لكن بمجرد وقوفهم في هذا المكان كان مرهقًا، فالدخول إلى الداخل كان أقرب إلى المستحيل.
و مع ذلك، لم يكن الاستسلام خيارًا مطروحًا. ربما إن هرب الآن، فسوف يندم لاحقًا.
‘حتى لو هربت الآن، من الصعب أن أعود حيًّا من هذا المكان.’
نظر هيليكس إلى إيلين التي كانت تحدق بصمت في الوحوش، وشعر بوخز من الذنب.
حتى وإن كانت قد أصرت على القدوم، كان يجب عليه أن يرفض بشكل قاطع.
‘ما الذي ينبغي علي فعله؟ هل هناك طريقة للخروج من هذا الوضع؟’
استعاد هيليكس في ذهنه آخر كلمات قالتها القديسة.
“حتى لو لم أكن موجودة…..ستنجون أنتم.”
لكن أيتها القديسة، يبدو أن كلماتكِ كانت خاطئة……
بدا على وجه هيليكس أثرٌ من اليأس. و في تلك اللحظة، نظرت إيلين إليهم بوجهٍ متجهم.
“أقسموا لي.”
“السيدة إيلين؟”
“أقسموا ألا تخبروا أحدًا بما رأيتموه هنا حتى لحظة موتكم.”
“ما معنى هذا الكلام؟”
“عليكم أن تقسموا أولًا، حتى أتمكن من مساعدتكم.”
مساعدة؟ وهل ستُغير مساعدتها شيئًا؟
حتى لو كان فارسًا من الطراز الرفيع هنا، فلن يتغير الموقف.
لكن هيليكس أدرك أن كلمات إيلين كانت نابعةً من صدق حقيقي. فقد كانت تنظر إليه وإلى إيزيس بعينين باردتين.
“هل تعرفين ما معنى أن يقسم من يمتلك قوةً مقدسة؟”
“أعرف جيدًا، ولهذا أطلب منكم أن تقسموا.”
“السيدة إيلين، أنتِ-“
“ليس لدينا وقت. عندما نعود سأشرح لكم، فقط أقسموا الآن.”
شعر هيليكس بالذهول، فالدم كان لا يتوقف عن النزيف من ذراع إيلين، ووجهها كان شاحبًا كالموتى.
كانت هي من تحتاج إلى المساعدة في الحقيقة، ومع ذلك كانت عيناها مشعتين بحدةٍ مرعبة.
وحين همّ هيليكس بالاعتراض على كلامها، أوقفته إيزيس.
أمسكت بذراعه وهزت رأسها نافية.
“سنقسم.”
“إيزيس؟”
“أقسم أمامكِ ألا أخبر أحدًا بما رأيته هنا.”
توجهت نظرات إيلين نحو هيليكس، وبعد لحظة من التردد، أجاب هو أيضًا.
“أنا كذلك…..أُقسم.”
شعر هيليكس بقوته المقدسة في داخله تهتز، فالقَسم أمامها الآن لا يمكن التراجع عنه. ومن يخالف قسمه، يفقد قواه الروحية بالكامل.
ولهذا كان رجال المعبد يعتبرون القَسم أمرًا محرّمًا. لكن في الوقت نفسه، كان ذلك ضمانًا قاطعًا للوعد.
ما إن انتهيا من القسم، حتى استدارت إيلبن ممسكةً بسيفها، وكانت في عينيها لمعةٌ غريبة.
***
إنه أمرٌ مستحيل. أمرٌ لا يمكن تحقيقه بقوة البشر.
تناثر الدم على وجنة إيزيس، فقد اندفعت إيلين التي كانت بجانبها إلى الأمام بسرعة.
كان بإمكانه رؤية أعداد هائلة من الوحوش تمد أيديها للإمساك بها.
ومواجهة هذا العدد من الوحوش دفعةً واحدة، حتى الفرسان ذوي الخبرة في القتال الحقيقي يعانون منه.
كان أمرًا لا يُصدق. تعامل إيلين مع الموقف كان بارعًا. فرغم سرعة الوحوش، كانت سرعتها هي الأعلى.
كييييك-!
حين لامس سيف إيلين عنق أحد الوحوش، صدر صوتْ غريب.
