ما إن غادرت إيلين حتى نظر هيليكس إلى إيزيس بعينين مليئتين بالشك.
كان يعرف شقيقته جيدًا. إيزيس لم تكن تؤمن بالبشر. فقد نشأت في القصر الإمبراطوري وسمعت وشهدت عددًا لا يُحصى من الشرور التي ارتكبها أفراد العائلة المالكة والنبلاء.
إذا كُشف ضعفكَ ستتعرض للأذى، وفي عالم لا يمكن فيه الوثوق لا بصديق ولا بعائلة، أصبح هيليكس أيضاً بارد المشاعر تدريجيًا.
وارتداء إيزيس للقناع كان لنفس السبب تقريبًا.
“إيزيس، ما الذي تفكرين فيه بالضبط؟ هذه المهمة خطيرة. سيكون من الصعب القتال وأنا أحاول حمايتكِ.”
“كما قلت حرفيًا. أريد فقط أن أتحقق مما إذا كانت شريرة حقًا مثل الإمبراطور.”
“لكن ألم تكوني واثقةً من ذلك بالفعل؟ لماذا العناء..…”
“ألا تعرف العائلة الإمبراطورية والنبلاء؟ إنهم بارعون جدًا في اختلاق الأكاذيب. لا يمكن الوثوق بهم بسهولة.”
“هذا صحيح، لكن..…”
بالنسبة لهيليكس، الشيء الوحيد المهم كان فريدين.
لم يكن يهمه من يرافقه، فكل ما عليه هو التركيز على ما يمكنه اكتشافه من أدلة في دار الأيتام. ومع ذلك، لم يستطع التوقف عن التفكير في إيلين.
تذكّر كيف كان الناس في الأكاديمية يعاملونها. و نظراتهم نحوها التي كانت مليئةً بالثقة، لا كما تُوجَّه للشريرين.
“أنا خائفة، هيليكس.”
“….…”
“أشعر أن اليوم الذي تحدثت عنه القديسة سيأتي قريبًا. يومٌ يموت فيه الجميع، ويموت فيه صاحب السمو فريدين أيضًا.”
“ذلك اليوم لن يأتي أبدًا.”
“أتمنى أن أصدق ذلك. على أية حال، علينا أن نُركّز الآن على ما هو أمامنا.”
قالت إيزيس ذلك وهزّت رأسها.
“ترقية إيلين ليسيروس ليست سوى حجة، وعلى الأرجح جاءت لمراقبتنا.”
في الغرب، لم تكن هناك مساحاتٌ واسعة صالحة للعيش.
ما إن تخرج من “المنطقة الآمنة” حتى يصبح استخدام القوة المقدسة أو المانا أمرًا شبه ضروري، وتزداد احتمالية التعرض للهلوسات أو لهجمات الوحوش.
ومهما كان الفارس بارعًا، فإن الخروج من المنطقة الآمنة بمفرده أمرٌ بالغ الخطورة.
“وماذا ستفعلين بإيلين ليسيروس؟”
“سترافقنا في المهمة. على أي حال، نحن مضطرون للذهاب إلى هناك.”
“….…”
“كما أنني أنوي التحقق بعيني مما إذا كانت شخصًا جيدًا أو سيئًا. وما بعد ذلك، سنفكر فيه لاحقًا.”
سارت إيزيس نحو النافذة.
الغرب الذي أصبح خرابًا بسبب الظواهر الغريبة التي بدأت تظهر مؤخرًا. و الناس الجائعون. غمرها شعورها بالمسؤولية لحماية شعب المملكة المقدسة وأثقل كاهلها عند رؤية المنظر خارجاً.
“وربما، هي ليست الشريرة التي نتصورها.”
كانت عينا إيزيس، وهي تقول ذلك، جافتين وكأنها لا تتوقع شيئًا.
***
السجن تحت الأرض في قصر الماركيز ليسيروس.
أحضرت كوريليا كرسيًا وجلست عليه براحة. بينما كان الماركيز ليسيروس مقيدًا ومحبوسًا خلف القضبان أمامها.
كانت ترى من خلال البلورة التي نُصبت في الغرب ما ينعكس أمام عينيها أيضًا.
رأت هيليكس وهو يتجه نحو المنطقة الخطرة في الغرب برفقة إيلين.
