إنها فرصتكِ الأخيرة، فهذا المكان ليس سهلاً حتى على سيد السيف، إلا إذا كان الدوق أسيلي، أما البقية فلا يمكنهم مجابهة هذا العدد من الوحوش.
ارتسم التواءٌ على شفتي شارلوت.
لا بد أنها شعر بوجود الكرة السحرية، وأظهر قوته في محاولة لإنقاذ هذين الاثنين، أليس كذلك؟
يا إيلين الغبية والحمقاء، قلبكِ الضعيف ذاك سيقودكِ في النهاية إلى الموت.
أدارت شارلوت رأسها نافيةً برفق.
الأشخاص الطيبون الذين يراعون الآخرين يخسرون دائمًا. شفقة إيلين عديمة الفائدة هي ما ساقها نحو الموت.
لن يتعرف أحد على موهبتها. و سيرى الناس إيلين كشريرة حتى النهاية وسينسونها تدريجيًا.
لا أحد يعرف كيف أصبحت إيلين سيدة السيف، لكن هناك أمرٌ واحد مؤكد. القدر لم يكن في صفها.
يا لها من تعيسة، إيلين ليسيروس المسكينة، لو أنني لم آتِ، لكان بإمكانكِ النجاة حقًا.
‘كما هو الحال دائمًا، أنت شخصٌ بلا حظ.’
وماذا عساي أن أفعل؟ إن كان هذا هو قدر إيلين.
تحركت يد شارلوت بسرعه وهي تبتسم.
***
كانت إيلين تشعر بشيء غريب.
كانت حركة الوحوش غريبةً ومنظمة على نحو غير معتاد. و في بعض الأحيان كانت تبدو كأنها تحاكي تحركات الفرسان.
عندما تغمض عينيها، لم تكن تشعر أنها تواجه وحوشًا، بل عشرات الفرسان المدربين جيدًا.
تشااانغ-!
كأن سيفًا اصطدم بسيف.
هيليكس كان يركض خلف إيلين بسرعة حاملاً إيزيس على ظهره.
“السيدة إيلين! هل لاحظتِ ذلك؟”
“هذا غريب.”
“إنهم يشبهون الفرسان…..فرسانٌ مدرّبين جيدًا أيضًا.”
“كما أنهم يقودوننا إلى مكانٍ ما.”
وما إن أنهت حديثها حتى بدأت الوحوش فجأةً بتغيير سلوكها. و في لحظة، تحركت عدة وحوش باتجاه إيزيس.
“السيدة إيلين!”
صرخة هيليكس جعلت وجهها يتجهم.
لو كانت تقاتل الوحوش وحدها لكان الأمر مختلفًا، لكن القتال مع حماية شخصٍ آخر لم يكن أمرًا سهلاً.
لو لم تكن إيزيس موجودة، لكان بإمكانها القضاء على الوحوش بسهولةٍ أكبر.
لا بد أن هناك من يتحكم في هذه الوحوش. وإلا لما كانت حركتهم منسقةً بهذا الشكل.
رفعت إيلين سيفها من جديد. و عندها أشارت إيزيس إلى الأمام وتحدثت.
“السيدة إيلين، إذا توجهنا إلى هناك، قد نكسب بعض الوقت. يبدو الأمر مريبًا، لكن أعتقد أنه الخيار الأفضل حاليًا.”
حولت إيلين نظرها، فرأت بوابةً حديدية ضخمة.
مرافقة إيزيس إلى هناك مع وجود جدار خلفهم قد يكون أفضل لحمايته. لكن ذلك المكان كان أيضًا الموقع الذي كانت الوحوش تستدرجهم إليه.
“سأعود بالتأكيد.”
في تلك اللحظة، ولسببٍ تجهله، تذكرت إيلين الوعد الذي قطعته لكارون وفريدين.
لم تكن المسافة إلى البوابة الحديدية بعيدة، لكن الوحوش لم تترك لهم الطريق سالكًا بسهولة. و في تلك الفترة القصيرة، استُنزف هيليكس تمامًا.
كانت ذراعه ترتجف بشدة. فأدركت إيلين أنه لم يعد قادرًا على القتال.
فتحوا البوابة الحديدية ودخلوا، ثم أقفلوها بإحكام. بينما كان صوت ارتطام الوحوش المتواصل بالباب يُسمع بوضوح.