شعرت بقوةٍ ارتدادية تمنع السيف من القطع، وكأن شيئًا كان يعيقه. و لو لم تكن قد عززت ذراعها بالمانا، لما استطاعت حتى جرح الوحش.
وحوشُ هذا المكان كانت قويةً بشكل لا يمكن تصوره. حتى هيليكس، رغم استخدامه لقوته المقدسة، لم يكن قادرًا على القضاء عليها بسهولة، ولهذا كان هناك سبب.
“هل أنا في حلم؟”
تمتم هيليكس مدهوشًا وهو يراقب المشهد.
إيلين كانت سريعة، قوية، ولا تتردد في توجيه ضرباتها. لم تكن تبدو كفارسة بلا خبرة قتالية حقيقية.
كانت تتحرك بين الوحوش وكأن لها أجنحة. وجهها الخالي من التعبير وهي تقاتل ذكّر هيليكس بالدوق أسيلي.
في الواقع، لم يستطع هيليكس مواصلة تتبع حركتها بعينيه. و حتى إيزيس التي كانت بجانبه لم يختلف شعورها، فقد كانت مندهشةً هي الأخرى.
رغم أنها لا تفهم في فنون السيف، إلا أنها أدركت أن حركة إيلين كانت مختلفةً عن أي فارس عادي.
نظرت إيزيس إلى إيلين، ثم التفتت نحو هيليكس وبدأت تتحدث ببطء.
“كانت تخفي مهارةً هائلة.”
وقد كانت محقةً في قولها.
إيلين ليسيروس لم تكن بمستوى من يجب أن يدرس في الأكاديمية. و لا أحد يعرف السبب، لكنها كانت تخفي قوتها الحقيقية.
تحزث هيليكس وهو يلتفت إلى إيزيس،
“ربما…..قد ننجو ونعود أحياء.”
كان مجرد التصدي للوحوش القادمة نحو إيزيس كافيًا لجعله يتصبب عرقًا باردًا. وفي ذلك الوضع، كانت إيلين تشق لهم الطريق بنفسها.
بينما كانت إيزيس تراقبها، بدا وكأنها أدركت شيئًا، ثم تكلمت،
“ألا تبدو هذه الوحوش غريبةً بعض الشيء؟”
“أجل، كأنها تحاول جرّنا إلى مكانٍ ما..…”
كانت الوحوش، وإن ببطء، تفتح لهم ممراتٍ عمداً، كما لو أنها ترغب في أن يتقدموا أكثر نحو الداخل. وكأنها تريد إيصالهم إلى مكانٍ معين.
“لكن لا خيار أمامنا. لا يمكننا سوى أن نثق بالسيدة إيلين.”
لا أحد يعرف لماذا ظهرت هذه الوحوش هنا. وحتى وإن كانت إيلين تبذل جهدها لفتح الطريق، فإنهم في النهاية سيتوجهون نحو حيث تريدهم الوحوش أن يذهبوا.
“علينا أن نعود بسرعة ونقوم بإجلاء الناس.”
لم يكن بمقدور الغرب أن يواجه هذا العدد الهائل من الوحوش. و كان من الضروري العودة فورًا وطلب تعزيزاتٍ من الإمبراطورية.
لكن في أثناء انتظار الدعم، ستقع خسائر مروعة. وسيموت الكثير من الناس.
ومع ذلك، قررت إيزيس أن تشكر القدر على أنهم ما زالوا يملكون وقتًا للتحرك.
‘هل يمكن أن تكون إيلين ليسيروس في صف الإمبراطور فعلًا؟’
راودته تلك الفكرة فجأة. فلو كانت في صف الإمبراطور، لكان بإمكانها أن تتركهم وتفرّ. ومع هذا، كانت تبذل جهدها لحمايتهم.
جذب هيليكس ذراع إيزيس وتحدث،
“علينا أن نخرج من هنا. لنفكر في ما بعد ذلك لاحقًا، عندما ننجو.”
“…….”
“عليكِ أن تنجي، لتتمكني من حماية الغرب.”
قال هيليكس ذلك بينما كان يقطع أحد الوحوش بسيفه، ضاغطًا على أسنانه.
