إيزيس كانت تحدق في إيلين كما لو كانت ستحرقها بنظراتها. و زاويتا شفتيها اللتان كانتا دائمًا مرفوعتين بشكلٍ جميل قد انخفضتا إلى خطٍ مستقيم. وكان في نظراتها بريقٌ من الحذر.
إيلين لم تكن تجهل ما الذي تفكر به تجاهها. فمن المؤكد أنها تتوجس منها.
و لم يكن بإمكانها أن تعترض حتى لو اعتقدت أنها تقف في صف الإمبراطور وديتريون. لأنها كانت ستفعل الشيء نفسه لو كانت مكانها.
ومنذ ذلك الحين لم يتبادلا الحديث.
تابعوا السير نحو وجهتهم. وفي تلك الأثناء شعر هيليكس بشيءٍ غريب.
كانت المنطقة الخطرة أكثر هدوءًا من المعتاد. في الوضع الطبيعي، لم يكن ليكون من الغريب أن يواجهوا عدة وحوشٍ متوسطة المستوى.
لكن الأمور كانت غريبةً لدرجة أنه لم يظهر أي وحشٍ يُذكر.
‘يبدو أن شيئًا ما على وشك الحدوث.’
وكان ذلك حين شعر بالأمر.
“لقد وصلنا.”
عند كلمات إيزيس، نظر هيليكس إلى الأمام. و كان هناك دار الأيتام، وجهتهم.
فور دخولهم إلى دار الأيتام، التفتت إيزيس نحو إيلين.
“ثمة أمرٌ يجب التأكد منه قبل دخول هذا المكان.”
عندها طرحت السؤال الذي راودها طوال الطريق.
“إيلين ليسيروس، قبل أن ندخل هذا المكان، لنوضح شيئًا. ما هدفكِ من الاقتراب من سمو الأمير فريدين؟”
على ذلك السؤال، لم تجب إيلين بل ردت بتوجيه سيفها نحوها.
وحين رآها تسحب سيفها، سحب هيليكس سيفه بدوره، لكنه لم يتمكن من صد هجومها.
في لحظة، انطلق سيفها باتجاه إيزيس، متجاوزًا إياها ليصيب شيئًا ما كان خلفها.
إيزيس، وقد بدت عليها الصدمة، التفتت للخلف.
كانت عينا إيلين تتلألآن ببرودة مخيفة. وكان دم الوحش يتقاطر من سيفها.
“هناك شيءٌ غير طبيعي هنا.”
إيلين عقدت حاجبيها وهي تمسك جبهتها. وبمجرد أن أنهت كلامها، شعرت إيزيس أيضًا بشيء غير طبيعي.
‘سحر؟ هل هناك سحرٌ بهذا الحجم؟’
كان هناك شيء يزعزع صفاء ذهنها.
“ما هذا بحق؟”
لو لم تكن لديها قوة مقدسة، لكانت قد تأثر به قبل أن تدرك أنه سحر.
الطاقة المشؤومة كانت قويةً لدرجة أنها بدت وكأنها تحاول طرد القوة المقدسة التي تغلف جسدها.
إيزيس، وقد بدا عليها الذعر، التفتت بسرعة نحو إيلين.
هي وهيليكس يمكنهما الصمود بفضل القوة المقدسة، لكن إيلين، وهي مجرد فارسة عادية، من المؤكد أن الأمر سيكون صعبًا عليها.
وكما توقعت، رأت عيني إيلين الفارغتين.
صرخ هيليكس وهو يمسك بإيزيس بقلق.
“إيزيس، استخدمي القوة المقدسة فورًا!”
لم يكن هناك وقتٌ للتفكير. فأمسك إيزيس بكتفي إيلين وبدأت باستخدام قوتها المقدسة.
***
أغلقت إيلين عينيها ببطء ثم فتحتهما.
كانت تعلم أن كل ما تراه أمامها الآن ليس سوى وهم. و لو لم تكن سيدة سيف، لكانت اُبتلعت تمامًا في هذا الوهم من شدّة واقعيته.
كان سحرًا خبيثًا يحبس عقل الهدف داخل ذكرياته الماضية، ويجعله يعيش بقية حياته في كابوسٍ دائم.
أدارت إيلين رأسها بتوتر، تتفقد المكان من حولها.