تكلمت إيزيس بصوتٍ منهك.
“أعتقد أننا نستطيع الصمود لبعض الوقت.”
تنهدت، وحين التفتت إلى الخلف، ظهر درجٌ يؤدي إلى الأسفل.
وما إن نزلوا إليه حتى صُدموا بما رأوه، ولم يجرؤ أيٌّ منهم على التفوّه بكلمة.
وكان أول من تحدثت هي إيزيس.
“ما الذي حدث هنا بحق؟”
كان منظر القبو غريبًا.
كانت هناك أدواتٌ متناثرة في كل مكان، وكأن تجارباً ما أُجريت فيه.
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. ففي عمق القبو، كانت هناك وحوشٌ مربوطة على منصات، وقد غرست في أجسادها أدواتٌ سحرية.
يبدو أن مجهولين أجروا أبحاثًا على الوحوش في هذا المكان.
تمتم هيليكس بشرود.
“كيف يمكن أن تُجرى أبحاثٌ على الوحوش في هذا المكان؟ ما الذي حدث هنا بالضبط..…؟”
بدأت إيلين تتحرك ببطء نحو عمق القبو.
“السيدة إيلين، احذري. قد تكون هناك فخاخ.”
استدارت أنظار الوحوش المحبوسة خلف زجاجٍ شفاف نحوها مع كل خطوةٍ كانت تخطوها.
كان هناك شيء غير طبيعي في هذا المكان. فدار الأيتام الذي أتوا إليها كانت لا تزال تعمل حتى قبل عشر سنوات، فمتى أنشئت هذه المنشآت؟
لم يكن لديهم وقتٌ طويل للذهول أمام ما رأوه داخل القبو، فقد بدأ صوت اصطدام الوحوش بالبوابة الحديدية يزداد شدة، وكأنهم على وشك تحطيمها في أي لحظة.
من المرجح أن الباب لن يصمد طويلًا.
توجهت إيزيس إلى هيليكس بالكلام.
“هيليكس، سأهتم بعلاج السيدة إيلين، أرجوكَ تفقد الجزء الداخلي من القبو.”
أمسكت إيزيس بذراع إيلين وهي تقول ذلك. و تصرفها هذا زاد من استغرابها الذي بدأ منذ لحظات.
إيزيس إزارت معروفةٌ بتمسكها الصارم بمعاييرها في استخدام قواها المقدسة. فهي لا استخدمها على من لا ترى فيهم ضرورةً لذلك، حتى لو كانوا نبلاء.
هناك عدد لا يحصى من النبلاء الذين رفضت إيزيس علاجهم للشفاء، بل إنها رفضت أوامر الإمبراطور نفسه ذات مرة.
عندما أُمر بإعادة فارسٍ عدو، لم يفتح فمه حتى تحت أشد أنواع التعذيب، إلى حالته الأصلية، لم تسكب عليه قوتها المقدسة، بل اكتفت بتمني الشفاء له.
‘وفي النهاية، اتبعت أمر الإمبراطور فقط من أجل حماية الغرب…..’
ولولا ذلك، لربما لم تكن لتعالجه حتى لو كان ذلك يعني موتها.
فتاةٌ مستعدة لأن تضحي بحياتها من أجل قناعاتها. هذه هي إيزيس إزارت.
ولهذا، لم تستطع إيلين إلا أن تسألها.
“لماذا تعالجينني؟”
“…….”
“أنا امرأة سيئة السمعة…..ألا أُعتبر من الأشخاص الذين لا يستوفون معاييركِ؟”
عندها نظرت إليها إيزيس بنظرةٍ يصعب تفسيرها.
حدّقت في عينيها مطولًا، ثم،
“هل حقًا، كما تقول الشائعات، كنتِ تؤذين الناس؟”
“أنا..…”
“بالطبع، إن كنتِ فعلتِ ذلك فعلاً، فسكب قواي المقدسة عليكِ سيكون مضيعة. لكنني لا أظن أنكِ فعلتِ شيئًا كهذا حقًا.”
“لم أفعل.”
“نعم، هذا يكفي.”
كان كلام إيزيس هادئًا.
أسندت إيلين رأسها إلى الحائط وهي تشعر بشيء يصعب وصفه.