لو كان هو وإيزيس فقط في هذا المكان، لما تمكنوا من النجاة. و لكان الموت مصيرهم.
لكن بوجود إيلين، وُجد الأمل.
***
دار الأيتام في الغرب.
كانت شارلوت قد وصلت إلى هذا المكان المليء بالوحوش قبل عدة أيام فقط. ففور سماعها بأن إيلين توجهت إلى الغرب، تبعتها على الفور.
“هيليكس، ذلك الجرذ الحقير…..كيف علم بأمر هذا المكان وقرر التحقيق فيه؟”
نظرت شارلوت إلى دار الأيتام بعينٍ مختلفة، غارقة في الذكريات.
فهذا المكان كان تحفتها الفنية. المكان الذي بدأت فيه تصنيع الوحوش بشكلٍ جدي.
“لو كنت قد حصلت على بضع سنواتٍ إضافية، لكنت وصلت إلى الكمال. يا للخسارة.”
كان المخطط الأصلي أن تنتظر عدة سنوات، ثم تزيل الحاجز الذي يمنع الوحوش من مغادرة دار الأيتام، لتُحيل الغرب إلى دمار شامل.
“لكن الآن، الأولوية هي التخلص من أولئك الجرذان.”
كانت شارلوت تراقب وضع إيلين من خلال كرة الكريستال خاصتها.
ظهرت صورةٌ باهتة لإيلين داخل الكرة، وهي تقاتل بلا توقف، بينما كان هيليكس وإيزيس خلفها.
ارتسمت ابتسامةٌ على شفتي شارلوت وهي تشاهد ذلك المشهد. و كما توقعت، مجرد بشريةٍ حمقاء مثيرة للشفقة.
من السخيف أن تراها تتصدى للوحوش لحماية أناسٍ بالكاد تعرفهم. وفي النهاية، لن تكون قادرةً على فعل شيء يُذكر.
لكن ما حدث بعد ذلك جعل ملامح شارلوت تتغير تمامًا.
“ما هذا بحق؟ هل كنتِ أنتِ…..إيلين ليسيروس؟”
كان ذلك صدمةً هائلة.
ضربات سيف إيلين، وهي تقتل الوحوش، كانت حادةً بشكل لا يُصدّق.
حتى شارلوت، وهي تراقب عبر كرة الكريستال، شعرت بقشعريرة تسري في جسدها. و بدا الخوف واضحًا في عينيها.
“لم يكن بإمكاني معرفتها حتى الآن.”
لقد بذلت كل جهدها في محاولة العثور على هوية سيّد السيف الغامض. و حققت في كل من اقترب مستواه من مستوى سيّد السيف، ولم تغفل أحدًا.
لكن رغم كل ذلك، لم تتمكن من كشف هوية من كان يعاون فريدين ويفسد كل مخططاتهم.
وخلال تلك التحقيقات، لم تشك شارلوت ولا زوجة الماركيز في إيلين ولو للحظة. وكان ذلك طبيعيًا. فمن راقب نمو إيلين منذ طفولتها، لم يكن ليصدق أبدًا أنها قد تكون سيّدة السيف.
فتاةٌ لم تمسك سيفًا في حياتها…..هل يمكن أن تكون هي نفسها سيّدة السيف؟
‘هذا مستحيل.’
لكن الآن، أمام عيني شارلوت، كان ذلك المستحيل يتحقق بالفعل.
كانت الوحوش تسقط واحدةً تلو الأخرى أمام سيف إيلين. جميعها كانت من إبداعاتها التي صنعتها بعناية.
“يجب أن أتخلص منها فورًا، فورًا…..تلك الوحشية..…”
أدركت شارلوت أنه إذا فاتتها هذه الفرصة، فلن تجد مثلها أبدًا. كان عليها أن تقتل إيلين ليسيروس الآن، دون تأخير.
فإذا نجت تلك الوحشية هنا، لم يكن بإمكانها أن تتخيل كم ستكون الكارثة القادمة.
____________________
تصنع الوحوش تقتل الناس وتجي تقول لإيلين وحشية؟💀
أين المنطق ياهوووه
الروايه بكبرها خيال مافيه منطق بس ذي ضربت معها😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 65"