كانت تعرف جيدًا أين هي. في قصر ليسيروس. بيتها، والمكان الذي بدأت فيه كل كوابيسها.
“فريدين؟”
لمحت هيئة شخص، فأغمضت عينيها ببطء ثم فتحتهما. وإذا بفريدين واقفٌ أمامها.
ورغم أنها تكرر لنفسها أن هذا مجرد وهم، كابوسٍ سخيف، لم تستطع أن تتحرك خطوةً واحدة. و دون وعي، مدت يدها نحو مقبض سيفها.
“السيدة إيلين.”
تقدم فيردين نحوها، و جسده مغطى بالدماء.
كانت هناك جمجمة شخصٍ ما تتدحرج عند قدميها. وفي تلك اللحظة، أمسك أحدهم بكاحلها.
نظرت إيلين أسفل قدميها. رأت وجوهًا مألوفة. كاي، آمون، ليليا، والعديد من الأشخاص الآخرين……
‘كما توقعت، إنه كابوس. لا شك في ذلك.’
كل الجثث تحت قدميها كانوا أشخاصًا ماتوا وهم يحاولون حمايتها.
بعد موت فريدين، كان هذا هو الكابوس الذي يطاردها دائمًا. ومنذ أن عاد بها الزمن إلى الوراء، لم تر هذا الكابوس مرة أخرى، لكنه كان شيئًا قد عاشته مرارًا في حياتها السابقة.
كانت إيلين تعرف أيضًا ما الذي سيحدث بعد ذلك.
اقترب فريدين منها. و كانت عيناه مليئتين بالعتاب.
مد يده لوجهها، وابتسم تلك الابتسامة الساحرة التي كانت تسحر من ينظر إليها.
ثم، كما في كل مرة حلمت بهذا الحلم، قال:
“أنتِ من قتلتني.”
كانت تعلم أن كل هذا كذب. لكن مع ذلك، لم تستطع أن تتحرك.
تجمدت في مكانها، تنظر فقط إلى فريدين.
في الماضي، لم ترد على فريدين في هذا الحلم ولو مرةً واحدة، لأنها كانت تظن أنه يحمل لها الكراهية. لكن هذه المرة، فتحت فمها دون أن تدري.
“لم أكن سعيدة……ولا للحظة واحدة.”
كانت هذه الجملة التي لطالما أرادت قولها.
“بعد موتكَ، كنت أتمنى في كل مرةٍ أغمض فيها عيني ألا أستيقظ مجددًا. كانت الحياة مؤلمةً جدًا……و تمنيت لو أن كل شيء ينتهي هكذا فحسب.”
كانت تشتاق لفريدين، لكنها لم تكن تريد رؤيته. لأن رؤيته، حتى لو في الحلم، كانت تمزق قلبها حتى شعرت أنها ستموت من الألم.
“لو لم أُولد في عائلة الماركيز……ولو لم تولد أنت كفردٍ من العائلة الإمبراطورية……هل كانت حياتنا……ستكون أفضل قليلًا؟”
إنه افتراضٌ لا معنى له. ومع ذلك، ابتسمت إيلين.
“كنت أظن أنني لو مت، فسأراكَ……”
لكن حتى بعد الموت، لم تتمكن من رؤيته.
شعرت بشيء يشد قدميها، فنظرت إلى الأسفل. و رأت الجثث تمسك بساقيها وتجرّها إلى الأسفل.
رفعت إيلين سيفها ببطء، وعندها مال فريدين الوهمي برأسه وهو يحدق بها.
“هل ستقتلينني مرة أخرى؟”
وعند كلماته، ابتسمت إيلين ابتسامةً حزينة.
ثم من دون أي تردد، لوّحت بسيفها.
***
كان الدم يسيل من ذراع إيلين. فحدّقت إيزيس بها بذهول.
لقد قطعت ذراعها بنفسها. و من الجرح العميق في ذراعها، كانت قطرات الدم الحمراء تتساقط واحدةً تلو الأخرى.
تصرفها الذي لم يظهر فيه أدنى ترددٍ جعل ملامح الصدمة ترتسم على وجه إيزيس.
تراجعت خطوتين إلى الوراء دون أن يشعر.
ثم التفتت إيلين ببطء نحو إيزيس، وحين التقت نظراتهما، شعرت بقشعريرة لا يمكن وصفها بالكلمات.
