجه إيزيس أنها على وشك التقيؤ من شدة الغثيان.
“كانوا جميعًا بشرًا مثلنا، لا، بل كانوا بشرًا بالفعل.”
دوووم-!
حتى هيليكس لم يستطع إخفاء صدمته وألمه.
“قبل نصف عام، وبأمرٍ من الأمير فريدين، بدأنا التحقيق في سلسلة اختفاءات غريبة في المنطقة الغربية.”
ساد الصمت في القبو. ثم تحدثت إيزيس موجّهةً كلامها إلى إيلين.
“إنه أمر مؤسف، لكن لا خيار أمامنا. لا توجد وسيلةٌ لإنقاذهم.”
وكانت محقةً في ذلك. لم يكن بوسعهم فعل أي شيء. مجرد الهروب من هنا والبقاء على قيد الحياة كان أقصى ما يمكن أن يأملوا به.
إيلين كانت تدرك هذه الحقيقة جيدًا. لكن الجملة الأخيرة في دفتر المذكرات لم تغادر ذهنها.
‘كنت……أريد أن أموت كفارس.’
شعرت وكأنها تشاركهم الألم ذاته. فقد كانت مثلهم، أرادت يومًا أن تمسك بالسيف، لكنها لم تحقق حلمها، وانتهت حياتها دون أن تناله.
نظرت إيلين إلى دفتر المذكرات.
ربما، لو أنها لم تأتِ إلى هذا المكان، لبقي ما جرى لهم مدفونًا إلى الأبد. ولكان الجميع قد نسي أمرهم تمامًا. ولظلّوا في ذاكرة الناس على أنهم وحوشٌ دمّرت الغرب.
حتى إيلين نفسها كانت تظن ذلك حتى هذه اللحظة.
وضعت يدها على فمها لتكتم مشاعرها.
هل كانوا يعلمون أن الأجساد التي درّبوها لحماية الآخرين ستُستخدم في إيذاء سكان الغرب؟
إيلين لم تكن تعرف من هم أولئك الذين كانوا في الملجأ، ولا أي نوع من الحياة عاشوها. لكنها كانت تعرف جيدًا نوع الأشخاص الذين يتمنون أن يصبحوا فرسانًا.
أمسكت إيلين بسيفها بقوة. وعندما رأت إيزيس ذلك، تابعت كلامها.
“لا حيلة لنا، السيدة إيلين. هذا……هذا هو قانون الطبيعة. أولئك الأشخاص قد ماتوا بالفعل.”
“…….”
“ما تبقّى ليس سوى أجسادٍ خاوية تُستغل. لا يمكننا فعل شيء. لا يمكننا إعادة الزمن إلى الوراء.”
إيلين كانت تفهم تمامًا ما تعنيه إيزيس. كانت على حق. لم يعد بإمكانهم فعل أي شيء لأولئك الذين ماتوا بالفعل.
كما قالت، حتى موتهم لم يسلم من الاستغلال على يد الآخرين.
عندها، نظرت إيلين إلى إيزيس،
“لدي طلبٌ واحد.”
***
“أنتِ تزعجينني حقًا.”
لهذا السبب كانت شارلوت تكره إيلين ليسيروس. تلك العينان الثابتتان الخالية من التردد كانت تثير في نفسها الضيق.
حتى لو لم يكن الأمر بأمرٍ من الإمبراطور أو كوريليا، لكانت ستكره إيلين بكل الأحوال.
باب الزنزانة الذي دخلته إيلين ليسيروس كان مصنوعًا بطريقةٍ خاصة لمنع التدخل في أبحاث السحر الأسود. لذلك، حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت لتحطيمه بالقوة، فلن يطول الأمر كثيرًا.
“سأقتلكِ حالًا.”
رأت شارلوت الوحوش التي تتحرك وفقًا لإشارتها، ولم يساورها أي قلق. فطالما أن الوحوش في أصلها كانوا فرسانًا، فتوقعت أن حتى إيلين، رغم بلوغها مستوى سيد السيف، لا بد أن تكون لها حدود.
“أن تضحي بنفسك من أجل إنقاذ حثالة الغرب؟ يبدو أن الضعفاء يفهمون بعضهم بعضًا.”
دوووم! دوووم!
مع دوي هائل، فُتح الباب الذي كان مغلقًا بإحكام. فارتسمت ابتسامة رضا على وجه شارلوت.
رأت إيلين واقفةً مباشرة عند مدخل الغرفة، وإلى جوارها كان يقف كلٌ من إيزيس وهيليكس، دون أن يحاولوا الفرار.
كان واضحًا ما يتوجب على شارلوت فعله.
لكن قبل أن تأمر الوحوش بقتل كل من في الغرفة، بدأت إيلين تمشي ببطء نحو الوحوش، ووقفت أمامهم.
شعرت شارلوت بالدهشة من تصرفات إيلين، فظلت تراقب المشهد بصمت.
أمام الوحوش، انحنت إيلين بعمق. كان هذا التصرف مشابهًا لما يقوم به الفرسان قبل بدء مبارزاتهم.
ثم فتحت إيزيس فمها،
“لنبدأ المبارزة المقدسة.”
“ما الذي يحدث هنا؟”
لم تتمكن شارلوت من فهم مغزى تصرفاتهم. كان من المفترض أن يهربوا فورًا للبقاء على قيد الحياة، ومع ذلك كانوا يقتربون للقتال وكأنهم على وشك خوض مبارزة.
_____________________
ايلين ادري انه شرف الفرسان كذا بس مب وقته 😭
فوق الاصابات شوي وتقول جسدها مرهق يختي ارجعي لفريدين قطعة وحده تكفييييين
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 67"