“حتى الكاهنة إيزيس معهم..…”
تمتمت كوريليا بصوتٍ منخفض.
“إنهم كلاب فريدين ليكسيا.”
عند تلك الكلمات، فتح الماركيز عينيه فجأة، وقد كان جالسًا بضعف.
“كلاب فريدين ليكسيا؟”
“أقصد ابنتكَ وأولئك من معبد الغرب.”
قالت كوريليا ذاك وهي تنظر إلى الماركيز بسخرية.
“لقد دخلوا أخيرًا إلى المنطقة الخطرة.”
ارتجف جسد الماركيز ليسيروس غضبًا عند سماعه عبارة “المنطقة الخطرة في الغرب”.
ثم صرخ وهو يحدق بغضبٍ في كوريليا،
“الغرب؟! ما الذي تنوين فعله بإيلين؟ ما هدفكِ الحقيقي من كل هذا؟!”
“أخيرًا بدأت تقلق على ابنتكَ؟ لا تقلق، لن تكون وحيدة. سأرسل الجميع إليها واحدًا تلو الآخر.”
“لماذا، لماذا تفعلين هذا! إن كان هناك ما تريدينه، كان بإمكانكِ أن تطلبيه مني! فقط لا تلمسي ابنتي!”
ضحكت كوريليا بسخرية من كلمات المركيز.
“ما زلت نافعًا بالنسبة لي، لذا لا يمكن ذلك الآن. عندما يتم التخلص من الدوق أسيلي، سأرسل ابنتكَ إليك حينها.”
كانت حاله ميؤوسٌ منها تمامًا. فلم يكن يعرف كيف استولت كوريليا على قصر الماركيز، ولا ما الذي كانت تخطط له.
بينما كان وجه إيلين لا يفارق مخيلته.
‘ابنتي، إيلين…..’
“كل هذا…..لم تكن إيلين من فعلته..…”
حماية حدود الشمال لم تكن مهمةً سهلة. و لم يكن لدى الماركيز سوى القليل جدًا من الأيام التي يمكنه أن يستريح فيها، وحتى تلك الأيام كان يقضيها في معالجة الأعمال المتراكمة في العاصمة.
بعد وفاة زوجته، حاول أن ينسى ألم الفقد من خلال الانشغال في العمل كل يوم. ثم، في لحظة، خطرت له فكرة: أنه بحاجةٍ إلى شخص يرعى الأطفال ويهتم بهم حين لا يكون في العاصمة.
وقبوله بزواج جديد بناءً على اقتراح الإمبراطور كان لهذا السبب. و كان يظن أن كل ما فعله كان من أجل أطفاله.
بذل الماركيز جهدًا أكبر في حماية الإمبراطورية، وسعى لجعل قوة عائلة ليسيروس أقوى من أجل عائلته.
‘منذ متى بدأت الأمور تسوء؟’
راح الماركيز يتذكّر متى بدأت الأمور تخرج عن السيطرة.
مرة أو مرتين في السنة، عندما كان يجد وقتًا ليزور قصره، كانت كوريليا تمسك بيده،
“لويد، لا تقلق، سأهتم بتعليم الأطفال بنفسي.”
“يبدو أن إيلين بحاجةٍ لبعض الوقت بمفردها. هذا ما تقوله، لذا حتى لو كنتَ تشتاق إليها، أرجوك تحمّل الأمر هذه المرة فقط.”
كان يصدق كلامها.
كان يُحضّر هدايا لإيلين في كل مرة يعود فيها إلى القصر، لكن فرص قضاء الوقت معها كانت تقلّ يومًا بعد يوم. و سيكون كذبًا لو قال أنه لم يتساءل عن سبب ابتعاد ابنته عنه.
تذكّر إيلين الصغيرة وهي تمسك بيده بعينين متوسلتين.
ابنته كانت دائمًا كذلك. كانت تنظر إليه بشدة وكأنها ترجوه أن يلاحظ شيئًا ما.
في كل مرة، كان ينوي أن يتحدث معها، لكنه لم يسمع منها أبدًا سبب ذلك السلوك.
“أنتِ لا تبدين مؤخرًا-“
“لويد، لقد مضى وقتٌ طويل منذ أن أتيت، فهلّا شاهدت تطور كارون في المبارزة هذا المساء؟ لقد بذل جهدًا كبيرًا مؤخرًا.”