حاول إيزيس استخدام القوة المقدسة لتساعدها على استعادة وعيها، فكلما كان السحر الذهني أكثر شناعة، زادت خطورته إن لم يتحرر منه الضحية بسرعة، إذ قد تبقى عالقةً داخله إلى الأبد.
وأثناء ذلك، لمحت لمحة قصيرة من الوهم الذي كانت تراه.
‘ما الذي رأيته للتو……؟’
جثثٌ متناثرة في كل مكان. وإيلين التي اختارت أن تضرب نفسها بدلًا من أن تؤذي فريدين الواقِف أمامها.
لماذا؟ هل فقدت وعيها تمامًا تحت تأثير الوهم؟ أم أن السحر الأسود هو من أجبرها على جرح نفسها؟
لكن سرعان ما أدركت إيزيس أن إيلين كانت في كامل وعيها بشكلٍ يثير الدهشة. فقد كانت عينا إيلين أكثر صفاءً ووضوحًا من أي وقت مضى.
أن تقاوم مثل هذا النوع من السحر دون أن تفقد وعيها كان أمرًا يستحق التصفيق، لكن الخيار المتطرف الذي اتخذته للخروج من الوهم كان، ببساطة، ضربًا من الجنون.
“أنتِ……”
تجاهلت نظرات الدهشة في عيني إيزيس وهيليكس، ومزّقت إيلين ملابسها بخشونة، ثم لفت جرحها برباط مرتجل دون عنايةٍ تُذكر.
الوجه الذي كانت إيزيس تضعه دائمًا ليخفي مشاعرها خلف ابتسامةٍ كالقناع، انهار تمامًا.
ثم سألتها بنظرةٍ تائهة، وكأنها لا تستطيع تصديق ما حدث.
“هل جُننتِ؟”
اقتربت منها لتعالج جرحها، لكن إيلين أبعدت يده.
“لا تُشفِ الجرح.”
“……ماذا؟”
“لأن الألم هو ما يبقيني متماسكة.”
لم تستطع إيزيس سوى أن يقف مذهولة. بينما كانت ثيابها البيضاء قد تحولت بالفعل إلى اللون الأحمر.
“السيدة إيلين، هل أنتِ بخير؟ أعلم أن إصابتكِ خطيرة، لكن……يبدو أننا لا نملك الكثير من الوقت. فجأة ظهرت مجموعةٌ من الوحوش.”
وعند كلمات هيليكس، عادت إيزيس إلى وعيها. و شحب وجهها لرؤية الحشد المفاجئ من الوحوش يتدفق نحوهم.
لم تكن يعرف من أين جاءت تلك الوحوش، لكن إن بقوا على هذا الحال، فموتهم جميعًا كان محتومًا.
بل لم يكن الخطر يهددهم فقط. بل كل من في الغرب كان في خطر أيضًا.
كروووخ-!
شق هيليكس الوحش الذي انقضّ عليه بسيفه، وبدت ملامحه متصلبة. فرغم أنه ضخ في سيفه طاقةً مقدسة، إلا أن مقاومة الوحش عند الضربة كانت غير طبيعية.
حتى من النظرة الأولى، كان واضحًا أنه ليس وحشًا عاديًا. على الأقل من مستوى متوسط أو أعلى.
“لا يمكن أن تظهر فجأةً وحوش بهذا المستوى……”
التفت هيليكس نحو إيزيس وسألها،
“من أين خرجت هذه الوحوش؟ لم أسمع أن هناك نشاطًا للوحوش في هذه المنطقة.”
“يبدو أنها خرجت من تحت الأرض.”
قالت إيزيس ذلك، وهي تشعر بالغثيان من الطاقة النجسة المتصاعدة من باطن الأرض.
واصل هيليكس القتال بسيفه، يضغط على أسنانه.
كان لديه شعورٌ بأن الدليل الذي كانوا يبحثون عنه قد يكون موجودًا في مكانٍ ما تحت الأرض، تمامًا كما قالت إيزيس.
_____________________
شكل ايزيس اول من تدري ان ايلين هي حبيبة فريدين ✨
ايلين سوت زي تانجيرو 🥲 عشان تطلع من الوهم تضرب نفسها مستحيل تضرب الي تحبه 😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 64"