رغم أنها لم تقل شيئًا، إلا أنها كانت مرهقةً بعض الشيء.
نظرت بعينيها إلى أنحاء القبو. و أصبحت الآن تفهم سبب اختفاء هيليكس. و لو أنها أتت إلى هذا المكان وحدها، لما عادت حيةً أبدًا.
سألتها إيزيس، بينما كانت ممسكةً بيدها تنقل لها قوته المقدسة.
“لماذا لم تتركينا وترحلي؟ كان سيكون من الأسهل لو هربتِ وحدك.”
كلامٌ لا يمكن إنكاره.
ربما كان من الممكن الاستفادة من هيليكس، لكن إيزيس لم تكن ذات فائدةٍ تُذكر في الهروب من هذا المكان.
فهي مجرد كاهنة تستطيع استخدام القوة المقدسة، ولا تُعدّ شيئًا سوى عبءٍ بالنسبة لها.
“لأنني أعرف ماذا تعنين بالنسبة لشعب الغرب.”
لم تجب إيزيس لوقتٍ طويل.
كانت إيلين تراقب بصمتٍ قطرات العرق البارد تتكوّن على جبينها.
“أعتذر لأنني شككتُ بكِ من أول لقاء..…”
قالت ذلك وهي تبتسم بتعب.
“لدي الكثير مما يجب أن أحميه، ولهذا لا أستطيع الوثوق بالناس بسهولة. لا أعذار لي.”
عندما توقف النزيف من جراحها وتعافت إلى حدٍّ ما، أرقدت إيلين جسده المنهك إلى جانبها.
“كنت أظنكِ تابعًا للإمبراطور، لكن يبدو أنني كنت مخطئة. فلو كنتِ من أتباع الإمبراطور، لما حاولتِ إنقاذنا.”
“…….”
“أرواح أناسٍ من الغرب الحقير ما كانت لتعني له شيئًا.”
“…….”
“اتركيني وارحلي، السيدة إيلين. أنتِ وهيليكس يمكنكما النجاة والعودة أحياء. لكن لديّ رجاءٌ واحد فقط.”
كانت إيزيس في تلك اللحظة قد رتّبت أفكارها، واستسلمت تمامًا لفكرة التخلي عن حياتها.
لم يكن هناك أي رابطٍ بينها وبين إيلين، ولو تخلّت عنها، فلن يكون هناك من يلومها.
وبعد أن حسمت أمرها، تحدث إيزيس بعزمٍ ونظرة حاسمة.
“ساعدي شعب الغرب على الفرار. فبمهاراتكِ، سيكون ذلك ممكنًا. وإن تعاونتِ مع المعبد وقواه-”
لكن كلمات إيزيس لم تكتمل. فقد قاطعتها إيلين قبل أن تُنهي حديثها، بصوتٍ حاسم وواثق.
“لن يموت أحدٌ هنا.”
“…….”
“سأتأكد من أن ذلك لا يحدث.”
كان ذلك تصرفًا أحمقًا. فالذين يمكنهم النجاة، يجب أن ينجوا. و كونها أمل شعب الغرب لا علاقة له بإيلين إطلاقًا.
كان هذا ما تظنه إيزيس…..إلى أن شعرت فجأة بشيء غريب.
‘قد تجدينها مفرطةً في المثالية، فهي فتاةٌ تفيض بالعدل.’
تذكّرت فجأةً كلمات قالتها القديسة ذات يوم، عندما كانت مع هيليكس.
‘لا يمكن أن تكون…..’
مرّت تلك الفكرة بعقلها سريعًا، لكنها حين فكّرت في الأمر بتمعّن، لم تجد من تنطبق عليه أوصاف “تلك الفتاة” التي قالتها القديسة سوى إيلين.
الفتاة الطيبة، القوية.
لكن إذا كانت إيلين هي تلك الفتاة المعنية..…
_________________
وش؟ وش ذا القفلة يالمؤلفة خفي علينا
المهم ترا للحين شاكة ايزيس بنت أو ولد بس بالغالب بنت ؟ اذا تأكدت عدلت او خليت والله مدري 😭
كله من الضمائر المعدومة
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 66"
اااااااا صدق لا تعليقققق اخيرا عرفت