ومنذ وقتٍ ما، توقفت إيلين عن النظر إليه بتلك الطريقة.
إذا فكّر في الأمر، كانت دائمًا كوريليا بجانب ابنته. و كان المركيز يعتقد أن كوريليا كانت تهتم بإيلين فقط.
لكن الحقيقة كانت غير ذلك. كانت كوريليا تتعمد إلى منع أي تواصلٍ بينه وبين إيلين. و الآن فقط أدرك ما كانت تحاول إيلين قوله عندما كانت تمسك بيده…..
شحب وجهه فجأة. وعندما فكر في أن تلك الإنسانة الشريرة التي كانت تخفي هويتها قد فعلت شيئًا بإيلين، غمره شعورٌ غير قابلٍ للسيطرة من الندم.
***
كان لدى هيليكس عدة أسباب للاعتقاد بأن إيلين ليست هي “الفتاة” الذي كانوا يبحثون عنه.
و أحد الأسباب الكبرى كان أنها كانت مشهورةً بسمعتها كشريرة.
كانت إيزيس تقول أنها لا يمكن أن تصدق الشائعات بالكامل، لكن هذه كانت حقيقةً يعرفها جميع سكان الإمبراطورية.
أما السبب الآخر فهو أنها كانت مختلفة تمامًا عن الوصف الذي وصفته القديسة.
“طفلة كثيرة الدموع، وطيبة القلب.”
كلماتها تلك لم تتطابق أبدًا مع شخصية إيلين.
حتى في هذه اللحظة، كانت إيلين تمشي في المقدمة، وكانت تقطع الفروع التي تعترض طريقها بوجهٍ بارد دون تردد. و لم يكن هناك أي أثرٍ للطف على وجهها.
‘هل إيلين ليسيروس تبكي؟’
كان أمرًا لا يمكن تخيله على الإطلاق.
شعر هيليكس بابتسامةٍ خفيفة على فكرته التافهة بينما كان يراقب إيلين تمشي دون تردد.
وفي تلك اللحظة، تغير تدفق الهواء. فقد وصلوا بالفعل إلى ما وراء المنطقة الآمنة.
منذ وقت ما، بدأ شعور الموت الغامض ينبعث من الغرب. بسبب ذلك، و ماتت الأشجار وجفت الأرض.
‘الإمبراطور قال أن السبب هو أن الحظ تخلى عن شعب المملكة المقدسة.’
اختفت الابتسامة من وجه إيزيس وهو ينظر إلى الأرض القاحلة.
في هذه الأرض، كانت الوحوش تتكاثر أيضًا. بل وأكثر قوةً من أي مكان آخر. فلم يكن الغرب يُسمى “المكان الخطير” عبثًا.
تفحصت إيزيس إيلين بعينيها.
كان هيليكس وإيزيس يمتلكان القوة المقدسة، لكن إيلين لم تكن كذلك. و لكي يتنفسوا بارتياح في هذا المكان، كان عليهم استخدام المانا.
لكن رغم ذلك، كانت إيلين تتبعهم بصمت. فشعرت إيزيس بالحيرة من تصرفاتها.
‘من المؤكد أنها لم تتعلم التحكم في المانا بعد، فلماذا لا تظهرُ أي علاماتٍ على التعب؟’
اقتربت إيزيس من إيلين و تحدثت بنبرةٍ باردة،
“من المؤكد أن هذا المنظر غريبٌ بالنسبة لكِ، فقد نشأتِ في العاصمة حيث الراحة. فأرض الغرب هي الأكثر قسوةً في الإمبراطورية.”
“…….”
“كما لاحظتِ بالفعل، من الأفضل لكِ ألا تتحركي كثيرًا هنا. نحن معتادون على قسوة الغرب، لكنكِ لستِ كذلك. يمكنكِ الهروب إذا أردتِ. فحتى التنفس أصبح صعبًا، أليس كذلك؟”
“لا داعي للقلق.”
____________________
الماركيز توه يستوعب نظرات ايلين ليه💀
ادري انك مشغول وكله من الامبراطور الزفت بس عيالك يازفتتت
المهم كان بنزل 6 فصول بس النوم سلطان اشوفكم بكره ان شاءالله 🫂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 63"